ثم قال ﵀: فذكرت هذه الأمور؛ لأنها (١) مما يتوهم أنها معارضة لما قدمنا، وليس كذلك.
فإن الخلق لم ينهوا عن الصلاة عند القبور، واتخاذها مساجد استهانة بأهلها (٢)، بل لما يخاف عليهم من الافتتان، وإنما تكون الفتنة إذا انعقد سببها. فلولا أنه قد يحصل عند القبور ما يخاف الافتتان به لما نهي الناس عن ذلك. انتهى (٣) .
فانظر قوله: وليس هذا مما نحن فيه.
وليس فيه معارضة لما ذكرنا؛ لأنه قرر أن قصد القبور لدعاء الله عندها بدعة منهي عنه، وكذلك قرر أن دعاء الأموات والغائبين والاستغاثة بهم شرك، وذكر أنه ليس في جميع ما ذكره معارضة لما قرره؛ دفعا لما قد يتوهم.
واحتج بعض من يجادل عن المشركين: بقصة الذي أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته (٤) . على أن من ارتكب الكفر جاهلا لا يكفر، ولا يكفر إلا المعاند.
والجواب عن ذلك كله: أن الله سبحانه أرسل رسله مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل (٥) .
وأعظم ما أرسلوا به، ودعوا إليه: عبادة الله وحده لا شريك له،
_________
(١) (ع): لأنه قد.
(٢) (ط):لأهلها.
(٣) المصدر السابق ٢/٧٢٨.
(٤) أخرجه البخاري في "الصحيح" رقم ٣٤٧٩، ٦٤٨٠، ومسلم في "الصحيح" رقم ٢٧٥٦، والنسائي في "المجتبى" ٤/٩١ وابن ماجة في "السنن " رقم ٤٣٠٩ وأحمد في "المسند" رقم ٧٦٣٥ من حديث أبي هريرة وحذيفة ﵄.
(٥) قال تعالى: ﴿رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ سورة النساء آية ١٦٥.
1 / 41