خفيت عليهم هذه المسئلة؛ لحداثة عهدهم بالكفر. حتى قال النبي ﷺ: "الله أكبر، إنها السنن. قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون. لتركبن سنن من كان قبلكم" (١) .
فإن قيل: فالنبي (٢) ﷺ لم يكفرهم بذلك!!
قلنا: هذا يدل على أن من تكلم بكلمة كفر جاهلا بمعناها، ثم نبه فتنبه أنه لا يكفر.
ولا شك أن هؤلاء: لو اتخذوا ذات أنواط بعد إنكار النبي ﷺ عليهم، لكفروا.
وقال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ *وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (٣) الضمير في قوله ﴿َجَعَلَهَا﴾ راجع لقوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ .
قال مجاهد وقتادة: هي شهادة أن لا إله إلا الله، فلا يزال في ذرية
_________
(١) أخرجه الترمذي في "الجامع" رقم ٢١٨١ وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد في "المسند"٥/٢١٨، وابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" ٤/٨٤، وعبد الرزاق في "المصنف" رقم ٢٠٧٦٣،والحميدي في "المسند"رقم ٨٤٨، والطيالسي في "المسند" رقم ١٣٤٦، وابن أبي عاصم في "السنة" رقم ٧٦، والطبري في "التفسير"٩/٣١، وابن حبان في "الصحيح" رقم ١٨٣٥ (موارد) والطبراني في "الكبير" رقم٣٢٩٠، ٣٢٩٤، والشافعي في "المسند"/٢٣ (بدائع) والبيهقي في "الدلائل" ٥/١٢٥، وابن أبي شيبة في "المصنف"١٥/١٠١، والنسائي في الكبرى "كتاب التفسير" كما في "تحفة الأشراف" ١١/١١٢، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه كما في "الدر المنثور" ٣/٥٣٣ من حديث أبي واقد الليثي.
(٢) (ط): فإن النبي.
(٣) سورة الزخرف الآيات: ٢٦-٢٨.
1 / 35