شفاعتي لعنهم الله على لسان سبعين نبيًّا القدرية والمرجئة. قيل يا رسول الله: ومن القدرية؟ قال الذين يعملون المعاصي ويقولون هي من قبل الله" (^١).
والجواب أن يقال له ولأهل مذهبه: إذا أدلوا بالاحتجاج بشيء من الأخبار عن النبي ﷺ أو الصحابة ﵃ "ليس بعشك فادرجي" (^٢) اعتمادكم على تحكيمكم العقل، وتسمون أهل الحديث الحشوية (^٣) لاحتجاجهم بالأخبار فكيف تشاركونهم الاحتجاج بها، ثم يقال لهم: الأخبار إنما يحتج بها إذا صح إسنادها. قال عبد الله بن المبارك (^٤): "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" (^٥) فإذا قيل له من حدثك بقي متحيرًا.
وقال ابن سيرين: "كان الناس في الزمن الأول - يعني عصر الصحابة والتابعين - لا يسألون عن الإسناد لكونهم أهل سنة، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ليميزوا رواية أهل السنة من رواية أهل البدعة" (^٦).
فعلى هذا المستدل أن يثبت سند هذا التفسير (^٧)، فإن هذا التفسير لا يعرف عن أحد من أهل النقل الذين أرصدوا أنفسهم لجمع السنن واختلاف
(^١) لم أقف على من أخرجه مستندًا، وإنما ذكر القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه شرح الأصول الخمسة ص ٧٧٥ نحوه.
(^٢) هذا المثل يضرب لمن يرفع نفسه فوق قدره ومعناه ليس هذا من الأمر الذي لك فيه حق فدعيه. يقال: درج أي مشى ومضى. انظر: الأمثال اللميداني ٣/ ٩٣.
(^٣) تقدم الكلام على ذلك أول فصل (١٠).
(^٤) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي مولاهم المروزي. الإمام شيخ الإسلام عالم زمانه وأمير الأتقياء في وقته توفي ﵀ سنة (١٨١ هـ). انظر: السير ٨/ ٣٧٨، التهذيب ٥/ ٣٨٢.
(^٥) أخرجه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث ص ٤١.
(^٦) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٢/ ٢٧٨، وذكره الذهبي في ترجمته. انظر: السير ٤/ ٦١٣.
(^٧) يقصد به تفسير معنى القدرية في الحديث وهو قوله (الذين يعملون المعاصي ويقولون هي من قبل الله).