इंतिसार
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
शैलियों
ثانيتها: تميز المؤلف بأن أسلوبه في جزالة لفظه وبلاغة تعبيره يأتي مقرونا بأسلوب العالم الحصيف في اختيار مفرداته، بحيث يستوعب ويستفرغ توظيف كل منها معناها الكامل، وأن يظهر جمال التوظيف وبلاغة التعبير، ضمن سياق متسق ومتناغم وسهولة ظاهرة وراقية وبعيدة عن الهبوط، قدر بعدها عن أي تعقيد أو تكلف.
ثالثتها: قصر الجمل المتتابعة في السياق، مع قدرة فيها على دقة التعبير واستيعاب المعاني المقصودة بما تفيده مباشرة وإيحاء وتصريحا وإشارة، منطوقا ومفهوما. إلى جانب سرعة تناولها للموضوعات الكبيرة والصغيرة والأصلية والفرعية، وما يترتب عليها من دقائق وتنبيهات وفوائد وتوخي احتمالات وتساؤلات واردة، وتوقي أية ثغرات أو شروخ أو تجاوز قد يحدث أو يحتمل حدوثه أو يفهم احتماله.
1- الثالث من النماذج الثلاثة - مصطلحاته المميزة:
للمؤلف مصطلحات مثل غيره من أمثاله خاصة به، ولا نقصد بذلك أنها مصطلحات بالمفهوم العلمي المنهجي، وإنما نعني بذلك جملا وتعابير يكثر إيرادها في مواضعها مما لا يجعلها تظهر تكرارا، بل هي من نوع تلك التعابير التي لا يلبث القارئ أن يستحليها ويولع بها ويحفظها ويرتاح لاستعارتها وترديدها، وهذا لون من التعبير تطلق عليه عموما، صفة (السهل الممتنع). وفيه دلالة على الأصالة الفنية وغنى القاموس اللغوي وسرعة البديهة وتألق الذاكرة، وكل هذا الكلام قليل في ذاته كثير في قصوره عن استيعاب صفة من صفات هذا الإمام العالم الجليل، بالرغم من أننا نقول هذا عنه، وهو في عقد الثمانين من عمره، قد آدت كاهله السنون، وأنقضت ظهره تبعات العلم والتعليم والجهاد والدعوة إلى الله. ومن جمله التي تجدها أينما ذهبت في صفحات كتابه (الانتصار)، هذه التي نوردها مثالا تلقائيا، لم نتوخ فيها انتقاء أو ترتيبا:
- (وهذه من الأمور الغيبية التي استأثر الله بها، فلا مجال فيها للعقل أو النظر أو الاجتهاد). يورد هذه العبارة في أماكن الحاجة إليها مثل موضع الرد على من يحاول تعليل شيء من العبادات ثابت بالدليل السمعي فقط، مثل عدد الركعات في الصلاة، وغسل الجنابة، والتثليث في غسل أعضاء الوضوء.
पृष्ठ 84