346

इंतिसार

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

शैलियों

फिक़्ह

الانتصار: قالوا: شرط الله في تنجيسه السفح، فقال: {أو دما مسفوحا}[الأنعام:145]. فإذا لم يكن مسفوحا فلا نجاسة لعدم الصفة، وهذا هو مرادنا بطهارة ما قل منه.

قلنا: عن هذا جوابان:

أما أولا: فلأن ما ذكروه استدلال بمفهوم الصفة، ومفهوم الصفة كمفهوم اللقب في عدم الدلالة، فإذا قلت: جاء زيد لم يدل هذا الكلام على عدم مجيء عمرو، وهكذا إذا قلت: جاءني زيد الكريم، فليس دلالة على عدم مجيء البخيل، وعلى ذلك يكون قوله تعالى: {أو دما مسفوحا}[الأنعام:145]. فإذا أطلق النجاسة على السفح لم يكن دالا على التطهير عند عدم السفح، فما قالوه ليس فيه دلالة على ماتوهموه.

وأما ثانيا: فلأن الآية من أولها إنما سيقت من (أجل) بيان المأكولات لا من أجل بيان التطهير والتنجيس، ولهذا قال الله تعالى في أولها: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه}[الأنعام:145]. وكلامنا إنما هو في ما يكون طاهرا من الدماء وما يكون منها نجسا فأحدهما بمعزل عن الآخر. فكونها مسوقة من أجل بيان المأكولات يضعف الاستدلال الذي ذكرتموه.

قالوا: فعل الرسول في إدخال يده أنفه وإخراج الدم عليها ولم يعد لها غسلا ولا وضوءا، فيه دلالة على طهارته.

قلنا: ليس في هذا الحديث إلا أنه لم يغسل يده ولا أعاد وضوء ا، وهذا لا يدل على كطهارة مالم يسفح من الدم؛ لأن ما هذا حاله معفو عنه لقلته ، فلهذا لم يغسل يده ولم يعد وضوء ا فهو نجس خلا أنه قليل معفو عنه، وهذا مسلم لا ننكره، وأيضا فإنه لم يصرح بطهارته فيكون فيه دلالة لكم على ما تزعمون من طهارة القليل، ثم إنا نقول: إن رد يده إلى أنفه مرة ثانية فيه دلالة لنا على نجاسته؛ لأنه لو أعادها فخرج عليها دم كثير كان الكل سواء في التنجيس ونقض الطهارة، وفي هذا دلالة على ما قلناه من نجاسة ما لم يسل منه لكنه عفي عنه.

قالوا: إن ما هذا حاله، لما كان تعظم البلوى به، خفف الشرع فجعله طاهرا لتعذر الاحتراز منه.

पृष्ठ 352