इंतिसार
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
शैलियों
الواجب هو العمل على استصحاب ما كان هو المتحقق في الأصل من طهارة أو نجاسة، فإذا تيقن طهارة الماء أو نجاسته وشك فيما يضاد ما تيقنه وعلمه، وجب عليه استصحاب الحال لما تيقنه؛ لأن الأصل هو بقاؤه فلا يجوز إزالة ما تحققه بالشك العارض، ولأن الشك هو الخلو عن الاعتقاد والظن فلا يجوز إزالة الأمر الثابت بالأمر المنفي، وإن لم يتحقق في الماء طهارته ولا نجاسته فهو طاهر بحكم الأصل؛ لأن الله تعالى خلق الماء طهورا، والأصل بقاؤه على خلقته إلا لمغير طارئ، ويؤيده قوله : (( خلق الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غير ريحه))(¬1). الخبر. وإن وجد الماء متغيرا ولم يعلم بأي شيء كان تغيره، جاز التوضؤ به؛ لأنه باق على أصل التطهير، وتغيره يجوز أن يكون بطول المكث.
وإن رأى حيوانا يبول في ماء كثير فوجده متغيرا ولم يعلم بأي شيء كان تغيره نظرت، فإن غلب ظن المتوضئ أن تغيره إنما كان من جهة البول لم يتوضأ به، وإن كان الماء كثيرا وبول ذلك الحيوان قليلا مما لا يجوز أن يتغير به الماء جاز التوضؤ به؛ لأن ذلك مما لا يتغير به الماء الكثير في العادة، فيجوز أن يكون تغيره لطول المكث لا بالبول كما ذكرناه أولا، ولا خلاف في هذه القاعدة بين أئمة العترة وفقهاء الأمة.
والحجة عليها: هو أن مبناها على الاستصحاب فيما كان أصلا حتى يرد ما ينقضه ويزيل حكمه، فالعمل على استصحاب براءة الذمة حتى يرد مغير من جهة الشرع، وهكذا القول في استصحاب الطهارة والنجاسة والعموم وغير ذلك مما يكون أصلا كما هو مقرر في المباحث الأصولية.
مسألة: إذا ورد على ماء فأخبره رجل بنجاسته، فهل يقبل خبره على الإطلاق أو لابد من أن يسأل بأي شيء تنجس؟ والظاهر من قول أصحابنا هو القبول من غير سؤال، ووجه ما قالوه: هو أن الأدلة الشرعية الدالة على قبول خبر الواحد لم تفصل في ذلك، فلهذا وجب العمل عليه من غير فحص ولا سؤال، والأقرب وجوب السؤال؛ لأنه يجوز أن يكون قد رأى سبعا يلغ فيه، فاعتقده نجسا، فأخبر عن نجاسته فيكون قد عدل إلى التيمم مع وجود الماء، فإن بين النجاسة قبل منه ولم يجتهد، لأن الخبر مقدم على الاجتهاد كما في أخبار الآحاد مع القياس فإنها مقدمة عليه، ويقبل فيه قول الرجل والمرأة والحر والعبد عند أئمة العترة، وهو رأي الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما.
पृष्ठ 289