इंतिसार
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
शैलियों
قلنا: هذا القياس معترض من أوجه ثلاثة:
أما أولا: فلأن الجامع الذي ذكرتموه هو كونه ماء، وما هذا حاله وصف طردي ليس مشتملا على إخالة ولا مشابهة خاصة، وما يكون على هذه الصفة فليس معتمدا في تقرير حكم من الأحكام الشرعية.
وأما ثانيا: فلأن المعنى في الأصل كونه حلالا، وهذا فرق فقهي يبطل الجمع ويلحقه بالبطلان والفساد.
وأما ثالثا: فلأنا نعارضه بقياس مثله فنقول: ماء [مغصوب] فلم يجز التطهر به كالماء النجس، أو نقول: شرط من شروط الصلاة المعتبرة في أدائها موصوفة بصفة فلم تجز بما هو موصوف بضدها، كالماء الطاهر(¬1).
قالوا: طهارة بالماء تعتبر في صحة أداء الصلاة، فلم يكن الحلال من شرطها كإزالة النجاسة، فلو غسل الثوب من النجاسة بماء مغصوب لكان مجزيا فهكذا حال الوضوء من غير تفرقة بينهما.
قلنا: هذا فاسد، وبيانه: أنه إن كان الغرض من هذا القياس هو استعمال الماء المغصوب في إزالة النجاسة فهو باطل؛ لأنه محرم عقلا وشرعا ويؤيده قوله : (( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه )). وقوله : (( إذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه ))(¬2). وإن كان الغرض من القياس هو بيان أن من غسل النجاسة بماء مغصوب فإن الصلاة مجزية له، فهكذا حال الوضوء، فالفرق بينهما ظاهر، فإن النجاسة ليست عبادة فلهذا كان تحصيلها على جهة الشرط دون العبادة، بخلاف الوضوء فإنه عبادة فلا يجوز ملابسته للمعصية فافترقا. ثم نقول: فرق آخر، وهو أن غسل الثوب بالمغصوب ليس ملاقيا للصلاة في حال أدائها فلهذا كانت الصلاة مجزية بغسله، بخلاف الوضوء فإنه ملاق للصلاة مؤدى لها؛ لأن غسل النجاسة يراد للصلاة ولغير الصلاة بدليل قوله تعالى: {والرجز فاهجر}[المدثر:5]. ولم يفصل بين الصلاة وغيرها بخلاف الوضوء، فإنه لا يراد إلا للصلاة فافترقا.
पृष्ठ 271