इंतिसार
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
शैलियों
وحكي عن الشيخ أبي حامد الغزالي أنه قال: لا سبيل إلى إنكار تصرف الشرع في هذه الأسماء، ولا سبيل إلى دعوى كونها منقولة عن معانيها اللغوية بالكلية. وحاصل هذه المقالة أنها دالة على معانيها اللغوية مع اشتراط أمور من جهة الشرع، كالصلاة مثلا، فإنها كما هي دالة على الدعاء بوضعها اللغوي، فهي دالة على هذه الأفعال من الركوع والسجود والأذكار وسائر معانيها. وحكي عن ابن الخطيب الرازي من الأشعرية: أنها دالة على هذه المعاني الشرعية من جهة المجاز، وعلى معانيها اللغوية على جهة الحقيقة. وحاصل هذه المقالة أنها دالة على المعنيين جميعا: أحدهما بطريق الحقيقة، والآخر من طريق المجاز. والتفرقة بين مذهبه ومذهب الغزالي، أن الغزالي يقول: بأنها مفيدة للمعنيين جميعا على جهة الحقيقة ولا مجاز فيها، بخلاف مقالة ابن الخطيب كما ترى.
والمختار عندنا: تفصيل نشير إلى أسراره وهو: أن هذه الأسماء وإن أفادت معاني شرعية قد دلت عليها بتقرير الشارع عليها، لكنها دالة على معانيها اللغوية، وغير خارجة عن كونها دالة عليها.
ويدل على ما اخترناه من ذلك: هو أن دلالتها على معانيها اللغوية هو الأصل، فمن يدعي إخراجها عنها فهو مدع خلاف الأصل، فلابد من دلالة على ذلك. فإذا دل الشرع على إفادتها لمعان شرعية فليس بينهما تعارض ولا تدافع، فيجب القضاء بحصولهما جميعا، فتكون دلالة الصلاة على الدعاء بالوضع اللغوي، وتكون دلالتها على هذه الأفعال المفترضة فيها بالاصطلاح الشرعي، ولا معنى للاقتصار على معناها اللغوي كما هو رأي بعض فرق المرجئة، ولا وجه للاقتصار على معناها الشرعي كما هو رأي أصحابنا والمعتزلة.
فأما من زعم أنها دالة على معناها اللغوي بطريق الحقيقة، وعلى معناها الشرعي بطريق المجاز، فهو تحكم لا وجه له كما حكيناه عن ابن الخطيب الرازي؛ لأن معناها الشرعي سابق إلى الفهم فلا وجه لعده في المجاز كما زعم، فلا غنى للفقيه عن هذه المسألة، وقد اقتصرنا على ذكر الوجه المختار بدليله، وأعرضنا عن ذكر أدلة المخالفين ونقضها؛ لأنها مترددة بين المباحث الكلامية والأسرار الأصولية، فهي بمعزل عن المباحث الفقهية التي تصدينا لكشفها وبيانها والله تعالى الموفق للصواب.
पृष्ठ 135