मुसलमानों की पतन
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
शैलियों
هذا بينما الواقع حولنا يشهد أن نظم الغرب الحر «الكافر الطاغوتي» هي من صنع عالمية الدين، ففي بلادهم ستجد البوذي والمسلم والشيعي والسني والملحد وعابد البقرة والوثني، ستجد المسلم في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وكوريا وأستراليا والسويد والدانمارك وألمانيا ... إلخ، أليس في ذلك عالمية للإسلام؟
نظام الغرب الحر سمح لكل الأديان بالوجود فأصبحت كلها عالمية وأصبحت قيمها عالمية، واستقبلت بلاد هذا الغرب موجات من الهجرة محملة بعادات ونظم وتقاليد تقبلها هذا الغرب بصدر رحب وتفاعل معها ولم يعتبرها غزوا ثقافيا، كل الأديان أصبحت عالمية بما فيها الإسلام؛ لأن أصحابه يوجدون في كل دول العالم، وهم من سيمارس مطالب الإسلام وشعائره.
إن مثل هذا الخطاب هو دعوة للكراهية وتحريض عليها وتأسيس عداء قدسي للآخر واحتقاره والحط من قدره لكونه غير مسلم فقط. وهو ما يعني أن مجرد وجود هذا الآخر الكافر هو اعتداء على نظام الكون القدسي الذي يخضع بالكلية للمفهوم الإسلامي، وهو ما يعني أيضا ضرورة مواجهة هذا الآخر المختلف. ولأن الآخر المختلف هو الأقوى والأقدر فإن دعوتهم للكراهية تقف عند حدود خطب التحريض للأفراد المسلمين لأخذ الأمر بأيديهم «من رأى منكم منكرا فليصلحه بيده»، على أساس ثقافي لتعديل أوضاع العالم بما يرضي الله، لينفلتوا متفجرين في كل مكان وفي أي مكان.
ومع التحريض يتم تأسيس التمركز حول الذات المتميزة بالإيمان الصادق عن بقية الذوات، دون أن تسأل هذه الذات نفسها: لماذا تمكن المجتمع صاحب القيم المادية المنحطة والسلوك الفاسد والمنحل، ويعاني من العري والاغتصاب والقلق والإدمان والاغتراب، باختصار كيف تمكن مجتمع بهذه الصفات التي تنزله منزلة الحيوان، أن يصنع حضارته العظيمة التي لا ننكرها بل نفيد منها ونسعى لاقتناء منتجها؟ ولماذا نحن أصحاب الأخلاق الإسلامية الرفيعة، نحن الذوات الملائكية، لماذا نحن في قاع مزبلة الأمم؟
من حق كل مجتمع أن يدعي لنفسه ما يفخر به ويعتز ويشعره بالعظمة والذات المتميزة، وذلك باسم أخلاقها، أو بتاريخها المجيد، أو بمنجزها الحضاري العظيم، لكن المجتمعات والأمم لا تتفاخر بما لم تنجز الذات، ذواتنا تتوهم امتلاك تميز ممنوح لها من السماء؛ مما يعطيها الحق في وجوب تسيد الكون كله لضبطه حسبما يحب الله ويرضى، وتقع على أصحاب الحق الإلهي مسئولية إدارة الكون.
وعادة ما يعبر فقهاء زماننا عن رأيهم وعن أنفسهم، لكنهم يسوقون هذا الرأي بحسبانه هو الدين ذاته، فيتحول الرأي عن كونه مجرد وجهة نظر إلى حرم قدسي. ونموذجا لذلك رأيهم في القيم الإنسانية التي توافقت عليها المجتمعات حسب ظروفها البيئية والاقتصادية والمجتمعية والسياسية والزمنية، فيصفونها أولا بكونها قيما وضعية، أي أنها من وضع البشر وليست من وضع رب السماء، حتى يسوغ بعد ذلك تسخيفها وتدعيرها وإقصاؤها.
اسمع معي أحد الدكاترة الأزاهرة الذي تتخرج من تحت يديه الأجيال وقد تشربوا منه المعرفة وحددوا المواقف، اسمعوه يقول: «إن القيم الوضعية لا تستطيع أن تؤثر في معنويات المجتمع تأثيرا قويا كما يجب وكما ينبغي، حتى تجعل من أفراده وأبنائه أصحاب أخلاق مثالية» (د. الصاوي أحمد، القيم وثقافة العولمة، ص28).
الرجل مثل كل فريقه من المنشغلين علينا بالإسلام لا يرى في غير المسلمين أي فضيلة ممكنة، ولو أعملنا رأيهم هذا في تاريخ البشرية؛ فهو ما سيعني أن الهند والصين واليابان وبابل ومصر القديمة واليونان، كلها كانت حضارات بدون قيم سليمة؛ لأنها لا تعرف القيم السماوية ولأنها وضعت قيمها حسب ظروفها وبأيديها، فلا كان الفرعون نبيا، ولا كان كونفوشيوس رسولا ولا كان حمورابي من العارفين بالله، وكانت أديانهم وضعية أي من اكتشافهم وصنعهم، كذلك قيمهم كانت وضعية. ولا تجد بين البشر من ينكر على تلك الحضارات تحضرها وتمتعها بالخلق الرفيع سوى مفكرينا المسلمين وحدهم، نفعنا الله بهم؟!
ولأن مفكرينا المسلمين لا ينجزون شيئا ولا ينتجون؛ فإنهم لن يشعروا بالتميز إلا إذا أنكروا على المنجز إنجازه وعلى المبتكر ابتكاره، لتتساوى الرءوس ولا يبقى من فارق في أسنان المشط سوى التقوى، التي يصفون بها أنفسهم من باب التميز عن سائر الناس، دون أثر واحد حقيقي لتلك التقوى فيما يقولون أو يفعلون، وهو ما سنثبته الآن!
لو راجعنا التاريخ الديني فسنجد أن التقوى لم تمنع نبيا من أولي العزم مثل إبراهيم من قوله عن زوجته سارة إنها أخته فيتزوجها الفرعون المصري، وذلك بحسب التوراة لأسباب: «قولي إنك أختي ليحصل لي خير بسببك وتحيا نفس من أجلك» (سفر التكوين). هذا بينما القيم الوضعية المصرية هي التي دفعت الفرعون إلى طلاق سارة وإعادتها إلى إبراهيم تاركا لها مهرها لها، بل ومزودا لها بخير عظيم كتكفير عما لحقه من عار الزواج بامرأة ذات بعل.
अज्ञात पृष्ठ