मुसलमानों की पतन
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
शैलियों
ورغم ما نراه أمامنا فإن عامة المسلمين وخاصتهم وفقهاءهم يعتقدون أن اكتمال رسالة الإسلام كانت يوم قال الوحي:
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ؛ وهو ما يعني اكتمال معارف البشرية بحيث لم يعد هناك أي إمكانية لتقديم أي جديد، فكل المعارف مدونة في القرآن الكريم وما علينا إلا اتباعها وحفظها وترديدها وتفسيرها لنكون من العلماء، فلفظ العالم عندنا تطلق على العاملين بشئون الدين وليس بشئون الدنيا. وهذا هو العامل الثاني والأخطر في صرف المسلمين عن البحث والجد وبذل الجهد والمثابرة والشقاء وأخذ النفس بالشدة في تحصيل المعارف والعلوم التي أدت إلى تقدم المتقدمين. ويدعم الاعتقاد بأن اكتمال القرآن يعني اكتمال المعارف من مصدرها الإلهي الأعلم بها من أي مخلوق، بقول القرآن:
ما فرطنا في الكتاب من شيء (الأنعام: 38).
وحتى يكون رجل الدين هو الممسك بكل عقل المسلم وروحه، اعتمد تفسير الآيات بأنه يعني تمامية المعارف في القرآن، ولأن هذه المعارف غير واضحة بتمامها فعلى المسلم الرجوع إلى رجل الدين في كل شأن في حياته كبر شأنه أو صغر، ليعرف مدى مطابقته لدين الله وأوامره ونواهيه. رغم أن الآيات لا تشير إلى أي معارف؛ فهي تقول أكملت لكم دينكم ولا تقول أكملت لكم العلم والمعرفة والحضارة، والآية «ما فرطنا في الكتاب من شيء»، تعني ما فرط في شيء من شئون الدين والعبادة والشعائر والنوافل ... إلخ، وليس من شئون الدنيا والعلم والمعارف الإنسانية التي لا تسعها كل الكتب والمعاني المقدسة، ولا علاقة لها بها من بعيد أو قريب؛ لأن الدين جاء ليعلمنا كيف نحب الله ونطيعه ونؤدي له فروضه وكيف نشكره على نعمته، ولم يأت ليعلمنا صنع الحضارة بالهندسة المعمارية والزراعية والفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والطبية ... إلخ ... إلخ. حتى بات المسلم الذي يعتقد أن كل هذه العلوم كمنتج حضارة موجودة في كتابه المقدس، يعيش حال تقزيم لعقله وسجن لطاقاته ومهاراته، إذ يعتقد أن العلم الإنساني الهائل كما وكيفا بهذه البساطة والخفة السطحية بحيث يجمعه كتاب واحد، ويكفيه أن يحفظ هذا الكتاب وحده ليكون قد علم كل شيء علم اليقين، ومن ثم لا يرى العلم رؤية سليمة حقيقية تحفظ له قيمته واحترامه وقدسيته، ولا هو بقادر على إنجاز أي شيء بعد أن أنجز الله كل شيء.
الحضارة تقوم على قدسية العقل البشري والثقة بممكناته وطاقاته، بينما كان الشيخ جاد الحق شيخ الجامع الأزهر - أي رجل العلم الأعلى بين المسلمين - يخرج علينا في التلفزيون ليقول: «أخطأ اليونان قديما حينما استمسكوا بالعقل واعتزوا بمنطقه، وأخطأنا نحن حين أخذنا عنهم هذه النقيصة.»
هذا رغم ما يزعمه الخطاب الديني عن حض الآيات والأحاديث على طلب العلم بالعقل والنظر، أي بالاستنباط النظري والاستدلال الحسي المادي، وهو زعم وتلبيس بدوره؛ لأن العلم المطلوب هنا هو العلم بعظمة الله والاستدلال على قدرته؛ لذلك أطلقوا على رجل الدين لفظ عالم بهذا المعنى؛ فالعلم المقصود المطلوب هو العلم بشئون الدين؛ لأن حقيقة الدين وطبيعته لا تدفع العقل لإنتاج فكر جديد منتج في الواقع؛ فهو مجموعة من الأوامر والنواهي والتحريمات، برنامج يسيطر على حياة المؤمن المطيع النموذجي منذ صحوه حتى نومه ومن ميلاده حتى مماته، فلا يستطيع التصرف إلا وفق هذا البرنامج فهو يأكل بأدعية ويصلي بآيات ويدخل الكنيف بمفاتيح لفظية ويخرج منه بمثلها وينكح وفق تعليمات تسبقها ابتهالات وأدعية مقننة في حروف وألفاظ ثوابت رواسخ ... إلخ. ومع مثل هذا البرنامج لا يصح القول بعقل ينتج فكرا.
ولو نسبنا الحضارة إلى دين، فإن المعنى سيكون أن حضارة الغرب الحالية هي حضارة الصليب، وهي حضارة استمسكت بالعقل واعتزت بمنطقه وتمسكت بهذه النقيصة فأنجزت ما نرى وما نعيش، بل كانت ذات فضل في حماية الإسلام بحماية كتبه المقدسة بما وفرت من وسائل الطباعة والنشر والإعلام بالتلفزيون والمذياع والإنترنت بشبكة اتصالات دولية، كما وفرت لنا كل ألوان العلاج لكل الأمراض حتى المستوطنة منها بلادنا وليس بلادهم، دون أن تقدم حضارة الإسلام ولا مصلا شافيا واحدا لمرض يستوطنها هي أو غيرها.
وإذا كان المقصود بالحضارة في هذا الخطاب جانبها المادي المتمثل تلك الأزمنة في ارتقاء العلوم وبخاصة المعمار والري كدلالات حضارية، فلم يكن للعرب معرفة بالنهر حتى ينشئوا هندسة للري، ولم يكن لهم معرفة بالعمارة لأنهم كانوا خيمويين متنقلين. لو كان للإسلام حضارة تنشئ معمارا ما وقف النبي يخطب في مسجده فوق جذع نخلة، ولكانت عمارة مسجده أروع مما هي عليه اليوم بهندسة السويسريين وكرستالهم والإيطاليين ورخامهم، أو لأقاموا كعبتهم بأنفسهم بدلا من إبراهيم العبراني بمساعدة الملائكة، ومن بعده أقامها مصري بخشب سفينة مصرية غارقة، ومن بعد هذه الأزمان بهندسة الأمريكان والطليان، أو لطابقت مساجد الأندلس مساجد القاهرة وبغداد ودمشق، فهذه المساجد معمار حضارات شعوب اعتنقت الإسلام، وسطا عليها العرب ورفعوا عليها راية الإسلام فبعد احتلال العرب لدول الحضارات المحيطة بجزيرتهم ادعوا ملكية حضارات البلاد المفتوحة، بل واجتهد فلاسفة العروبة والإسلام - من بعد - لإثبات عروبة تلك البلدان حتى قبل فتحها واحتلالها.
وهنا لا بد من التنويه للعقل البصير أن الإسلام هو دين من عند الله وليس من عند العرب، جاء للبشرية كافة لكن العرب سطوا عليه مبكرين وركبوه لتحقيق أغراضهم، وألبسوه ثيابهم وعاداتهم وتقاليدهم. فلا تلازم ضروري بين العرب والإسلام، ونسبة الناطقين بالعربية بين مسلمي العالم اليوم لا تزيد عن 20٪، وهو ما لم ينقص من إسلام وإيمان 80٪ من مسلمي العالم غير العرب. وعادات العرب وتقاليدهم ولغتهم لم ينزل بها جبريل وحيا على محمد؛ فهي كما لا تلزمنا في مصر بأكل الجراد والضب؛ فإنها لا تلزمنا كذلك بأي تقاليد أو عادات عربية أخرى.
وإذا كانوا يقصدون بالحضارة كوكبة العلماء الذين ظهروا بين القرنين الثالث والرابع الهجريين ، فلم يكن بينهم عربي سوى الكندي وهو فيلسوف متواضع الشأن إذا قيس بغيره، ولم يكن ظهور تلك الكوكبة بسبب الدين وعلامة على إقامته حضارة، إلا كان من الضروري أن يظهروا مع ظهور هذا الدين، لا أن يظهروا في زمن بعينه، ثم يختفوا باختفاء هذا الزمن، لأن ظروف هذا الزمن هي ما أنتجهم وليس الدين ولا رجاله ولا العرب ولا تقاليدهم. كان زمن انفتاح حضاري على حضارات العالم القديم بالترجمة والنسخ والإضافة أحيانا، في زمن ذهبي لإمبراطورية قوية لا تخشى على نفسها من فكر أجنبي، وهو زمن أنجب الرشيد والأمين والمأمون وغيرهم من الخلفاء المستنيرين، الذين جعلوا بلاطهم مكانا حرا للعلم بصنوفه والشعر والموسيقى والأدب حتى أدب الفضائح وفنون العري والفجور والجنس على أنواعه حتى المثلي منه والتباهي به شعرا، وتلازم وجودها مع وجود هذه البيئة المنفتحة التي أنتجت مع فنون الفجور فنونا راقية وعلوما متقدمة بمقاييس زمنهم، وعندما أغلق باب الحريات العقلية مع المتوكل وخلفه، ذهب علماؤنا ولم يعد أحدهم من يومها، رغم وجود العروبة ورغم وجود الإسلام، بينما كانوا موجودين رغم وجود العري والفجور، لكن مع مساحة حرية لم يدخلها رجال الدين ليصادروها.
अज्ञात पृष्ठ