मुसलमानों की पतन
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
शैलियों
كان الناس، كل الناس في قديم الزمان قبل ظهور عصر العلم والعلمانية كمنهج تفكير وحياة يعتقدون جازمين أن الكون يعمل ويتحرك ويفعل ويتفاعل عن طريق إرادة خاصة به، فكان لظواهره شخصية وعقل وروح كباقي المخلوقات الحية، ونتيجة هذه القناعة كان الإنسان البدائي يتصور أن بإمكانه التأثير في إرادة الظاهرة الطبيعية والتأثير فيها لتتصرف وتعمل على غير إرادتها، بل بموجب رغبته هو وإرادته التي يريدها ، فاخترع التعاويذ والسحر والأحجبة والتلاوات والصلوات والأدعية لتلك الإرادات المخفية العديدة في آلهة عديدة تكمن وراءها.
ومع التطور نحو التوحيد ارتأى أنه من الأسهل إدماج كل تلك القوى في قوة واحدة يتم احتسابها هي أعظم من كل القوى الأخرى وأنها القاهرة الوحيدة المريدة في هذا الكون، وبالتالي يمكن التعامل مع شخص واحد هو الأعظم، هو رب الكون وخالقه، هو الأسهل والأقل مشقة وتكلفة، وحتى لا تتضارب الإرادات مما يكلف تقدمات وقرابين لآلهة عديدة متصارعة، ناهيك عن الصراع الذي حدث بين تلك الآلهة لجذب الزبائن من غير أتباعهم مما فتح الباب لحروب دينية دموية، فكانت الحروب تتم بالنيابة عن قوى وهمية، لكن مع مكاسب أرضية عينية وسيادية مؤكدة لحامل راية الدين المنتصر، ووقودها كان الناس البسطاء الذين لم ينالوا من خير هذه الحروب بقدر ما نالوا من بأسها وشرها.
ونتيجة تصور وجود إرادة لظواهر الطبيعة يشرح المثال الإسلامي الموقف من إمكانية دوران الشمس مثلا في الاتجاه المعاكس، وهو ما حدا بإبراهيم أن يتحدى النمرود بأن ربه يأتي بالشمس من المشرق، فهل بإمكان النمرود أن يأتي بها من المغرب. الشمس هنا لها إرادة وفهم وتستمع إلى الأمور وتفرز سيدها لتطيعه وتعرف الغريب فلا تطيعه، أو بنص الآيات:
ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين (البقرة: 258).
واستمرت هذه القناعة في بلادنا حتى بعد ظهور العلم الحديث، فما زلنا نطلب الغيث بالصلاة، والغوث بالدعاء، والعلاج ببول الجمل والطب النبوي، بينما النبي نفسه إنما كان يتطبب بطب زمانه، ولم يقل إنه طب نبوي ولا سماوي. إن كل دعواتنا وصلواتنا لن تأتي بتغيير في اتجاه الرياح المحملة بالسحب والمطر إلى الحجاز حيث خير أمة أخرجت للناس، ولن تؤدي لسقوط أمريكا ولا لدمار إسرائيل.
ذلك يشعر رجال الدين بالخطر على مكانتهم من التقدم العلمي؛ لذلك حاربوا في أوروبا حربا لا هوادة فيها حتى تمكنت العلمنة من فرض مناهجها وعلومها وطرقها، وهو ما يحدث في بلادنا اليوم، نحن نقف عند النقطة الحرجة في عشية الليلة التي كان فيها روسو وفولتير ومونتسكيو يخطون طرق الإصلاح. أما العلمانية نفسها فهي لا تعادي أحدا، ولا يشغلها التصدي لدين من الأديان إلا إذا تجاوز حدوده إلى المجال العام، وهدفها سعادة البشرية وسلامها، وأمنها ورقيها، بإلجاء الدين إلى مكانه الطبيعي داخل معابده لا يجاوزها ولا يؤدي غير وظيفته المنوطة به فقط «ضمير الناس».
الفصل الثاني
فلما اشتد ساعده رماني!
منذ أسابيع تناول الكاتب العلماني البارز الأستاذ حامد حمودي عباس ما أكتبه بمقال مهذب يليق بعلمانيته الراقية، يناشدني فيه الانتقال بمشروعنا إلى المستوى التالي والأعلى، وإذ أشكره على حسن ثقته واختياره لشخصي من بين كل الأقلام العلمانية المحترمة التي أقرأ لها للتصدي لهذه المهمة الكبيرة، فإني أسرعت بالرد عليه لأوضح وجهة نظري في أن الموقف الآن لا يحتمل مطلبه، بذات اللطف والأدب والاحترام الواجب بين زملاء قيمة كالعلمانية. والذين تكاثروا في العقد الأخير وكلما ظهر قلم جديد نبت لريشي العجوز المتراخي ريشة شابة جديدة تملؤني فرحا وطربا ورغبة في الطيران معهم ببلادنا وأهلنا نحو النور.
ومنذ أيام طالعت للكاتب المتميز الأستاذ نادر قريط موضوعا بعنوان: «نوستالوجيا: محنتي مع سيد القمني»
अज्ञात पृष्ठ