मुसलमानों की पतन
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
शैलियों
والملحظ الأهم هنا هو بكائية الشيخ على خروج المسيحيين وغيرهم من أصحاب أديان على أديانهم بسبب المدنية والحضارة، كما لو كان معترفا لهم بصواب أديانهم رغم «أن الدين عند الله الإسلام»، وأنهم قد خرجوا على هذه الأديان إلى الإلحاد وإنكار الروح وجزاء الآخرة، بينما الأمر عنده سواء، سواء عبدوا المسيح أو عبدوا العجل أبيس، خاصة أن قرضاوي نفسه هو الذي يتعسر على لسانه تسمية المسيحيين باسمهم نسبة للمسيح، الذي تم تأميمه لمصلحة الإسلام فكان مسلما والمسيحيون لا يعلمون؛ لذلك يلتوي لسانه فينسبهم إلى مدينة الناصرة الفلسطينية ويسميهم «نصارى».
أليس هذا تلبيسا وخداعا ونفاقا يثير السخرية أكثر مما يدفع لاحترام القائل، بل هو يشين القائل ويقلل من قيمة ما يكتب ومصداقيته، وأن غرضه ليس الدين بحد ذاته. أما قوله بفشل المجتمع المدني الإنساني في دول الحريات في إسعاد الناس وتأمين حياتهم، فتلك والله فرضية كاذبة من العيار الثقيل، تعجب من المسلمين وهم يسمعونها من الشيخ، كيف يتابعون قولا له بعدها أم فتوى؟ وكما لو كانت ديار الإسلام هي ديار الأمان والرفاه والرخاء والإيمان والسعادة والهنا والسرور، وكلها ألفاظ نسمعها ولا نعرف لها معنى في واقع حياتنا. فلا أمان ولا رفاه إلا مع بترول اكتشفه لهم الغرب الكافر، ومنه يعيش الشيخ ومعظم المشايخ حياة الرفاه والسعادة ولا يعلمون عن المواطن المطحون شيئا، نحن لا نعرف لا الرخاء ولا الإيمان الصادق الذي يطرق القلب ويصلح الضمير، بقدر ما هو إيمان سطحي ظاهري يهتم بالشكل دون المضمون، أما السعادة عندنا فهي ما نسمع عنه مثلما نسمع عن بيضة الديك ولبن العصفور وحلاب جديه.
المفارقة في كون السادة المشايخ يفاخرون الغرب بأداء ما هو مطلوب من الإنسان أداؤه من سلوكيات بحسبانه إنسانا ، فليس للأب أن يفاخر بالإنفاق على عياله، ولا للأم أن تفاخر برعاية أطفالها؛ فالمفاخرة تكون عند أداء ما هو أكثر من الواجب، فرحمة القوي بالضعيف واجب لا يدعو للفخر والتباهي؛ لأنه ليس أكثر من المطلوب إنسانيا، والشيخ فيما يقول ليس فريدا في بابه، وليس مبتدعا إنما هو متبع لعادات العرب البدوية في حياتهم الضنك الجافية، وما تركه هذا الضنك حتى بعد الغنى البترودولاري من ثقافة باقية تعود لزمن أسبق، عندما كان الصراع الصفري حتى الموت على خيرات الطبيعة الشحيحة هو قاعدة البقاء حيا في الصحراء.
العرب تفاخروا بأدائهم الواجب؛ لأن قيم زمانهم غير قيم زماننا، فكان أداء هذا الواجب في زماننا هو أكثر من الواجب في زمانهم، وما كانوا يعرفون ما هو أكثر من الواجب، فإن قام أحدهم بأداء الواجب ملأ الدنيا صياحا وصخبا وشعرا ونثرا بمطولات ورباعيات وخماسيات، مفاخرا بأدائه الواجب الإنساني، الذي يعجز مجتمعه عن أدائه؛ لذلك استحق الفخر والشعر وتدبيج القوافي. فالفخر العربي بالكرم والشهامة والمروءة لأنها كانت أفعالا فريدة، فحاتم الطائي واحد فقط لا غير، ولم يشتهر بعده سوى جد النبي هاشم الذي هشم الثريد لقومه في المجاعة فسمي هاشما بدلا من زيد، حالات فرادى لتاريخ طويل يفضح مجتمعه بتأكيد ندرة تلك الأخلاقيات، الواجبة إنسانيا في مجتمعات أخرى وبيئات أخرى. الأمر نفسه يحدث اليوم وليته حادث عن ندرة أخلاقية بقدر ما هو حادث توهمي مريض، فحتى هذه الندرة الأخلاقية غابت واختفت، فنتباهى بتقليد الأمم المتحضرة بالتحدث مثلها وليس إتيان أفعال مثلها، فيشعر الواحد منا أنه قد حصل على جائزة نوبل في الأخلاق لتسامحه مع غيره؛ لأنها عندنا قديما وحديثا نوادر يتامى؛ لذلك تستحق في بلادنا الإعلان والتباهي والتفاخر؛ لأن أحدنا قد تمكن من أداء فعل واجب إنسانيا.
ولمزيد من التدقيق بشأن القيم الأخلاقية، علينا أن نميز أولا بين ما هو قيم ذاتية شخصية، تخص الفرد وهو حر في تفعيلها أو تعطيلها، وبين ما هو قيم موضوعية عالمية إنسانيا لا يكون الفرد معها حرا في القبول أو الرفض، مثل قيم حقوق الإنسان وقيم رفض التعصب للجنس أو اللون أو الدين، أو التفرقة بين الناس على أساس من تلك الاختلافات، هي قيم إلزامية وضعت لها البلاد المتقدمة قوانين تحميها من الكسر والتعدي عليها، تقف جميعا ضد التعصب والتطرف وحل المشكلات بالعنف المادي.
هتلر مثلا جعل من قيمه الذاتية قيما مجتمعية فجاءت عنصرية تجعل من الألمان قمة البشرية؛ مما أدى إلى حرب عالمية أكلت الحرث والنسل؛ لذلك فإن العالم من بعدها صار يجتمع على قلب واحد، عندما تخرج القيم الذاتية إلى خارج حدودها، وهو ما حدث في تحالف دولي ضد الإرهاب الإسلامي بينما الإرهاب عند المسلمين هو جهاد في سبيل الله وهو أسمى آيات الإيمان والتصديق والاستشهاد، لكنه قيمة ذاتية تخص بشرا بعينهم دون غيرهم؛ لذلك تؤدي إلى الحروب والقتال، بعكس القيم الإنسانية لأنها شاملة يلتزم بها الناس سعيا لأمان المجتمع البشري كله.
وكم لدينا من قيم محلية ذاتية تخص الذات المسلمة، وتعود إلى مجتمع من نوع خاص هو المجتمع البدوي الصحراوي، هو مجتمع خشن يرفض القيم الإنسانية لرقتها، بل ويعيب عليها الرقة التي هي ضد الرجولة الحقة، فنتمسك بدلالات عتيقة لمفاهيم كالرجولة والمروءة، ويقدم أحدهم على ذبح شقيقته أو ابنته لكسرها قواعد الشرف العربية في الكراهية ولأنها اختارت لنفسها من تحب، دون أن يصنف فعل القتل كجريمة أعظم من كل جريمة، وأن علاج الجريمة بجريمة أفدح هو خلل شديد في مقومات الضمير، بينما العالم كله قد تغير فأعطى هذه المفاهيم دلالات جديدة بالمرة.
نتمسك بسلوكيات قاسية لأنها تناسبنا، بينما حقيقتها أنها كانت تناسب زمنها وبيئتها، وخروجها خارج حدودها انتهى بحال بلاد الحضارات المفتوحة إلى ما هي عليه الآن، بعد أن اكتفينا بديننا الجديد وما جاءنا راكبا الدين من عادات ونظم وتقاليد بلاد غير البلاد وزمان غير الزمان، وأغلقنا على ذواتنا فلم نعد نرى نماذج عليا غير قيمنا الدينية غير الموجودة أصلا في الدين؛ لأن القيمة حتى نسميها قيمة لا بد أن تقف أمامنا في سوق عرض للأفكار، نختار بينها وبين غيرها ونفاضل، وهو الأمر غير المسموح به في الدين؛ فهو أوامر وتعليمات ونواه وقرارات قادمة من خارج الإنسان، بعضها في القرآن وبعضها في الحديث ومعظمها من المشايخ والفتاوى، فأي دين وليس الإسلام فقط هو مجموعة إملاءات وشروط.
بينما كي يتمكن الإنسان من إصدار حكم قيمة فلا بد أن يملك حريته بإطلاق؛ لأنها هي التي تمكنه من إصدار حكم القيمة. ولو وقع العقل والضمير الإنسانيان تحت سيطرة سلطة خارجة عنهما تقوم بتسيير الإنسان، فإن حكم القيمة الذي سيصدره هذا الإنسان، لن يكون تعبيرا عن رأيه، بل هو تعبير عن رأي المتسلط، فيأتي حكم القيمة معبرا عن رأي المسيطر، أكان حاكما أم رجل دين أم مجتمعا أم مذهبا أم أيديولوجيا؛ لذلك فإن المجتمع الذي يسمح بالحرية، هو من يصل إلى أحكام قيمة سليمة.
هذا إضافة إلى أن للقيم سلما تترتب عليه حسب الحاجة المجتمعية، وهو ما لا يمكن فعله مع ما يسمى قيما دينية نفاضل بينها وبين غيرها، وإذا كان من يحدد القيمة على السلم هو الفرد الحر، فإن القيم هنا تكون هي المتعلقة بحاجات الفرد المادية من مطعم ومسكن وأمن و... إلخ، وحاجاته الشخصية من أدوات وآلات؛ لأن القيم المعنوية المتعلقة بالأخلاق والمبادئ، هي محل التوافق الجمعي عليها. فإذا كان النظام السياسي فرديا دكتاتوريا فلن يقر قيمة التفكير والحرية وسيخضع الأفراد لإرهاب الدولة، وتتشكل قيم المجتمع على هوى الزعيم، وهي لا تمثل مصالح مجتمعه ولا مصلحة الإنسانية.
अज्ञात पृष्ठ