मुसलमानों की पतन
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
शैलियों
مثل هذه الرؤية العنصرية كانت سمة أوروبا في عصورها الوسطى وما بعدها بقليل، عندما أفتى رجال الدين المسيحي بأن سكان أمريكا الأصليين ليسوا من الآدميين ولا يملكون روحا بشرية مثلنا لأنهم ليس لديهم قيم دينية مسيحية؛ ومن ثم سوغت الأخلاق المسيحية للمستوطنين المسيحيين إبادة هؤلاء الوثنيين.
كان يسكن تلك البلاد بشر لا يعرفون الله الذي نعرفه ولا القيم التي تحكمنا، وحكم عليهم صاوي مع من أبادوهم أنهم لم يكونوا بشرا لأنهم لسوء حظهم لم يظهر عندهم أنبياء ليدلوهم على القيم الدينية. (6) من هو صاحب القيم الله أم الإنسان؟
للقارئ أن يتساءل هنا: هل كتب وزارة الأوقاف المصرية حول القيم الإسلامية موجهة للمسلمين وحدهم وبشكل خاص؟ أم هي موجهة إلى كل الدنيا باعتبار القيم الإسلامية والإسلام لكل الدنيا؟ وإذا كان ذلك هو الغرض فهل يقصد فقهاؤنا طرح قيم بديلة لما تعارفت عليه البشرية واعتادته الدنيا منذ زمن أفلاطون؟ وهل معنى ذلك أن مشايخنا يرون وجود تعارض بين ما لديهم من قيم دينية إسلامية وبين القيم الإنسانية، ويريدون بذلك إقناع أهل الغرب بما يجب عليهم الأخذ به كي يتقدموا ويسعدوا؟ أم أنهم يطرحون كلامهم علينا نحن المسلمين حتى نحذر القيم الإنسانية، حفاظا علينا من الانحدار من مستوى العالم الثالث إلى مستوى العالم الأول؟ وإذا كان الخطاب لأهل الغرب، فكيف سنقنع هؤلاء الأوغاد بالأخذ عنا وهم يرون أحوالنا في حضيض الأمم وهو ما لا يدفع أو يشجع أحدا للأخذ عنا.
كلنا يعلم أن أوروبا قد أقامت جزءا من نهضتها عما أخذته نقلا عنا منذ الزمن المعروف مدرسيا بزمن الرشدية اللاتينية نسبة لابن رشد، لكنها نقلت ما ترجمة العرب عن اليونان موطن الحضارة القيم، وكان هذا النقل عن قناعة منهم وبحسن بصيرة وعظيم فهم، ولم يحتسبوه غزوا ثقافيا، ومثل هؤلاء لن ينقلوا عنا اليوم ما تعافه البشرية ويزدريه العالم.
كلنا أيضا يعلم أن الحركة العلمية العربية كانت معظمها ترجمات عن حضارات سابقة لا علاقة لها بالسماء وأديانها، فهل كان هذا العصر الذي نزهو به يتعرض لغزو ثقافي، وهل كان علماء الزمن العباسي وهم ينقلون عن الوثنيين يونانا أو رومانا ومصريين أو هنودا على خطأ، وكان الصواب أن ينقلوا عن السلف وحدهم كما يفعل ويطلب مشايخنا اليوم؟ الحقيقة الناصعة هي أنه عندما انفتح المسلمون على غيرهم ونقلوا علومهم وتجاربهم رغم وثنية هذا الغير، كان ذلك هو عصرنا الزاهر، وحفظ به العباسيون للدنيا كلها أسس التحضر والتقدم بما حفظوه لنا من علوم الحضارات الوثنية القديمة.
وبين ثنايا فقههم يلقي مشايخنا بالقول تسليما من أنفسهم لأنفسهم بقدسية ما يقولون، دون أن تستند تلك الأقوال إلى سند من منطق أو واقع، وذلك مثل قول الدكتور الصاوي أحمد الصاوي في كتابه «القيم الدينية وثقافة العولمة» الصادر عن وزارة الأوقاف: «إن عقول العلماء والمفكرين والفلاسفة الذين يضعون أسس هذه القيم الوضعية، عاجزة مهما قويت عن الإحاطة بجميع مصالح المجتمع البشري». والمنطق البسيط يقول لنا إنه إذا كانت عقول فلاسفة الدنيا قاصرة عن الإحاطة بمصالح المجتمع، فلا ريب في المقابل أن تكون عقول فلاسفتنا أكثر عجزا، وأن تكون عقول عوامنا أعجز وأعجز، وينطبق الشيء ذاته على الفقهاء وأيضا على الأنبياء بصفتهم بشرا، وبالطبع على د. صاوي، ولا تفهم بعدها لماذا دبج كتابه هذا. وهكذا تكون مصالح المجتمع المحور الذي تدور حوله قضية القيم غير مستوعبة، فكيف إذن يمكن إيجاد قيم لهذا المجهول غير المحاط به.
فالغير محاط به غير مستوعب غير مفهوم، مجهول فكيف يمكن إيجاد قيمته بينما لم يستطع ذلك العلماء والمفكرون والفلاسفة من خيرة المجتمع البشري الإحاطة به؟ إن ما لا يمكن الإحاطة به يلقى في القمامة لأنه شيء لا يمكن التعامل معه، سيكون مثل العنقاء والقنطروس والخل الوفي وأبو رجل مسلوخة، لا يمكن التعامل معها لأنه لا يمكن الإحاطة بها حتى يمكن وضع قواعد سليمة للتعامل معها. وبعد أن يؤكد أن تلك المصالح المجتمعية غير مستوعبة حتى يضع لها الغرب القيم، يفاجئنا الدكتور صاوي بتوصيف وشروح بطول كتابه لتلك المصالح المجتمعية وقيمها الدينية الإسلامية، فأنكر على الجميع هذا الاستيعاب، وأصبح هو المستوعب الوحيد والراعي الرسمي للقيم، وأخذ يصف ويشرح هذا اللامستوعب، فكان كمن يصف لنا العفريت وكيف يأكل وكيف ينام وكيف يقضي حاجته؟!
إنهم وهو يسفهون أي شيء غربي إنساني يسقطون في مزالق مفهومية شديدة البساطة والصغر، فأحال الدكتور موضوعه كله (القيم) إلى وهم غير قابل للإدراك ومن ثم غير موجود.
ضمن ذلك الكلام الذي يلقى في الهواء إلقاء، قول سيادته: «إن الخصائص التي تتميز بها القيم الدينية على القيم الوضعية هي التي أدت لوقوف الأغلبية في جانب القيم الدينية والتمرد على القيم الوضعية» (ص38).
يقود الشيخ هنا حركة تمرد تخلق صراعا بين القيم الإنسانية (يسميها مادية أو وضعية) وبين القيم الدينية، في حين أصحاب الأديان من أنبياء لم يخبرونا صراحة ولا ضمنا بوجود قيم دينية، وهو ما سنقيم عليه الدليل في هذه الدراسات على التوالي.
अज्ञात पृष्ठ