مَقَالِيدَهَا، وَمَلَّكَتْهُ طَرِيفَهَا وَتَلِيدَهَا (١)، فَبَذَّ (٢) عَلَى فِتْيَانِهِ (٣) الكهولِ سُكُونًا وَحِلْمًا، وَسَبَقَهُمْ معرفةً وَعِلْمًا، وَأَزْرَتْ مَحَاسِنُهُ بالبَدْر اللَّيَّاحِ (٤)، وَسَرَتْ فَضائِلُهُ مَسْرَى الرِّيَاحِ، فَتَشَوَّفَتْ لِجَلاَهُ (٥) الَأَقْطَارُ، وَوَكَفَتْ (٦) تَحْكِي نَدَاهُ الأَمْطَارُ.
وهو على اعتنائِهِ بعلومِ الشَّرِيعَةِ، واخْتِصَاصِهِ بهذه المَرْتَبَةِ الرَّفِيعَةِ، يُعْنَى بإِقَامَةِ أَوَدِ (٧) الأَدَبِ، وَيَنْسِلُ إليه أَرْبَابُهُ من كُلِّ حَدَبٍ" (٨).
وَكَانَ بَرًّا بِلِسَانِهِ، جَوَادًا بِبَنَانِهِ، كثيرَ التَّخَشُّعِ في صَلاَتِهِ، مُوَاصِلًا لِصِلاَتِهِ، بَحْرَ عِلْمٍ، وَهَضَبَةَ دِينٍ وَحِلْمٍ، وهو كالثَّمَرَةِ كُلُّهَا حَلاَوَة، لِلنَّفْسِ إلى عُذُوبةِ لَفْظِهِ في كُلِّ ما تَصَرَّفَ فيه من الكَلاَمِ نَثْرًا وَنَظْمًا طَلاَوَة.
صَنَفَ التَّصَانِيفَ الفَائِقَةَ، في العلومِ النَّافِعَةِ الرَّائِقَةِ، فمن ذلك:
_________
(١) أي قديمها وجديدها. (انظر: لسان العرب ٩/ ٢٢٠، مادة طرف، و٣/ ١٠٠ مادة: تلد).
(٢) يقال: بذّ فلان فلانًا يبذه بذًّا، إذا ما علاه وفاقه في حسن أو عمل كائنًا من كان. (انظر: لسان العرب ٣/ ٤٧٧ مادة: بذذ).
(٣) كذا في الأصل، وفي قلائد العقيان: فتائه.
(٤) أي الأبيض المتلألئ. (انظر: لسان العرب ١٢/ ٥٨٦ مادة: لوح).
(٥) كذا في الأصل، في القلائد: لعُلاَه.
(٦) أي هطلت وقطرت. (انظر: لسان العرب ٩/ ٣٦٣ مادة: وكف).
(٧) الأوَدُ: العَوَجُ. (انظر: لسان العرب ٣/ ٧٥ مادة: أود).
(٨) انتهى نقل المصنف عن كتاب قلائد العقيان للفتح بن خاقان، ص ٢٥٥.
1 / 34