بُعدًا وقربًا (١)، وأثنوا عليه نثرًا ونظمًا، وتكلّموا عليه إيضاحًا وفهمًا.
وربما انتقد في بعضه، كانتقاد الحافظ الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) له في إيراده للأحاديث الضعيفة والواهية في كتابه، وذكره لبعض التأويلات البعيدة، فإنّه قال في كتابه سير أعلام النبلاء: "تواليفه نفيسة، وأجلّها وأشرفها كتاب الشفا لولا ما قد حشاه بالأحاديث المفتعلة، عَمَلَ إِمَامٍ لا نقد له في فن الحديث ولا ذوق، والله يثيبه على حسن قصده، وينفع بشفائه وقد فعل، وكذا فيه من التأويلات البعيدة ألوان، ونبينا صلوات الله عليه وسلامه غَنِيٌّ بمدحة التنزيل عن الأحاديث، وبما تواتر من الأخبار عن الآحاد، وبالآحاد النظيفة الأسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نتشبع بالموضوعات، فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد، ولكن من لا يعلم معذور، فعليك يا أخي بكتاب دلائل النبوة
_________
(١) كتب الله لكتاب الشفا القبول، فأخذه عن مؤلفه جم غفير من تلاميذه، فذاع وانتشر، وصار أحد الكتب المعتمدة في حلقات الدرس بالمغرب والمشرق، واستكثر الناسخ من نسخه، واليوم نجد نسخه المخطوطة متوافرة في معظم الخزائن والمكتبات. لا سيما الخزائن المغربية، فنسخه المحفوظة بها تعد بالمئات، ثم إنه من أوائل الكتب التي حظيت بالطاعة فقد طبع بالأستانة بتركيا على الحجر عام ١٢٦٤ هـ، ثم طبع بعد ذلك مرارًا بالمغرب ومصر والهند وغيرها من البلدان تارة مجردًا، وتارة مع شرح من شروحه الكثيرة.
(انظر حول مخطوطاته وطبعاته البحث الحافل لأستاذنا العلاَّمة الفقيه محمَّد بن عبد اللهادي المنوني حول رواة الشفا ورواياته ومخطوطاته الأصيلة ضمن كتابه: قبس من عطاء المخطوط المغربي ١/ ١٥٩ - ١٧٥، ٢٠٦ - ٢٠٨).
1 / 18