وقد بدأت العناية بهذا اللّون من التصنيف تبعًا لظهور التصنيف في افتتاح الكتب، أعني كتب الافتتاحيات، وهي كتب يصنفها الشيخ أو يمليها برسم الشروع في إقراء كتاب من الكتب أو تدريسه، فتكون بمثابة المقدمة أو المدخل لذلك الكتاب، ويتناول فيها المصنف ما يتناوله مؤلفو كتب الختم من ترجمة صاحب الكتاب المراد إقراؤه، والكلام على خصائص كتابه ومنهجه فيه، وَسَوْقِ أسانيده إليه، وَعَرْضِ ما قيل في الثناء عليه نظمًا ونثرًا.
وأوَّل من علِمته صنّف في ذلك الحافظ أبو طاهر السِّلَفِي (ت ٥٧٦ هـ) حيث أملى مقدمة على كتاب معالم السنن للخطابي (١)، ومقدمة أخرى على كتاب الاستذكار لابن عبد البر القرطبي (٢)، ولم يشتهر التصنيف في الختم إلاَّ مع مطلع القرن التاسع الهجري، فالّف في ذلك العلاَّمة ابن الجزري (ت ٨٣٣ هـ) كتابه: "المصعد
_________
(١) طبعت في آخر كتاب معالم السنن ٨/ ١٣٨ - ١٦٣.
(٢) قمت بتحقيقها على نسختين خطِّيَّتين، وقد نشرف بفضل الله ضمن سلسلة لقاء العشر الأواخر من رمضان، وممن ألف في الافتتاحيات أيضًا الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (ت ٨٤٢ هـ) له كتاب: "افتتاح القاري لصحيح البخاري" مخطوط بمكتبة الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية برقم: ٢٨٦/ ١، وللحافظ السيوطي (ت ٩١١ هـ): "رفد القاري بما ينبغي تقديمه عند افتتاح صحيح البخاري" مخطوط بالخزانة العامة بالرباط برقم: ٢٧١١ ك، ولمحمد بن المدني بن الغازي بن الحسني الرباطي كتاب: "ثالث افتتاح لأصح الصحاح" مخطوط بالخزانة العامة بالرباط ضمن مجموع برقم: ١٨٢١ د.
1 / 11