इंसानियत: बहुत छोटा परिचय
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
لكن دعونا نسلم جدلا أن الجوانب العلمية التي تستند إليها حجج التصميم الدقيق الكوني ثابتة على نحو لا يتطرق إليه الشك؛ لنفترض أن الكون مصمم تصميما دقيقا، وأنه لا يوجد وجود متعدد الأكوان.
ثمة مشاكل أخرى كثيرة في حجة التصميم الدقيق، ثمة فكرة رئيسية تقوم عليها مثل هذه الحجج - وهي أننا يمكن أن نتكلم على نحو واضح عن الكون وسماته الرئيسية على أنها إما «محتملة» أو «مستبعدة» - قد اعترض عليها الفلاسفة مرارا وتكرارا (فبعضهم يقول، على سبيل المثال، إن فكرة الاحتمالية المستخدمة هنا لا يمكن تطبيقها إلا فيما يتعلق بمجموعة معينة من القوانين والحالات المادية، التي بالطبع لا يمكن أن تتاح إلا في إطار كون مادي).
لكن دعونا نفترض جدلا أن الكون مصمم تصميما دقيقا من أجل الحياة، وأنه من المستبعد إلى حد كبير أن يتمتع بتلك السمات الداعمة للحياة من قبيل المصادفة وحسب. إلى أي مدى ستدعم تلك الحقيقة الإيمان بوجود كيان ذكي من نوع ما يتجاوز الوجود المادي قام بتصميم الكون عن عمد على هذا النحو؟
ثمة اعتراض آخر على حجة التصميم الدقيق - طرحه ريتشارد دوكينز وآخرون - وهو أنه بالاحتكام إلى وجود مصمم ذكي للكون، فإننا نحتكم إلى كيان يجب ألا يقل تعقيدا - وكذلك لا يقل استبعادا في سماته - عن الكون الذي من المفترض أنه صممه؛ فإذا كان تعقد الكون سيقودنا إلى الافتراض بأن له مصمما، ألا ينبغي أن يقودنا تعقد المصمم إلى افتراض أنه كان هناك مصمم للمصمم، وهكذا إلى ما لا نهاية؟ (6) هل فرضية الذكاء المتجاوز للوجود المادي منطقية؟
لكن حتى إن نحينا هذا الاعتراض جانبا، تظل هناك مشكلتان أخريان، ربما أكثر عمقا؛ مشكلتان تمثلان تهديدا لجميع حجج التصميم.
المشكلة الأولى هي أنه من غير الواضح أن فكرة المصمم الذكي المتجاوز للوجود المادي منطقية.
يفسر البشر سمات العالم من حولهم بطريقتين أساسيتين؛ تتمثل الأولى في تقديم تفسيرات «خاصة بالمذهب الطبيعي» تحتكم إلى سمات العالم الطبيعي، مثل الأحداث والقوى والقوانين الطبيعية، وتقع تفسيرات الفيزياء والكيمياء في تلك الفئة. وتتمثل الأخرى في تقديم تفسيرات مقصودة؛ أي تفسيرات تحتكم إلى معتقدات ورغبات فاعلين عاقلين بنحو أو بآخر. لم توجد شجرة في بقعة ما؟ لأن تيد أراد أن يرى وهو ينظر من نافذة حجرة نومه شجرة، فغرس فسيلة في تلك البقعة؛ ظنا منه أنها ستنمو وتصير شجرة بلوط عظيمة.
عندما نعجز عن تفسير شيء يتوافق مع المذهب الطبيعي، سيستميلنا بالتأكيد البحث عن تفسير مقصود. وعندما لا نستطيع تقديم تفسيرات تتوافق مع المذهب الطبيعي لسبب حركة الأجرام السماوية على النحو الذي تتحرك به، نفترض أنه لا بد أنها، أو لا بد أن من يحركها، آلهة من نوع ما. وعندما لم نستطع أن نقدم تفسيرا للأمراض والكوارث الطبيعية، أرجعناها إلى أعمال فاعلين أشرار، مثل السحرة والشياطين. وعندما لم نتمكن من تقديم تفسيرات تتوافق مع المذهب الطبيعي لنمو النباتات وتعاقب الفصول، استحضرنا مجددا الفاعلين؛ العفاريت والجنيات والآلهة على مختلف الصور.
ومع نمو فهمنا العلمي للعالم، تقلصت الحاجة إلى استحضار الساحرات والجنيات والشياطين وغيرهم من الفاعلين فوق الطبيعيين لتفسير مظاهر العالم الطبيعي. إلا أننا عندما نسأل: «لم يوجد العالم الطبيعي من الأساس؟ وما الذي يفسر سبب تمتعه بالقوانين الأساسية التي يتمتع بها؟» لا نجد تفسيرات تتوافق مع المذهب الطبيعي؛ ولذا، قد يبدو تفسير من منطلق نشاط من نوع ما لفاعل يتجاوز الوجود المادي وجيها، بل ولا مفر منه.
لكن هل هذا التفسير منطقي؟ هب أنني أزعم وجود جبل لا يشغل حيزا من الفراغ، فهو جبل له قمة مدببة وتحيط به وديان وأجراف منحدرة، لكن هذا الجبل غير موجود أو ممتد في الفراغ على الإطلاق، وليس لهذا الجبل أبعاد مكانية؛ فهذا الجبل يتجاوز عالمنا المكاني.
अज्ञात पृष्ठ