इंसानियत: बहुत छोटा परिचय
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
لا ينافي العقل أني أفضل تدمير العالم بأسره على أن تخدش إصبعي.
كذلك قال هيوم إن التفكير الاستقرائي - المؤسسة عليه معتقداتنا كلها حول المستقبل - والعلوم التجريبية لا يمكن تبريرهما عقلانيا. وباعتبار أننا نرى الشمس تشرق كل يوم، فإننا نعتقد أنها ستشرق صباح غد، وفي الحقيقة، لا يسعنا سوى اعتقاد ذلك. مع ذلك، يقول هيوم إن افتراضنا أن الشمس ستشرق صباح غد ليس أكثر تبريرا من افتراضنا، على سبيل المثال، أن قرصا ضخما من أزهار التيوليب يبلغ عرضه مليون ميل سيعتلي الأفق بدلا من قرص الشمس.
ويتفق أغلب الإنسانويين المعاصرين مع هيوم في أن للعقل - رغم أنه يجب علينا استخدامه أينما نستطيع وبأفضل ما يمكننا - حدوده (رغم الخلاف حول إن كانت تلك الحدود تقع حيث افترض هيوم أم لا). (8) القرن التاسع عشر
في عام 1859، نشر تشارلز داروين (1809-1882) كتابه «أصل الأنواع»، الذي شرح كيف تطورت الأنواع الجديدة على مدار ملايين السنين. قبل داروين، كان الناس يفترضون أن الأنواع لا يمكن خلقها إلا بواسطة الإله. في الواقع، لم يمتلك مفكرو التنوير تفسيرا بديلا للطريقة التي ربما خلقت بها الأنواع. شرح داروين كيف أن آليات طبيعية بالكامل وخاضعة للبحث العلمي قادرة على إنتاج أنواع جديدة، وهو ما يعد تطورا مثيرا جدا. في الواقع، كان تطور الأنواع على هذا النحو مدعوما بقوة بالأدلة، وهو ما تعارض بالطبع تعارضا صريحا مع الكتاب المقدس.
شهد أيضا القرن التاسع عشر تطورات مهمة على صعيد نقد الكتاب المقدس، ولا سيما في ألمانيا. كان الباحثون الألمان مثل ديفيد شتراوس (1808-1874) ويوليوس فلهاوسن (1844-1918) بصدد الكشف عن الطبيعة الخرافية لقسم كبير من الكتاب المقدس. وفي ألمانيا أيضا، أنكر عالم اللاهوت والفيلسوف لودفيج فويرباخ (1804-1872) الأفكار الدينية التقليدية، وأكد على أن رب الدين التقليدي هو الإسقاط الوهمي الخارجي لطبيعة البشر الكامنة داخلهم، وانتقد فريدريش نيتشه (1844-1900) بشدة منظومة الأخلاق المسيحية، واتهمها بأنها معوقة للحياة، ومحملة بمشاعر الكراهية والسخط. وبالطبع قال كارل ماركس (1818-1883) إن الدين «أفيون الشعوب».
وفي بريطانيا، وضع الفيلسوفان جريمي بنثام (1748-1832) وجون ستيوارت ميل (1806-1873) نظرية أخلاقية ثورية تعرف باسم النفعية، وهي التي حددت الخير الأخلاقي من منطلق السعادة. وحسب بنثام، فإن «تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس هو أساس الأخلاق والتشريع.» وإحدى سمات النفعية الراديكالية هي الطريقة التي تستغني بها عن الحاجة إلى طرح أي كيان فوق طبيعي من أجل تعزيز أو تبرير منظومة الأخلاق. ويرى المؤمن بالنفعية أنه من أجل تقييم مدى صحة شيء أو خطئه أخلاقيا، يجب ألا نركز على أي شيء آخر غير ما يحدث في «هذا» العالم «الطبيعي». وبالنسبة إلى كثير من الدينيين، هذه الرؤى كانت - ولا تزال - غير مقبولة مطلقا. والكثير من العادات والقوانين والمؤسسات في زمان بنثام سببت الشقاء للعديدين. وتشير النفعية إلى أن تخفيف المعاناة حيث يمكننا ذلك ليس أمرا مرغوبا وحسب، وإنما هو في الواقع متطلب أخلاقي؛ ومن ثم قادت النفعية - ولا تزال تقود - كثيرا من النفعيين إلى الإصلاح القانوني والاجتماعي. وقد أدت نفعية بنثام إلى اعتقاده أن علينا التزامات أخلاقية تجاه المخلوقات الأخرى؛ لأنها تعاني أيضا مثلنا، فقد قال بنثام عن الحيوانات الأخرى:
سيحل اليوم الذي قد تكتسب فيه الحيوانات كافة تلك الحقوق التي لا يمكن أن تسلب منها إلا بالطغيان.
وبالتأكيد ليس جميع الإنسانويين نفعيين. إلا أن نشوء النفعية كان مهما بوضوح لنشوء الإنسانوية الحديثة، ولا سيما لأنها توضح مجددا كيف أنه يمكن التعبير والدفاع عن رؤية مميزة ومحكمة فكريا لمنظومة الأخلاق بمعزل تام عن أي معتقد ديني.
ظلت الرقابة على غير المؤمنين واضطهادهم في أوروبا قائمة، وشهد عام 1826 آخر ضحية لمحكمة التفتيش العليا، أعدم في إسبانيا (أعدم المدرس كايتانو ريبول خنقا لمزاعم تدريسه أفكارا ربوبية). وفي عام 1842، كان جي جيه هوليوك (1817-1906) (أول من صك مصطلح «العلمانية») آخر شخص (وربما أول شخص) يسجن في بريطانيا بتهمة الإلحاد. إلا أن أعدادا متزايدة من الشخصيات العامة كانت مستعدة علنا للتشكيك في مزاعم الدين. ففي بريطانيا، جهر الكتاب بيرسي بيش شيلي (1792-1822) وجورج إليوت (1819-1880) وتوماس هاردي (1840-1928) بإلحادهم. وفي عام 1880، أصبح تشارلز برادلو (1833-1891)، المؤسس المشارك للجمعية الوطنية العلمانية التي ظهرت في عام 1866، أول عضو برلماني منتخب في بريطانيا يجهر بإلحاده (إلا أن إلحاده كان يعني أنه لن يستطيع أن يقسم قسم الولاء؛ ولذا حرم من مقعده لعدة سنوات).
شكل 1-2: مبنى كونواي هول، ميدان ريد لايون، مقر جمعية ساوث بليس الأخلاقية.
अज्ञात पृष्ठ