ووقوفنا على أقدامنا مع العينين جعل إشرافنا كبيرا، فصرنا نرى أكثر مما لو كنا على أربع، ورؤيتنا الكثير حولنا جعلنا نقارن ونتعقل ونجمع القليل من السمع إلى الكثير من النظر، ثم نقارن ونتعقل.
السمع والنظر أوجدا الوعي «أي الوجدان» في الإنسان.
أوجدا بداية الوعي الذي لا يكاد حيوان الشم والسمع يعرفه؛ لأن ما يعرفه هذا قليل.
الزرافة والفيل والثور والفرس أعلى منا قامة، وهي ترى أكثر منا أو على الأقل مثلنا بحاسة النظر؛ أي: الحاسة الأولى في المسافات، ولكنها لم تتطور وترتقي مثلنا، فلماذا؟ •••
هنا علم آخر في طريق التطور والارتقاء.
نحن نقف وقفة عمودية على أقدامنا، ولذلك نستطيع أن نحمل في رءوسنا دماغا كبيرا ثقيلا، ولو كنا نسير على أربع لما استطعنا أن نحمل هذا الدماغ، نحن نحمل دماغا عموديا والحيوان يحمله أفقيا.
احمل عشرة أرطال وارفع ذراعك بها عمودية فوق كتفك تجد الحمل خفيفا ولكن ابسط ذراعك أمامك أفقيا مع الحمل تجده ثقيلا.
قامتنا المنتصبة التي يسرها لنا وقوفنا على أقدامنا يسرت لنا نمو الدماغ، ووقوف هذا النمو عند أخواتنا القردة العليا الأربعة الأخرى يعود في كثير منه إلى أنها لم تنتصب تماما، وذلك أيضا لأنها لم تترك الغابة إلى الآن.
إن التطور قد أعدنا للذكاء عن طريق قدمينا قبل أن يعدنا له عن طريق رءوسنا.
وأصبحت حواس المسافات، الشم والسمع والنظر، تغذي الدماغ بالأخبار، وهذا يقارن بينها ويفرز ويميز ويتعقل؛ أي: يجد الوعي. •••
अज्ञात पृष्ठ