इंसान फी कुरान
الإنسان في القرآن
शैलियों
وقال الله: لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين، وتكون أنوار في جلد السماء لتنير على الأرض، وكان كذلك. فعمل الله النورين العظيمين: النور الأكبر لحكم النهار، والنور الأصغر لحكم الليل، والنجوم، وجعلها الله في جلد السماء لتنير على الأرض، ولتحكم على النهار والليل، وتفصل بين النور والظلمة. ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوما رابعا.
وانقضى القرن السابع عشر والثامن عشر دون أن يعرض لعلماء الغرب، من مباحث الدين أو العلم، شيء يدعوهم إلى تقدير عمر للخليقة يزيد على ستين قرنا بحساب السنين الشمسية، ثم تتابعت الكشوف عن ظواهر الطبيعة كيفما تناولتها العلوم الحديثة، فتضاءلت هذه القرون الستون حتى أصبحت كلمحة البصر الخاطفة بالقياس إلى أعمار الكائنات السماوية والأرضية، بعد أن عرف العلماء حساب الزمن بالسنة الضوئية، وتحققوا من النظر اليقين إلى بعض الكواكب أنهم يرونها الآن بعد أن مضى على انطلاق الشعاع منها ملايين من السنوات الشمسية.
وتبين من تحقيق أعمار بعض الأشجار أنها نبتت قبل ميلاد المسيح، وقبل دعوة موسى الكليم وإبراهيم الخليل، وتبين من بقايا النبات المتحجر أنه كان ينمو على الأرض قبل مئات الآلاف من السنين، وقامت تقديرات العلم في قياس أعمار هذه الكائنات على معايير محققة لا تقل ثبوتا عن قياس الساعات بحركة الرمل أو الماء في الساعات الرملية والمائية؛ لأنهم يبنون هذه التقديرات على المعلوم المحقق من سرعة الإشعاع المعدني، أو مدى الوقت اللازم لتحول العناصر، وأمثال ذلك من المعايير التي تصلح للقياس عليها، كما يصلح العلم بمقدار الرمل أو الماء ومقدار الوقت اللازم لانصبابه في صندوقه قياسا لساعات النهار والليل، وكما يصلح العلم بحركات الكواكب قياسا للسنين والشهور.
وقد اشتركت العلوم جميعا في اتخاذ مقاييسها لتقدير أعمار الكائنات، فقاس النباتي عمر الشجرة بحلقات جذوعها، وقاس الطبيعي أعمار البحار بمقادير الملح الذي أفرغته الأنهار فيها، وقاس عالم الطبقات الأرضية أعمار الصخور بتحول المعادن أو استقرار الرواسب، أو بإشعاع العناصر، أو بالأحافير المتحجرة من بقايا النبات والحيوان. وكلها معايير معقولة توغل بأعمار بعض الكائنات رجوعا إلى دهور محسوبة بمئات الألوف من السنين، وتمعن في القدم حتى تحسب بمئات الملايين. •••
وأحدث المقاييس العلمية التي تقاس بها عصور ما قبل التاريخ مقياس الكربون المسمى بكربون (14)، تمييزا له عن كربون (12) المسمى بمقدار وزنه الذري، فإن العالم الأمريكي «ويلارد لبي»
Willard Libby ، صاحب الدراسات المأثورة في الطبيعيات الذرية، وجد - قبيل منتصف القرن - أن نصف ذرات هذا الكربون تتحلل في الأجسام الحية خلال خمسة آلاف وخمسمائة وثمان وستين سنة، يعمل فيها حساب فرق التقدير بنحو ثلاثين سنة إلى الزيادة أو النقصان.
فإذا جمعت بقايا العظام أو الفحم الحجري، فمن الممكن وزن ما فيها من كربون (14)، وتقدير الزمن الذي انقضت فيه حياة الكائن الحي الذي تخلفت عنه تلك البقايا على حسب المقدار المتحلل من ذلك الكربون، فإذا كان هذا المقدار نصفا، فقد مات ذلك الكائن الحي قبل خمسة آلاف وخمسمائة وثمان وستين سنة، وإذا كان ذلك المقدار ربعا، فقد انتهت حياته قبل نحو أحد عشر ألفا ومائة وست وثلاثين سنة، ويزيد عدد القرون كلما نقصت نسبة البقية الباقية من الكربون (14) بالمقابلة بينه وبين الكربون (12)، مع ذلك الفارق القليل الذي يحسب فيه الحساب لخطأ التقدير.
وبهذه المقاييس الكثيرة التي تضبط حساب القرون كما يضبط حساب الأيام والليالي بالساعات الرملية والمائية قفل تاريخ الإنسان على الأرض راجعا إلى ألوف القرون، بدلا من العشرات أو الآحاد، ووضع علماء الطبقات والحفائر مقادير الأعمار المتطاولة لكل طبقة من الطبقات الأرضية وجدت فيها بقايا الأجسام البشرية، وقدروا للطبقة الحجرية ثلاثة أدوار بين عليا ووسطى وسفلى، يتراوح تاريخها بين خمسة وسبعين ألف سنة وستمائة ألف سنة.
وتنسب إلى الطبقة العليا بقايا الإنسان التي وجدت في الأقاليم الغربية من القارة الأوروبية، وإلى الطبقة الوسطى بقايا الإنسان التي وجدت في أواسط القارة، وأقدم من هذا بقايا الإنسان التي وجدت في القارة الآسيوية بين الصين وبلاد الملايا، ومثلها في القدم أو أقدم منها بقايا الإنسان في أقاليم الجنوب الأفريقية.
وآخر البقايا الإنسانية التي وجدت في القارة الأفريقية جمجمة وجدها الدكتور «ليكي»
अज्ञात पृष्ठ