الاعتكاف في جُزْء منه؟
الظاهر هو الأول؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ فعلَ كذلك دائمًا.
ثم رأيتُ في حاشية "الهداية" للجُونفوري، قال: الظاهر أنَّ السنَّة هو استيعابُ العَشْرِ الأواخر مِن رمضان بالاعتكاف، لا الاعتكاف في العَشْر، ولو في جُزءٍ منه، روى به الإِمام شِهَاب المِلَّة والدين (١)، نوَّرَ الله مرقَدَه؛ إذ المواظَبَة من النبيِّ ﷺ كانت على سبيلِ الاستيعاب، فيكون سنةً مع وصفِ الاستيعاب، ثم قال: ولقائلٍ أن يقول: إنَّه وإنْ واظَبَ بصفَة الاستيعابِ، فالقولُ بِسُنية استيعابِ العَشْر الأوَاخِرِ من رمضان بالاعتكاف يؤدِّي إلى الحَرَج؛ لظهور أنَّ الرجالَ لو اعتكفُوا في المساجد، والنِّساء في دُورِهنَّ لم يكن مَنْ يقوم بأمر معاشِهِم، وفيه من الحَرَج ما لا يَخْفى، فَلِهَذِهِ الضَّرورة جَعَلنَا السُّنَّةَ وهو اللُّبْثُ في العَشْر، ولو بِجُزْء منه (٢) دونَ الاستيعاب.
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
(١) قوله (شهاب المِلَّة والدين): هو مَلكُ العلماء أحمد شهاب الدين بن شمس الدين عمر الزاولي الدولت آبادي، والدولت آباد محلة من دِهْلي، دار ملوك الهند، توفي في سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وقيل: سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، ودُفن بجونفور. ومن تصانيفه: "البحر الموَّاج" تفسير بالفارسية، و"شرح قصيدة بانَتْ سُعَاد"، و"شرح الكافية"، و"مناقب السَّادات"، و"فتاوى إبراهيم شاهي"، وغيرها، كذا في "سُبْحة المرجان"، وقد عُدَّت فتاوى إبراهيم شاهي من الكتب غير المعتبرة، كما نقله عبد القادر البدايوني في "منتخب التواريخ" عن أستاذه العلامة أجلِّ علماء العهد الأكبري الشيخ حاتم السُّنبهلي، المتوفى في سنة ثمان وستين بعد التسعمائة، كذا في "مقدمة عُمْدة الرِّعاية" للأستاذ العلامة.
(٢) قوله (ولو بجُزءٍ منه): لا يخفى على مَنْ تَشَرَّف بمطالعةِ كتب الحديث أنَّ =
1 / 40