الحياة الكاذبة هي ضلال الجسد أو هي شر، وأما الحياة الحقيقية فهي الحياة العامة لجميع الناس. (لكن نجنا من الشرير.)
فحوى الفصل الحادي عشر
ولما شعر يسوع بأنه مستعد للموت مضى ليسلم ذاته بنفسه، فاستوقفه بطرس، وسأله: إلى أين ماض؟ فأجابه يسوع: إني ماض إلى حيث لا تستطيع أن تمضي أنت؛ إني أنا مستعد للموت، وأما أنت فغير مستعد له، فأجابه بطرس: كلا، فإني الآن مستعد أن أقدم نفسي ضحية من أجلك، فأجابه يسوع: إن الإنسان لا يستطيع أن يعد بشيء، ثم قال لتلاميذه: إني عالم بأن الموت ينتظرني، ولكني أومن بحياة الآب؛ ولذلك فلست أخشى الموت، لا تضطربوا من أجل موتي، بل آمنوا بالله الحقيقي وبأب الحياة، وإذ ذاك يهون لديكم أمر موتي إذا اتحدت أنا مع أب الحياة فلا أخسر الحياة؛ أجل، إني أقول لكم الحق: إني لا أعلم كيف وأين ومتى تكون حياتي بعد الموت؟ ولكني أريكم الطريق المؤدي إلى الحياة الحقيقية، كل تعليمي لا يوضح كيفية الحياة، ولكنه يرشد إلى الطريق الوحيد المؤدي إليها الذي يؤهل السائرين عليه أن يتحدوا مع الآب الذي هو أصل الحياة، إن تعليمي يرمي إلى غرض واحد، وهو ألا يتعدى الناس مشيئة الآب، وسيكون لكم بعدي مرشدا معرفتكم الحق وإقبالكم عليه، وإذا سرتم بحسب تعليمي تشعرون دائما بأنكم في الحق، وأن الآب فيكم وأنتم في الآب.
فإذا عرفتم الحق وعشتم به فلا يزعزع إيمانكم موتي أو موتكم أيضا.
يتصور كل واحد من الناس أنه شخص مستقل بنفسه وإرادته وحياته، لكن ذلك ضلال مبين؛ لأن الحياة الحقيقية هي تلك التي تعترف بأن تتميم إرادة الآب هي أصل الحياة، وتعليمي يكشف للناس وحدة هذه الحياة، وأنها ليست كالأغصان المتشعبة المتفرقة، بل كالشجرة الواحدة التي تتفرع منها الأغصان، والذي يتمم مشيئة الآب هو كالغصن الذي يتفرع من الشجرة ويحيا ما دام متحدا بها، والذي لا يتمم مشيئة الآب هو كالغصن المقطوع من الشجرة، فإنه يموت وييبس.
الآب أعطاني الحياة لأحيا بها وأعمل الصلاح، وأنا أعلمكم أن تعملوا أعمال الصلاح، فإذا أتممتم وصاياي تنالون الغبطة والسعادة، ثم إن وصية واحدة أوصيكم بها هي أن تحبوا بعضكم بعضا، وتعلمون الناس أن يحبوا بعضهم بعضا أيضا، والمحبة هي أن يضحي الإنسان حياته الجسدية من أجل الغير وليس لها تعريف آخر.
وإذا أتممتم هذه الوصية لا تكونون كأولئك العبيد الذين يتممون إرادة سيدهم دون أن يفهموا ماذا يفعلون، بل تصبحون مثلي أحرارا.
أنتم لم تقبلوا تعليمي عرضا لوجودكم معي، كلا، بل لأنه هو التعليم الحقيقي الوحيد الذي يقول بأن جميع الناس أحرار.
أما تعليم الناس فإنه مبني على فعل الشر للآخرين، وأما تعليمي فإنه يأمر بالمحبة ولذلك سيبغضكم العالم كما أبغضني، العالم لم يفهم تعليمي، ولذلك فإنه سيضطهدكم ويصنع لكم الشر حاسبا أنه بذلك يقدم خدمة لله.
ولذلك لا تستكبروا هذا الأمر، بل اعتقدوا بأنه هكذا ينبغي أن يكون، العالم الذي لا يفهم ماهية الإله الحقيقي يرى أنه يجب اضطهادكم، وأما أنتم فيجب عليكم أن تؤيدوا الحق، قد حزنتم لأنهم يقصدون قتلي؛ لأني أؤيد الحق وأعززه؛ ولذلك فموتي أصبح لازما لا بد منه لتأييد الحق، إني أقدم على الموت غير هياب ولا وجل ولا أميل عن الحق، فهو يشدد عزائمكم فتفرقون بين الحق والباطل، وتدركون ما ينجم عن ذلك التمييز، وهو أن الناس يعتقدون بالجسد اعتقادا عظيما ولا يؤمنون بحياة الروح، مع أنه كان يجب عليهم أن يدركوا بأن باتحادهم مع الآب يستظهر الروح على الجسد، وعندما أفقد حياتي الجسدية فإن روحي تكون معكم، ولكنكم كجميع الناس سوف لا تشعرون في نفوسكم بقوة الروح؛ فسيحيق بكم الضعف أحيانا، وتفقدون قوة الروح وتقعون إذ ذاك في التجارب والشدائد، ولكنكم تتنبهون أحيانا إلى الحياة الحقيقية، وتحل بكم أحيانا عذابات جسدية، ولكن لا يكون هذا إلا إلى حين، تحتملون العذاب، ولكن قواكم تتجدد بالروح فتفرحون وتبتهجون كالمرأة التي تصادف آلاما مبرحة أثناء الولادة، ولكنها بعد ذلك تفرح فرحا عظيما لأنها ولدت إنسانا في العالم.
अज्ञात पृष्ठ