وإذا أردنا أن نعرب هذه اللفظة إلى اللغة العربية أو غيرها من اللغات تعريبا حرفيا فيكون معناها البشارة، وهو تعريب فاسد لا يفي بالغرض المقصود ومخالف لمعنى الكلمة. إن لفظة إنجيل باللغة اليونانية مركبة من كلمتين «أيف» ومعناها: جيد، حسن، صلاح، خير، صدق، و«إنجيليون» ومعناها: الإخبار بخبر ما من الأخبار، ويكون تعريب اللفظتين معا الإخبار بالخير أو الخبر الحسن.
ثانيا:
إن الكلمتين «كاتا ماتذيون» تفيدان الأخبار الحسنة التي أخبرها الإنجيليون الأربعة: متى ومرقص ولوقا ويوحنا عن أعمال المسيح، ولكن غير موضحة الطريقة التي كتبوا فيها تلك الأخبار، هل كتبوها بمجرد السماع، أو أملاها عليهم أحد، أو سمعوها من أفواه الناس، أو من نفس المسيح، فإنهم قد أغفلوا هذا الأمر وأهملوه مع أنه في غاية الأهمية المطلوبة عند وضع كتب يعترف بها الملايين من البشر.
ثالثا:
لفظة «خريستوس» أو المسيح معناها الممسوح من الله، وهذه اللفظة مأخوذة من تقاليد اليهود وموافقة لها كل الموافقة، ولكنها غير منطبقة على تأدية المراد من الإخبار بالخير أو التبشير للناس بأقوال حسنة مفيدة لهم.
رابعا:
لفظة ابن الله التي تدعو الكنيسة بها يسوع المسيح وتخصه بهذا النعت دون سواه من الناس، مع أنها في الحقيقة ونفس الأمر مختصة بجميع الناس على السواء، وذلك واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ومصرح به في كثير من مواضع الإنجيل.
ولما كان يسوع المسيح يخاطب الشعب كان يقول: فليضئ نوركم هكذا بين الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات (متى، ص5، عدد 16).
وجاء أيضا في متى، إصحاح 5، عدد 45: «لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات؛ فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين.» وفي لوقا، ص6، عدد 36: «فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم.»
وفي متى، ص6، عدد 1: «احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات.» ومتى، ص6، عدد 4: «لكي تكون صدقتك في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.»
अज्ञात पृष्ठ