تقدمة الكتاب
كلمة لمعرب الكتاب
ترجمة الفيلسوف تولستوي
مقدمة المؤلف
مختصر الأناجيل أو تلخيصها
الإنجيل
تمهيد
1 - ابن الله (أبانا) (الإنسان - ابن الله - ضعيف بالجسد قوي بالروح)
2 - «ولذلك يتحتم على الإنسان ألا يشتغل للجسد بل للروح» (الذي في السموات)
3 - «من روح الآب صدرت حياة جميع الناس» (ليتقدس اسمك)
4 - «ملكوت الله» (ولذا فإن مشيئة الله هي حياة وخير للناس) (ليأت ملكوتك)
5 - «الحياة الحقيقية» (إتمام إرادة الآب يؤدي إلى الحياة الحقيقية) (لتكن مشيئتك)
6 - الحياة الكاذبة
7 - أنا والآب واحد
8 - الحياة ليست محصورة في وقت
9 - العثرات
10 - محاربة العثرات
11 - حديث الوداع
12 - استظهار الروح على الجسد
تقدمة الكتاب
كلمة لمعرب الكتاب
ترجمة الفيلسوف تولستوي
مقدمة المؤلف
مختصر الأناجيل أو تلخيصها
الإنجيل
تمهيد
1 - ابن الله (أبانا) (الإنسان - ابن الله - ضعيف بالجسد قوي بالروح)
2 - «ولذلك يتحتم على الإنسان ألا يشتغل للجسد بل للروح» (الذي في السموات)
3 - «من روح الآب صدرت حياة جميع الناس» (ليتقدس اسمك)
4 - «ملكوت الله» (ولذا فإن مشيئة الله هي حياة وخير للناس) (ليأت ملكوتك)
5 - «الحياة الحقيقية» (إتمام إرادة الآب يؤدي إلى الحياة الحقيقية) (لتكن مشيئتك)
6 - الحياة الكاذبة
7 - أنا والآب واحد
8 - الحياة ليست محصورة في وقت
9 - العثرات
10 - محاربة العثرات
11 - حديث الوداع
12 - استظهار الروح على الجسد
إنجيل تولستوي وديانته
إنجيل تولستوي وديانته
تأليف
ليو تولستوي
ترجمة
سليم قبعين
تقدمة الكتاب
ينبوع الفضل ورب الذكاء والنبل صاحب العزة محمد بك زين العابدين الأفخم
هذا - أيدك الله - سفر جليل الفائدة، من بنات أفكار الفيلسوف الطائر الصيت، نابغة فلاسفة العصر، الكونت لاون تولستوي، أبرزه في ثوب العلم والحكمة إلى عالم الوجود؛ فتناقلته الأمم الغربية إلى سائر لغاتها، فكشفت بأسراره عما رسخ في الأذهان من أصول الخرافات والأباطيل منذ أجيال طوال.
وقد أردت أن أخدم به أبناء اللغة العربية؛ فقضيت من نفيس العمر شيئا ليس بالقليل، ملتزما في التعريب أصل ما فكر الفيلسوف دون زيادة ولا نقص، فجاء في العربية كما أنزل من سماء تلك الحكمة الروسية.
ولما كنت غراس نعمة أياديك بما طالما طوقتني به من النعم؛ رأيت أن أرفع هذا الكتاب لسدتكم الشريفة؛ لعلي أقوم في ذلك ببعض الواجب راجيا أن ينال من فضلكم قبولا، ويصادف استحسانا يكون لي أكبر مشجع على انتهاج سبيل الخدمة العامة، أدامكم الله ذخرا للآداب ونصيرا لأبنائها.
المخلص
سليم قبعين
الكونت لاون تولستوي، فيلسوف الروس العظيم.
كلمة لمعرب الكتاب
نبغ الفيلسوف تولستوي من أمة الروس، وفي بلاد اشتهرت بالحجر على الأفكار وتشديد المراقبة على المطبوعات. ولقد أعجب هذا الفيلسوف العالم بما فاض عليه من أسرار الحكمة وما ابتكره من فنون المعارف، وأوجده من أسباب الحقائق التي أماط عنها النقاب في كل ما يتناول فيه البحث من المواضيع النافعة، مما شهد له فيه بنقد النظر وجلاء الخاطر جميع علماء أوروبا وحكمائها. وقد اجتمع في العام الماضي أئمة فلاسفة الألمان، وقر رأيهم بأن تولستوي هو أكبر فيلسوف خلقه القرن العشرون. ومن جملة ما وضعه هذا الفيلسوف من المؤلفات الأدبية الشهيرة التي ترجمت إلى سائر اللغات الحية: كتاب يبحث في أسباب فساد المرأة والهيئة الاجتماعية، أطلق عليه اسم «نغم كريتسر». وقد التزم طبعه أحد الأمريكيين باللغة الإنكليزية سبع مرات في نحو خمسة أشهر، وكان يطبع في كل مرة 5000 نسخة، فلما رأى الأرباح الطائلة التي عادت عليه بسبب طبع هذا الكتاب؛ طلب إلى الفيلسوف يرجوه أن يضع له كتابا ثانيا من نوع الأول، ويتعهد له بدفع سبعة ريالات أمريكية عن كل كلمة، فأبى عليه الفيلسوف ذلك بدعوى أنه يخص عمله بخدمة الجمهور ولا يقصد به ربحا.
أما الشيء الخطير الذي أتاه تولستوي، فانقلبت من أجله روسيا ظهرا لبطن: تخطيئه الكنيسة المسيحية في أكثر أمورها؛ إذ أنكر عليها عقائدها بدعوى أنها من أوضاع البشر، وتخالف أحكام الإنجيل مخالفة صريحة؛ فأثرت أقواله في عقول متنوري روسيا، وحلقت بها الصحف في سماء العالم الأوروبي، حتى اجتمع بسبب ذلك المجمع المقدس في عاصمة الروس برئاسة السيد أنطوني رئيس المجمع المقدس ومطران بطرسبرج، وحرم ذلك الفيلسوف، وعده كاذبا في دعوته مفتريا على الكنيسة، وكان لذلك أسوأ وقع في نفوس الطلبة والطالبات، وقاموا بعمل مظاهرات في الكنائس والشوارع، وكاد يفضي الأمر إلى ثورة داخلية لولا أن أخذت الحكومة الروسية بالحكمة في تهدئة الخواطر وتسكين الاضطراب. وقد وضع الفيلسوف تولستوي كتبا لاحظ فيها على نقط الخطأ في كثير من مواضع ترجمة الإنجيل، واعتبر الأناجيل الأربعة مشاكلة لبعضها البعض، فوحدها في كتاب واحد سماه: «إنجيل تولستوي» كان له شأن يذكر فيما بين علماء الدين وأرباب الفطنة وأصحاب المدارك السامية في أوروبا، فنقلته كل أمة إلى لغتها واشتغلت بأمره. وقد أردنا أن نخدم قراء اللغة العربية إجابة للذين داوموا إلينا الطلب أن نعربه، فأقدمنا على ذلك، وليس في عملنا مظنة لبعض الذين يسارعون إلى القضاء على الأمر دون الاستبصار بتمحيصه والتماس صوابه من خطئه. فنحن إن عربنا هذا الكتاب. فليس الدافع لنا إلى ذلك تآلف المذاهب أو تعارف العقائد، وإنما نحن ننقل إلى أبناء اللغة العربية مكتوبا جليل الفائدة ثمين القيمة بالنسبة لنصيبه لدى المشتغلين بأمر البحث في أصول الأديان والمنقبين عن علل العقائد الدينية، ولأن الكتاب في وضعه إن لم يكن حكمة نطق بها صاحبها فهو جوهرة انفصلت من أشعة فكر الفيلسوف الذي أحسن ما ينعت به: أنه لا يضن على الناس بما في ضميره، فبسط لهم قلبه كتابا يقرءونه، ويتحسسون بأبصارهم وبصائرهم من مواضيعه ومواضعه ما يشاءون.
ترجمة الفيلسوف تولستوي
ولد الفيلسوف تولستوي نابغة الروس في 28 أغسطس عام 1828 في قرية ياسنايا بوليانا من أعمال ولاية تولا في أملاك والدته.
وكان والده نقولا تولستوي أحد معاوني قواد الجنود الروسية المحالين على المعاش، وقد اشترك في وقائع حرب سنتي 1812 و1813، وهو ابن إيليا بن أندراوس بن حنا بن الكونت بطرس تولستوي من أكبر معضدي القيصر بطرس الأكبر؛ وأما والدته فكانت ابنة الأمير نقولا سرجيوس، وعلى ذلك يكون الفيلسوف عريقا في النسب من جهة أبويه.
ولقد توفيت والدته عام 1830 قبل بلوغه العامين، وعام 1837 توفي والده فجأة في مدينة «موسكو» على إثر إصابته بخسائر مالية فادحة، وعند احتضاره أقام وصية على أولاده نقولا وسرجيوس وديمتري وليون وماري إحدى قريبات عائلتهم السيدة يوشكوفا، فرحلت بهم إلى «موسكو» وعهدت أمر تربيتهم إلى أساتذة نمساويين وفرنسيين، وعام 1841 نزحت بأسرة تولستوي إلى كازان، وعام 1843 دخل صاحب الترجمة كلية كازان وانتظم في صف اللغات الشرقية؛ فأقام فيها سنتين ثم رحل عنها مع إخوته إلى قرية ياسنايا بوليانا مسقط رأسه، ولبث فيها مدة ثماني سنوات متوالية كان يشخص فيها أحيانا إلى «موسكو» وبطرسبرج.
وعام 1851 زاره شقيقه الأكبر نقولا الذي كان ضابطا في جيش القوقاز، ومكث عنده مدة إجازته العسكرية، وعند عودته إلى فرقته صحبه معه إلى تلك البلاد الفيحاء، وحبا في عدم مفارقة شقيقه انتظم وقتئذ في الجندية في نفس طابور أخيه. وابتدأ في هذه البلاد يزهر رياحين علمه، فكتب رواية المهرب «نابيغ» التي أحسن فيها وصف بلاد القوقاز ومعيشة أهلها، ثم رواية «القوزاق» ورواية الفتوة والصبوة والشبيبة، ووضع غيرها من الكتب المفيدة.
وعام 1853 أي في ابتداء الحرب الشرقية؛ نقل صاحب الترجمة إلى صفوف جنود الطونا وانضم إلى فيلق القائد غورتشا كوف الشهير، ثم انضم إلى حامية «سيفاستوبل» واشترك بمعركة سنة 1855، وكذلك شهد ضرب «سيفاستوبل» من الجنود المتحدة، وفي أثناء هذه المعمعة المخيفة والأحوال المزعجة انتدب بصفة كونه معتمدا إلى جلالة القيصر نقولا الأول حاملا إليه أوامر سياسية مهمة.
وبين عامي 1853 و1855 وضع رواية «سيفاستوبل» ثم رواية «روبكاليسا» (قطع الغابة) وعام 1855 استقال من الخدمة العسكرية، وأخذ من ذلك الحين يقضي الشتاء في «موسكو» و«بطرسبرج» والصيف في قرية «ياسناسا بوليانا»، وقد أنشأ في هذه الأثناء عدة تآليف مهمة، وعام 1861 جاب بعض أنحاء أوروبا ثم عاد فاستوطن قريته، وجرد نفسه لخدمة الأمة مبشرا بالسلام والخير والفضيلة.
ثم أصدر مجلة تهذيبية أطلق عليها اسم بلدته، وجعل ينشر فيها المقالات الأخلاقية بقصد تربية الأهالي وتثقيف عقول أبنائهم.
ثم أنشأ الفيلسوف في بلدته مدرسة وطنية كان ينفق عليها من جيبه الخاص، ويعلم فيها بنفسه أبناء الفلاحين، ويبث فيهم روحا جديدا، فأحدثت تلك المدرسة شهرة فائقة دوى صداها في جميع أنحاء روسيا، وأخذ يتقاطر إليها كثيرون من شبان بطرسبرج المتخرجين في كلياتها؛ ليلقوا فيها دروسا بلا مقابل، تحت مراقبة الفيلسوف، وإنما كانوا يفعلون ذلك ليقتبسوا من معارفه السامية ويغترفوا من بحار فلسفته شرابا عذبا خاليا من شوائب الأكدار، فاجتمعوا حوله واستظلوا بلواء علمه وفلسفته.
وعام 1862 تزوج الفيلسوف من الآنسة صوفيا كريمة الدكتور بيرس، وفي أواخر سنة ستين وضع روايته الشهيرة «الحرب والسلام»، وجعل مدار البحث فيها على فساد عيشة المترفين وحرب سنة 1812، وفي السنة السبعين كتب رواية أخرى سماها: «حنة كاريننا»، وقد أخذت هاتان الروايتان في عموم أوروبا أدوارا مهمة، فعربت إلى جميع لغاتها، وقد اطلع الفيلسوف على فلسفة الفيلسوف الإنكليزي الاشتراكي المستر هربرت سنبسر بشأن توزيع الأراضي على الأفراد بالسواء أولى من استقلال نفر قليل بها، فوافقه على رأيه وعمل به، فإنه وزع جميع أملاكه الواسعة على فلاحيه وأبقى له ولعائلته مساحة من الأرض تقوم بحاجاتهم، ثم إنه يحرث الأرض بنفسه ويزرعها.
وقد كتب هذا الفيلسوف في مواضيع جليلة وكتب في الدين، فكتب بشأنه ما يخالف عقائد الكنيسة المسيحية وخطأها، فأثار عليه ذلك أحقاد رجال الدين في روسيا، والتأم أعضاء المجمع المقدس في 20 فبراير عام 1901 وقضوا عليه بالحرمان من الكنيسة كذي بدعة أو ضلالة، فكان لذلك الفعل تأثير شديد في جميع أنحاء روسيا، وكاد يفضي الأمر إلى ثورة داخلية كما أشرنا إلى ذلك قبلا، وقد رد على حكم المجمع ردا مطولا ثبت فيه إيمانه وخطأ الكنيسة في تعاليمها، فقال إنها بهتان ظاهر وعقائدها ليست إلا مجموعة خرافات منبوذة، واختلاق محكم الوضع قد غشي على جوهر تعاليم المسيح، ثم أنكر ألوهية المسيح وولادته من غير أب، وأنكر الاعتقاد بالتثليث، وقال: «إني أومن بإله واحد هو إله روح ومحبة وأصل كل موجود، وأومن بأنه في وأنا فيه، وأن شريعته سمحاء واضحة في تعليم المسيح الإنسان الذي لا أعتقد به إلها، وإني أعتبر الصلاة له تهكما عليه، ثم أعترف بأن سعادة الإنسان الحقيقية تحصل بوفور إرادة الله في الناس، فيحبون بعضهم بعضا ويفعلون مع غيرهم ما يريدون أن يفعل الناس بهم.»
إن الفيلسوف على جانب عظيم من الجراءة في طلب الحق لم يساوه فيه أحد في العالم، فإنه كتب كثيرا إلى القيصر يعترض على حالة الحكومة وسيرها وذمها بسبب تعذيبها الأهالي في سجون سيبيريا المظلمة وجزيرة سخالين القفراء الجرداء.
وتولستوي لم يزل حيا يرزق مقيما في بلدته، يضع المؤلفات المفيدة، وقد زاره كثيرون من علماء الأمريكان والإنجليز والألمان وحادثوه طويلا في الشئون الاجتماعية، فكان يقيم لهم أسد الحجج ويفيض عليهم من بحار مداركه، فيخرجون من لديه معجبين بما أوتيه هذا الرجل من الحكمة البالغة.
مقدمة المؤلف
لقد سئمت عيش الحياة بعد أن أنكرت على الكنيسة عقائدها، وإذ ساورتني عوامل اليأس ضربت ببصري في جمهور الناس لألتمس من بينهم من يقاسمني هذا القنوط، فأداني البحث إلى أن جميعهم عائشون بالإيمان، وحيث رأيت إلى من يحدق بي من السواد الأعظم وجدتهم مؤمنين، وقد انتزعوا من ذلك الإيمان نظاما لهم، ومنه كونوا منهجا يستنهجونه إلى خاتمة أنفاسهم، غير أني لم أتحسس بعقلي ما أستدل به على صحة هذا النظام؛ فاستعقبت حال هؤلاء المؤمنين في سبيل الحياة الدنيا؛ فجعلت أكثر من مخالطتهم، وأجاريهم في تأدية عبادة الله الكمالية، ولكن كنت لا أزداد في التقرب منهم على تلك العبادة إلا تنازعني عاملان متخالفان، فمن جهة: قد ظهر لي أن هذه الحياة لا يبيدها الموت ولا يفنيها الفناء، ومن جهة ثانية: قد استوثقت مما في هذا الإيمان، وتلك العبادة من المين والبهتان، وإني لا أثق بأن في قدرة الشعب استدراك ذلك، إما لأميته أو قصور إدراكه أو ميله عن البحث في الوصول إلى الحقيقة، غير أني أكبرت السكوت عن ذلك خيفة استفحال أمر هذه المفتريات، وقد شاركني في ذلك جماعة من الذين استنارت عقولهم؛ فلجأت إلى التنقيب عن أصل فساد هذه التعاليم وتمحيص الحقيقة في ذلك.
ولما كنت لا أنكر على تعاليم المسيح تضمنها لنظام الحياة الحقيقية، حدا بي الفكر إلى إجلاء النظر في تلك التعاليم والإحاطة التامة بمنابت أصولها التي تفرعت عنها هاته الفروع، ففي بادئ الأمر استرشدت في ذلك القسوس والرهبان والأساقفة والمطارنة وعلماء اللاهوت، فعجزوا عن إقامة الحجة، وكان فيما يقولون تناقض بين، فلم أر فيهم فكرا قادرا على الحوم حول النقط الجوهرية، ولعل سبب ذلك قلة يقينهم مما به يعتقدون. ثم ظهر لي أن مآخذ عقائدهم هي مؤلفات رجال الكنيسة والكتب الموضوعة في الدين واللاهوت، فلما لم أحصل على ثمرة من مجادلتهم رجعت بنفسي إلى جميع التآليف اللاهوتية، فعلمت بالاستقراء فساد ما تعطيه كنيستنا للشعب من العقائد، وتحققت أن ذلك خداع بين وضلال مبين.
ثم وجدت غالب تعاليم الكنيسة الأورثوذكسية موضوعا غير معقول، ليس فيه شيء يؤثر عن الحياة وماهيتها إلا أنه محصور في تخطئة اعتقادات الطوائف الأخرى من المسيحيين؛ ولذا توجهت بعقلي إلى درس هاته العقائد؛ فألفيتها تشبه من جميع وجوهها تعاليم الكنيسة الأورثوذكسية، والغريب أن هذه تنكر على الطوائف الأخرى عقائدها، كما وأن هذه تنكر عليها ذلك؛ فنشأ من تخالف كل طائفة مع الأخرى تنافر بين أبناء هذه الطوائف، ليس هو في شيء من تعاليم المسيح، وبالجملة: فإن جميع الطوائف مصدقين لعقائد لا تنفع الحياة، ويقضي بفسادها العقل الصحيح، ثم حكمت بعد ذلك بعدم وجود كنيسة مسيحية مطلقا.
إن المسيحيين قد انقسموا إلى طوائف متعددة، وكل منها تعتقد اعتقادا متينا بأنها هي الطائفة المسيحية الحقيقية، وتنكر عقائد الطوائف الأخرى، ثم كل منها تسمي نفسها كنيسة تدعي أنها هي الحقيقية التي ثبتت على الإيمان المسيحي القويم، وأما بقية الطوائف فقد انفصلت وتفرعت منها، والأغرب من ذلك: أن كل طائفة تعتقد بداهة بهذا الاعتقاد دون أن تبحث عن تسمية نفسها بالكنيسة الحقيقية، وهل هي بالفعل أصل الكنائس أو هي فرع منفصل عن الأصل؟ كلا ثم كلا، بل إن أتباعها يدعون هذه الدعوى لأنهم ولدوا فيها؛ ففضلوها على غيرها، ويدافعون عنها ما استطاعوا إلى الدفاع سبيلا، وهم في ذلك لا يفتكرون بأن كل طائفة تدعي دعواها، وتقول عن نفسها ما تقوله هي حرفا بحرف.
ولذلك فلا يستغربن القارئ حكمي بعدم وجود كنيسة واحدة، بل يوافقني على وجود ما ينيف على ألفي كنيسة، وكلها تنكر الحقيقة وتجاهر بهذه العبادة الواردة في دستور جميع الكنائس: «وأومن بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية مسكونية.» ثم تزيد على ذلك قولها: وأن كتب ديننا مقدسة ويسوع المسيح رأس لكنيستنا التي يدبرها الروح القدس، وأنها وحدها فقط خارجة من عند المسيح الإله.
نحن إذا نظرنا إلى أية شجرة نحكم بأن الأغصان من الفروع، والفروع من الجذور، والجذور من الأصول، فلا نقول إن كل الفروع والأغصان متفرعة من الجذر، كما إننا لا نستطيع أن نقول بإن كل فرع وحده دون غيره متفرع من الجذر، بل إنها جميعها متساوية بالتفرع ومن الحماقة أن نفضل أحد الفروع ونخصه بصفات التفضيل على جميع الكنائس، فالحقيقة التي لا مراء فيها هي: أنه يوجد نحو ألف طائفة كل منها تنكر عقائد الأخرى وتلعنها، ولا تعتقد هي إلا بقداسة ذاتها وصحة مبدئها؛ كالكاثوليك واللوثريين والبروتستانت والكلفينيين والشاكرين والمورمون والروم الكاثوليك والمؤمنين الأقدمين والآباء والناكري الآباء والبويكر والبليموث والخصيان ومصارعي الأرواح والسريان واليعاقبة والمورانة والأقباط و... و... إلخ مما لا يستطيع إحصاءه أحد، وكل منها تدعي أن ديانتها هي الحقيقية المقدسة الحالة فيها نعمة الروح القدس، وأما بقية الطوائف ففي ضلال مبين.
مضى على هذه الحال ما ينيف على 1800 سنة، والضلال راسخ في أذهان أتباع هاته الطوائف، ولن يزول عنها أبدا.
إن الناس على العموم يخادعون بعضهم بعضا في الأعمال الدنيوية والتجارية، وقل من منهم يقع في غش أو خداع، مضت 1800 سنة وهذه الملايين الكثيرة عمي على هذا الضلال الديني، سواء كان ذلك في روسيا أو أوروبا، حتى وفي أمريكا أم العجائب والاختراعات الجديدة، كأن جميع الطوائف اتفقت على تلازم الخرافات.
أجل، إني لا أنكر بأن كثيرين من الفلاسفة وذوي الأفكار الحرة من علماء الأجيال السالفة جاهروا بفساد هاته الخرافات والأضاليل الباطلة، وصرحوا على رءوس الأشهاد بأن الديانة المسيحية، وما تفرع عنها من الطوائف، كلها إفساد في إفساد؛ ومن ثم ينبغي وضع ديانة خالصة من أدران المفاسد، فقام هؤلاء الأفاضل بوضع ديانة جديدة ، ولكن لم يتبعهم أحد ولم تجد أقوالهم آذانا مصغية، وظل جميع المسيحيين متمسكين بكنائسهم وعقائدها، فالكاثوليك في الكثلكة، والروم في الأورثوذكسية، واللوثريون في البروتستانتية؛ وقس على ذلك.
فما أغرب هذا الأمر! وما أصعب حله! ثم لماذا لا يترك الخلق هاته التعاليم المضلة؟ فالجواب على ذلك واحد (متفق عليه من جميع العقلاء الأحرار وذوي المدارك السامية الذين نبذوا جميع معتقدات الكنائس المسيحية)، وهو أنه يصعب على الناس ترك تعاليم المسيح، ولكن لماذا ترى أن جميع المؤمنين بتعليم المسيح قد انقسموا إلى طوائف شتى، ويزداد انقسامهم هذا يوما عن يوم؟ ثم كيف لا يستطيعون الاتحاد والإجماع على معتقد واحد؟ فالجواب على ذلك واضح لا يخفى على كل ذي بصيرة نقادة، وهو أن منشأ انقسام المسيحيين التعاليم الموضوعة بواسطة الكنيسة ليس إلا التي تشير إلى أن المسيح هو الواضع لنظام الكنيسة الواحدة الحقيقية التي تعتبر بحسب وجودها وجوهرها كنيسة مقدسة ومعصومة من الخطأ فيما يتحتم عليها من التعاليم التي تلقيها إلى أتباعها؛ إذ لو لم يكن ذلك لما وجد شيء من الانقسام بين المسيحيين.
إن تعليم كل كنيسة مسيحية، أو بعبارة أخرى معتقد كل طائفة، مأخوذ طبعا من تعليم المسيح، فكل تعاليمها إذن من أصل واحد، ونبتت جميعها من حبة واحدة، وإن هذه الحبة يلزم أن تكون مرجع أصول هذه المعتقدات.
وبناء على ذلك فليس من الضروري لمن يريد فهم تعليم المسيح أن يدرس تاريخ العقائد والأديان، ويطالع كتب الكنيسة الموضوعة، بل عليه أن يلتمسه من مأخذه الحقيقي؛ لأن هذه العقائد قد تفرعت عن ذلك التعليم، والفرع ابن الأصل، واعتقادي أنه ينبغي على المسيحيين أن ينبذوا هاته الفروع التي لا توصلهم إلى ضالتهم المنشودة، ولا يكون ذلك إلا أن يجاذبوا أصول هاته المعتقدات من تلك الحبة التي هي الأصل الأصيل في ذلك.
على أن المسيحيين وجدوا بالنفس من حياة أعمال المسيح، وعاشوا ليحذوا حذوه في أعمال الخير والصلاح اللذين هما مرجع اتحادهم.
وقد قادني إلى الإيمان حب البحث عن معنى الحياة أو إيجاد طريق الحياة، أو بعبارة أخرى: كيف يجب أن أعيش؛ فأجلت الطرف في مجاري حياة المؤمنين بتعليم المسيح، والتصقت بهم التصاقا، فألفيت بين أتباع جميع الطوائف من كاثوليك وبروتستانت وأرثوذكس كثيرين ممن تدل أعمالهم على إيمانهم، ثم درست أخلاق الكثير من أفاضل الطوائف المسيحية، فوجدتهم مجمعين على لزوم الإيمان للحياة، ومتفقين على التمييز بين الخير والشر في الحياة الدنيا.
نعم، إن الطوائف مختلفة بحسب الاعتقاد؛ وإنما الأصل واحد، وعليه فإنه يوجد لدى كل طائفة منهن أثر للأصل الحقيقي الذي أريد أن أدرسه دون زيادة ولا نقصان؛ لأن حقيقة الإيمان ليست في الشروح الموضوعة لتعاليم المسيح التي انشق بسببها المسيحيون إلى ألف طائفة، بل إنها محصورة في نفس تعاليم المسيح الموجودة في الأناجيل؛ ولذا فإني قد عنيت بدرس تلك الأناجيل بإمعان.
أسلفت أن تعاليم الكنيسة لا تنحصر في الإنجيل فقط، بل وفي موضوعات رجالها التي لا تحصى، وما تحتفظ به من التقاليد؛ ومن ثم فقد علم القارئ الكريم من سياق ما مضى من الكلام أني لا أتعرض للبحث في مجموعة تلك التآليف تاركا أمرها للكنيسة.
والأنكى من كل ما تقدم: أن الكنيسة تحرم على أتباعها مطالعة الإنجيل والبحث في قوانينها، وهو تمادي في المغالطة لا يغتفر لجميع الكنائس الآخذة بالتقاليد والتعاليم المتخالفة.
إن الله سبحانه وتعالى قد كشف عن الحقيقة للناس، وأوجد لهم نظامات وقواعد يسيرون بموجبها، ثم إنني أحد هؤلاء المبصرين بالكتاب الذي أعطي للخلق ليفهموه من أنفسهم دون أن يسألوا تفسير معنى من معانيه؛ فإذا كان ما في الكتاب هو كلام الله تعالى، فإنه سبحانه يعرف مقدار قصور عقلي وقلة إدراكي، فكان يلزم أن يكون كلامه سهل المأخذ حتى لا يستعصي على إدراك أوامره وتعاليمه؛ فأذهب في تأويلها كل مذهب، وقد أقع من ذلك في ضلال مبين.
ولذا فإن عدم إباحة الكنيسة لأتباعها مطالعة الإنجيل أولا، وعدم تناول البحث في تآليفها الدينية ثانيا، بدعوى أن ذلك يؤدي بهم إلى تشويش الذهن واضطراب الفكر، قد يوقعهم في الريبة، وهو ادعاء منبوذ ساقط؛ على أنها كانت تظفر بادعائها لو أنها كانت واحدة في تعاليمها وأجمع عليها المسيحيون.
ولا يخفى أن جميع ما تعطيه الكنيسة من التعاليم الخاصة بابن الله، والله وكونه في ثلاثة أقانيم، والعذراء التي ولدت ابنا دون أن تفسد عذارتها، ثم الخاصة بالخبز والخمر اللذين يستحيلان فعلا إلى جسد ودم الله، ويتناولهما المسيحيون على هذا الاعتقاد؛ غير معقول ولا محسوس.
وعدا ما تقدم: فإنه قد دخل على الكنيسة من المعتقدات ما لا حصر له، ولا يمكن أن يقرر منه الإنسان معتقدا واحدا؛ لأنه يتضمن لعقائد متعددة تناقض بعضها بعضا.
وإن الناس الآن لفي شديد الحاجة إلى كتاب واحد يقول بالاعتقاد في إله واحد، ويجمع الناس في معبد واحد في سائر أقطار الأرض، والناس لا يجمعون انتقاد العقلاء وتنقيب الفلاسفة والعلماء، بل إن هؤلاء يسلمون به فيركبهم سفينة السلام ويرسو بهم في مقر الطمأنينة والهدوء.
وعلى ذلك؛ فإذا احتشدت في كلام الإله الخرافات والتعاليم المستحيلة، فإن العلم ينبذ ذلك كما نبذ تعاليم الآلهة الوثنية الكثيرة، وحاشا لله الحقيقي أن يوحي بشيء غامض فوق عقول البشر.
إن الكنيسة تعتقد بأن الإيمان هو قانون وضع لتسير بحسبه النفس، وتكون بين عوامل التهديد والوعيد إذا هي حادت عن مواده وخالفت نصوصه، والعكس بالعكس.
وأما أنا فأعتقد بأن الإيمان هو الحق الذي تحوم حوله قوة الإدراك لاستجلاء مكنوناته، أو بتعبير آخر: إن الإيمان هو إدراك الوحي الإلهي إدراكا ترسخ صحته في النفس، فيتولد من ذلك الإيمان بالإله الحقيقي.
ثم إني لا أطالع التوراة (العهد القديم) ولا أبحث في أسفارها؛ إذ إنني لا أبحث في ديانة اليهود، بل ما نقوله الآن خاص بالديانة المسيحية التي يدين بها قسم عظيم من سكان المعمور، وكلهم يعتقدون بأنه لا معنى للحياة بدون تلك الديانة، وإنما نرجع إلى بعض مواضع التوراة التي ترشدنا إلى ظهور الديانة المسيحية.
ولذلك لا يلزم الاعتقاد بتلك الديانة التي وجدت من عهد آدم جد البشر الأول حتى يومنا هذا؛ لأن ديانة اليهود قبل المسيح كانت ديانة وقتية مكانية، يجب أن ننظر إليها كما ننظر إلى ديانة البراهمة والبوذيين سواء بسواء، وأما الديانة المسيحية فهي الديانة التي نأخذ بها الآن، وينبغي علينا أن نبحث فيما أتت به بحثا مدققا، وإلا فيكون مثلنا في درس الديانة العبرانية لفهم الديانة المسيحية كمثل من يدرس مادة الشمعة قبل إضاءتها ليدرك من ثم ماهية النور الذي يخرج منها.
والكنيسة قد أخطأت خطأ عظيما باعتبارها كتب العهد القديم كتبا موحى بها من الله، كاعتبارها للإنجيل أو العهد الجديد، وهي إنما تعتقد هذا الاعتقاد بالقول فقط دون الفعل؛ ومن ذلك فقد وقعت بين اعتقادات متخالفة، وأضحى مركزها حرجا لا يمكنها التخلص منه إلا إذا عقلت خطأها وأدركت سقطتها.
وبناء على ما تقدم فإني أنبذ كتب العهد القديم والكتب المقدسة التي حصرتها الكنيسة في سبعة وعشرين كتابا، فدع عنك التقاليد المحفوظة لديها التي لم يمكنها حصرها لا في سبعة وعشرين كتابا ولا في خمسة ولا في 138 كتابا، ولا يجوز حصر الوحي في الصحائف والحروف.
فالقائل مثلا بأن الوحي الإلهي محصور في 185 صحيفة، كالقائل بأن نفس هذا الإنسان تعدل خمسة عشر رطلا، أو أن نور ذلك المصباح يعدل سبعة أكيال.
أما وحي الله فقد هبط على أرواح أفراد من الناس ذوي القوى الفياضة الذين نشروه وعلموه للأمة الموحى به إليها فحفظته، وقام البعض من أفرادها يكتب ما علق بذاكرته من ذلك الوحي، فكتب الآخرون تلك الكتب واعتبروها منزلة موحى بها من الله، وقد حصر بعضهم عدد ما كتب منها، فبلغ ما ينيف على المائة بين إنجيل ورسالة، ولم تعتبرها الكنيسة كلها كتبا منزلة، بل اختارت منها سبعة وعشرين كتابا وأطلقت عليها اسم الكتب القانونية. ولا ندري السر في اختيارها لهذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدسا منزلا دون سواه، مع أن الأشخاص الذين كتبوها هم في نظرها رجال قديسون أتقياء، خدموا المسيحية في بدء ظهورها خدمات جليلة بتبشيرهم في الناس، وجوبهم في طول البلاد وعرضها، واحتمالهم الاضطهاد والأهوال من عبدة الأوثان . ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس سبب هذا التفضيل، فبينت إذ ذاك ما وجدته من الخطأ في الكتب التي لم تعتبرها موحى بها، بل اعتبرتها كتبا تاريخية وضعت لسرد تاريخ الكنيسة وتخليد أعمال رجالها أسوة بكتب تاريخ الأمم والممالك السالفة، وإني على يقين من عجزها عن توضيح ذلك السبب وإظهار الحق من الباطل مما حوته تلك الكتب الكثيرة.
إن الكنيسة عملت عملا بإتقان وإحكام، ولكنها أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى، واجتهدت عند ذلك التقسيم بأن تؤيد أن ما اختارته من الكتب هو الصحيح المنزل الموحى به من الروح القدس، وكل حكمة واردة فيها هي من السماء لا تحول ولا تزول، ولكنها لو تبصرت قليلا بما فعلت لأدركت بداهة بأنها بعملها هذا أفسدت وأضرت الكتب التي اختارتها؛ فقد أضافت إليها التقاليد المتباينة المعنى المتضاربة المغزى بين بيضاء وصفراء وزرقاء، أعني: أن بعض تلك التقاليد في اعتقادها مفيد وبعضه «ذو تعليم سام»، وقد وضعت عليها كلها ختم العصمة من الخطأ، وبذلك حرمت الكنيسة نفسها الحق في تدقيق النظر بتلك الكتب والتعاليم، وإيضاح غامضها وشرحها وحذف غير الموافق منها؛ الأمر المنوط بها، بل الفرض الملقى على عاتقها، ولكنها ما فعلت شيئا من ذلك، ولن تفعل ما دامت على حالها، بل كل شيء في نظرها مقدس سماوي؛ كالعجائب وأعمال الرسل آراء بولص الرسول بشأن الخطيئة والعقاب والثواب، وهذيان الرسل في رسائلهم، وخرافات يوحنا اللاهوتي في رؤياه.
ولقد مرت 1800 سنة وتلك الكتب لم تزل مطروحة بين أيدينا كما كانت عليه عند وضعها، بما فيها من الخطأ والخشونة والمخالفة لبعضها، وعدم وجود المعنى في كثير من فصولها.
ولو فرضنا أن كل حكمة من كلمات تلك الكتب حقيقة مقدسة، وقد أوضحتها الكنيسة وفسرتها تفسيرا واضحا، وأزالت عن الأذهان تخالف المعاني التي تتبادر لأول وهلة لذهن القارئ، ووجدت بتآويلها معنى لما ليس له معنى؛ غير أن غلطتها الأولى أحرجت مركزها، وأوقعتها في ارتباك واضطراب عظيمين؛ لأنه كان يجب عليها حين اختيارها لتلك الكتب أن تدرسها درسا مدققا، وتحذف منها ما يقود القارئ إلى الانتقاد والشك والارتياب، ثم بعد ذلك تسلمها للمؤمنين بعد أن تقيم الحجة الدامغة على صحة أقوالها وسمو مبانيها، ولكن رجال الكنيسة لم يوجهوا مزيد التفاتهم لهذا الأمر، ولم يجهدوا أنفسهم بالدرس والتنقيب، بل عولوا في كل إجراءاتهم وأعمالهم على الكلام؛ ولذلك اضطروا أن يرفضوا كثيرا من الأسفار وبعض فصول من أعمال الرسل ورسائلهم التي لو طالعها الإنسان بإمعان لما وجد فيها شيئا من روح التعاليم الإلهية، بل هي أقرب إلى الرياء والغش منه إلى التعليم، وعلى ما أظن أن لوقا الإنجيلي أورد ذكر العجائب ليعزز بها الإيمان ويجذب الناس إليه. وكثيرون من الناس حتى عصرنا الحالي يعتقدون بتلك العجائب اعتقادا صحيحا، وتؤثر مطالعتها على أذهانهم وقلوبهم، وتوطد إيمانهم وتعزز معتقدهم. ومن الحماقة وسخف الرأي الاعتقاد بأن العجائب تعزز الإيمان؛ لأنه من الحقائق الثابتة أن الناس يوقدون المصباح في الظلام لينير لهم، ولكن إذا كان النور موجودا فهل من لزوم للمصباح؟! فعجائب المسيح هي بمثابة المصابيح التي توقد في النور لكي تنيره، فما دام النور موجودا فهو يضيء من نفسه وتراه العيون، ولكن إذا أسدل الظلام جلبابه فحينئذ يأتون ليبدد غياهب الظلام وينير للحاضرين.
وإذا طالعنا السبعة والعشرين كتابا الكنائسية، واعترفنا بأنها كلها منزلة مقدسة، فإننا نقع في نفس الخطأ الذي وقعت فيه الكنيسة؛ أعني أنها أنكرت نفسها إنكارا شنيعا؛ ولذلك لا أنصح الناس بالاعتراف بتلك الكتب. وإذا أردنا أن نقرأ الكتب التي تبحث في الدين المسيحي، يجب علينا أولا أن نعرف أيا من السبعة وعشرين كتابا هو المهم المفيد، وإذ ذاك نشرع بدرسه والنظر فيه نظر الناقد الخبير، وبالطبع كل يقول معي إن أهم تلك الكتب هي الأناجيل الأربعة: متى ومرقص ولوقا ويوحنا، وما تقدمها من الكتب لا ننظر إليه إلا كمادة تاريخية لأجل فهم الإنجيل، وما تأخرها ما هو إلا شرح لتعاليمها ومفسرا له؛ ولذلك ينبغي علينا أن نفتش في هذه الكتب الأربعة عن الحقيقة؛ لأنها حسب قول الكنيسة حاوية أهم التعاليم التي قالها المسيح نفسه، وفيها متمثل الوحي الإلهي، ثم يجب علينا أن نبحث عن أصول التعليم الأساسية بدون تطبيقها على ما جاء في بقية الكتب من التعاليم والأقوال، أقول ذلك ليس لأني لا أريد مطالعة تلك الكتب، كلا بل لكيلا أسقط في هذا الضلال والخطأ.
وإني سأبحث في تلك الكتب عما يأتي؛ أولا: أبحث في كل شيء أفهمه وأدركه من تعاليمها؛ لأنه لا يعتقد أحد في الوجود بشيء لا يدركه ولا يفهمه، ومعرفة غير المفهوم لا تفرق في شيء عن عدم المعرفة. ثانيا: عما أجد به جوابا على سؤالي الآتي: من أنا؟ ومن هو الله؟ ثالثا: عن أساس الوحي وماهيته؛ ولذلك فقد عزمت أيضا على مطالعة الأشياء التي أستطيع فهمها وإدراك كنهها مرارا عديدة علني أتوصل بواسطتها إلى بعض الحقيقة. وأنا أقول: إني قد طالعت جميع كتب الكنيسة ودرستها درسا مدققا، وطالعت كتب تفاسيرها وشروحها، وتيقنت بعد ذلك أن تعاليم الكنيسة محصورة في الحقيقة، ونفس الأمر بالأربعة أناجيل فقط، وأن كتب العهد القديم لا تفيد مطالعتها المسيحيين شيئا، بل تزيد الظلام ظلاما، وتوقع القارئ في الشك والريبة؛ لأنها تخالف العهد الجديد على خط مستقيم مخالفة لا تخفى على كل ذي بصيرة وقادة، وأما رسائل يعقوب ويوحنا، فهي تحتوي على تفسير وإيضاح تعاليم المسيح الموجودة في الأربعة أناجيل، ولا يجد فيها القارئ شيئا جديدا مطلقا، ولكن بمزيد الأسف أقول: إن رسائل بولص مشحونة بأقوال فارغة وأباطيل كثيرة تقود القراء إلى لجة عميقة لا يستطيعون الصعود منها، وأما كتاب أعمال الرسل وبقية رسائل بولص، فليس لها أدنى ارتباط بتعليم الإنجيل، بل في كثير من المواضع تخالف نصوصه، وتخالف أقوال رسائل يعقوب ويوحنا.
ولقد طالعت الأربعة أناجيل مطالعة دقيقة باللغة الروسية وسائر اللغات المستعملة، ثم طالعتها باللغة اليونانية التي ترجمت عنها إلى سائر اللغات ترجمة بعيدة عن الحقيقة بعد السماء عن الماء، ثم أجهدت القريحة وعربتها تعريبا دقيقا يطابق المعنى، واستعنت في ذلك بالقواميس المطولة ذات الشروح الضافية، وقد اعتنيت في خلال التعريب بأن أوحد الأربعة أناجيل؛ لأن تعاليمها جميعا متقاربة متفقة، لا تختلف إلا اختلافا طفيفا، وإذا اعترض معترض وقال بلزوم مطالعة وتعريب إنجيل يوحنا على حدة لأنه يتضمن تعاليم لاهوتية سامية المبنى لم ترد في بقية الأناجيل، فأرد ذلك الاعتراض بأني لا أقصد في الترجمة قصر البحث على الحوادث التاريخية واللاهوتية والفلسفية، كلا؛ فإني أوجه التفاتي إلى معنى التعاليم والبحث فيها بحثا مفصلا، وهذا التعليم وارد في الأربعة أناجيل على السواء دون تمييز الواحد عن الآخر، فإذا جميعها مستقاة من الوحي الإلهي كما تقول الكنيسة، ثم إن فكرة توحيد الأناجيل ليست جديدة وليست من مخترعات بنات أفكاري، بل قد سبقني إليها كثيرون وعزموا على ذلك، ولكنهم لم يظهروا عزمهم من حيز القول إلى حيز الفعل، وبعضهم بدأ في العمل ولم يتمه، ومن بين هؤلاء أرنوليدي فيرس وفاوارديس وغريتشوليف وغيرهم.
ولكن جميع أولئك الشارعين كانوا موجهين التفاتهم، وقصدوا في تآليفهم توحيد وقائع الإنجيل التاريخية وتعليمه معا، ولكني أنا أخالفهم في هذا المبدأ، وأضرب صفحا عن الحوادث التاريخية، ولا أبحث بغير التعاليم.
معنى كلمة الإنجيل
أولا:
اصطلح مترجمو الأناجيل على عدم ترجمة لفظة الإنجيل؛ بل استعملوها كما هي بلفظها اليوناني، ولا يقدرون لها معنى آخر سوى أنه يقصد بها أربعة كتب تحتوي على تعاليم المسيح، مع أن لهذه اللفظة معنى خاصا مرتبطا ارتباطا متينا بفحوى تلك الكتب ومحتوياتها.
وإذا أردنا أن نعرب هذه اللفظة إلى اللغة العربية أو غيرها من اللغات تعريبا حرفيا فيكون معناها البشارة، وهو تعريب فاسد لا يفي بالغرض المقصود ومخالف لمعنى الكلمة. إن لفظة إنجيل باللغة اليونانية مركبة من كلمتين «أيف» ومعناها: جيد، حسن، صلاح، خير، صدق، و«إنجيليون» ومعناها: الإخبار بخبر ما من الأخبار، ويكون تعريب اللفظتين معا الإخبار بالخير أو الخبر الحسن.
ثانيا:
إن الكلمتين «كاتا ماتذيون» تفيدان الأخبار الحسنة التي أخبرها الإنجيليون الأربعة: متى ومرقص ولوقا ويوحنا عن أعمال المسيح، ولكن غير موضحة الطريقة التي كتبوا فيها تلك الأخبار، هل كتبوها بمجرد السماع، أو أملاها عليهم أحد، أو سمعوها من أفواه الناس، أو من نفس المسيح، فإنهم قد أغفلوا هذا الأمر وأهملوه مع أنه في غاية الأهمية المطلوبة عند وضع كتب يعترف بها الملايين من البشر.
ثالثا:
لفظة «خريستوس» أو المسيح معناها الممسوح من الله، وهذه اللفظة مأخوذة من تقاليد اليهود وموافقة لها كل الموافقة، ولكنها غير منطبقة على تأدية المراد من الإخبار بالخير أو التبشير للناس بأقوال حسنة مفيدة لهم.
رابعا:
لفظة ابن الله التي تدعو الكنيسة بها يسوع المسيح وتخصه بهذا النعت دون سواه من الناس، مع أنها في الحقيقة ونفس الأمر مختصة بجميع الناس على السواء، وذلك واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ومصرح به في كثير من مواضع الإنجيل.
ولما كان يسوع المسيح يخاطب الشعب كان يقول: فليضئ نوركم هكذا بين الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات (متى، ص5، عدد 16).
وجاء أيضا في متى، إصحاح 5، عدد 45: «لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات؛ فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين.» وفي لوقا، ص6، عدد 36: «فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم.»
وفي متى، ص6، عدد 1: «احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات.» ومتى، ص6، عدد 4: «لكي تكون صدقتك في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.»
وفي متى، ص5، عدد 48: «فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل.»
وفي متى، ص6، عدد 6: «وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.»
وفي متى، إصحاح 6، عدد 8: «فلا تتشبهوا بهم؛ لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه.» ومتى، إصحاح 6، عدد 14: «فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي.»
والمسيح نفسه سمي نفسه «ابن الله» من جهة التعميم، كما كان يسمي تلامذته وسائر الناس أبناء الله كما ورد في الآيات السالفة الذكر التي لا تدع شكا في نفس مرتاب. والمسيح نفسه يعتقد بأن الله خلقه كسائر الناس؛ ولذا دعا نفسه ابن الله كما دعاهم أبناء الله سواء بسواء، ولقد اتخذت الكنيسة ذلك حجة لتأييد دعواها على أن المسيح هو ابن حقيقي لله، كما أنني لاون بن نقولا تولستوي! معاذ الله إن هذا إلا ضلال مبين وافتراء على مقام الله الواحد الصمد المنزه عن الشريك.
ورد مثل ذلك في كثير من مواضع الإنجيل؛ مما يدل على أن جميع الناس هم أبناء الله، وقد جاء في إنجيل لوقا بأعظم صراحة أن كل إنسان هو ابن الله، وأن يسوع ليس مختصا بتلك التسمية، بل هو أيضا ابن الله كجميع الناس الذين خلقهم الله دون تمييز ولا حصر.
وعندما أورد لوقا الإنجيلي نسب المسيح ذكره من جهة الأم فقط، فقال: كان يسوع ابن مهللئيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم بن الله ... إلخ (لوقا، ص3، عدد 38).
وهكذا؛ فإن يسوع المسيح ابن الله هو ذلك الرجل الذي بشر الناس بتلك الأخبار الصالحة، وقد دعاه الناس يسوع، ودعي أيضا المسيح؛ أي المختار من الله، وقد دعي أيضا ابن الله.
إن هذا الفصل من الإنجيل يدل على مضمون الكتاب جميعه، فقد قلنا: إن تلك الكتب تتضمن أخبارا مفيدة للبشر؛ ولذلك يجب أن نوجه مزيد التفاتنا إلى مضمون هذا الفصل لكي نستطيع فيما بعد اختيار الأهم وتفضيله على المهم، وبما أن الكتاب كما قدمنا يتضمن أخبار الناس بالخير أو الصلاح؛ ولذلك فتكون تلك الأخبار موضوع بحثنا بقطع النظر عما ورد في الكتاب أيضا من الأخبار التاريخية والعجائب التي لا نهتم بها؛ ولذلك فإنه يمكننا حصر الفصل كله بالجملة الآتية: إن يسوع المسيح المسمى أيضا ابن الله قد أخبر الناس أخبارا مسرة مفيدة.
مختصر الأناجيل أو تلخيصها
إن هذا السفر يتضمن أربعة أمور: (1)
إيضاح شئون حياتي الشخصية وإظهار أفكاري التي قادتني إلى الاعتقاد بأن تعاليم المسيح تتضمن حقائق صحيحة. (2)
إن الشروح التي علقتها الكنيسة على تعاليم المسيح وشروح الرسل، مع الإضافات التي أدخلها عليها آباء الكنيسة في المجامع كلها هذيان وبهتان وكذب محض واختلاق ظاهر. (3)
وجوب البحث في تعاليم المسيح بما وصل إلينا منها في الأناجيل الأربعة مما هو منسوب إليه فقط، ثم وجوب رفض رسائل الرسل وتفاسير الكنيسة وإضافاتها المختلقة على تعليم المسيح. (4)
إيراد الأدلة القاطعة على أن الكنيسة أفسدت جوهر تعليم المسيح، ثم البحث في نفس تلك التعاليم، مع إيجاد النتيجة التي نجمت عن كرازة المسيح وتبشيره الناس.
ثم إني بعد إمعان الفكر الطويل وإجهاد القريحة وسهر الليالي الطوال في البحث والتنقيب، قد استطعت أن ألخص الأناجيل الأربعة في اثني عشر فصلا مرتبطة ببعضها ارتباط حلقات السلسلة، ضمنتها جميع تعاليم المسيح وروح كلامه.
ويمكننا أن نورد بالإيجاز مضمون التعاليم المسيحية ونذكرها بعدة بنود، وإليك البيان: (1)
إن الإنسان هو ابن الأزلي الذي لا بداية له ولا نهاية، أو بعبارة أخرى: هو ابن الله بالروح وليس بالجسد. (2)
ولذلك يتحتم على الإنسان أن يخدم ذلك الأزلي بالروح فقط. (3)
أصل حياة جميع البشر صادر من عند الله؛ ولذلك فإن هذه الحياة مقدسة طاهرة. (4)
إرادة أب البشر تنحصر في أنه ينبغي على الإنسان أن يخدم جميع الناس؛ لأن حياته وحياتهم مأخوذة من أصل واحد. (5)
إذا أتم الإنسان إرادة ذلك الآب وخدم الناس خدمة حقيقية فإن حياته إذ ذاك تكون حياة مقدسة. (6)
ولذلك فلا ينبغي على الإنسان أن يهتم كثيرا بإرادته الخاصة والسير على هواها؛ لأن ذلك يناقض مطالب الحياة الحقيقية المقدسة. (7)
إن الحياة الوقتية أو بتعبير آخر الحياة الجسدية، ما هي إلا طعام للحياة الروحية أو مواد مادية لها. (8)
الحياة الحقيقية غير مقيدة بزمان، بل هي حياة في الزمن الحاضر فقط. (9)
إن مشاغب وملاهي الحياة الماضية والآمال الكاذبة في الحياة المستقبلة تقودان الناس إلى الضلال، وتسدلان على عيونهم حجابا كثيفا يحول بينهم وبين القيام بمطالب الحياة الحاضرة المقدسة. (10)
يتحتم على الإنسان أن يحارب غش الحياة الماضية والمستقبلة، ويهدم كل صروح تلك الآمال والأفكار الكاذبة. (11)
إن حياة الإنسان الحقيقية الحاضرة ليست خاصة بشخصه وحده، بل هي في الحقيقة ونفس الأمر مرتبطة بحياة الهيئة الاجتماعية ارتباطا متينا. (12)
ولذلك عندما يكرس الإنسان حياته الحقيقية الحاضرة لخدمة البيئة الاجتماعية المرتبط معها والعائش في وسطها، حينئذ فقط يتحد مع الآب الذي هو أصل هذه الحياة.
إن هذه البنود الاثني عشر ملخص الاثني عشر فصلا التي لخصت بها الأناجيل، ثم أضفت إلى ذلك الصلاة التي علمها المسيح لتلاميذه.
ولما انتهيت من عملي وجدت أن هذه الصلاة مركبة من اثنتي عشرة مادة، يطابق معنى كل واحدة منها مضمون فصل من الفصول التي لخصت بها الأناجيل، فأدهشني ذلك ووقع من نفسي الاستحسان والسرور، وإليك البيان: (1) أبانا.
الإنسان هو ابن الله. (2) الذي في السموات.
الله هو أصل الحياة الروحية ولا بداية له ولا نهاية. (3) ليتقدس اسمك.
ليتقدس أصل هذه الحياة. (4) ليأتي ملكوتك.
فلينتشر سلطانه بين جميع الناس. (5) لتكن مشيئتك كما في السماء.
فلتتم إرادة ذلك الأزلي أصل الحياة، كما يتمها هو ويريد. (6) كذلك على الأرض.
وبالجسد أيضا. (7) أعطنا خبزنا الجوهري.
الحياة الوقتية هي طعام للحياة الحقيقية. (8) اليوم.
الحياة الحقيقية في الزمن الحاضر فقط. (9) واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه.
فلا تسدل غلطات وضلال الحياة الماضية حجابا على عيوننا، حتى لا نرى الحياة الحاضرة الحقيقية. (10) ولا تدخلنا في التجربة.
ولا تقودنا إلى الضلال والانخداع. (11) لكن نجنا من الشرير.
وإذ ذاك فلا يكون أثر للشر. (12) لأن لك الملك والقوة والمجد.
بل يكون سلطانك وقوتك وكلمتك.
ثم إني أزيد القارئ إيضاحا، وهو أني وضعت كتابا طويلا في عدة مجلدات، بحثت فيه عن تعليم الإنجيل بحثا مفصلا، وهو لم يزل بين يدي لعدم إمكان طبعه في روسيا، وأما في هذا الكتاب المختصر فلم أستطع التفصيل الوافي لضيق المقام؛ ولذلك لم أبحث كثيرا في المواضيع الآتية: الحبل بيوحنا المعمدان وولادته وسجنه وموته، وولادة المسيح ونسبه وهربه مع والدته إلى مصر، وعجائبه في مدينة قانا الجليل التي حول فيها الماء إلى خمر، ثم عجائبه في كفر ناحوم وطرد الشياطين، ومسيره على الماء، وتيبيس التينة، وشفائه المرضى، وإقامته الأموات، ثم قيامة المسيح. كما أني ضربت صفحا عن نبوات الأنبياء التي طبقتها الكنيسة على حياة المسيح وأعماله، وقد أضربت عن ذكرها؛ لأنها لا تحتوي على شيء من التعليم ولا فائدة من ذكرها لعدم أهميتها؛ لأنه بقطع النظر عن صدقها أو كذبها، فإنها لا تخالف التعليم ولا تؤيده، وإنما الكنيسة توردها كبراهين ساطعة للدلالة على ألوهية المسيح مع أنها ليست في شيء من ذلك، وأن أعظم برهان يدل على حقيقة التعليم هو توحيد التعليم ووضوحه وبساطته وكماله وموافقته لحواس الإنسان الذي يطلب الحقيقة، ثم أوجه التفات القارئ بأن لا يأخذ علي من تكراري ذكر تعليم المسيح أني أعتبر الأناجيل الأربعة كتبا مقدسة؛ فإن ذلك وهم وضلال مبين، وليعلم القارئ أيضا: أن يسوع المسيح لم يكتب مدة حياته كتابا كبلاتون وفيلون أو مارك إفريلي حتى، ولا كان كسقراط الذي كان يلقي تعاليمه على تلاميذه المتنورين ذوي المدارك السامية، كلا كلا، فإن المسيح كان يعلم البسطاء الجهلاء الذين كان يصادفهم في حياته وأهل الوسط الذي كان عائشا فيه، وإنما بعد وفاته بزمن طويل أخذ بعض الناس يذكرون أقواله ووجهوا إليها التفاتهم، وجعلوا يتناقلونها، وبعد مائة عام كتبوا ما سمعوه عنه، وليعلم القارئ أيضا أن ما كتب بهذا الصدد كان لا يحصى له عدد، فقد منها جزء كبير، وما بقي عنها كان في غاية الركاكة، ومما لا يصح الركون إليه والوثوق بصحته، ثم إن المسيحيين جمعوا تلك الكتابات واختاروا منها الأنسب لأذواقهم ومآربهم.
ثم فليعلم القارئ أيضا: أن تعليم المسيح الحقيقي هو مقدس فقط، وأما كثرة الآيات والأسطر والحروف فليست مقدسة، ولا ينبغي أن نعتقد بها لمجرد قول الناس بقداستها.
وليعلم القارئ أيضا: أن الأناجيل التي بين أيدينا الآن ما هي إلا ثمرة أنضجها الزمان بواسطة النقل والإملاء، واشتغال عقول ألوف من البشر بها، وتلاعب أيدي الكثيرين، وليست هي وحي من الروح القدس أوحاه للإنجيليين كما تعتقد الكنيسة.
ثم فليعلم القارئ أيضا: أن الأناجيل لعبت بها أيدي التحريف والنقل والزيادة والنقصان، والأناجيل التي وصلت إلينا في الجيل الرابع كانت مكتوبة بخط سقيم لا ضابط لها يضبط صحتها، وكانت تقرأ في الجيل الخامس على طرق مختلفة، كل طريقة منها تخالف الأخرى، حتى أحصى بعضهم أن عدد الأناجيل المختلفة في طرق القراءة بلغ الخمسين ألفا.
ثم إني أرجو مطالع كتابي هذا أن يعلم بأني لا أنظر إلى الأناجيل ككتب مقدسة منزلة علينا من السماء بواسطة وحي الروح القدس، كما أني لا أنظر إليها كتاريخ يتضمن آداب الدين، وكذلك أوجه التفات القارئ ألا ينظر إليها كما تنظرها الكنيسة ورجال العصر المتنورون الذين يعتبرونها بمثابة تاريخ ديني ليس إلا، وإني لا أعتقد بالديانة المسيحية أنها وحي إلهي، ولا بأنها تاريخ، كلا كلا، بل أعتقد بأنها تعليم يكشف للبشر عن ماهية الحياة ومعناها، والأمر الذي قادني إلى اتباع تعليم المسيح هو أني لما بلغت الخمسين سنة سألت فلاسفة الوسط المقيم به أن يرشدوني إلى ماهية حياتي، ومن أنا؛ فأجابوني: إنك شخص مركب من أعضاء عديدة ولا يوجد معنى لوجودك وحياتك، وإن الحياة كلها مملوءة شرا، فوقع جوابهم على رأسي كالصاعقة سقطت على أثره في حضيض اليأس وعزمت على الانتحار، ولكني ثبت إلى الرشد عندما تذكرت أني لما كنت غلاما مؤمنا كنت أشعر بمعنى الحياة، ثم تذكرت أن السواد الأعظم من الناس البسطاء الذين لم تفسد أخلاقهم الثروة مؤمنين، وأنهم عائشون عيشة حقيقية؛ فشككت في صحة جواب الفلاسفة، وأخذت أبحث عن الجواب الذي تجيب به الديانة المسيحية المؤمنين العائشين في ظلها، وللوقوف على ذلك شرعت بدرس الديانة المسيحية درسا مدققا، فأخذت أطالع بإمعان وروية الأناجيل الأربعة، وما تضمنته من التعاليم، فوقفت فيها على إيضاح المعنى الذي يرشد المؤمنين إلى الحياة الحقيقية، غير أني في أثناء استقائي من ذلك الينبوع العذب وجدت فيه أقذارا كثيرة عكرت صفاء مائه، ووجدت إلى جانب تلك التعاليم تعاليم أخرى غير مطابقة له، بل هي تخالفه على خط مستقيم، وأريد بها التعاليم الكنائسية والعبرانية، فكنت في بحثي كذلك الرجل الذي وجد كيسا مملوءا بالأقذار المنتنة، ولكنه بعد التعب والمشقة وجد في ذلك الكيس عددا وافرا من الحجارة الكريمة، فبعد أن وجه جميع عبارات السفه لأولئك الذين ملئوا الكيس بالأقذار، عاد يثني عليهم ويشكرهم؛ لأنهم أخفوا تلك الجواهر وسط الأقذار، وكذلك فإني لبثت رازحا تحت عبء الاضطراب والتفكير حتى أدركت أنه في الإمكان تطهير تلك الجواهر من الأقذار التي علقت بها وشوهت محاسنها.
إني لم أكن أعرف النور، وكنت أزعم ألا حقيقة في هذه الحياة، ولكنني تحققت أن الناس عائشون في النور، فطفقت أبحث عن ينبوعه؛ فوجدته في الأناجيل الأربعة بقطع النظر عن تفاسير الكنيسة الكاذبة، ولما بلغت الينبوع غشت بصري ظلمة حالكة، وإنما عثرت على ضالتي المنشودة، فوجدت الجواب الذي كنت أسأله؛ فعرفت معنى حياتي وحياة الناس.
إن أبحاثي كانت مقتصرة على ماهية الحياة، ولم تتعداها إلى المسائل الإلهية والتاريخية؛ ولذلك كان لا فرق عندي؛ سواء كان المسيح إلها أم إنسانا، وكذلك لم أهتم بمسألة انبثاق الروح القدس ولا بمن كتب الأناجيل، وهل الأمثال الواردة فيها منسوبة للمسيح حقيقة أم لا، وإنما كان يهمني ذلك النور الذي أنار البشر مدة 1800 سنة كما ينيرها وينيرني الآن.
ثم أخذت أتفرس في ذلك النور وأقاوم كل شيء يحاول إخفاءه، وكلما توغلت في المسير على ذلك الطريق كانت تزول الريبة من نفسي وتظهر لي الحقيقة بحذافيرها، حتى استطعت أخيرا أن أفرق بين الصحيح والفاسد.
ثم إنه ينبغي علينا لفهم تعليم يسوع المسيح الحقيقي كما كان يفهمه، هو أن نبحث في تلك التفاسير والشروح الطويلة الكاذبة التي شوهت وجه التعليم المسيحي حتى أخفته عن الأبصار تحت طبقة كثيفة من الظلام، ويرجع بحثنا إلى أيام بولص الرسول الذي لم يفهم تعليم المسيح، بل حمله على محمل آخر ثم مزجه بكثير من تقاليد الفريسيين وتعاليم العهد القديم.
وبولص كما لا يخفى كان رسولا للأمم أو رسول الجدال والمنازعات الدينية، وكان يميل إلى المظاهرات الخارجية الدينية كالختان وغيره، فأدخل أمياله هذه على الدين المسيحي؛ فأفسد جوهره .
ومن عهد بولص ظهر التلمود المسيحي المعروف بتعاليم الكنائس ، وأما تعليم المسيح الأصلي الحقيقي فخسر صفته الإلهية الكمالية، بل أصبح إحدى حلقات سلسلة الوحي التي أولها منذ ابتداء العالم وآخرها في عصرنا الحالي المتمسكة بها جميع الكنائس.
إن أولئك الشراح والمفسرين يدعون يسوع إلها دون أن يقيموا على ذلك الحجة، ويستندون في دعواهم على أقوال وردت في خمسة أسفار؛ موسى، والزبور، وأعمال الرسل، ورسائلهم، وتآليف آباء الكنيسة، مع أن تلك الأقوال لا تدل أقل دلالة على أن المسيح هو الله.
كل الرجال الذين ظهروا بعد المسيح وشرحوا تعاليمه وألفوا فيها التآليف الكثيرة كانوا يؤيدون للناس بأنهم يكتبون بإلهام الروح القدس، كبولص الرسول ورجال المجامع الذين عند عقدهم المجامع كانوا يفتتحونها دائما بالصلاة إلى الله ليسكب عليهم نعمة الروح القدس، ومثل ذلك تراتيب البابوات والمجامع المقدسة والأريوسييين وجميع المفسرين الكذبة الذين يجاهرون على رءوس الملأ بأن الروح القدس يتكلم بأفواههم؛ ليعززوا أقوالهم ويثبتوا للناس حقيقتها، ويدعون أن مطابقتهم التعاليم لبعضها ليست من مبتكرات بنات أفكارهم، بل هي صادرة عن الروح القدس.
إن تعاليم الإله الذي نزل إلى الأرض لا يمكن أن تكون متناقضة، فإذا كان الإله نزل إلى الأرض ليظهر الحقيقة للناس، فأقل شيء يطلب منه عند كشفه تلك الحقيقة أن تكون مفهومة لدى الجميع، فإذا لم يستطع ذلك فإنه ليس إله، فإذا كانت التعاليم الإلهية على شكل لا يستطيع الله نفسه أن يجعلها مفهومة، فالناس مهما أوتوا من الحكمة والذكاء فإنهم يعجزون عن إيضاحها وتفسير غامضها.
وأما إذا لم يكن المسيح إلها؛ بل إنسانا عظيما، فإن تعاليمه لا تتولد منها أيضا الأباطيل؛ لأن أقوال الرجل العظيم تعرف ببساطتها وقرب مأخذها.
ولم تظهر الطوائف والشيع في الديانة المسيحية ابتداء من أريوس فصاعدا إلا من كثرة البحث في تعاليم المسيح، وتفسيرها تفسيرا يطابق هوى المفسر أو الشارح التي لم تطابق عقائد الآخرين.
والقول بإن هذه العقيدة إلهية صادرة من الروح القدس قول بلغ أقصى درجات الكبر والحماقة؛ لأنه أي كبرياء يتصف بها الإنسان أعظم من ادعائه بأن الله يتكلم بفمه ولسانه ؟! وهل توجد في العالم حماقة أعظم من هذه؟! فما هذا الغش والضلال؟! ألا يجوز لكل إنسان أن يضع كتابا دينيا ثم يدعي أنه منزل من السماء؛ لأن الله أوحى به له حيث تكلم بفمه ولسانه؟! ومن هذا القبيل جميع تآليف المجامع الكنائسية وعقائدها ودستور إيمانها؛ ولذلك دخلت على الكنائس ما يسمونه بالهرطقات التي زعزعت أركان الدين المسيحي وهدمت معالم حقيقته.
والغريب أن مبتدعي تلك التعاليم يدعون أنهم يكتبون بإلهام الروح القدس الذي حل على الرسل، ولا يزال يحل على مفسري الكتاب الكذبة، ومع تماديهم في الادعاء فإنهم لا يستطيعون إقامة برهان واحد على صحة دعواهم يوضحون لنا ماهية الوحي، ويكشفون لنا النقاب عمن هو الروح القدس، بل ما زالوا يغررون بالناس ويدعون أنفسهم كواكب الكنيسة المسيحية، والأنكى من ذلك أن حيلتهم انطلت على البشر مدة عشرين جيلا.
إن المسيحيين واليهود والمسلمين يعتقدون جميعهم بالوحي الإلهي، فالمسلمون يعتقدون بنبوة موسى وعيسى، ولكنهم يعتقدون كما أعتقد بأنه دخل التحريف والتشويه على كتب الديانة النصرانية، وهم يعتقدون بأن محمدا خاتمة الأنبياء، وأنه قد أوضح في قرآنه تعاليم موسى وعيسى الحقيقية كما قالاها دون زيادة ولا نقص، وأن كل مسلم أمامه كتاب القرآن يقرأه ويتمسك به ويسير بموجب أحكامه ولا يعترف بغيره من الكتب مهما اشتهر واضعوها بالتقوى والصلاح، ويسمي المسلمون ديانتهم بالمحمدية لأن محمدا وضعها بخلاف الكنيسة المسيحية التي تسير الآن بموجب تآليف الآباء الذين يدعون بأن ما كتبوه هو من الروح القدس، فكان الأحرى بالمسيحيين أن يسموا كنيستهم الروحية القدسية أولى من تسميتها بالمسيحية.
إن أصحاب البدع الروح القدسية يعتبرون كلام بولص وسائر الرسل والبابوات والبطاركة ولوثيروس وفيلاريت آخر كلام أنزل على الكنيسة من الروح القدس، فكان يجب على كل طائفة أن تسمي نفسها باسم ذاك الذي تتبع أقواله ولا تسمي نفسها مسيحية؛ لأنها تخالف تعاليم المسيح التي لا تهتم بها، بل فضلت عليها أقوال الآباء والمجامع والأساقفة؛ لأنهم يعلمون الناس بأن المسيح قال في كرازته: إنه نزل إلى الأرض ليفتدي الجنس البشري من الخطيئة التي تسلسلت إليه من آدم جد البشر الأول، وإن الروح القدس حل على الرسل، ثم يحل على الكهنوت بواسطة وضع الأيدي، وإنه لأجل الخلاص يتحتم على الناس تتميم سبعة أسرار الكنيسة، ويدعون أن هذه الأمور علمها المسيح للناس وألقاها على تلاميذه، مع أن المسيح براء منها، ولم يشر إلى شيء منها أقل إشارة.
هذه إيضاحات وافية أوضحتها لقراء كتابي الذين ربما تضطرب أفكارهم لدى مطالعتها، ويحزنون على الزمن الذي أضاعوه باتباع الأضاليل والترهات، وما على المقتنع بصحة أقوالي إلا أن يتوب توبة خالصة، ويرفض تلك التعاليم الكاذبة التي رسخت في ذهنه، ولا يلتفت للاضطهاد الذي تضطهده به الكنيسة ورجالها.
وإذا لم يقتنع قراء كتابي بأقوالي فما عليهم إلا أن يضطهدوني؛ لأني شوشت أفكارهم، وإني أحتمل بفرح وسرور جميع ما يتوقع لي منهم.
الإنجيل
تمهيد
الإنجيل هو كتاب أظهر للناس أن الله الأزلي هو أصل كل شيء في العالم، وأوضح لهم أن الله لا يمكن أن يكون شخصا محسوسا تتحسسه الأيدي وتراه الأبصار، ولم تظهر في العالم سوى كلمة الله أو بمعنى آخر كلمة الحياة، وكل إنسان يعيش في هذه الحياة الدنيا بواسطة كلمة الحياة التي بدونها لا يمكن أن يكون عائشا عيشة حقيقية، وأولئك الناس الذين لا يفقهون معنى كلمة الحياة، بل يعتقدون أن الجسد أصل كل شيء هم في ضلال مبين، ولا يتوصلون إلى الحصول على الحياة الحقيقية التي أرشدنا إليها المسيح بتعاليمه، فإنه وضع لنا ناموسا لنسير عليه ولا نتعدى حدوده.
مرقص، 1: 1: بشارة يسوع المسيح ابن الله.
يوحنا، 20: 31: إن تلك البشارة الحسنة تتضمن أن الناس المعتقدين بأنهم أبناء الله ينالون الحياة الصالحة، يوحنا، 1: 1: في البدء كانت كلمة الحياة، وكلمة الحياة قامت بمقام الله فإذن هي الله.
2: وبما أن المسيح بشر بتلك الكلمة، فقد أصبحت أصلا لكل شيء.
3: كل شيء في العالم ولد بواسطة كلمة الحياة، وبدونها لا يمكن أن يكون شيئا حيا.
4: كلمة الحياة: توصل الناس للحياة الحقيقية.
5: كلمة الحياة هي نور الحقيقة، والنور يضيء في الظلام، والظلام لا يقوى عليه.
6: النور الحقيقي كان موجودا في العالم، وينير كل إنسان يوجد في العالم.
10: وكان في العالم، والعالم كان عائشا بوجود كلمة الحياة في وسطه، ولكن العالم لم يستطع ضبطه.
11: هو ظهر في خاصته، وخاصته لم تقبله.
12: إنما أولئك الذين أدركوا كلمة الحياة استطاعوا أن يستحقوه لأنهم آمنوا به.
13: أولئك الذين آمنوا أن الحياة في الكلمة أصبحوا أبناء الكلمة وليس أبناء الجسد.
14: وكلمة الحياة أظهرت ذاتها بالجسد بواسطة يسوع المسيح، وعلمنا أنه كإنسان بالجسد ابن للكلمة.
15: تعليم المسيح هو إيمان حقيقي كمالي.
16: لأننا بإتمامنا تعليم المسيح نقبل ديانة جديدة عوض العتيقة.
17: موسى وضع شرائع ونواميس، ولكن يسوع المسيح علمنا الديانة الحقيقية.
18: الله لم يره أحد قط، ولن يراه أحد مطلقا، إنما يسوع المسيح أرانا طريق الحياة.
الفصل الأول
ابن الله (أبانا) (الإنسان - ابن الله - ضعيف بالجسد قوي بالروح)
فحوى الفصل الأول
يسوع المسيح كان ابنا لأب مجهول، وإذ لم يعرف من هو والده دعا نفسه ابن الله منذ صباه، وفي ذلك الزمان كان في بلاد اليهودية نبي اسمه يوحنا، كان يكرز للناس بقرب ظهور الله على الأرض، فكان يقول: إن الناس إذا غيروا طريقة حياتهم وأصبحوا يحسبون جميع الناس متساوين، وينقطعون عن التعديات على بعضهم، ويأخذون بمساعدة بعض؛ فإن الله ينزل إلى الأرض ويوطد دعائم مملكته عليها؛ فلما سمع يسوع هذه الكرازة ابتعد عن الناس وسار إلى البرية حيث اختلى بنفسه ليتأمل بمعنى حياة الإنسان ونسبته إلى ذلك الأزلي الذي لا بداية له ولا نهاية، أعني به الله جل جلاله، وكما قدمنا: إنه لما كان لا يعرف له أبا التجأ إلى ذلك الواحد القدير مبدع الموجودات الذي سماه يوحنا: الله.
ولما أقام يسوع المسيح في البرية عدة أيام بدون طعام ولا شراب، أخذ يشعر بالجوع، فافتكر بنفسه قائلا: أنا ابن الله القادر على كل شيء، فإذن يحق لي أن أكون قادرا مثله، ولكني الآن جائع وليس لدي خبز وليس في استطاعتي إيجاده؛ ولذلك فإني ضعيف جدا ، فأجاب نفسه على ذلك بقوله: إني لا أستطيع أن أحول الحجارة إلى خبز، ولكني أستطيع الإمساك والعيشة بدون الخبز، وإذا كنت ضعيفا بالجسد فإني قوي بالروح، وأستطيع أن أغلب الجسد؛ ولذلك فإني ابن الله بالروح وليس بالجسد.
ثم قال لنفسه: إذا كنت ابن الروح فإني أستطيع أن أتخلص من الجسد وأفنيه، إنني ولدت بالروح في الجسم، هكذا شاءت إرادة أبي فأنا لا أخالفها.
ثم قال لنفسه: إذا كانت إرادتي لا تستطيع إرضاء جسدي ومجاراته في مطالبه، فإنه يتحتم علي أن أخضع للجسد ولا أنكره، وأن أعمل وأشتغل لأجله، وأتمتع بجميع الملذات التي يهبني إياها الجسد، فأجاب نفسه على ذلك بقوله: إني لا أقدر أن أجاري مطالب الجسد، كما أني لا أستطيع إنكاره، وإنما روحي قوية بالله أبي؛ ولذلك يتحتم علي أن أخدم الروح بالجسد، ولما تثبت وأيقن أن حياة الإنسان مكرسة للروح أو لله عاد من البرية، وأخذ ينشر تعاليمه بين الناس، فقال: إن به روحا، وأنه من الآن تفتح أبواب السماء، وتتحد القوات السموية مع الإنسان، وقد أقبلت على الناس حياة أبدية حرة، وأن الناس مهما كانوا تعساء فإنهم يصبحون سعداء، يرفلون بسربال الغبطة والهناء. •••
متى، 1: 18: أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا، كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف، ولكن قبل أن يعزما على العيشة كما يعيش الرجل مع زوجته ظهرت مريم حبلى.
19: ويوسف كان رجلا بارا، فلم يشأ أن يجلب عليها العار ويشهر أمرها، بل إنه قبلها كزوجته ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعته يسوع.
لوقا، 2: 40: وكان الغلام ينمو ويتقوى، وكان حاد الجنان، أوتي ذكاء مفرطا لم يؤته أحد في سنه.
41: ولما بلغ الثانية عشرة سنة.
42: قصد ذات عام يوسف ومريم أورشليم لحضور العيد، واصطحبا الغلام معهما.
43 و44: ولما انقضت أيام العيد سافرا إلى مدينتهما ونسيا الغلام.
45: وفيما هما في الطريق ذكراه ظنا أنه مضى مع أترابه، فبحثا عنه ولما لم يجداه، عادا إلى أورشليم يطلبانه فيها.
46: وفي اليوم الثالث وجدا الغلام في الهيكل جالسا بين العلماء يسائلهم ويسمع حديثهم .
لوقا، 2: 47: وجميعهم كانوا متعجبين لسمو مداركه.
48: فلما رأته أمه قالت له: ماذا فعلت بنا؟ لأني كنت مع أبيك نبحث عنك وحزنا جدا على فقدك.
49: فقال لهما: أين بحثتما عني؟ ألا تعلمون أنه ينبغي البحث عن الابن في بيت أبيه؟
50: ولكنهما لم يفهما كلامه، ولم يدركا من يعني بأبيه.
51: ومن ذلك الحين عاش يسوع عند والدته وكان طائعا لها.
52: وكان ينمو في القامة والعقل.
لوقا، 3: 23: وكان الجميع يظنون أن يسوع ابن يوسف، وبقي عائشا على حاله حتى بلغ الثلاثين عاما.
متى، 3: 1: وفي ذلك الزمان ظهر في اليهودية النبي يوحنا.
مرقص، 1: 4: وكان يوحنا يعيش على ضفاف نهر الأردن الواقع في اليهودية.
متى، 3: 4 وكان لباسه من وبر الإبل، وكان طعامه من جذور الأشجار والعسل البري.
مرقص، 1: وقد نادى في الناس أن يغيروا طريق معيشتهم ليخلصوا من الكذب والنفاق، وإشارة إلى تغيير معيشة الناس كان يعمدهم بالماء.
لوقا، 3: 4: وكان يقول: صوت صارخ إليكم في البرية، أعدوا طريق الرب، واصنعوا سبله مستقيمة.
5: مهدوا كل شيء حتى لا يكون اعوجاج ولا وهاد ولا وديان ولا ارتفاع ولا انخفاض.
6: وحينئذ يظهر الله بيننا ويجد الجميع الخلاص.
10: ثم سأله الشعب ماذا نعمل؟
11: فأجابهم: من له ثوبان فليعط لمن ليس له، ومن عنده طعام فليعط من ليس عنده.
لوقا، 3: 12: فجاء إليه العشارون وسألوه: ماذا نفعل؟
13: فأجابهم: لا تتقاضوا من الناس أكثر مما هو مفروض عليهم.
14: وسأله جند: ونحن ماذا نعمل؟ فأجابهم لا تهينوا أحدا، ولا تخادعوا الناس، واكتفوا بما عين لكم.
متى، 3: 5: وأتى إليه الأورشليميون وجميع اليهود من كورة الأردن.
6: وتابوا أمامه عن خطاياهم، وكان يعمدهم في الأردن إشارة إلى تغيير معيشتهم.
7: وجاء إليه الفريسيون والصدوقيون سرا ولكنه عرفهم، وقال لهم: يا أولاد الأفاعي من أرشدكم إلى مخالفة نواميس الله حتى جلبتم عليكم غضبه؟ فارجعوا عن آثامكم وغيروا معتقداتكم.
8: وإذا غيرتم معتقداتكم فأتوا بأثمار تدل على إقلاعكم عنها.
10: قد وضعت الفأس على أصل الشجر فكل شجرة لا تثمر ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار.
11: وإني إشارة إلى رجوعكم عن معتقداتكم أعمدكم بالماء، ولكن ينبغي عليكم بعد ذلك أن تتطهروا بالروح.
12: الروح يطهركم كما ينقي الفلاح بيدره، فيجمع القمح ويحرق التبن.
13: فأتى يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا، واعتمد منه وسمع وعظه وكرازته.
متى، 4: 1: ومضى من الأردن إلى البرية حيث دعا الروح.
2: فأقام يسوع في البرية 40 يوما و40 ليلة دون أن يأكل أو يشرب.
3: فقال له صوت جسده.
لوقا، 4: 3: إذا كنت ابن الله القادر على كل شيء، فأنت تستطيع أن تصنع من هذه الحجارة خبزا، وبما أنك تعجز عن صنع ذلك فلست إذن ابن الله.
4: ولكن يسوع قال لنفسه: إذا كنت لا أستطيع أن أصنع من الحجارة خبزا فأكون لست ابن إله الجسد، ولكن ابن الله الروح، وأني حي ليس بالخبز بل بالروح، وروحي تقدر أن تستغني عن الجسد، ولكن الجوع أضناه، فقال له أيضا صوت الجسد: إذا كانت روحك تستغني عن الجسد فيمكنك إذن أن تنفصل عن الجسد وتبقى روحك حية.
9: ثم تصور نفسه واقفا على جناح الهيكل، وصوت الجسد يقول له: إذا كنت ابن الله فارم نفسك إلى أسفل فلا تقتل ولا يلحقك أذى.
10: لأن القوة السماوية غير المنظورة تحرسك وتحملك وتنقذك من كل شر.
11: ولكن يسوع قال لنفسه: إني أستطيع إنكار الجسد، ولكن لا أستطيع الانفصال عنه؛ لأني ولدت بالروح في الجسد كما شاءت إرادة أب روحي التي لا أقدر أن أخالفها، فقال له حينئذ صوت الجسد: إذا كنت لا تستطيع مخالفة أبيك بأن لا تطرح نفسك عن جناح الهيكل وعدم الانفصال عن الجسد، ولكنك لا تستطيع مخالفة أبيك عندما تجوع وتريد تأكل، وأنك لا تستطيع أيضا أن تنكر شهوات الجسد، بل يجب عليك أن تخدمها.
5: ثم تمثلت ليسوع جميع ممالك العالم وجميع الناس، وكيف يعيشون ويتعبون للجسد ويتوقعون المكافأة منه.
6: فقال له صوت الجسد: انظر! ألا ترى أنهم يشتغلون لي وإني أعطيهم جميع ما يتمنون؟!
7: فإذا أردت أن تخدمني وتشتغل لي فيصيبك مني مثل ذلك .
8: غير أن يسوع قال لنفسه: أبي ليس جسد بل روح، وأنا أعيش به وأعرف أنه في؛ ولذا فإني أكرمه وحده وأشتغل له وحده، ومنه دون سواه أنتظر المكافأة.
13: وعلى أثر ذلك انتهت التجربة وعرف يسوع قوة الروح.
لوقا، 4: 14؛ ويوحنا، 1: 36: ولما عرف يسوع الروح عاد من البرية، ورجع إلى يوحنا، ومكث عنده، ولما تركه ومضى قال يوحنا عنه: إن هذا هو مخلص العالم.
يوحنا، 1: 37: فلما سمع تلميذا يوحنا كلامه تركا معلمهما وتبعا يسوع.
38: فلما رآهما يسوع يتبعانه وقف وقال لهما: ماذا تريدان مني؟ فأجاباه: يا معلم نحن نريد أن نكون معك لنسمع تعليمك.
39: فقال لهما: هلم ورائي وأنا أقول لكما كل شيء، فسارا معه ومكثا عنده يسمعان كلامه حتى الساعة العاشرة.
40: وكان اسم أحد التلميذين أندراوس، وكان له أخ اسمه سمعان.
41: فلما سمع أندراوس تعليم يسوع مضى إلى أخيه سمعان، وقال له: نحن وجدنا ذاك الذي كتب عنه موسى والأنبياء، ذلك الذي سيرشدنا إلى طريق الخلاص.
42: ثم أخذ أندراوس أخاه سمعان إلى يسوع، وقد دعاه فيما بعد بطرس أعني الحجر، ومن ذلك الحين صار الأخوان تلميذين ليسوع.
43: ثم قبل أن يدخل يسوع الجليل صادف فيلبس، وقال له: اتبعني.
44: وكان فيلبس من بيت صيدا وطن أندراوس وبطرس.
45: ولما عرف فيلبس يسوع مضى ووجد أخاه نثنائيل، وقال له: نحن وجدنا ذاك الذي اصطفاه الله، الذي كتب عنه الأنبياء وموسى المدعو يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة.
46: فاستكبر نثنائيل خروج ذلك الذي كتب عنه موسى والأنبياء من بلدة مجاورة لهم، وقال: إن لفي خروج المختار من الله من الناصرة حكمة خافية عن الناس، فقال له فيلبس: هلم معي، وأنت ترى وتسمع.
47-49: فسار نثنائيل مع أخيه، ولما أبصر يسوع وسمع كلامه، قال له: قد تحققت الآن الصحيح والحق يقال بإنك أنت ابن الله وملك إسرائيل.
51: فقال له يسوع: الأحرى بك أن تعرف ما هو أهم من ذلك، فإن من الآن تفتح السماء ويستطيع الناس أن يتحدوا مع القوات السماوية، ولا يكون الله بعد بعيدا عن الناس.
لوقا، 4: 16: وجاء يسوع إلى وطنه الناصرة، ولما جاء يوم العيد دخل كعادته إلى المجمع وصار يقرأ.
16: فدفعوا إليه سفر أشعياء النبي ففتحه، وقرأ فيه ما يأتي: إن روح الرب علي، ولأجل ذلك مسحني، وأرسلني لأبشر المساكين، وأشفي منكسري القلوب، وأنادي للمأسورين بالحرية، وللعميان بالبصر، وأطلق المهشمين إلى الخلاص، وأكرز بسنة الرب المقبولة.
لوقا، 4: 20: ثم طوى السفر، ودفعه إلى الخادم وجلس، وكان الجميع ينتظرون ماذا يقول.
21: فقال لهم: لقد تمت الآن هذه الكتابة أمام أعينكم.
الفصل الثاني
«ولذلك يتحتم على الإنسان ألا يشتغل للجسد بل للروح» (الذي في
السموات)
فحوى الفصل الثاني
إن اليهود كانوا يعتقدون بقداستهم وصلاحهم وصحة مبدأهم الديني بعبادتهم الإله الظاهرية أو الخارجية خالق العالم وسيده، وكانت تعاليمهم تدل على أن هذا الإله عقد معهم شرطا من مؤداه أنه يمد لهم يد المساعدة دائما أبدا إذا عبدوه عبادة خالصة، وأظهروا له جميع مظاهر الإكرام، وأعظم ما في الشرط الإلهي هو حفظ يوم السبت، غير أن يسوع قال: إن حفظ السبت هو من أوضاع الناس؛ لأن الإنسان الحي أعظم بروحه من جميع الطقوس والفروض، وأما حفظ السبت وجميع طقوس عبادة الله الخارجية كالإشارات التي يأتيها الناس في صلاتهم ما هي إلا رياء وغش وخداع، حفظ السبت يمنع الإنسان أن يأتي أقل عمل من الأعمال، مع أنه يتحتم على الإنسان أن يعمل أعمال الخير دائما، وإذا كان السبت يحول بينه وبين عمل الخير فإن ذلك يدل على أن السبت كذب وضلال.
وكان يدعي اليهود الأبرار أن الشرط الذي عقدوه مع الله يحتم عليهم اجتناب بقية الأمم وعدم مخالطتهم، ومؤاكلتهم ومجالستهم، وقد قال يسوع: إن الله لا يطلب من الناس ذبائح، بل يأمرهم بمحبة بعضهم بعضا محبة خالصة من أدران الرياء والمداهنة.
ويحتم عليهم ذلك الشرط أيضا أن يغتسلوا ويتطهروا، ولكن يسوع قال: إن الله لا يطلب الطهارة الخارجية، بل يأمر الناس أن يأتوا أفعال الرحمة ويحبوا بعضهم، ثم أردف يسوع كلامه بقوله: إن جميع الطقوس مضرة جدا، وإن التقاليد المتبعة عند اليهود ما هي إلا شر وجريمة لا تغتفر؛ لأن تلك التقاليد العبرانية تبعد الناس عن إظهار المحبة حتى لوالديهم.
ثم قال يسوع بشأن جميع نواميس العهد القديم التي ورد فيها ذكر احتمال وقوع الناس في النجاسة: اعلموا جميعا أنه لا يستطيع شيء أن ينجس الإنسان من الخارج، وإنما ما ينجسه هو الأفكار الداخلية التي يفتكر بها وتصدر عنه، وبعد ذلك جاء يسوع إلى أورشليم، تلك المدينة التي كان يعتبرها اليهود مقدسة، ولما بلغها دخل توا الهيكل الذي كان يعتقد اليهود بأن الله ساكن فيه، وقال: إنه لا لزوم لتقديم الذبائح والقرابين لله؛ لأن الإنسان أعظم من الهيكل، وإنما يطلب منه أن يحب قريبه ويساعده.
ثم قال أيضا: إن عبادة الله لا تقيد بمكان، بل تجوز في كل زمان ومكان، وإنما يطلب من البشر خدمة أبيهم الأعلى بالروح والأعمال الصالحة، ولا يستطيع أحد أن ينظر الروح أو يظهره؛ لأن الروح هي أن يعرف الإنسان بنوته للروح الأعلى الأزلي الصمد؛ ولذلك فلا لزوم من ثم للهيكل، وأما الهيكل الحقيقي فهو عالم البشر المتحدين ببعضهم بالمحبة، ثم قال: إن عبادة الله الخارجية أو الكمالية مضرة وأثيمة؛ لأنها أولا تقاوم أعمال المحبة كعبادة اليهود مثلا التي تجيز القتل وتأمر بعدم إكرام الوالدين، ثم إنها تجلب أضرارا عظيمة للإنسان، فإنه عندما يتممها يعتقد بنفسه الطهارة والقداسة ويبتعد عن أعمال المحبة، ثم قال: إن الإنسان لا يفعل أفعال الخير والمحبة إلا إذا كان يشعر بعدم كماله، ولكن الطقوس الخارجية تجعله يظن بنفسه الكمال؛ ولذلك يجب على الناس تركها ورفضها رفضا باتا؛ لأنه لا يمكن الجمع بين الطقوس وأعمال المحبة، والإنسان هو ابن لله بالروح، ولذلك يتحتم عليه أن يخدم أباه بالروح.
متى، 12: 1؛ ومرقص، 2: 23؛ ولوقا، 6: 1: حدث مرة أن يسوع اجتاز مع تلاميذه بين الزروع في يوم السبت، فجاع التلاميذ؛ فجعلوا في طريقهم يقطفون السنابل ويفركونها بأيديهم ويأكلون الحبوب، ولكن حسب تعليم العبرانيين الحسي للعبادة: أن الله عقد مع موسى عهدا على حفظ السبت الذي لا يحل فيه العمل، ومن خالف ذلك يرجم بالحجارة حسب أمر الله .
متى، 7: 2: فلما رأى المستقيمو الرأي (الفريسيون) أن التلاميذ يفركون السنابل، قالوا لهم: لا يليق فعل مثل هذا في السبت الذي لا يحل فيه العمل؛ لأن الله أمر بحفظه؛ وكل من لا يحفظه يحكم عليه بالقتل.
7: فلما سمع ذلك يسوع قال لهم: لو كنتم تدركون معنى كلام الله القائل: إني أريد محبة لا ذبيحة لما حكمتم على من لا ذنب له.
8: والإنسان أعظم من السبت.
لوقا، 13: 10: وحدث أنه بينما كان يسوع يعلم مرة في السبت.
11: تقدمت إليه امرأة مريضة وطلبت إليه أن يعينها.
12: فأخذ يسوع ينفعها.
14: فاغتاظ رئيس المجمع البار من يسوع، وقال مخاطبا الشعب: لقد حدد ناموس الله ستة أيام للعمل فقط.
لوقا، 14: 3: فأجاب يسوع علماء الناموس: إذن حسب ناموسكم لا تجوز مساعدة الإنسان في السبت؟!
16: فلم يجدوا ما يجيبونه به.
متى، 12: 11؛ ولوقا، 14: 5: حينئذ قال يسوع: أيها الماكرون! أليس كل واحد منكم يحل دابته من المذود في يوم السبت ويقودها ليسقيها؟! ومن منكم إذا وقعت نعجته في البئر في يوم السبت لا يتعب قواه في انتشالها؟!
متى، 12: 12: أليس أن الإنسان أفضل بكثير من النعجة؟ وأنكم تقولون: إنه لا يصح مساعدة الإنسان في السبت؟! وما الذي يجوز فعله إذن في السبت على رأيكم الخير أم الشر؟ خلاص نفس أو إهلاكها؟ أما أنا فأقول: إنه يجب فعل الخير دائما في السبت وغيره.
متى، 6: 6: ورأى يسوع مرة رجلا جابيا يجبي الأموال اسمه متى، فكلمه يسوع وفهم متى كلامه، فأحب تعليمه ودعاه إلى بيته، وعمل له وليمة فاخرة.
10: ولما كان يسوع في البيت، جاء إليه أصدقاء متى من العشارين وغير المؤمنين، فلم يشمئز يسوع من وجودهم، بل جالسهم هو وتلاميذه.
11: فلما رأى ذلك المستقيمو الرأي قالوا لتلاميذ يسوع: لماذا يأكل معلمكم مع الخطاة والعشارين؟ لأن حسب تعليمهم قد أمر الله بعدم مخالطة الأثمة.
12: فلما سمع يسوع ذلك قال: إن الأصحاء لا يحتاجون إلى طبيب؛ بل المرضى.
13: افهموا كلام الله القائل: إني أريد محبة لا ذبيحة، وأنا لا أستطيع أن أحمل المستقيمي الرأي على تغيير اعتقادهم ودينهم؛ ولذلك فإني أعلم الخطاة غير المؤمنين.
متى، 15: 1؛ ومرقص، 7: 1: وجاء إلى يسوع علماء الناموس من أورشليم.
متى، 2؛ ومرقص، 2: ورأوه مع تلاميذه يأكلون الخبز دون أن يغسلوا أيديهم، فجعلوا يحاكمونه على ذلك.
متى، 15: 3: لأنهم أنفسهم يحافظون جدا على تقاليد الشيوخ من جهة غسل الآنية التي إذا لم تكن مغسولة فلا يأكلون منها.
متى، 7: 4: وكذلك لا يأكلون شيئا من السوق ما لم يغسلوه.
5: فسأله الناموسيون: لماذا لا تحافظون على تقاليد الكنيسة وتمسكون الخبز بأيديكم غير المغسولة ثم تأكلونه؟
متى، 15: 3: لماذا أنتم تتعدون وصية الله بسنة شيوخكم؟
مرقص، 7: 10: فإن الله قد قال: أكرم أباك وأمك.
11: وأنتم تزعمون أنه يحق لكل واحد أن يقول: إني أقدم لله كل ما قدم لوالدي؛ لذلك تقدرون ألا تطعموا والديكم شيئا، وهكذا بسنة شيوخكم تتعدون وصية الله.
متى، 15: 7: أيها المخادعون! لقد قال حقا عنكم أشعياء النبي.
8: إن هذا الشعب يقترب مني بالكلام فقط ويكرمني بلسانه، وأما قلبه فإنه بعيد عني.
9: وبما أن خوفه أمامي أعني بها الأوامر البشرية الذي حفظها واستظهرها؛ ولذلك فإني أعمل لهذا الشعب عجيبة لم يكونوا يتوقعونها فتسقط حكمة حكمائه ويظلم عقل فهمائه، وويل لأولئك الذين يخفون أعمالهم عن الأبدي ويعملون أعمالهم في الظلام.
مرقص، 7: 8: لأنكم تركتم وصايا الله المهمة في الناموس وتمسكتم بتقاليد شيوخكم القائلة بغسل الآنية.
11: فدعا يسوع جميع الشعب، وقال: اسمعوا لي جميعكم وافهموا.
15: لا شيء في الدنيا مما هو خارج عن الإنسان إذا دخله يمكن أن ينجسه، فليجتهد كل منكم أن تكون بنفسه المحبة والرحمة، وإذ ذاك يكون طاهرا.
16: افهموا ذلك واحفظوه.
17: ولما عاد إلى البيت سأله تلاميذه أن يوضح لهم هذا الكلام.
18: فقال لهم: ألعلكم أنتم أيضا لم تفهموا أن كل شيء خارج عن الجسد لا ينجس الإنسان؟
19: لأنه لا يدخل إلى نفسه بل إلى جوفه، فيدخل الجوف ثم يذهب إلى المخرج.
20: وقال: إنما ما ينجس الإنسان هو الذي يخرج من نفسه.
21: لأنه يخرج من نفس الإنسان الشر والغش والعهارة والخبث والحسد والفتنة والكبرياء.
23: كل هذه الشرور تصدر عن نفس الإنسان وهي وحدها تنجسه.
يوحنا، 2: 13: وبعد ذلك قرب عيد الفصح فمضى يسوع إلى أورشليم ودخل الهيكل.
14: فرأى عند مدخل الهيكل حيوانات كثيرة بين ثيران وخراف وأقفاص مملوءة بالحمام، وقد أقام الصيارفة موائد لصرف النقود، وقد وجدت جميع هذه الأشياء ليشتريها الشعب ويقدمها لله؛ حيث كانوا يذبحونها في الهيكل لتقديمها ضحايا لله، على هذه النمط كانت صلاة اليهود المؤمنين التي اتخذوها عن الشيوخ.
15: فدخل يسوع الهيكل وجدل سوطا وطرد جميع الحيوانات من الهيكل، وأطلق الحمام من أقفاصه.
16: وقلب موائد الصيارفة ونثر نقودهم، وأمرهم ألا يحضروا مثل هذه الأشياء إلى الهيكل.
17: ثم قال: إن النبي أشعياء قال لكم: بيت الله ليس هيكلا في أورشليم فقط، بل وفي كل العالم، ثم قال لكم أرمياء النبي: لا تصدقوا الأقوال الكاذبة القائلة إن هنا بيت الأزلي، لا تصدقوا ذلك، بل غيروا حياتكم، ولا تحكموا بالكذب ولا تطردوا الغريب والأرملة واليتيم ولا تسفكوا دما بريئا، وإذا دخلتم بيت الله فلا تقولوا: إننا الآن مطمئنون نستطيع أن نعمل الرذائل، فلا تجعلوا بيت أبي مغارة لصوص.
18: فتنازع اليهود فيما بينهم وقالوا له: تقول إن عبادتنا لله غير مستقيمة، فبماذا تبرهن على ذلك؟
19: فالتفت يسوع إليهم وقال: اهدموا هذا الهيكل وأنا في ثلاثة أيام أعيد لكم هيكلا حيا جديدا.
20: فقال له اليهود: كيف تستطيع أن تصنع هيكلا جديدا، مع أن هذا الهيكل بني بست وأربعين سنة؟
متى، 12: 6: فأجابهم يسوع: إني أكلمكم عما هو أعظم من الهيكل.
7: ولو كنتم تفهمون ما قاله النبي، «لما فهمتم بهذا الكلام»، أنا الله لا أسر بما تقدمون إلي من الذبائح، ولكني أسر بمحبتكم لبعضكم بعضا، وأما الهيكل الحي فهو جميع الناس في العالم إذا أصبحوا يحبون بعضهم بعضا.
يوحنا، 2: 23: وكثيرون من الموجودين في أورشليم صدقوا التعليم الذي علمهم به.
24: وأما هو فلم يعتقد بشيء خارجي؛ لأنه كان يعلم أن كل شيء في الإنسان.
25: ولم يكن يحتاج لشهادة أحد على الإنسان لعلمه أن الإنسان فيه روح.
يوحنا، 4: 4: واضطر يسوع ذات مرة أن يجتاز بالسامرة .
5: ومر بجانب بلدة سامرية اسمها سوخار واقعة إلى جانب ذلك المكان الذي أعطاه يعقوب لابنه يوسف.
6: وكانت هناك بئر يعقوب، وبما أن يسوع قد تعب جدا في الطريق جلس إلى جانب البئر.
7: ومضى تلاميذه إلى المدينة ليبتاعوا خبزا.
8: وأتت امرأة من سوخار لتستقي ماء، فطلب منها يسوع أن تسقيه.
9: فقالت له: كيف وأنت يهودي تطلب مني ماء لتشرب؛ لأنكم معشر اليهود لا تخالطون السامريين.
10: فقال لها: لو كنت تعلمين من أنا وكنت تعلمين ما أعلم الناس لأعطيتني ماء لأشرب وأعطيتك أنا ماء الحياة.
13: لأن الذي يشرب ماءك يعطش أيضا.
15: ومن يشرب من الماء الذي أعطيه فلن يعطش أبدا، بل يكون مسرورا دائما، ومائي يوصله إلى الحياة الأبدية.
19: فأدركت المرأة أنه يتكلم عن شيء إلهي؛ ولذلك قالت له: إني أرى أنك نبي، فهل تريد إرشادي وتعليمي؟
20: ولكن كيف ترشدني إلى التعليم الإلهي وأنت يهودي وأنا سامرية؟ والسامريون يصلون لله على هذا الجبل، وأما أنتم اليهود فتقولون: إن بيت الله في أورشليم فقط، وأظن أنك لا تستطيع أن تعلمني شيئا؛ لأن ديانتكم شيء وديانتنا شيء آخر.
21: فقال لها يسوع: صدقيني أيتها المرأة، إنه قد حان الزمان الذي لا يعود الناس يصلون به لله لا على هذا الجبل ولا في أورشليم.
22: لأنهم إذا كانوا يصلون لله فإنهم يصلون إلى من لا يعرفون، وإذا كانوا يصلون لأبيهم فإنهم يصلون لمن لا تخفى معرفته على أحد.
23: ولكن جاء وقت وهو الآن حاضر، إذ الساجدون لا يسجدون لله بل للآب بالروح والفعل؛ لأن الآب يريد مثل هؤلاء الساجدين.
24: الله روح، وينبغي السجود له بالروح والعمل.
25: فلم تدرك المرأة ما قاله لها؛ ولذلك قالت: سمعت أن رسول الله الذي يسمونه المسيح سيأتي، وعندئذ يخبرنا بكل شيء.
26: فقال لها يسوع: أنا هو الذي أكلمك، فلا تنتظري بعد.
يوحنا، 3: 22: وبعد ذلك جاء يسوع إلى أرض اليهودية، وعاش فيها مع تلاميذه، وكان يعلم.
23: وكان يوحنا في هذه الوقت يعلم بقرب ساليم ويعمد في عين نون.
24: لأن يوحنا لم يكن بعد وضع في السجن.
25: وحدثت مناظرة بين تلاميذ يوحنا وتلاميذ المسيح على أيهما أفضل: تطهير يوحنا الناس بالماء أم تعليم المسيح؟
26: فجاء التلاميذ إلى يوحنا وسألوه قائلين: أنت تطهر بالماء، وأما يسوع فإنه يعلم فقط، فماذا تقول عنه؟
27: فقال يوحنا: إن الإنسان لا يستطيع أن يعلم من نفسه شيئا إذا كان لا يعلمه ويرشده الله.
28: فمن يتكلم عن الأرض فهو من الأرض، ولكن إذا كان يتكلم عن الله فهو من الله.
32 و33 و34: لا يستطيع أحد أن يبرهن أن الكلام الذي يقوله هو من الله أو من غير الله؛ لأن الله روح لا يمكن قياسه بمقياس، ولا يمكن أيضا إظهاره، والذي يفهم كلام الروح يبرهن بذلك على أنه من الروح.
35: والله إذ أحب الابن سلمه كل شيء.
36: الذي يؤمن بالابن فله حياة، والذي لا يؤمن بالابن فليس له حياة؛ لأن الله روح في الإنسان.
لوقا، 11: 37: وبعد هذا جاء إليه رجل فريسي ودعاه ليتغدى عنده، فدخل وجلس على المائدة.
38: فلحظ الفريسي أنه لا يغسل يديه قبل الغداء، فاستغرب منه ذلك.
39: فقال له يسوع: إنكم أيها الفريسيون تهتمون بتطهير كل شيء من الخارج فقط، فهل باطنكم طاهر؟ ولا تطهر قلوبكم ما لم تصنعوا أعمال الرحمة مع الناس.
لوقا، 7: 37: وفيما هو جالس عند الفريسي، دخلت عليه امرأة من المدينة كافرة ومعها زجاجة طيب.
38: فسجدت أمامه، وأخذت تبكي وتغسل رجليه بدموعها وتمسحهما بشعرها وتدهنهما بالطيب.
39: فلما رأى ذلك الفريسي قال في نفسه: لو كان هذا نبي لعرف أن التي تغسل رجليه امرأة كافرة وخاطئة، وكان لا يأذن لها أن تمسه.
40: فعلم يسوع أفكاره فالتفت إليه وقال له: أتريد أن أخبرك بما افتكر؟ فأجابه ذاك: قل.
41: فقال يسوع: كان لمداين مديونان، على الواحد خمسمائة دينار، وعلى الآخر خمسون.
42: وإذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما، فقل: أيهما يكون أكثر حبا له؟
43: فأجاب ذاك: الذي كان مديونا بالأكثر.
44: فأشار يسوع إلى المرأة وقال للفريسي: إن المثل الذي ضربته ينطبق عليك وعلى المرأة، إنك تحسب نفسك مؤمنا بالله، فإذا أنت المديون الأصغر، وهي كافرة خاطئة فتكون المديون الأكبر، إني دخلت بيتك فلم تقدم لي ماء لأغسل رجلي، وهي غسلتهما بدموعها ومسحتهما بشعرها.
45: وأنت لم تقبلني، وهي لم تكف عن تقبيل قدمي.
46: أنت لم تقدم لي زيتا لأدهن به رأسي، وأما هي فمسحت قدمي بالطيب.
47: إن الذي يدعي بالقداسة والإيمان فذاك لا يفعل أفعال الرحمة والمحبة، والذي يعتبر نفسه خاطئا؛ فإنه يفعل أعمال المحبة التي لأجلها يغفر له كل شيء.
48: ثم قال لها: قد غفر لك ضلالك، ثم قال يسوع: إن كل شيء يتوقف على ما يظن كل إنسان بنفسه، فالذي يفتخر بتقواه وصلاحه فاعرفوا أنه على عكس ذلك، والذي يعترف بضلاله وآثامه فذلك صالح وتقي.
لوقا، 18: 10: ثم قال يسوع: جاء الهيكل رجلان لكي يصليا، أحدهما فريسي والآخر عشار.
11: أما الفريسي فصلى هكذا: اللهم إني أشكرك لأني لست كسائر الناس الخطفة الظالمين الفاسقين، ولا مثل هذا العشار.
12: أما العشار فوقف عن بعد ولم يرد أن يرفع عينيه إلى السماء، بل كان يقرع صدره قائلا: اللهم ارحمني أنا الخاطئ.
14: أليس أن العشار أحسن من الفريسي المتعاظم؛ لأن كل من رفع نفسه اتضع، ومن وضع نفسه ارتفع.
لوقا، 5: 33: وبعد هذا جاء إلى يسوع تلاميذ يوحنا، وقالوا له: لماذا نحن والفريسيون نصوم كثيرا؟ وأما تلاميذك فلا يصومون؟ لأنه بحسب الناموس قد أمر الله بالصيام.
34: فقال لهم يسوع: ما دام العريس موجودا في العرس فلا أحد يحزن.
35: ومتى ذهب العريس فحينئذ يحزنون.
36: فما دام العريس فليس من ثم ما يدعو إلى الحزن؛ ولذلك لا يجوز الخلط بين عبادة الله الخارجية الكمالية وأعمال المحبة، ولا يجوز أيضا خلط التعليم القديم بتعليمي الجديد المبني على محبة القريب، وليس فرق بين مزج تعليمي بالتعليم القديم وبين من يأخذ رقعة من ثوب جديد ويجعلها في ثوب قديم بال، فإن الرقعة الجديدة تشق لأنها لا توافق البالي، فيجب أن تقبلوا إما التعليم القديم أو تعليمي الجديد، ومن يقبل تعليمي؛ فلا يطلب منه المحافظة على أوامر التعليم القديم القائل بالتطهير والصيام وحفظ السبت.
37: كما أنه يجب أن تضعوا الخمر الجديدة في زقاق جديد فيحفظان معا.
الفصل الثالث
«من روح الآب صدرت حياة جميع الناس» (ليتقدس اسمك)
فحوى الفصل الثالث
سأل التلاميذ يسوع عن ماهية مملكة الله، فأجابهم: إن مملكة الله هي التي أبشر بها، وكرز بها يوحنا من قبلي، وهي تتضمن أن الناس مهما كانوا بؤساء يستطيعون أن يكونوا سعداء.
وقد خاطب يسوع الشعب بقوله: إن يوحنا أول من نادى في الشعب بملكوت الله، ولكن مناداته لم تكن خارجية محسوسة كما يريد العالم، بل كانت روحية معنوية، وقد جاء إليه الفريسيون ليسمعوا تعليمه ولكنهم لم يفهموا شيئا؛ لأنهم لا يفهمون إلا ما ولدته بنات أفكارهم عن الإله الخارجي المحسوس، وهم لا يعلمون الشعب سوى أوضاع أفكارهم الفاسدة، ويستكبرون كيف أنه لا يوجد من يسمع تعليمهم ويعمل به، إن يوحنا نادى بين الناس بملكوت الله الحقيقية؛ ولذلك فإنه قام بعمل عظيم لم يسبقه إليه أحد، فإنه أرشد الناس إلى أنه من عهده فصاعدا ما عاد لزوما للناموس والأنبياء والعبادة الكمالية، وأن ملكوت الله كائنة في نفوس الناس وأن البدء والمنتهى في نفس الإنسان الذي أصبح بعد ذلك يعلم أن ما عدا حياته الجسدية الفانية التي اتصلت به عن أب الجسد والحبل به في جسم امرأة أن به نفس حرة عاقلة مدركة ليس لها علاقة بالجسد، وأنها - أي النفس - خالدة صادرة من ذاك الأزلي الذي لا بداية له ولا نهاية، وأصل الوجود الذي نسميه الله ونحن نعرف الله بنفوسنا، والنفس هي بدء حياتنا وينبغي علينا أن نضعها في مواضع الشرف والسمو، وبواسطتها ينبغي أن نعيش، وعندما نعتقد فيها بمثل هذا الاعتقاد نحصل إذ ذاك على الحياة الأبدية الحقيقية، إن الآب الروح لم يرسل الروح للناس ليخدعهم ويغشهم حتى إنهم عندما يعلمون أنهم حاصلون على الحياة الأبدية لا يفعلون ما هو مفروض عليهم فيفقدوها؛ لأنه إن كانت في الناس نفس خالدة فقد أعطيت لهم ليحصلوا بها على الحياة الأبدية.
إن الناس مخيرون بين اختيار الحياة أو الموت، فالحياة في النفس والموت في الجسد، وحياة الروح هي صلاح ونور وحياة الجسد شر وظلام، والمؤمن بالروح يعمل أعمال الصلاح، ومن لا يؤمن بها يعمل أفعال الشر، فالصلاح حياة والشر موت، نحن لا نعرف الله المحسوس خالق جميع الموجودات وأصل كل أصل، وما نستطيع أنه تتصوره به هو أنه زرع الروح في الناس كما يزرع الزارع الحبوب في كل مكان دون أن يختار الأرض أو ينقي الحبوب التي إذا وقعت على أرض صالحة تنمو وتعطي ثمرا، وإن وقعت على أرض رديئة تهلك، والروح فقط يعطي الحياة للناس، وعليهم وحدهم يتوقف ضبطها أو فقدها، والشر لم يوجد لأجل الروح، وإنما الشر يشبه الحياة أو هو مثالها، وإنما يوجد إنسان حي وإنسان غير حي، وقد أعطيت لكل إنسان معرفة مملكة الله في نفسه، وكل واحد له الخيار بدخولها أو الخروج منها، وما عليه لدخولها إلا أن يؤمن بحياة الروح، والمؤمن بحياة الروح تكون له حياة أبدية. •••
متى، 11: 2 و3: وبعد ذلك جاء إلى يسوع تلاميذ يوحنا وسألوه: هل هو ذاك الذي تكلم عنه يوحنا؟ وهل هو الذي يفتح ملكوت الله ويجدد الناس بالروح؟
4: فأجابهم يسوع: انظروا واسمعوا وأخبروا يوحنا، واحكموا هل قام ملكوت الله وتجدد الناس بالروح؟ أخبروه عن كرازتي بملكوت الله.
5: فقد جاء في النبوات: أنه عندما يجيء ملكوت الله يصبح جميع الناس سعداء، فأخبروه أن مملكتي الإلهية تجعل الناس سعداء.
6: لأن كل من يفهمني يصبح سعيدا مغبوطا.
7: وبعد أن أطلق يسوع تلاميذ يوحنا ابتدأ يعلم الشعب عن ملكوت الله التي كرز بها يوحنا، فقال: إنكم قد ذهبتم إلى البرية إلى يوحنا لتعتمدوا منه، فماذا رأيتم؟ وكذلك الناموسيون والفريسيون ذهبوا إليه، ولكنهم لم يفهموا ما علمهم به، وعلم غيرهم، ولذلك لم يعدوه شيئا.
16: وهذا الجنس أعني به جنس الناموسيين والفريسيين لا يعتقدون بصحة شيء سوى ما وضعوه من الأباطيل والمعتقدات الفاسدة، فيسمعون بعضهم بعضا، ويرضخون لأحكام ذلك الناموس الذي اختلقوه.
18: وما قاله يوحنا أقوله أنا، ولكنهم لا يسمعون ولا يفهمون ، ولم يفهموا من أقوال يوحنا وأعماله إلا أنه يصوم في البرية، فقالوا: إن الله به.
19: ولقد فهموا مما قلته أني لا أصوم فقط، فقالوا: إنه يأكل ويشرب مع العشارين والزناة، وإنه صديق لهم.
17: فهم كالأولاد الذين يلعبون في الأزقة ويصرخون ويستغربون كيف أنه لا يسمعه أحد!
19: إن أعمالهم تدل على حكمتهم.
8: إذا أردتم أن تبصروا إنسانا مرتديا لباسا فاخرا فمثل هؤلاء كثيرون يعيشون في القصور.
9: ماذا أبصرتم في البرية؟ هل ذهبتم لاعتقادكم أن يوحنا كغيره من الأنبياء؟ فلا تظنوا ذلك؛ لأن يوحنا ليس كبقية الأنبياء، بل هو أعظم منهم جميعا؛ لأن أولئك تنبئوا بما سيحدث وقوعه في المستقبل، وأما هو فقد علم الناس عن موجود حاضر، وأن ملكوت الله كان وسيكون على الأرض.
11: الحق أقول لكم: إنه لم يولد رجل أعظم من يوحنا، فإنه أظهر ملكوت الله على الأرض؛ ولذلك فهو أعظم من الجميع.
لوقا، 16: 16: الناموس والأنبياء قبل يوحنا كان لهما احتياج، وأما بعد يوحنا فليس لهما من ثم احتياج؛ لأن احتياج ملكوت الله أصبح على الأرض، وكل من يسعى إليه يستطيع دخوله.
20: وجاء إلى يسوع الفريسيون، وسألوه: كيف ومتى يأتي ملكوت الله؟ فأجابهم: إن ملكوت الله هو ما أكرز وأعلم به، وليس هو كما بشر به الأنبياء السابقون؛ لأنهم ذكروا أن الله يجيء بصور وهيئات مختلفة، وأما أنا فأعلم عن ملكوت الله الذي لا تستطيع الأعين أن تراه.
لوقا، 17: 23: فإذا قالوا لكم: قد جاء أو سيجيء أو إنه هناك أو هو ذا هو هنا فلا تصدقوا؛ لأن ملكوت الله ليس في زمان ولا في مكان.
24: لأنه كالبرق يلمع هنا وهناك وفي كل مكان.
21: فليس هو محصور في زمان ولا مكان؛ لأن ملكوت الله هو ذاك الذي أكرز لكم به.
يوحنا، 3: 1 و2: وبعد هذا جاء إلى يسوع ليلا رجل فريسي اسمه نيقوديموس رئيس لليهود، وقال له: إنك تأمر بعدم حفظ السبت، ولا تأمر بالمحافظة على الطهارة ، وتمنع تقديم الضحايا ولا تأمر بالصيام، وقد حقرت الهيكل وتقول عن الله: إنه روح، وإن ملكوت الله في وسطنا، فما ملكوت الله هذا؟
3: فأجابه يسوع: اعلم أن الإنسان إذا ولد من السماء فيكون كل شيء فيه سماويا.
4: فلم يفهم نيقوديموس كلامه؛ ولذلك قال: كيف يستطيع الإنسان المولود من جسم أب وكبر وشاخ أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد من جديد؟
5: فأجابه يسوع: افهم كلامي، فإني أقول: إن الإنسان مولود من الروح كما هو مولود من الجسد؛ ولذلك كل إنسان مولود بالجسد والروح يكون فيه ملكوت الله.
6: لأن الجسد من الجسد، والروح لا يمكن أن تولد من الجسد، بل الروح يمكن أن تولد من الروح فقط.
7: وأما الروح فهو ما يعيش فيك عيشة مطلقة حرة عاقلة التي لا تعرف لها أولا ولا آخر، وذلك ما يشعر به كل إنسان.
8: ولماذا تعجبت عندما قلت لك: إنه ينبغي لنا أن نولد من السماء؟
9: فقال نيقوديموس: ومع ذلك فإني لا أصدق بإمكان ذلك.
10: فحينئذ قال له يسوع: كيف تكون معلما ولا تدرك ذلك؟
11: تبصر وافهم أنني لا أنطق بفلسفة، وإنما أعلم بما نعلمه كلنا وأطلب تصديق ما نراه جميعنا.
12: وكيف أنت تستطيع الإيمان بالسماء إذا كنت لا تؤمن بما هو على الأرض وموجود بك؟
13: لم يصعد أحد للسماء، وإنما الإنسان هبط إلى الأرض من السماء فهو إذن سماوي.
15: ولذلك يجب أن نرفع شأن الابن السماوي الذي تمثل في الإنسان حتى يصدقه كل واحد ويؤمن به فلا يهلك، بل تكون له حياة أبدية.
16: والله لم يرسل ابنه للناس لأجل هلاكهم؛ بل لأجل صلاحهم وخيرهم، وقد أرسله لكي أن كل من يؤمن به لا يهلك، بل تكون له حياة أبدية.
17: إن الله لم يبذل ابنه (روحه) ويرسله للعالم لكي يهلك البشر، ولكنه بذل ابنه (روحه) لكي يحيي الناس به.
18: ومن يعتقد بوجود الحياة فيه فإنه لا يموت، وأما من لا يعتقد بذلك فإنه يهلك نفسه.
19: ومن ذلك يتأتى الانفصال (الموت)؛ لأن الحياة جاءت للعالم، ولكن الناس يخرجون أفواجا من العالم، النور هو حياة الناس، والنور جاء إلى العالم، ولكن الناس فضلوا الظلمة على النور الذي لم يقبلوا إليه.
20: ولذلك؛ فإن من يعمل السيئات فلا يمضي إلى النور ولا تظهر أعماله، وذلك يحرم نفسه من الحياة.
21: ومن يعش في الحق ذلك يقبل إلى النور، فتظهر أعماله وتكون له حياة ويتحد مع الله.
فلا تظنوا ملكوت الله كما تعرفونه وتفهمونه بأنه لجميع الناس، وأنه يأتي في أجل محدود وفي مكان معين، كلا، كلا، بل إنه موجود في كل العالم دون حصر ولا تعيين، فالناس منتشرون في كل العالم، فالذين منهم يلقون اتكالهم على ابن البشر السماوي أولئك يصبحون أبناء الملكوت، والذين لا يتكلون عليه أولئك يهلكون، إن أب ذلك الروح الموجود في الإنسان هو أب لأولئك الذين يعترفون بأنهم أبناؤه؛ ولذلك فإن له فقط أولئك الذين يضبطون في نفوسهم ما أعطاهم إياه الآب.
متى، 13: 3: وبعد هذا أخذ يسوع يوضح للناس ملكوت الله، وضرب لهم الأمثال ليقرب فهمه إلى أذهانهم، فقال: إن الآب الروح يزرع في العالم الحياة المدركة كما يزرع الفلاح الحبوب في أرضه سواء بسواء.
4: وهو يزرع كل الحقل بقطع النظر عن المكان الذي تقع فيه الحبوب التي يسقط بعضها على الطريق فتطير طيور السماء وتأكله.
5: وبعضها سقط على الأرض المحجرة فنمت، ولكن إذ لم يكن لها تربة كافية لتأصل فيها يبست بسرعة.
7: وبعضها سقط في الشوك، ولكن الشوك طلع وخنقه.
وبعضها سقط في الأرض الجيدة فنبت ونما وأرسل سنابله مملوءة بالحبوب، وأعطت ثمرا بعضها مائة وبعضها ستين وبعضها ثلاثين.
وعلى هذه الطريقة زرع الله الروح في الناس، فضاع عند بعضهم، ونما عند الآخرين الذين تتألف منهم مملكة الله.
مرقص، 4: 26: ولذا فإن ملكوت الله ليس كما تزعمون بأنه يجيء ويسود بينكم، فإن الله لم يزرع سوى الروح، ويكون ملكوت الله بين أولئك الذين يحفظونه.
26: فإن الله لا يحاكم الناس الآن ولا يدبرهم، بل هو كالفلاح الذي يبذر الحبوب في الأرض ولا يفتكر بها.
26: فإن الحبوب تنبت من نفسها ثم تنمو وتخضر وترسل سوقها فوق الأرض، ثم تخرج السنابل مملوءة بالحبوب.
29: وعندما تنضج يرسل الفلاح الحصادين بمناجلهم ليحصدوها، وهكذا فإن الله أعطى ابنه الروح للعالم، والروح من نفسه ينمو في العالم، وأبناء الروح هم الذين يؤلفون ملكوت الله.
متى، 13: 33: ومثل ذلك أن امرأة وضعت الخميرة في الدقيق، فإنها لا تحركها بل هي تتحرك من نفسها، فتخمر الدقيق حتى يرتفع، وما دام الناس عائشين فإن الله لا يتداخل في شئون حياتهم، فإنه أعطى العالم الروح، والروح نفسه يعيش في الناس، والناس الذين يعترفون بأنهم أبناء الروح يؤلفون مملكة الله، والروح لا يسطو عليه الموت أو الشر فإنهما من خواص الجسد وليس لهما مساس بالروح.
13: 24: وبعبارة أوضح أقول: إن الفلاح زرع الحبوب الجيدة في الحقل، فالفلاح هو الروح هو الآب، والحقل هو العالم، والحبوب الجيدة هم أبناء الله.
متى، 25: زرع الفلاح الحقل ونام، وفيما هو نائم جاء العدو وزرع فيه الزوان، فالعدو هو العثرات، والزوان هم أبناء العثرات والضلال.
27: ثم جاء إلى صاحب الحقل الفعلة، وقالوا له: لماذا زرعت في حقلك حبوبا رديئة؟ فإنه قد ظهر بين الحبوب زوان كثير، فأذن لنا لنمضي وننقيه.
29: فقال لهم: لا لزوم لذلك؛ فإنكم إذا نقيتم الزوان تدوسون القمح وتتلفونه.
20: دعوهما ينموان معا إلى حين الحصاد، فآمر الحصادين أن يجمعوا الزوان ليحرق، وأما القمح فأخزنه في مخازني.
أما الحصاد فهو نهاية حياة الناس، والحصادون هم القوات السماوية، فيحرقون الزوان وينقون القمح ويجمعونه، وهكذا فإنه عند انتهاء الحياة يزول كل شيء مما كان يدعو الناس إلى الضلال والعثرات، ونثبت الحياة الحقيقية في الروح، إذ ليس عند الروح الآب شر؛ لأن الروح يحفظ ما هو لازم له، والذي ليس له فهو ليس منه.
47: فملكوت الله كالشبكة التي تطرح في البحر وتصطاد كل أنواع السمك.
48: وعندما ينتشلونها من الماء يفرزون السمك الرديء ويطرحونه في البحر، وسيكون هكذا عند انتهاء الدهر، فإن القوات السماوية تختار الجيد وتطرح الرديء.
13: 10: ولما أنهى كلامه سأله تلاميذه أن يوضح لهم هذه الأمثال .
11: فقال لهم: إن هذه الأمثال تفهم على نوعين؛ فإني أضربها للحاضرين المنقسمين بالطبع إلى قسمين ، فإنكم أنتم تلاميذي تفهمون ما هو ملكوت الله، وتدركون بأنه موجود في كل إنسان، وكيف يمكن الدخول فيه، ولكن الآخرين لا يستطيعون فهم ذلك لأنهم ينظرون ولا يبصرون، ويسمعون ولا يفهمون.
15: لأنه قد قسيت قلوبهم؛ ولذلك أنا أضرب أمثالي إلى فريقين، فريق لا يفهمها وفريق يدركها، فأقول للذين لا يفهمون: إن الله له ملكوت عظيم، فيفهمون ذلك، وأما لكم فإني أقول: إنه يلزمكم ملكوت الله الموجود فيكم فتدركون ذلك.
18: إني أوجه التفاتكم لفهم مثل الزارع، وهذا هو معناه لكم.
19: كل من فهم معنى ملكوت الله ولم يقبله في قلبه فيأتيه الشر ويخطف ما قد زرع، وهذه هي الحبوب التي سقطت على الطريق.
20: والمزروع في الأرض المحجرة هو ذاك الذي يقبل الملكوت من ساعته بفرح.
21: ولكن ليس له فيه أصل وإنما هو إلى حين، فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الملكوت فإنه حالا ينكره.
22: والذي زرع في الشوك هو الذي فهم معنى الملكوت، ولكن هم هذا الدهر وخداع الغنى يخنقان في نفسه هذا المعنى فلا يعطي ثمرا.
23: وأما الذي زرع في الأرض الجيدة فهو الذي يفهم معنى ملكوت الله ويقبله في قلبه، فيعطي ثمرا الواحد مائة والآخر ستين والآخر ثلاثين.
12: لأن من له يعطى ويزاد، ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه.
لوقا، 8: 18: ولذلك تبصروا كيف تفهمون الأمثال حتى لا تستسلموا للضلال وتسقطوا في وهدة الامتهان وهموم هذا العالم، بل لكي تعطوا ثمرا بعضه ثلاثين وبعضه ستين وبعضه مائة.
متى، 8: 31: فإن ملكوت الله تنمو في النفس من دون شيء، ولكنه يعطي كل شيء؛ لأنه مثل حبة الخردل الصغيرة، لكنها متى نمت تصبح أعظم من كل الأشجار وتبني عليها طيور السماء أعشاشها.
الفصل الرابع
«ملكوت الله» (ولذا فإن مشيئة الله هي حياة وخير للناس) (ليأت ملكوتك)
فحوى الفصل الرابع
إن يسوع كان يحزن على الناس؛ لأنهم لا يدركون معنى الصلاح الحقيقي، ولذلك كان يرشدهم إليه بقوله : طوبى لأولئك الذين لا يهتمون بشئون هذا العالم، ولا يسعون للحصول على المجد الباطل العاطل . ثم قال: وبئسا لأولئك الذين يسعون للغنى والمجد العالمي؛ لأن البؤساء والفقراء يطيعون إرادة الله، وأما الأغنياء وأصحاب المجد فإنهم لا يطلبون سوى المكافأة من الناس في هذه الحياة الفانية الوقتية، ولا ينبغي لمن يريد إتمام مشيئة الآب أن يخشى الفقر والمسكنة والاحتقار، بل ينبغي عليه أن يفرح لذلك لكي يظهر للناس ما هو الصلاح الحقيقي، ولإتمام مشيئة الآب التي هي مصدر الحياة والصلاح ينبغي على الناس أن يتمموا الخمس وصايا الآتية:
الوصية الأولى:
لا تهن أحدا، واجتهد بألا تحرك أحدا لفعل الشر؛ لأن الشر يتولد من الشر.
الوصية الثانية:
لا تغازل النساء، ولا تترك المرأة التي اتحدت بها؛ لأن ترك النساء وتغييرهن يحدثان الفساد في العالم.
الوصية الثالثة:
لا تحلف بشيء، ولا تعد بشيء؛ لأن الإنسان جميعه تحت سلطة الله، والناس لا يجنحون إلى القسم إلا في أعمالهم الشريرة.
الوصية الرابعة:
لا تقاوم الشر واحتمل الإهانة، واعمل أكثر مما يطلبه منك الناس، لا تحاكم أحدا ولا تقد ذاتك للمحاكمة، فالإنسان مملوء بالأغلاط ولا يستطيع تعليم الآخرين، وإذا أراد الإنسان أن يجنح إلى الانتقام؛ فإنه يعلم الناس أن يحذوا حذوه وينسجوا على منواله.
الوصية الخامسة:
لا تفرق بين مواطنيك والغرباء؛ لأن جميع الناس أبناء أب واحد.
ثم لا نقصد بإتمام هذه الوصايا والسير بموجبها أن تنال ثناء الناس وتمجيدهم، كلا؛ بل أتمها لنفسك لتحصل بواسطتها على الغبطة والسعادة، ثم إنه لا لزوم للصلاة والصيام مطلقا، أما عدم ضرورة الصلاة فهو لأن الآب يعلم ما يحتاجه الناس؛ ولذلك فليس من ثم لزوم لأن يطلبوا منه شيئا، بل يجب عليهم أن يسعوا جهد طاقتهم؛ لكيلا يخرجوا عن طاعته ويتعدوا حدود إرادته التي تطلب من كل واحد ألا يحقد على أحد ولا يجلب الشر للغير، وأما عدم لزوم الصيام فلأن الناس يصومون لكي يمجدهم الناس، والعاقل من يتجنب هذا المجد العاطل الذي ينفخ في الرءوس روح الكبر والخيلاء والغطرسة، والذي يهتم بالجسد فلا يستطيع الاهتمام بالملكوت السماوي، والإنسان أيضا إذا لم يهتم بما يأكل ويشرب ويلبس فإنه يبقى حيا يرزق، فإن الآب يعطيه الحياة، وما على الإنسان إلا أن يهتم في ساعته الحاضرة أن يكون خاضعا لإرادة الله، والآب يعطي أولاده جميع ما يحتاجون إليه، وعليه أن يطلب فقط قوة الروح التي يعطيها الآب وحده.
إن الخمس الوصايا المذكورة آنفا ترشد الناس إلى الطريق الذي يؤدي إلى ملكوت السموات، وهذا الطريق الضيق وحده يوصل الناس إلى الحياة الأبدية، غير أن المعلمين الكاذبين أو الذئاب الذين يظهرون بثياب الحملان يسعون جهدهم لتضليل الناس وإبعادهم عن ذلك الطريق، فينبغي الاحتراس منهم ورفض تعاليمهم، ومن السهل معرفة هؤلاء المضلين؛ لأنهم يعلمون الناس الشر باسم الخير، فإذا كان أساس تعليمهم مبنيا على القوة والقتل فهم كذبة ماكرون، فمن ثمارهم تعرفون تعليمهم.
ليس كل من يذكر الله كثيرا يتمم إرادته، بل الذي يفعل أفعال الصلاح والخير؛ ولذا فمن يتمم الخمس وصايا المذكورة فإنه ينال حياة خالدة ثابتة لا ينزعها منه أحد، ومن لا يتممها فذاك تكون له حياة ضعيفة تنزع منه حتى لا يبقى له شيء.
وأما تعليم المسيح: فكان يدهش القوم ويوافق مشاربهم؛ لأنه كان يعلم أن جميع الناس أحرار.
وكان من جهة أخرى متمما لنبوة أشعياء النبي القائل: إن مسيح الله المختار قد جاء بالنور إلى العالم، وقد غلب الشر وأقام الحق بالتواضع والانكسار والصلاح وليس بالقوة.
متى، 9: 35: وكان يسوع يطوف المدن والقرى مرشدا الناس إلى السعادة وإتمام مشيئة الآب.
36: وكان يسوع يحزن على الناس؛ لأنه رآهم يهلكون دون أن يعرفوا ما هي الحياة الحقيقية، ويعذبون دون أن يعرفوا لذلك سببا مثل الخراف التي لا راعي لها.
5: 1: وجاء إلى يسوع ذات يوم جمهور عظيم من الشعب ليسمعوا تعليمه؛ فصعد إلى الجبل وأحاطه تلاميذه.
2: وشرع يسوع يعلم الشعب عما تتضمنه إرادة الله.
لوقا، 6: 21: فقال: طوبى لكم أيها المساكين الذين لا مأوى لكم؛ لأنكم بين يدي الله، وإذا جعتم الآن فإنكم ستشبعون، أو حزنتم وبكيتم فإنكم ستتعزون.
22: وإذا الناس احتقروكم أو نفوكم أو طردوكم.
23: فليفرحوا من أجل ذلك لأنهم طردوا من قبلكم رجال الله، ولكنكم ستنالون أجرا عظيما سماويا.
24: ولكن ويل للأغنياء؛ لأنهم نالوا كل ما يتمنون، ولا ينالون بعد ذلك شيئا.
25: أما الآن فإنهم مشبعون ولكنهم سيجوعون، والآن هم فرحون يضحكون ولكنهم سيحزنون ويبكون.
26: وإذا كان الناس يمجدونهم الآن، ويقولون عنهم كل كلمة حسنة، فالويل لهم في ذلك؛ لأنه لا يطلب المجد غير المخادعين الضالين، وأما المساكين الذين لا مأوى لهم؛ فإنهم يكونون سعداء إذا كانوا مساكين بالروح، وليس بحسب الظاهر، كالملح الذي لا نستطيع أن نحكم على جودته بمجرد النظر إلى لونه إذا كان صالحا غير فاسد.
متى، 5: 13: ولذلك أنتم أيها المساكين الذين بلا مأوى ومعلمي العالم طوبى لكم من أجل مسكنتكم الحقيقية، وأما إذا كنتم مساكين بالظاهر فلا أجر لكم، بل أنتم كالملح الفاسد الذي لا ينفع لشيء.
14: أنتم نور العالم؛ ولذلك لا تخفوا نوركم، بل أظهروه للناس.
15: فلا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال لكن على المنارة لينير على كل من في الغرفة.
16: فلا تخفوا نوركم أنتم أيضا، بل أظهروه بالأعمال؛ ليرى الناس أنكم تعرفون الحق، وعندما يرون أعمالكم الحسنة يعرفون أباكم السماوي.
17: ولا تظنوا أني أحلكم من الناموس، فإن تعليمي لا يحل الناموس، بل يأمر بإتمام الناموس الأبدي.
18: فما دام الناس عائشين تحت السماء يدوم الناموس على الأرض، وإنما الناموس يزول عندما يصبح الناس من أنفسهم يتممون الناموس الأبدي، وعليه فإني أرشدكم إلى وصايا هذا الناموس.
19: فكل من يحل واحدة من تلك الوصايا الصغار، ويعلم الناس أن يحلوا أنفسهم منها فإنه يكون الأخير في ملكوت السموات، وأما الذي يتممها ويعلم الناس بها فإنه يكون عظيما في ملكوت السموات.
20: ولذلك فإني أقول لكم: إن لم تزد أعمالكم الصالحة عن أعمال الكتبة والفريسيين فلن تستطيعوا دخول ملكوت السموات.
الوصايا
الوصية الأولى:
متى، 5: 21: جاء في الناموس القديم: لا تقتل، ومن قتل آخر فإنه يستوجب الدينونة.
22: وأما أنا فأقول لكم: إن كل من غضب على أخيه يستوجب الدينونة ويدان، وأعظم ذنبا من ذلك الذي يقول لأخيه كلمة سباب أو سفه.
23: وإذا أردت أن تصلي لله؛ فاذكر قبل ذلك هل يوجد إنسان في نفسه شيء ضدك؟
24: وإذا ذكرت أنك أهنت شخصا وتركت له عليك شيئا؛ فاترك صلاتك وامض وصالح أخاك أولا، وبعد ذلك صل، واعلموا أن الله لا يحتاج إلى القرابين والصلاة، بل يطلب السلام والوفاق والمحبة؛ ولذلك لا يجوز لكم أن تصلوا أو تذكروا الله في أفواهكم إذا كان لكم مبغض واحد.
فالوصية الأولى هي: ألا تحنقوا وتغضبوا ولا تشتموا أحدا، وإذا فعلتم ذلك فصالحوه حتى لا تدعوا أحدا يبغضكم أو في نفسه شيء منكم.
الوصية الثانية:
27: قيل في الناموس القديم: «لا تزن»؛ وأما أنا فأقول لكم: إنكم إذا تغزلتم بجمال المرأة ونظرتم إليها نظرا فاسدا فكأنكم قد زنيتم، وكل غواية تهلك النفس؛ ولذلك خير لكم أن تبتعدوا عن شهوات الجسد لئلا تهلكوا حياتكم.
19: 9: وإذا طلقت امرأتك تصبح زانيا، وتقودها إلى الزنا هي والذي يلتصق بها.
ولذلك (الوصية الثانية): لا تظن أن محبة المرأة أمر حسن ممدوح، فلا توجه التفاتك إلى جمال المرأة، ولا تتغزل بمحاسنها، بل عش مع تلك التي التصقت بها ولا تتركها.
الوصية الثالثة:
متى، 5: 33: جاء في الناموس القديم: «لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا»، ولا تحلف باسمه كذبا، ولا تدنس اسم إلهك (لاويين، 19: 12)؛ وأما أنا فأقول لكم: إن كل قسم يدنس اسم الله، فلا تحلفوا مطلقا.
متى، 5: 34: لا يجوز للإنسان أن يعطي وعدا؛ لأنه دائما موجود بين يدي الله، وتحت سلطته، والإنسان لا يستطيع أن يحول شعرة بيضاء من رأسه سوداء، فكيف إذن يجوز له أن يقسم أنه يفعل كذا وكذا؟! ويصنع كيت وكيت؟! ويقسم بالله أنه يستطيع ذلك؟!
36: وكل قسم يدنس اسم الله؛ لأن الإنسان يتمم ما أقسم به، وهو مخالف لإرادة الله، فإذا هو قد أقسم وتعهد بأنه يخالف إرادة الله، وكل قسم هو شر دائم.
37: وإذا سئلت عن شيء؛ فأجب: نعم، إذا كان نعم، أو لا ، إذا كان لا، وما تزيده على ذلك فهو شر؛ ولذلك (الوصية الثالثة): لا تقسم لأحد شيء مطلقا، ولا تزد على نعم أو لا، واعلم أن كل قسم إثم وشر.
الوصية الرابعة:
متى، 5: 38: قيل في الناموس القديم (الخروج، 21: 22): من يهلك نفسا فإنه ينبغي عليه أن يقدم نفسا مثلها، وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد، وثورا بثور وعبدا بعبد، وغير ذلك كثير.
39: أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر بالشر، ولا تأخذوا عينا بعين ولا ثورا بثور ولا نفسا بنفس.
40: وإذا أراد أحد أن يأخذ منك أمام المحكمة ثورك فأعطه الآخر، ومن أراد أن ينزع منك ثوبك فأعطه رداءك أيضا، ومن خلع من فكك سنا فحول له الفك الآخر.
41: ومن أراد أن يسخرك بشغل فضاعفه أنت.
لوقا، 6: 30: ومن أخذ منك مالك فلا تطالبه به؛ ولذلك.
37: لا تدينوا فلا تدانوا، ولا تعاقبوا أحدا، فلا أحد يدينكم ويقضي عليكم، تنازلوا للجميع وتساهلوا في جميع أعمالكم؛ لأنكم إذا حاكمتم الناس يحاكمونكم هم أيضا.
متى، 7: 1: لا تدينوا أحدا؛ لأنكم جميعا عميان لا تبصرون الحق.
3: ما بالك تنظر القذى الذي في عين أخيك ولا تبصر الخشبة التي في عينيك أولا ثم تبصر ما في عين أخيك.
لوقا، 6: 39: ألعل أعمى يستطيع أن يقود أعمى، أليس أنهما يسقطان كلاهما في حفرة؛ ولذلك فإن الذين يدينون ويتقاضون كالعميان يقودون العميان.
40: إن أولئك الذين يحاكمون ويحكمون بالقوة والجراح والشنق والموت يريدون أن يحكموا بين الناس بالعدل ويعلمونهم، وماذا يا ترى ينجم عن تعليمهم غير أن تلاميذهم يصبحون مثلهم؟ وماذا يفعل التلاميذ عندما يتعلمون غير ما يفعله معلموهم من أفعال القتل والقوة؟ وما شابه ذلك.
متى، 7: 6: لا تظنون أنكم تجدون العدل في المحاكم؛ لأن المحبة لا تقدم على المحاكم البشرية، ومن يفعل ذلك فيكون كمن يطرح درره أمام الخنازير فتدوسها بأرجلها، ثم تلتفت فتمزقه.
ولذلك الوصية الرابعة: فإنه مهما أهنت فلا تقاوم الشر ولا تدن أحدا لئلا يدينك، ولا ترفع دعوى على أحد ولا تعاقب أحدا.
الوصية الخامسة:
جاء في الناموس السابق متى، 5: 43: اصنعوا الخير مع أبناء أمتكم ووطنكم، وافعلوا الشر للغرباء.
44: وأما أنا فأقول لكم: لا تحبوا مواطنيكم فقط؛ بل أحبوا أيضا جميع الناس الغرباء والأجانب، وإذا أبغضكم الأجانب واضطهدوكم وأهانوكم؛ فاثنوا عليهم، وأحسنوا لهم، وقابلوهم بالخير.
لوقا، 6: 33: فإن أحببتم أهل وطنكم فقط وأحسنتم إليهم؛ فكأنكم لم تفعلوا شيئا تمتازون به عن الأجانب الذين يحبون بعضهم، ومن هذه البغضاء الموجودة بين الأمم تحدث الحروب، وأما أنتم فساووا بين جميع الناس، فتكونوا أبناء أبيكم السماوي الذي هو أب لجميع البشر، فإذن كلنا إخوة.
ولذلك (الوصية الخامسة): اصنعوا مع الأجانب ما قلت لكم أن تصنعوه مع نفوسكم؛ لأن الآب لا يفرق بين الناس والممالك؛ لأنهم كلهم إخوة أبناء أب واحد، فلا تميزوا بين الأمم والشعوب والممالك.
وعليه؛ فإنه يجب عليكم: (1) لا تغضبوا؛ بل سالموا الجميع. (2) لا تنغمسوا في شهوات الجسد. (3) لا تحلفوا لأحد بشيء. (4) لا تقاوموا الشر، ولا تدينوا ولا تدانوا. (5) لا تميزوا بين الناس، بل أحبوا الأجانب كما تحبون أنفسكم.
متى، 7: 12: وجميع هذه الوصايا تنحصر في وصية واحدة، وهي كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوه أنتم بهم.
6: 1: لا تتمموا هذه الوصايا على أمل أن تنالوا ثناء الناس فتنالون منهم أجركم، وأما إذا صنعتموها لغير الناس؛ فإنكم تنالون أجركم من أبيكم السماوي.
2: وإذا صنعت صدقة للناس؛ فلا تبوق بها أمام الناس بالبوق كما يفعل المراءون؛ لكي يمجدهم الناس، ويأخذوا منهم أجرهم.
3: وأما أنت إذا صنعت صدقة؛ فلا تعلم شمالك ما تصنع يمينك.
4: فيرى أبوك ذلك، ويعطيك جميع ما تحتاج.
5: وإذا صليت؛ فلا تكن كالمرائين الذين يصلون في الكنائس والمجامع على مرأى من الناس، فإذا هم يصلون للناس، ومنهم ينالون ما يتمنون.
6: وأما أنت إذا صليت؛ فادخل مكانا لا يراك فيه أحد، وصل لأبيك بروحك، فأبوك يرى ما في نفسك، ويعطيك بالروح جميع ما تتمنى.
7: ومتى صليت؛ فلا تكثر الكلام كالذين يتظاهرون بالصلاة؛ لأن أباك يعرف ما تحتاج إليه قبل أن تفتح فاك.
وأما أنتم فصلوا هكذا: يا أبانا الأزلي الأبدي، ليتقدس وجودك كما في السماء، فليأت ملكوتك لكي تتم إرادتك دائما أبدا على الأرض، أعطني طعام الحياة الحاضرة، وتغاض عن سيئاتي الماضية وامحها، كما أتغاضى وأمحو سيئات إخوتي، فلا أسقط في الضلال بل أنجو من الشر؛ لأن لك السلطة والقوة والمجد.
مرقص، 11: 25: ومتى صليتم؛ فإن كان لكم على أحد شيء فاغفروا له.
26: فإن لم تغفروا للناس زلاتهم؛ فأبوكم السماوي لا يغفر لكم زلاتكم.
متى، 6: 16: وإذا صمتم: فاحتملوا ولا تتظاهروا بالصيام أمام الناس، كما يفعل المراءون لكي يراهم الناس وينالوا منهم ما يتمنون.
17 و18: وأما أنت فلا تكن هكذا؛ بل احتمل الفاقة بالصبر، وسر بوجه باش متهلل حتى لا يراك الناس، ويراك أبوك السماوي فيعطك ما تحتاج.
19: لا تكنز لك كنوزا على الأرض، حيث يفسد السوس والدود يأكل والسارقون يسرقون، لكن اكنز لك كنزا في السماء.
20: فالكنز السماوي لا يفسده سوس ولا يأكله دود ولا يسرقه سارق.
21: لأنه حيث يكون كنزك فهناك يكون قلبك.
22: نور الجسد هي العين، ونور النفس هو القلب.
23: فإذا كانت عينك مظلمة؛ فجسدك كله يكون مظلما، وإذا كان نور قلبك مظلما؛ فنفسك كلها تكون مظلمة.
24: لا يستطيع أحد أن يخدم سيدين؛ لأنه: إما أن يرضي الواحد ويرذل الآخر، ولا أحد يقدر أن يخدم الله والجسد؛ لأنه إما أن يخدم الحياة الأرضية أو الله.
25: ولذلك لا تهتموا بما تأكلون أو تشربون أو تلبسون؛ لأن الحياة أفضل من الطعام واللباس، والله يعطيكم جميع ذلك.
26: انظروا إلى طيور السماء (مخلوقات الله)؛ فإنها لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن، ولكن الله يقوتها، والإنسان أمام الله أفضل من الطيور، وإذا كان الله أعطى الحياة للإنسان فإنه يستطيع أن يقوته.
27: وأنتم تعلمون أنكم مهما اهتممتم؛ فلا تقدروا أن تصنعوا لنفوسكم شيئا، ولا تقدروا أن تزيدوا في أعماركم ساعة واحدة.
28: ولماذا تهتمون باللباس؛ فإن أزهار الحقل لا تتعب ولا تغزل.
19: وإن سليمان في كل مجده لم يلبس لباسا جميلا مثل لباسها الزاهر.
20: فإذا كان الله ينبت عشب الحقل الذي ينمو اليوم وغدا يطرح في التنور ، أفلا يلبسكم أنتم؟!
31: فلا تهتموا قائلين: ماذا نأكل؟ أو ماذا نشرب؟ أو ماذا نلبس؟
32: لأن ذلك يحتاجه جميع الناس، والله يعلم باحتياجكم هذا.
33: فلا تهتموا بالمستقبل؛ لأنه عندما يأتي يهتم بشأنه.
متى، 7: 9 و10: هل يوجد أب يعطي ابنه حجرا عوض الخبز، أو حية عوض السمكة.
11: فإذا كنا نحن الناس الأشرار نعرف أن نعطي أولادنا ما يحتاجون إليه؛ فكم بالحري أبونا الذي في السماء؛ فإنه يعرف ما نحتاج إليه حقيقة، ويهبنا إياه إذا سألناه منه، اطلبوا فقط، والآب السماوي يهب حياة الروح للذين يسألونه.
13: ما أضيق باب الحياة! فادخلوا أنتم من الباب الضيق؛ لأن طريق الحياة واحد فقط، ولكنه ضيق وحرج محاط بسهل فسيح الأرجاء يؤدي إلى الهلاك.
14: الطريق الضيق يؤدي إلى الحياة، وقليلون الذين يجدونه ويدخلون منه.
لوقا، 12: 32: لا تخف أيها القطيع الصغير؛ لأن أباكم قد أعد لكم الملكوت.
متى، 7: 15: إنما احذروا من الأنبياء الكذبة (المعلمين) الذين يأتونكم بلباس الحملان وهم في الباطن ذئاب خاطفة.
16: من ثمارهم تعرفونهم، فهل يجنون من الشوك عنبا أو من العوسج تينا؟
17: لأن الشجرة الجيدة تعطي ثمرا جيدا والشجرة الرديئة تعطي ثمرا رديئا، فمن ثمار تعليمهم تعرفونهم.
لوقا، 6: 45: الرجل الصالح من قلبه الصالح يخرج الصلاح، والرجل الشرير من قلبه يخرج الشر؛ لأنه من فضلة القلب يتكلم الفم؛ ولذا فإذا كان المعلمون يعلمون الناس الآخرين ما هو شر لكم؛ فإنهم يحللون للناس استعمال القوة والقتل والحروب، فاعلموا أن هؤلاء معلمين كذبة.
متى، 7: 21: ليس كل من يقول لي: يا رب، يا رب؛ يدخل ملكوت السموات، لكن الذي يتمم إرادة الآب السماوي.
22: لأنهم سيقولون: يا رب، يا رب نحن علمنا بموجب تعليمك وطردنا به الشر.
23: ولكني سأنكرهم، وأقول لهم: إني ما عرفتكم مطلقا، ولا أعرفكم، اذهبوا عني خارجا لأنكم تعديتم وصاياي.
24: فكل من يسمع وصاياي هذه فلا يغضب ولا يسير في الضلال، ولا يرتكب الموبقات ولا يحلف، ولا يقاوم الشر، ولا يميز بين مواطنيه والأجانب، بل يسمعها ويعمل بها كالرجل الحكيم الذي بنى بيته على الصخر.
25: فلا تزعزع أركان بيته الرياح والأخطار.
26: ومن يسمع وصاياي هذه ولا يعمل بها يكون كالرجل الجاهل الذي بنى بيته على الرمل.
27: فتجيء الرياح والأمطار وتهدم ذلك البيت.
لوقا، 4: 22: ودهش الشعب من تعليم يسوع؛ لأنه كان مخالفا لتعليم الفريسيين والناموسيين الذين حسب ناموسهم ليتحتم على الناس أن يكونوا خاضعين لهم خضوعا أعمى، وأما يسوع فكان يعلم أن جميع الناس أحرار.
متى، 4: 14: وقد نمت على يسوع المسيح نبوة أشعياء النبي القائل.
16: الشاب الجالس في الظلمة وبقعة الموت أبصر نور الحياة، وأن الذي أحضر نور الحق لا يأتي بأقل ضرر للناس ولا يستعمل منهم القوة؛ لأنه وديع ومتواضع.
متى، 12: 19: لأنه لأجل أن يجلب الحق للعالم لا يخاصم ولا يصرخ ولا يسمع أحد صوته.
20: ولا يكسر قصبة ولا يطفئ كتانا مدخنا.
21: وأن آمال الناس موجهة كلها إلى تعليمه.
الفصل الخامس
«الحياة الحقيقية» (إتمام إرادة الآب يؤدي إلى الحياة الحقيقية)
(لتكن مشيئتك)
فحوى الفصل الخامس
حكمة الحياة هي أن تعرف نفسك ابنا للآب الروح.
إن الناس لا يبحثون إلا عن الحياة الجسدية والانغماس في ملذاتها، وفي الغالب ينالون ضالتهم التي يسعون إليها، ولكنهم يعذبون أنفسهم وغيرهم أيضا.
وكثيرون من الناس أيضا يطالعون التعاليم بشأن الحياة الخالدة الروحية فيدركون منافعها وأفضليتها، ويجنحون إلى الوداعة والتواضع وتذليل الجسد، ويسيرون بموجب مطالب الحياة الروحية؛ فيجدون فيها راحة وموافقة لأميالهم، ويعلمون أنهم لا يتوصلون إلى الحياة الحقيقية الخالدة إلا بها.
اضطر يسوع ذات مرة أن يطلب من امرأة غريبة ماء ليشرب، لكنها أبت عليه ذلك؛ لأنها تدين بديانة تخالف ديانته، ولكنه قال لها بشأن ذلك ما يأتي: لو كنت تعلمين أن الذي يطلب منك الماء هو إنسان حي، وبه روح الآب؛ لما امتنعت عن إعطائه الماء، بل لسعيت بفعلك الخير للاتحاد بالروح مع الآب، وروح الآب يعطيك في نظير ذلك ماء لا يعطش أبدا من يشربه، وتكون له الحياة الأبدية، وليس من لزوم للصلاح لله، بل يلزم خدمة أولئك الذين حلت روحه بهم خدمة حقيقية.
ثم قال يسوع لتلاميذه: إن طعام الإنسان الحقيقي هو أن يتمم إرادة الآب الروح، وهو أمر مستطاع في جميع الأحوال، إن حياتنا ما هي إلا مجموعة أثمار تلك الحياة التي زرعها فينا الآب، والأثمار هي الخير والصلاح اللذين نصنعهما للناس دون أن ننتظر عليهما أجرا أو مكافأة.
وجاء يسوع مرة إلى أورشليم، وفيما هو مجتاز مر على بركة ماء فرأى رجلا مريضا جالسا إلى جانبها لا يعمل شيئا، بل كان ينتظر شفاءه من مرضه بعجيبة، فدنا يسوع منه وقال له: لا تنتظر شفاءك بعجيبة أبدا، بل ابق عائشا ما دامت فيك قوة للمعيشة، ولا تغلط بفهم معنى الحياة. فسمع المريض كلام يسوع، ونهض من ساعته وسار في طريقه، ولما رأى ذلك الفريسيون حنقوا على يسوع؛ لأنه كلم الضعيف وأنهضه في يوم السبت، فقال يسوع: إنني لم أفعل شيئا جديدا، بل فعلت ما يفعله أبونا الروح الذي هو حي ويحيي الناس، وأنا فعلت هذا أيضا.
إن كل إنسان مطلق الحرية يستطيع أن يعيش أو يموت، فإذا أراد العيشة عليه أن يتمم إرادة الآب؛ أي إنه يفعل الخير مع الجميع، وإذا طلب الموت فإنه يتمم إرادة نفسه ويعيش على هواه ولا يفعل الخير لأحد، وفي إمكان كل واحد أن يفعل هذا وذاك فينال الحياة أو يهلكها، وحياة الناس الحقيقية تشبه رجلا قسم ثروته على عبيده، وأمر كل واحد أن يشتغل بالنصيب الذي ناله، فالبعض منهم اشتغل بالمال، والبعض الآخر لم يشتغل، بل أخفى ما أخذ، وعندما طلب الرجل محاسبة عبيده أغدق خيره على من اشتغل، ونزع النصيب الذي أعطاه لمن لم يشتغل، فثروة الرجل هي روح الحياة في الإنسان الذي هو ابن الآب الروح.
فمن يعمل في حياته يعمل للحياة الروح فينال حياة أبدية خالدة، ومن لا يعمل تنزع منه الروح التي أعطيت له.
والحياة الحقيقية هي الحياة العامة لجميع الناس، وليست حياة فرد من أفرادهم، ويتحتم على الجميع أن يعملوا للحياة العامة.
وبعد هذا مضى يسوع إلى البرية وتبعه جمهور غفير من الشعب، ولما حان المساء دنا منه تلاميذه وقالوا له: بم نعول هذا الشعب؟ وكان بين الحاضرين قوم تزودوا للطريق بالخبز والسمك، وبعضهم لم يأخذ معه زادا للطريق، فقال يسوع لتلاميذه: أحضروا لي كل ما عندكم من الخبز. ففعلوا، فأعطاه للتلاميذ، والتلاميذ أعطوا الذين ليس معهم زاد، ولما رأى فعلهم أولئك الذين كان معهم الخبز والسمك حذوا حذو التلاميذ وجعلوا يعطون الذين ليس معهم زاد، وعلى هذه الطريقة أكل الشعب وشبع، فقال إذ ذاك يسوع: افعلوا دائما هكذا؛ لأنه لا ينبغي على كل إنسان أن يسعى لتحصيل الطعام لنفسه فقط، بل ينبغي عليه أن يعمل طبقا لما تطلبه منه الروح الموجودة فيه؛ أي أن يعطي للغير كل ما عنده؛ لأن طعام الناس الحقيقي هو روح الآب، والناس عائشون بالروح، وينبغي عليهم أن يخدموا كل من فيه روح؛ لأن الحياة لا تقوم بإتمام إرادة كل منا، بل بإتمام إرادة أب الحياة.
وإرادة أب الحياة تطلب أن تبقى حياة الروح الموجودة في كل إنسان، وأن الجميع يضبطون في نفوسهم حياة الروح إلى آخر نسمة من حياتهم، والآب هو ينبوع جميع الحياة، أما الجسد فهو طعام حياة الروح والذي يمحض جسده لخدمة الروح ذلك يحيا فقط.
وبعد ذلك اختار يسوع تلاميذه، وأرسلهم إلى كل مكان ليكرزوا بتعليمه عن الحياة الروح، وعندما أرسلهم قال لهم: اكرزوا بين الناس بالحياة الروح؛ ولذلك ينبغي عليكم أن تبتعدوا عن جميع شهوات وملذات الجسد، لا تحملوا معكم شيئا مطلقا، وكونوا مستعدين للاضطهاد والعذاب والإهانة؛ لأن الناس الذين يحبون ويعبدون الجسد سيبغضونكم ويعذبونكم ويسلمونكم للقتل، ولكن أنتم لا تخافوا لأنكم إذا أتممتم إرادة الآب تكون لكم حياة الروح الخالدة التي لا يستطيع أحد أن ينزعها منكم؛ فذهب التلاميذ وعندما رجعوا أخبروه بأنهم في كل مكان حلوه كانوا يستظهرون على التعاليم الشريرة، وحينئذ قال الفريسيون ليسوع: إذا كان تعليمه يغلب الشر فهو إذن الشر بعينه؛ لأن الناس الذين يتممونه يتحملون العذاب والإهانة، فأجابهم يسوع: إن الشر لا يغلب بالشر مطلقا، وإنما الشر يغلب بالصلاح الذي هو في الحقيقة، ونفس الأمر إرادة الآب الروح العامة لجميع الناس، وكل إنسان يعلم أنه يستطيع عمل الصلاح مع الآخرين، وأنه بذلك يتمم إرادة الله، فإذن ينجم عن ذلك أن الصلاح يتوقف على إتمام إرادة الله بقطع النظر عما يصادف متممها من صنوف العذاب والموت. •••
متى، 11: 25: فتهلل يسوع بالروح، وقال: إني أعترف بأن روح الآب أصل كل شيء مما في السماء وما على الأرض؛ لأن الذي كان خافيا عن العقلاء والحكماء أصبح معلنا لعديمي الفهم الذين يعترفون بأنهم أبناء الآب.
28: الجميع يهتمون بمصالح الجسد ومطالبه، ورضخوا تحت أرزاء هذا الحمل الثقيل الذي لا يستطيعون احتماله، وحملوا نيرا ثقيلا لم يصنع لأجلهم، افهموا تعليمي واعملوا به فتجدوا الراحة والسرور في الحياة؛ لأني أنا أعطيكم حملا خفيفا ونيرا لينا وهما الحياة الروحية.
29: احملوا نير هذه الحياة، وتعلموا مني الوداعة، وخذوا عني الراحة والسعادة، كونوا ودعاء ومتواضعين بالقلب فتجدوا الغبطة في حياتكم.
30: لأن تعليمي ما هو إلا نير لين تستطيعون حمله، وإتمام تعليمي حمل خفيف تستطيعون حمله.
يوحنا، 4: 5: واجتاز يسوع مرة بمدينة للسامريين تدعى سوخار، واقعة بقرب الحقل الذي أعطاه يعقوب لابنه يوسف.
6: وكان هناك بئر يعقوب، وكان يسوع قد تعب من المسير فجلس عند البئر.
7: فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء، فقال لها يسوع: أعطيني لأشرب.
8: وكان تلاميذه قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا طعاما.
9: فقالت له المرأة السامرية: كيف تطلب أن تشرب مني وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية، واليهود لا يخالطون السامريين؟
10: أجاب يسوع وقال لها: لو كنت تعرفين عطية الله؛ ومن الذي قال لك: أعطيني لأشرب لكنت أنت تسألينه فيعطيك ماء الحياة.
11: فقالت له المرأة: إنه ليس معك دلو تستقي به والبئر عميقة، فمن أين لك ماء الحياة؟
12: ألعلك أعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا هذه البئر وشرب منها هو وبنوه وماشيته؟!
13: فأجاب يسوع، وقال لها: كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا، وأما من يشرب من الماء الذي أنا أعطيه له فلن يعطش أبدا.
14: بل الماء الذي أعطيه له يكون فيه ينبوع ماء ينبع إلى الحياة الأبدية.
15: فقالت له المرأة: أعطني هذا الماء لكيلا أعطش، ولا أجيء استقي من ها هنا.
16: فقال لها يسوع: اذهبي وادعي زوجك، وهلمي إلى ها هنا.
19: قالت له المرأة: أرى أنك نبي.
20: إن آباءنا سجدوا في هذا الجبل، وأما أنتم فتقولون: إن في أورشليم بيت الله؛ حيث ينبغي أن يسجد.
21: فقال لها يسوع: صدقيني أيتها المرأة؛ إنه لا في هذا الجبل ولا في أورشليم يسجدون ويصلون للآب.
32: ولكن جاء الوقت الذي به يصلون للآب بالروح والحق؛ لأن الآب إنما يريد مثل هؤلاء الساجدين.
24: لأن الآب روح والذين يصلون له، فبالروح والحق ينبغي أن يصلوا.
25: قالت المرأة: أنا أعلم أن مسيا سيأتي، ومتى جاء يخبرنا بكل شيء.
26: فقال لها يسوع: أنا قد أخبرتك بكل شيء.
28: فانطلقت المرأة إلى المدينة ودعت الناس.
31: وفي ذلك الوقت عاد تلاميذ يسوع وسألوه أن يأكل.
32: فقال لهم: إن لي طعاما ليس تعرفونه أنتم.
33: فظنوا أن أحدا جاءه بما يأكل.
34: ولكنه قال لهم: إن طعامي أن أعمل مشيئة ذاك الذي أعطاني الحياة، وأتمم العمل الذي عهده إلي.
35 و36: ولا تقولوا: إنه يوجد أيضا وقت كما يقول الفلاح الذي ينتظر الحصاد؛ لأن الذي يتمم مشيئة الآب فذاك يكون دائما مسرورا، لا يعرف الجوع ولا العطش، وإتمام مشيئة الله ترضي الإنسان وتنيله أجرا من نفسها، ولا يسوغ لكم أن تقولوا: إننا فيما بعد نتمم مشيئة الآب، فما دمنا عائشين نستطيع في كل وقت إتمامها.
37: إن حياتنا هي الحقل الذي زرعه الله، وأما العمل المطلوب منا فهو اقتطاف أثماره.
36: فإذا جمعنا الأثمار فإننا نأخذ أجرة حياة أبدية، والحق الذي لا مراء فيه هو أننا لسنا نحن الذين أعطينا لنفوسنا الحياة، وإنما آخر أعطانا الحياة، وإذا تعبنا لأجل جمع الحياة فإننا ننال أجرة كالحصادين، وإني أعلمكم أن تحصدوا أثمار تلك الحياة التي أعطانا إياها الآب.
يوحنا، 5: 1: ثم صعد يسوع إلى أورشليم.
2: وكانت في أورشليم في ذلك الوقت بركة ماء.
4: وكانوا يقولون عن هذه البركة: إنه كان ينزل فيها ملاك ويحرك ماءها؛ فيزداد بعد ذلك زيادة تذكر، وإن كل من كان ينزل إليها بعد تحريك الماء يشفى من أي مرض اعتراه.
2: وكان للبركة عدة أروقة.
3: وكان مضطجعا فيها مرضى كثيرون ينتظرون تحريك الماء.
5: وكان هناك رجل سقيم منذ ثمان وثلاثين سنة فسأله يسوع: من هو؟ فقال له الرجل: إني مريض منذ ثمان وثلاثين سنة كنت أنتظر في خلالها أن أنزل إلى البركة أولا بعد تحريك الماء لكي يبرأ جسمي، ولكني لم أتمكن من ذلك؛ لأن المرضى كانوا يسبقوني.
6: فرأى يسوع أن الرجل شيخ، فسأله: هل تريد أن تبرأ؟
7: فأجاب السقيم: ليس لي إنسان، إذا تحرك الماء يلقيني في البركة، بل بينما أكون متقدما ينزل قبلي آخر.
8: فقال له يسوع: استيقظ، واحمل سريرك، وامش.
9: فأخذ السقيم فراشه ومضى، وكان ذلك اليوم سبتا.
10: فقال له الفريسيون: إنه سبت، فلا يحل لك أن تحمل سريرك.
11: فقال لهم: الذي أنهضني أمرني أن أحمل سريري.
15: ثم مضى السقيم إلى الفريسيين، وقال لهم: إن يسوع هو الذي أبرأه.
16: فاغتاظوا، وجعلوا يضطهدون يسوع؛ لأنه فعل مثل هذا في السبت.
17: فأجابهم يسوع: إني أعمل ما يعمل أبي.
19: الحق أقول لكم: إن الابن لا يقدر أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما فهمه من الآب، وما يفعله الآب يفعله الابن.
20: الآب يحب الابن ويريه جميع ما يعمل.
21: كما أن الآب يحيي الموتى هكذا الابن يعطي الحياة لمن يريد، وبما أن جميع أعمال الآب حياة، فهكذا ينبغي أن تكون أعمال الابن.
22: إن الله لا يحكم على الناس بالموت، بل أعطاهم السلطة المطلقة ليحيوا أو يموتوا.
23: وإنهم سيحيون إذا أكرموا الابن كما يكرمون الآب.
24: الحق أقول لكم: إن ذاك الذي يفهم معنى تعليمي ويؤمن بآب جميع الناس العام فتكون له حياة وينجو من الموت.
25: إن أولئك الذين أدركوا معنى الحياة الإنسانية قد انتقلوا من الموت إلى الحياة الدائمة.
26: لأنه كما أن الآب له الحياة في ذاته كذلك أعطى الابن أن تكون له الحياة في ذاته.
27: وأطلق له الحرية وبها يعرف أنه ابن البشر.
28: ومن الآن ينقسم الأموات إلى فريقين.
29: فريق منهم الذي عمل الصالحات يجد الحياة ، وفريق فعل الشر يجد الهلاك.
30: وإني لا أحكم بهذا من نفسي، بل كما فهمته من الآب، وحكمي عادل لأني لست أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب.
31: وإذا شهدت لنفسي فليست شهادتي حقا.
36: وإنما أعمالي تشهد لي ولتعليمي، فإنها تدل على أن تعليمي ليس مني، بل من أب جميع البشر.
37: وأبي الذي علمني يثبت حقيقة وصاياي في نفوس الناس، ولكنكم لم تسمعوا صوته ولا تريدون أن تعرفوه.
38: ولم تتمسكوا بنداء هذا الصوت، ولم تؤمنوا بالروح الموجود فيكم الذي نزل عليكم من السماء.
39: ابحثوا في كتبكم تجدوا فيها ما يوافق تعليمي ووصاياي التي تعلم كل إنسان ألا يقصر معيشته على خدمة نفسه، بل يجب عليه أن يكرسها لفعل الخير والصلاح.
40: لماذا لا تعتقدون بوصاياي التي تعطي الحياة لجميع الناس؟
41: أنا أعلمكم باسم أب جميع البشر، ولكنكم لا تقبلون تعليمي، ولكن إذا علم أحدكم باسمه فإنكم تقبلون تعليمه.
44: لا ينبغي تصديق ما يعلم به الناس بعضهم بعضا، بل ينبغي أن نصدق بأن في كل إنسان ابن يماثل الآب.
لوقا: 19: 12: ولا ينبغي عليكم أن تعتقدوا بأن ملكوت الله شيء محسوس ظاهر للعيان، بل يجب أن تعتقدوا بأن ملكوت الله هو أن تتمموا إرادة الآب التي بواسطتها تنالون الحياة الأبدية، ثم ضرب لهم مثلا فقال: كان رجل شريف أراد أن يسافر من بلده.
13: وقبل سفره دعا إليه عبيده، ووزع عليهم عشر وزنات، وقال لهم: تاجروا بها حتى أعود.
14: وحدث أنه بعد أن سافر قال البعض من أهالي المدينة: إننا لا نريد أن يملك علينا بعد، فشقوا عليه عصا الطاعة.
15: وعندما رجع الرجل الشريف من سفره دعا إليه عبيده الذين سلمهم الوزنات وطلب إليهم أن يعلموه بما فعل كل منهم بالمال الذي أخذه.
16: فأقبل الأول وقال: يا سيد إن وزنتك قد ربحت عشر وزنات، فقال له: أحسنت أيها الخادم الأمين! قد وجدت أمينا في القليل فأقيمك أمينا على الكثير ، وأنت من الآن شريك لي في جميع سلطاني وثروتي.
18: ثم جاء العبد الثاني وقال: يا سيد إن وزنتك ربحت خمس وزنات.
19: فقال لهذا أيضا: أحسنت أيها الخادم الأمين، فكن شريكا أيضا لي في سلطاني.
20: وجاء عبد آخر وقال: هو ذا وزنتك، فقد أخفيتها في منديل ودفنتها في الأرض.
21: لأني خفت منك لكونك رجلا قاسيا تأخذ ما لم تضع، وتحصد ما لم تزرع.
22: فقال له: من فمك أدينك أيها العبد الأحمق، قد علمت أني رجل قاس آخذ ما لم أضع وأحصد ما لم أزرع، فلماذا لم تفعل بمالي كما أمرتك؟
متى: 25: 26 و27: فلو أنك اشتغلت بوزنتي لزادت أضعافا وكنت أتممت أوامري، وبما أنك لم تقم بما عهد إليك فإننا نسترد الوزنة منك.
لوقا، 19: 23-28: وأمر السيد بأن تؤخذ الوزنة من الذي أخفاها، وأن تعطى للذي اشتغل كثيرا.
24 و25: لأن كل من له يعطى فيزداد، ومن ليس له يؤخذ منه ما هو له.
متى، 25: 30: لأن جميع الذين لا يريدون أن يكونوا تحت سلطاني اطردوهم خارجا حتى لا يكونوا فيه.
السيد هو أصل الحياة، أعني الآب الروح وعبيده هم الناس، والوزنات هي حياة الروح، وأن السيد لا يشتغل بنفسه بوزناته أو بماله، بل يأمر عبيده أن يشتغل كل لنفسه، وهكذا فإن الآب الروح جعل روح الحياة في الناس، وأمرهم أن يشتغلوا لحياة الناس، وتركهم وشأنهم، أما الذين أرسلوا يقولون: إنهم يريدون الخروج عن طاعة السيد هم أولئك الذين لا يريدون معرفة روح الحياة.
أما رجوع السيد وطلب تقديم الحساب فهو نهاية حياة الجسد ومعرفة ما يفضي إليه حظ الناس، وهل تكون لهم حياة أخرى غير التي أوتوها أولا، أما العبيد الذين قاموا بوصية السيد وأتموا أوامره واشتغلوا بالمال الذي أعطي لهم بأمانة فربحوا أولئك الناس الذين إذا أخذوا الحياة، أدركوا أنها هي إرادة الآب يجب عليها أن تخدم حياة الآخرين.
أما العبد الأحمق الشرير الذي أخفى وزنته ولم يشتغل بها فهم أولئك الناس الذين يتممون إرادتهم الخاصة فقط وليس إرادة أبيهم، ولا يخدمون حياة الآخرين، ثم إن العبيد الذين أتموا إرادة السيد واشتغلوا حتى يزيدوا ماله أصبحوا شركاء له في جميع ممتلكاته، وأما العبيد الذين لم يتمموا إرادته ولم يشتغلوا بماله ينزع منهم ما أعطي لهم، ثم إن الناس الذين ساروا حسب مشيئة الآب فخدموا الحياة يصبحون شركاء في حياة الآب، وينالون حياة جديدة بقطع النظر عن هلاك حياة الجسد، والذين لم يتمموا مشيئة الآب ولم يخدموا الحياة تنزع تلك الحياة التي أعطيت لهم ثم يهلكون، والذين شقوا عصا الطاعة ولم يريدوا البقاء في سلطان السيد فإنه لا يعترف بهم، بل يطردهم، والناس الذين لا يعترفون بنفوسهم حياة الروح (الابن) فأولئك لا أثر لهم عند الآب.
يوحنا، 6: 1: وبعد ذلك انطلق يسوع إلى مكان مقفر.
2: وتبعه جمع كثير من الشعب.
3: فصعد يسوع وجلس هناك مع تلاميذه.
5: ورأى أن جمعا كثيرا مقبلا، فقال: من أين نبتاع خبزا لنطعم هذا الشعب؟
6: فقال له فيلبس: إنه لا يكفيهم خبز بمائتي دينار حتى يصيب كل واحد منهم شيئا يسيرا.
متى، 14: 17؛ ويوحنا، 6: 9: ولكن عندنا خمسة أرغفة وسمكتان، وقال تلميذ آخر مع الشعب: يوجد خبز أيضا، فإني رأيت غلاما معه خمسة أرغفة وسمكتان.
يوحنا، 6: 10: مروا الناس أن يتكئوا على العشب.
11: فأخذ يسوع الخبز الذي كان عنده وأعطاه إلى تلاميذه فأعطوه للشعب، وجعلوا يعطون بعضهم بعضا مما عندهم؛ فشبعوا كلهم، وفضل عنهم شيء كثير.
26: وفي اليوم التالي جاء الشعب أيضا إلى يسوع فقال لهم: الحق أقول لكم إنكم لم تأتوا إلي لأنكم عاينتم العجائب، بل لأنكم أكلتم الخبز وشبعتم.
27: وقال لهم أيضا: اعملوا لا لطعام الجسد الفاني، بل للطعام الباقي الأبدي الذي يعطيكموه روح ابن البشر الذي قد ختمه الله.
28: فقال له اليهود: ماذا نصنع حتى نعمل أعمال الله؟
29: فقال يسوع: هو ذا عمل الله أن تؤمنوا بالحياة التي أعطاكم إياها.
30: فقالوا له: أقم لنا برهانا لكي نؤمن بما تصنع.
31: آباؤنا أكلوا المن في البرية كما هو مكتوب؛ إنه أعطاهم خبزا من السماء ليأكلوا.
32: فأجابهم يسوع: إن الخبز السماوي الحقيقي هو روح ابن البشر الذي يعطيه الآب.
33: لأن طعام الإنسان هو الروح النازل من السماء الذي يعطي الحياة للعالم.
35: تعليمي يعطي الطعام الحقيقي للناس، فالذي يتبعني فلا يجوع أبدا، والذي يصدق تعليمي فلا يعرف العداوة مطلقا.
36: وقد قلت لكم: إنكم رأيتم هذا، ولكنكم لا تصدقون.
37: ثم إن الحياة التي أعطاها الآب للابن ظهرت واضحة في تعليمي، وكل من يصدقه يشترك به.
37: أنا نزلت من السماء ليس لأعمل كل ما أريد، بل لأتمم مشيئة الآب الذي أعطاني الحياة.
39: ومشيئة الآب الذي أرسلني تطلب مني أن أحافظ على الحياة التي أعطيتها حتى لا أهلك منها شيئا.
40: وهذه هي مشيئة الآب الذي أرسلني أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له الحياة الأبدية في اليوم الأخير (الجسد).
41: فتذمر اليهود لأنه قال: إن تعليمي نزل من السماء.
42: وقالوا: أليس هذا هو يسوع بن يوسف الذي نعرف أباه وأمه؟ فكيف هذا يقول: إن تعليمي نزل من السماء؟
43: فقال لهم يسوع: لا تبحثوا عمن أنا ولا من أين أتيت.
44: إن تعليمي حقيقي، ليس لأني كموسى أقول لكم: إن الله موجود على جبل سيناء حيث كلمني، كلا، بل لأن تعليمي موجود فيكم أيضا، والذي يصدق وصاياي لا يتممها من أجل كلامي، بل لأن الآب يجذبه إليه، وتعليمي يعطيه الحياة في اليوم الأخير.
44: قد كتب في الأنبياء: إنهم يكونون بأجمعهم متعلمين من الله، فكل من يتعلم من الله ويعرف إرادته ذلك يقبل من نفسه على تعليمي.
46: ليس أحد رأى الآب سوى الذي هو من الله، فهذا قد رأى الآب.
47: من يؤمن بي وبتعليمي فله الحياة الأبدية.
58: فتعليمي هو طعام الحياة.
49: آباؤكم أكلوا المن في البرية الذي نزل من السماء، ولكنهم ماتوا.
50: وطعام الحياة الحقيقي قد نزل من السماء، والذي يأكل منه فلا يموت.
51: تعليمي هو طعام الحياة النازل من السماء، والذي يأكل منه يحيا إلى الأبد، وهذا الطعام الذي أعلم به هو جسدي الذي أمحضه لخدمة حياة جميع الناس.
52: فلم يفهم اليهود أبدا ما قال، وتخاصموا فيما بينهم قائلين : كيف ولماذا يعطي جسده طعاما للناس؟
53: فقال لهم يسوع: إذا لم تكرسوا جسدكم لحياة الروح؛ فلا تكون لكم حياة.
54: والذي لا يكرس جسده لأجل حياة الروح؛ فلا تكون له حياة حقيقية.
55: والذي في يقدم الجسد للروح، وهو يحيا فقط؛ ولذلك: فإن أجسادنا هي الطعام الحقيقي للحياة الحقيقية.
56: والذي في يأكل جسدي، ويضحي الحياة الجسدية على مذبح خدمة الحياة الحقيقية، ذلك هو أنا، وهو في وأنا فيه.
57: مشيئة الآب هي أن أحيا في الجسد، والذي في يحيا بحسب إرادتي.
60: إن كثيرا من تلاميذه لما سمعوا ذلك قالوا: هذا الكلام صعب، من يستطيع سماعه؟
61: فقال لهم يسوع: وأنتم أيضا تشكون حتى إنه ظهر كلامي لكم صعبا، وأنا لم أقل شيئا غير أن الإنسان كان ويوجد وسيبقى موجودا أيضا.
63: الإنسان روح في الجسد، والروح يعطي الحياة، والكلام الذي قلته لكم ورأيتموه صعبا لا يتضمن سوى أن الروح هي حياة.
لوقا، 10: 1: وبعد ذلك اختار يسوع من المقربين إليه سبعين رجلا، وأرسلهم إلى كل مدينة وموضع أزمع أن يأتي إليه.
2: وقال لهم: إن كثيرا من الناس لا يدركون ماهية الحياة الحقيقية، وإني أحزن عليهم من أجل هذا، وأريد أن أعلمهم جميعا، ولكني كذلك الفلاح الذي لا يستطيع وحده أن يحصد حقله، وأنا لا أستطيع وحدي القيام بتعليم الناس.
3: فاذهبوا أنتم إلى مدن كثيرة، ونادوا بين الناس بإتمام مشيئة الآب، وعلموهم أن يسيروا بموجب الخمس وصايا: (1) لا تغضب. (2) لا تزن. (3) لا تحلف. (4) لا تقاوم الشر. (5) لا تفرق بين القريب والغريب.
وذلك ينبغي عليكم أنتم أن تتموا جميع هذه الوصايا.
متى، 10: 16: ها أنا مرسلكم، مثل خرفان بين ذئاب، كونوا حكماء كالحيات، وبسطاء أنقياء كالحمام.
لوقا، 10: 4: وأوصيكم أن لا تحملوا كيسا ولا مزودا ولا حذاء ولا مالا، ولا تفرقوا بين الناس، ولا تطلبوا شيئا من أصحاب البيوت التي تدخلونها.
مرقص، 6: 10: وأي بيت دخلتموه فامكثوا فيه حتى تخرجوا منه، وعندما تدخلونه سلموا على أهله.
11: فإذا قبلكم أهل البيت فامكثوا عندهم، وإلا فاذهبوا إلى بيت آخر.
متى، 10: 22: وتكونون مبغضين من الجميع الذين يهجمون عليكم ويطردونكم من مكان إلى آخر.
23: وإذا طردوكم من قرية؛ فامضوا إلى أخرى، فإذا طردوكم منها أيضا ، فاذهبوا إلى قرية ثالثة، وهلم جرا.
إنهم سيطردونكم كما تطارد الذئاب الخراف، أما أنتم فلا تخافوهم؛ بل اصبروا حتى الساعة الأخيرة، وسيقودونكم إلى المحاكم لمحاكمتكم، وسيجلدونكم، ويسلمونكم إلى الرؤساء والولاة لكي تبرروا أنفسكم أمامهم.
متى، 10: 19: وإذا أسلموكم إلى المحاكم؛ فلا تهتموا كيف أو بماذا تتكلمون؛ لأن روح الآب يرشدكم إلى ما ينبغي أن تقولوا.
23: الحق أقول لكم: إنكم لا تتمون جميع المدن حتى يفهم أهلها ويصدقون تعليمكم ويرجعون إليه.
26: ولذلك فلا تخافوهم، فإن ما هو مخفي في نفوس الناس سيظهر إلى الخارج.
27: والذي تقولونه إلى اثنين أو ثلاثة يشيع بين الألوف.
28: ولا تخافوا ممن يقتل الجسد ولا يستطيع أن يقتل النفس، بل خافوا ممن يقدر أن يهلك النفس والجسد معا، وذلك نصيب أولئك الذين لا يتممون مشيئة الآب.
29: أليس خمسة عصافير تباع بقرش؟ ولكن لا يموت منها واحد بدون إرادة الآب.
30: وكذلك فلا تسقط شعرة من رءوسكم بدون إرادة الآب.
31: فلا تخافوا إذا كنتم بين يدي الله وفي سلطانه.
34: كثيرون لا يصدقون تعليمي، وأولئك يبغضونه لأنه يحرم عليهم ما يحبون ويشتهون.
لوقا، 12: 49: لأن تعليمي كالنار يحرق العالم.
51: ولذلك ينجم عنه شقاق في العالم.
52: حتى ويحدث انشقاق في كل بيت.
53: يخاصم الأب ابنه، والأم بنتها، وجميع أفراد العائلة يخاصمون ذاك الذي يفهم تعليمي ويؤمن به، ومن ثم يقتلونه.
14: 26: ولذلك فمن يصدق تعليمي؛ فيصبح أباه وأمه وزوجته وأولاده وأملاكه لا شيء في نظره، بل يتركهم جميعا من أجل تعليمي.
متى، 12: 22: وحينئذ جاء الفريسيون وعلماء اليهود من أورشليم إلى يسوع، وكان يعلم في قرية، وقد اجتمع حوله جم غفير من الشعب ليسمع كلامه.
24: فقال الفريسيون للشعب: لا تسمعوا وصايا يسوع؛ لأنهم إن فعلوا ذلك يكونوا كأنهم تبعوا الشيطان، وتكن ضلالتهم الأخيرة أشر من الأولى. وقالوا لهم أيضا: إن يسوع يطرد الشر بالشر.
26: فدعاهم يسوع إليه، وقال لهم: تقولون: إني أطرد الشر بالشر، فإنه لا توجد قوة تهلك نفسها ولا تقاوم ذاتها.
27: أنتم تطردون الشر بالتهديد والشنق والقتل، ولكن الشر لم ينقطع؛ لأنه لا يستطيع أن يطرد بعضه، وأما أنا فإني أطرد الشر، ليس كما تطردونه أنتم، فإذن أنا أطرده بغير الشر.
28: إني أطرد الشر بدعوتي الناس إلى إتمام مشيئة لروح الآب الذي يهب الحياة للجميع، والخمس وصايا تعبر عن إرادة الروح الذي يعطي الخير والصلاح والحياة.
29: ولذا فإنها، أي الوصايا، تطرد الشر، وذلك أعظم دليل لكم على صحتها، وإذا لم يكن الناس أبناء روح واحد لأصبح طرد الشر مستحيلا، كما أنه لا نستطيع أن ندخل بيت القوي وننهبه؛ ولذلك ينبغي أولا أن نربط القوي ونشد وثاقه، وعلى هذا المثال: فإن جميع الناس متحدين بوحدة روح الحياة.
41: ولذلك أقول لكم: إن كل غلطة وتعليم كاذب يغتفر للناس، ولكن تجديفهم على الروح القدوس الذي يعطي الجميع الحياة فلا يغفر لهم.
32: إذا قال لكم أحد كلمة ضد الإنسان؛ فذلك ليس بشيء، ولكن إذا قال كلمة ضد ما هو مقدس في الإنسان وأعني به الروح؛ فإنه لا يحسن السكوت عن ذلك، اشتموني ما استطعتم ولكن لا أسكت إذا قلتم شرا عن وصايا الحياة التي كشفتها لكم.
30: ينبغي أن نكون مع روح الحياة، ومن ليس معه فهو ضده، ويجب أن نخدم روح الحياة والصلاح الموجود عند جميع الناس، وليس يخدم كل واحد منا نفسه فقط.
33: ولذلك ينبغي عليكم أن تعتقدوا بأن الحياة والصلاح هما خير للعالم أجمع، وإذ ذاك تتمنون الحياة والخير لجميع الناس، وأما إذا اعتقدتم بأن الحياة والصلاح هما شر فإذ ذاك لا تتمنون الخير حتى لنفوسكم، فإما أن تجعلوا الشجرة صالحة وثمرها صالحا، وإما أن تجعلوا الشجرة فاسدة وثمرها فاسدا؛ لأن من الثمر تعرف الشجرة.
الفصل السادس
الحياة الكاذبة
ولذلك ينبغي على الإنسان لكي ينال الحياة الحقيقية أن ينكر حياة الجسد الكاذبة على الأرض ويعيش بالروح. (وعلى الأرض كما في السماء.)
فحوى الفصل السادس
لا فرق عند حياة الروح بين الأهل والأجانب الغرباء.
قال يسوع : إن أمه وإخوته ليس لهم عنده أهمية تذكر، وإنما هو يهتم بإخوته الذين يتممون مشيئة الآب العام لجميع البشر؛ لأنه لا تتوقف غبطة وسعادة الإنسان على الأهل والأقارب، بل على حياته الروحية، ثم قال أيضا: طوبى لأولئك الذين يضبطون كلمة الآب في نفوسهم؛ لأنه لا يوجد مسكن للإنسان العائش بالروح، ويسوع قال عن نفسه أن ليس له مكان يسند إليه رأسه؛ لأن إرادة الله يمكن إتمامها في كل مكان وزمان، ثم إن الإنسان الذي سلم نفسه ومحضها لخدمة الله فلا ينبغي عليه أن يخشى الموت الجسدي؛ لأن حياة الروح لا تتوقف على موت الجسد ومن يؤمن بحياة الروح فلا يخشى شيئا ولا يجب أن تحول بينه وبين الروح جميع اهتمامات هذا العالم وملذاته، ثم إن يسوع قال لذلك الذي طلب إليه أن يأذن له أولا أن يدفن أباه ثم يتبعه لاستماع تعليمه: «إن الموتى فقط يهتمون بدفن الموتى؛ لأن الأحياء يهتمون دائما أبدا بإتمام مشيئة الآب.»
ثم إنه لا يجب أن يحول أيضا الاهتمام بالأهل والأقارب بين الإنسان والروح، والذي يزعم أنه ماذا ينجم له عن خدمة الروح هو كالحراث الذي يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء.
ثم قال يسوع: إن من يسعى للحصول على الحياة الحقيقية المتوقفة على إتمام مشيئة الله ينبغي عليه ألا يهتم بهذه الحياة الدنيا، ويدبر شئون معيشته كما يريد، بل يطلب منه أن ينكر جميع ملذات الحياة وشهواتها، ويكون مستعدا في كل آونة لاحتمال العذاب والإهانة والاضطهاد.
إن ذلك الذي يهتم بحياة الجسد وشهواته يخسر الحياة الحقيقية الخالدة.
إن أعظم أمر يهلك حياة الروح هو حب المجد الباطل والسعي وراء تحصيل الثروة، والناس ينسون أنهم مهما جمعوا من المال والعقار معرضون للموت في كل ساعة؛ لأن الموت ملازم للإنسان كظله، فإن المرض وقتل الناس والمصائب المتعددة التي تصادف الإنسان تستطيع في كل ثانية إيقاف حركة الحياة، فالموت الجسدي هو من شروط الحياة الإنسانية الفانية.
ينبغي على الإنسان أن يضع نصب عينيه: أنه ضيف على هذه الأرض، لا بد له يوما من الأيام أن يرحل عنها، ومن الجهل والحماقة أن نتناسى هذا الأمر ونعرض عنه ، نحن أوتينا عقل نستطيع بواسطته أن ندرك ما يحدث على الأرض ويجري في السماء، ولكننا نتجاهل أننا نموت، ولو تذكرنا ذلك لما تهورنا في الملذات وكرسنا حياتنا لخدمة الجسد، ينبغي على كل إنسان أن يتروى ويتبصر دائما أبدا في المصير الذي يفضي إليه، فيظهر له جليا أن اتكاله على الجسد لا يجديه نفعا، وإنما ينال الغبطة والراحة إذا اتكل على مشيئة الله وسار بموجبها في هذه الحياة الدنيا، إن الله قد وهب الناس الحياة الحقيقية وهم يعرفونها ويسمعون صوتها، ولكن اهتمامات هذا العالم تحولهم عنها وتحرمهم إياها، فالحياة الحقيقية تشبه الوليمة التي أولمها الغني ودعا إليها أشخاصا معدودين، كما أن صوت الروح الآب يدعو إليه جميع الناس، ولكن بعض المدعوين لم يحضروا لاشتغالهم بتجارتهم، وبعضهم لاهتمامهم بأملاكهم، وبعضهم بأهله وزوجته، ولم يجب الدعوة غير الفقراء والمساكين الذين لا تشغلهم مشاغل الجسد، فحضروا الوليمة وفازوا بالسعادة، وهكذا فإن جميع الناس منغمسون بالشهوات والاهتمام، فحرموا نفوسهم من الحياة الحقيقية؛ فالذي لا يطرح الاهتمام بالجسد جانبا ذلك لا ينال الحياة الصالحة؛ لأنه لا يستطيع أن يخدم جسده والآب في آن واحد.
إن الحياة الجسدية هي وديعة مودعة عندنا، والثروة المالية التي نحصل عليها ينبغي أن نستعملها لننال الثروة الحقيقية.
إذا توظف رجل وكيلا لأحد الأغنياء ينبغي عليه أن يفتكر دائما بأن الغني يحاسبه على أعماله، ويحتمل أن يطرده في كل ساعة من وظيفته فيصبح لا يملك شيئا، ويفعل ذلك الوكيل عين العقل إذا كان أثناء وجوده وكيلا للغنى متصرفا بثروته، يصنع الخير لجميع الناس، حتى إذا أصبح يوما ما من غير وظيفة يعطفون عليه ويطعمونه خبزا، وعلى هذا المثال ينبغي على الناس أن يسيروا في حياتهم الدنيوية، وليعلموا أن الجسد هو كثروة الغني يتصرفون به إلى أجل مسمى، فإذا أحسنوا الاستعمال ينالون الثروة الحقيقية.
فإذا نحن لم نعط ثروتنا الكاذبة فإننا نخسر الحقيقية ، فلا يجوز خدمة الحياة الكاذبة والروح معا، فإما أن نخدم المال أو نخدم الله؛ لأن الثروة هي شر في عيني الله، والغني يرتكب خطيئة لا تغتفر؛ لأنه يعيش بالرفاه والرخاء ويأكل المأكولات الفاخرة، والمساكين على بابه يتضورون جوعا وبطونهم خاوية خالية، ومن الحقائق المقررة: أن من لا يصنع الإحسان للناس فلا يتمم إرادة الله.
وجاء مرة إلى يسوع رجل فريسي غني، وأخذ يمدح ذاته بقوله: إنه يتمم جميع وصايا الناموس، فقال له يسوع: إنه توجد وصية أخرى تأمر بأن تحب جميع الناس مثل نفسك، فقال الفريسي: إنه كذلك، فقال له يسوع: لا أصدق ذلك؛ لأنك لو كنت تحب الناس لما كنت غنيا صاحب أملاك واسعة، بل كنت توزع مقتنياتك على الفقراء، وتعطيهم من أموالك.
ثم قال يسوع لتلاميذه: يتبادر لذهن الناس أن العيشة غير مستطاعة بدون المال، ولكني أقول لكم: إن حياة الإنسان الحقيقية هي أن يعطي كل ما يملك للآخرين.
وحدث أن رجلا اسمه زكا سمع تعليم المسيح وصدقه، ثم دعاه إلى بيته، وقال له: إني أعطي نصف أملاكي للفقراء، وأرد أربعة أضعاف لكل من سلبت منه شيئا، فقال يسوع: هو ذا إنسان يسعى إلى تتميم إرادة الآب.
لا يستطيع أحد أن يقيس فعل الخير بمقياس، ولا يصح أن نقول: فلان أعطى كثيرا وفلان أعطى قليلا، فالأرملة التي دفعت قرشا واحدا أعطت أكثر من الغني الذي دفع الألوف.
متى، 12: 46: وجاءت إلى يسوع أمه وإخوته ولم يستطيعوا أن يروه لكثرة الجموع.
لوقا، 8: 20: فتقدم إليه رجل، وقال له: إن أمك وإخوتك واقفون خارجا يريدون أن يروك.
21: فقال له: إن أمي وإخوتي هم الذين يعرفون إرادة الله ويتممونها.
11: 27: فرفعت امرأة صوتها وقالت: طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين رضعتهما.
28: فقال يسوع: إنما الطوبى للذين يفهمون كلمة الله ويحتفظون بها.
9: 57: فقال واحد ليسوع: أتبعك إلى حيث تمضي.
58: فقال له يسوع: أن ليس لي بيت أسكنه ولا مكان معين لي، وإنما الوحوش فقط لها أوجرة وأوكار، وأما الإنسان فكل مكان هو بيت له إذا كان عائشا بالروح.
مرقص، 6: 45: وركب ذات مرة يسوع السفينة مع تلاميذه ليعبروا بها إلى الجهة المقابلة.
46: فهبت ريح شديدة في البحيرة كادت تغرق السفينة.
47: أما هو فكان نائما عند مؤخر السفينة؛ فأيقظه تلاميذه، وقالوا له: يا معلم أليس ترى أننا نكاد نغرق؟
ولما هدأت الريح قال لهم: لماذا اضطربتم وخفتم؟ أليس عندكم إيمان بحياة الروح؟
لوقا، 9: 59: فقال يسوع لرجل: اتبعني، فأجابه الرجل: لي أب شيخ فأذن لي أن أدفنه أولا ثم أتبعك.
60: فقال له يسوع: دع الموتى يدفنون الموتى، وأما أنت إذا أردت أن تكون حيا فتمم إرادة الله وناد بها.
61: ورجل آخر قال ليسوع: إني أريد أن أكون تلميذا لك وأتمم إرادة الآب كما تأمر، ولكن ائذن لي أولا أن أدبر شئون عائلتي.
62: فقال له يسوع: إذا كان الحراث ينظر إلى الوراء؛ فلا يستطيع أن يحرث.
لوقا، 10: 38: فدخل يسوع قرية، فقبلته بها امرأة اسمها مرثا، ودعته مع تلاميذه إلى بيتها.
39: وكانت لها أخت اسمها مريم، وكانت جالسة عند قدمي يسوع تسمع كلامه.
40: أما مارثا فكانت مرتبكة بأمر الطعام، فوقفت، وقالت ليسوع: أما يعنيك أن أختي قد تركتني وحدي أخدم؟ فقل لها أن تساعدني.
41: فقال لها يسوع: مرثا مرثا! إنك مهتمة ومضطربة بأمور كثيرة، وإنما الحاجة إلى واحد.
42: فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لا ينزع منها، فإن الحياة لا تحتاج إلا لطعام الروح.
لوقا، 9: 23: ثم قال يسوع للجميع: من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه، ويستعد في كل ساعة لاحتمال العذاب ومصائب الجسد.
24: لأن من يهتم بحياة الجسد فذلك يهلك الحياة الحقيقية، ومن يهلك حياة الجسد بإتمامه إرادة الله؛ فذلك يخلص الحياة الحقيقية.
25: لأنه ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه أو خسرها.
لوقا، 12: 15: وقال يسوع: احذروا المال؛ فإنه ليست حياة أحد بكثرة أمواله.
16: رجل غني أغلت له أرضه كثيرا.
17 و18: فقال في نفسه: أهدم أهرائي وأبني أعظم منها، وأخزن فيها جميع أرزاقي وخيراتي.
19: وأقول لنفسي: يا نفس، إن لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة؛ فاستريحي، وكلي، واشربي، وتمتعي .
20: فقال له الله: يا جاهل! في هذه الليلة تطلب نفسك منك، فهذه التي أعددتها لمن تكون؟
21: هكذا يكون لكل من يعد للجسد ولا يعيش بما لله.
لوقا، 13: 2: فقال لهم يسوع: تقولون: إن بيلاطس قتل الجليليين، فهل تظنون أنهم كانوا أكثر إثما من الآخرين حتى نكبوا بمثل ذلك؟
3: كلا، كلا، بل إننا كلنا كذلك، ونهلك جميعا إذا لم نجد خلاصا من الموت.
4: وأولئك الثمانية عشر رجلا الذين هبط عليهم البرج وقتلهم؛ هل كانوا أشد رداءة من جميع سكان أورشليم؟!
5: كلا، فإذا نحن لم ننج من الموت؛ فإننا سنهلك مثلهم، إنما غدا وليس اليوم.
6: وإذا لم نهلك مثلهم؛ فإنه ينبغي علينا أن نفتكر بنفوسنا بما هو آت: كان لرجل تينة مغروسة في كرمه، فجاء يطلب فيها ثمرا فلم يجد.
7: فقال للكرام: ها إن لي ثلاث سنين آتي وأطلب ثمرا في هذه التينة فلا أجد، فأقطعها، فلماذا تعطل الأرض؟
8: فأجابه الكرام وقال: دعها هذه السنة أيضا حتى أعزق حولها، وألقي دمالا؛ فإن أثمرت وإلا نقطعها فيما بعد.
وهكذا ما دمنا عائشين بالجسد ولا نعطي ثمر حياة الروح؛ فنكون كالتينة غير المثمرة، وأبقي علينا برحمة من له الرحمة، فإذا لم نعط ثمرا فإننا سنهلك، كذلك الغني الذي أراد أن يهدم الأهراء ويبني غيرها أو كالجليليين الثمانين الذين هبط عليهم البرج، وكل الذين لا يعطون ثمرا يهلكون ويموتون موتا أبديا.
لوقا، 12: 54: وفهم هذه الأمور لا يطلب فلسفة زائدة، فإننا نستطيع أن نميز؛ ماذا يجري في بيوتنا وفي جميع العالم أيضا؛ لأننا إذا رأينا الهواء يهب من جهة الغرب نعلم أن المطر يأتي.
55: وإذا هبت ريح الجنوب تعلمون أنه سيكون حرا.
56: فإذا كنا نستطيع أن نميز حالة الطقس ولا نستطيع أن ندرك ما هو أهم منه ونضعه نصب أعيننا، وذلك بأنه محتوم علينا جميعا بأننا سنموت، وأن خلاصنا الوحيد هي حياة الروح وإتمام مشيئة الله.
لوقا، 14: 25: وتبع يسوع جمع غفير؛ فخاطبهم قائلا.
26: من يريد أن يكون لي تلميذا عليه ألا يهتم بأبيه وأمه وامرأته وبنيه وإخوته وأخواته وأملاكه ونفسه أيضا، ويكون مستعدا لكل أمر.
27: وإنما ذلك الذي يعمل ما أعمله ويسير حسب تعليمي يخلص من الموت.
28: لأن كل من يريد أن يعمل عملا يفتكر قبل الشروع به: هل تنجم له عنه فائدة فيعمله، وإلا فيتركه.
فإنه من منكم يريد أن يبني بيتا ولا يجلس أولا، ويحسب النفقة؟ وهل عنده ما يكمله به؟
29: لئلا يبتدئ بالبناء ثم يعجز عن اتمامه؛ فيبتدي جميع الناظرين يسخرون منه.
30: وهكذا فإن الذي يمحض نفسه لمعيشة الجسد يجب عليه أن يحسب: هل في استطاعته إتمام ما يشغله إلى النهاية.
31: أم أي ملك يخرج ليحارب ملكا آخر ولا يجلس أولا ويشاور نفسه: هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف من يأتي عليه بعشرين ألفا؟
32: وإلا فيرسل سفارة وهو بعيد، ويلتمس ما هو من أمر الصلح، فكذلك كل إنسان يجب عليه قبل أن يكرس نفسه لخدمة الجسد أن يفتكر: هل يستطيع أن يحارب الموت ويستظهر عليه، وإلا خير له أن يتخوف من قبل ويرجع إلى الحقيقة؟
لوقا، 14: 33: فكذلك كل واحد منكم إذا لم يرفض جميع أمواله وأملاكه؛ فلا يستطيع أن يكون لي تلميذا.
15: فلما سمع ذلك أحد المتكئين قال: حسنا تقول، ولكن كيف توجد حياة الروح؟ وكيف نستطيع أن نعطي كل شيء ولا وجود لهذه الحياة؟
16: فقال له يسوع: إن ما تقوله غير صحيح؛ لأن كل واحد يعرف حياة الروح، أنتم جميعا تعلمون أن إتمام مشيئة الله يعطي الحياة، أنتم تعلمون ذلك، ولكن لا تفعلون بما تعلمون، ليس لأنكم مرتابون بذلك، كلا، بل لأنكم تبتعدون عن الحياة الحقيقية بالاهتمامات الدنيوية الكاذبة، وإليكم ماذا تعلمون: أولم رجل وليمة ودعا إليها مدعوين كثيرين؛ لكنهم امتنعوا عن الحضور.
18: فقال الأول: إني اشتريت أرضا، ولا بد لي أن أخرج وأنظرها، فأسألك أن تعذرني.
19: وقال آخر: اشتريت خمسة أزواج بقر وأنا ماض لأجربها.
وقال ثالث: قد تزوجت امرأة؛ فلا أستطيع أن أجئ.
21: فرجع العبيد وأخبروا سيدهم بأن المدعوين لا يريدون الحضور، فقال لهم: امضوا وادعوا الفقراء والمساكين، فلبى هؤلاء الدعوة وحضروا جميعا.
23: فقال السيد لعبيده: امضوا وادعوا أيضا آخرين حتى يمتلئ بيتي، فإني أقول لكم: إنه لا يذوق أحد من أولئك المدعويين عشائي.
الكل يعلمون أن إتمام مشيئة الآب تهب الحياة، ولكنهم لا يتممونها؛ لأن الاهتمام بالمال يحول بينهم وبينها.
لوقا، 16: 1: كان رجل غني له وكيل، فعلم الوكيل أن سيده عازم على طرده، وأنه يصبح بعد ذلك بلا مأوى وتحل به الفاقة.
3: فافتكر في نفسه الوكيل، وقال: أصنع هكذا، أوزع على الفلاحين قسما من أموال سيدي، حتى إذا ما طردني يذكرون ما صنعته لهم فلا يتركونني.
5: وفعل الوكيل كما افتكر، فدعا الفلاحين المديونين لسيده وغير الصكوك المكتوبة عليهم.
6: فمن كان مديونا بمائة كتب له خمسين، والمديون بستين كتب له عشرين وهلم جرا.
8: فعلم بذلك السيد، وقال: إنه تصرف بالحكمة، ولولا ذلك لما كان أحد يقبله، نعم، إنه ألحق بي خسارة، ولكنه حور الحساب بعقل، ونحن نعلم جميعا بحسب عيشة الجسد الحساب الحقيقي الذي سنؤديه، ولا نلتفت في الوقت ذاته إلى حياة الروح.
لوقا، 13: لا يستطيع الإنسان أن يخدم في آن واحد سيدين: الله والمال، أو إرادته وإرادة الآب، فيجب أن يكرس نفسه لخدمة واحد منهما.
14: فسمع الفريسيون عبدة الأموال هذا الكلام، وكانوا يسخرون به.
15: فقال لهم: أنتم تزكون أنفسكم بأن ثروتكم تجلب لكم احترام الناس، وأنتم بالحقيقة مكرمون، ولكن الله لا ينظر إلى الخارج؛ بل إلى القلوب، والرفيع عند الناس هو رجس أمام الله.
16: والآن أصبح ملكوت الله على الأرض، وما أعظم الذين يدخلونه، ولكن الأغنياء لا يدخلون، بل أولئك الذين لا يملكون شيئا، وهذه سنة الله لا تتبدل ولا تتغير، وكان ذلك أيضا حسب ناموسكم وناموس موسى والأنبياء.
17: واسمعوا من هم الأغنياء والفقراء.
19: كان رجل غني يلبس البز والأرجوان ويتنعم كل يوم تنعما فاخرا.
20: وكان مسكين اسمه لعازر مطروحا عند بابه مصابا بالقروح.
21: وكان يشتهي أن يشبع من الفتات الذي يسقط من مائدة الغني ولم يعطه أحد، وكانت الكلاب لا تشبع من ذلك الفتات، بل كانت تأتي وتلحس قروح ذلك المسكين لتملأ بطونها.
22: فمات الاثنان لعازر والغني.
23: فأبصر الغني، وهو في جهنم من بعيد، إبراهيم ولعازر المسكين جالس معه.
24: فنادى الغني قائلا: يا أبت إبراهيم ارحمني، وأرسل لعازر ليغمس في الماء طرف أصبعه ويبرد لساني؛ لأني معذب في هذا اللهيب.
25: فقال إبراهيم: اذكر أنك نلت خيراتك في حياتك ولعازر كذلك بلاياه، والآن فهو يفرح ويتعزى وأنت تتعذب.
26: ومع هذا كله فبيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت لا يستطيع أحد اجتيازها فنحن أحياء وأنتم موتى.
27: فقال الغني: أسألك يا أبت إبراهيم أن ترسله إلى بيت أبي.
28: فإن لي خمسة إخوة حتى يشهد لهم ويفهمهم الأضرار التي يجرها المال حتى لا يأتوا هم أيضا إلى موضع العذاب هذا.
29: فأجابه إبراهيم: إنهم يعلمون ما هو مضر لهم ويجلب عليهم الهلاك، وقد كلمهم بذلك موسى والأنبياء.
30: فقال الغني: بل إذا مضى إليهم واحد من الأموات يصدقونه ويتوبون.
31: فقال إبراهيم: إن لم يسمعوا من موسى والأنبياء؛ فإنهم ولا إن قام واحد من الأموات يصدقونه.
مرقص، 10: 17: وجاء إلى يسوع رجل فريسي غني، وقال له: أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأنال الحياة الأبدية؟
18: فقال له يسوع: لماذا تدعوني صالحا؟ فإن الآب وحده فقط صالح، وإذا أردت أن تنال الحياة فأتم الوصايا.
19: فقال الرجل: إن الوصايا كثيرة، فأيها أتمم؟ فقال له يسوع: لا تقتل، لا تشهد بالزور، لا تسرق، لا تكذب، أكرم أباك، وسر حسب وصاياه، وحب قريبك كنفسك.
20: فقال الرجل: هذه كلها حفظتها منذ صباي، وإنما أسألك أن ترشدني إلى وصايا جديدة.
21: فنظر إليه يسوع، ولم ينظر إلى ملابسه الفاخرة، ثم ابتسم وقال له: واحدة تنقصك، اذهب وبع كل مالك وأعطه للمساكين، وإذ ذاك تتمم مشيئة الآب.
22: فاكتأب الرجل من هذا الكلام ومضى حزينا؛ لأنه كان ذا مال كثير.
23: فقال يسوع لتلاميذه: انظروا كيف أنه لا يستطيع الأغنياء أن يتمموا إرادة الله.
24: فانذهل التلاميذ لما سمعوا كلامه، فكرر يسوع ذلك وقال: نعم يا أولادي، لا يستطيع ذو الأموال الكثيرة أن يدخل ملكوت الله.
25: إنه لأسهل أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة من أن يتمم غني مشيئة الآب.
26: فازدادوا دهشا قائلين فيما بينهم: من يستطيع إذن أن يخلص ؟
27: فنظر إليهم يسوع، وقال: نعم، أما عند الناس فلا يستطاع، وأما عند الله فليس كذلك؛ لأن كل شيء عند الله مستطاع.
لوقا، 19: 1: واجتاز مرة يسوع بمدينة أريحا.
2: وكان في هذه المدينة رجل غني اسمه زكا كان رئيسا على العشارين.
3: وقد سمع بتعليم المسيح وآمن به، ولما علم أنه في أريحا طلب أن يراه؛ فلم يستطع من الجمع؛ لأنه كان قصير القامة.
4: فتقدم مسرعا وصعد إلى جميزة لينظره؛ لأنه كان مزمعا أن يجتاز بها.
5: فلما انتهى يسوع إلى الموضع رفع طرفه فرآه، فقال له: يا زكا أسرع أنزل، فاليوم ينبغي لي أن أمكث في بيتك.
6: فأسرع ونزل وقبله فرحا.
فلما رأى الجميع ذلك تذمروا قائلين: إنه حل عند رجل عشار مخادع.
8: فوقف زكا، وقال ليسوع: أعطي المساكين نصف أموالي، وإن كنت قد غبنت أحدا في شيء أرده له أربعة أضعاف.
9: فقال له يسوع: قد خلصت اليوم؛ لأنك قد كنت ميتا فأصبحت حيا، وكنت ضالا فوجدت؛ لأنك فعلت كإبراهيم الذي عندما عزم على ذبح ابنه أظهر إيمانه.
10: لأنه بذلك تنحصر حياة الإنسان أن يخلص ما قد هلك في نفسه، ولا يستطيع أحد أن يقيس الذبيحة بمقياس.
مرقص، 12: 41: وجلس يسوع قبالة الخزانة، ونظر كيف يلقي الجميع أموالهم في الخزانة في سبيل الله، فألقى كثير من الأغنياء شيئا كثيرا.
42: وجاءت أرملة فقيرة ووضعت فلسين.
43: فدعا تلاميذه، وقال لهم: الحق أقول لكم، إن هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت أكثر من كل الذين ألقوا في الخزانة.
44: لأن الجميع ألقوا مما فضل عندهم، وأما هذه فمن عوزها ألقت كل مالها، كل معيشتها.
متى، 26: 6: ودخل يسوع بيت سمعان الأبرص.
7: فدخلت البيت امرأة معها قارورة طيب يساوي ثلاثمائة دينار، وقال يسوع لتلاميذه: إن ساعة موته قد دنت، فلما سمعت ذلك المرأة رثت لحاله، وأرادت أن تظهر محبتها له فأفاضت الطيب على رأسه.
8: فلما رأى التلاميذ ذلك جعلوا يقولون فيما بينهم: إنها لم تفعل حسنا، ويهوذا الذي أسلم فيما بعد يسوع قال: لم هذا الإتلاف العظيم؟
9: فقد كان يمكن أن يباع هذا الطيب بثلاثمائة دينار توزع على المساكين، وأخذ التلاميذ يؤنبون المرأة حتى جعلوها تضطرب، ولم تعرف هل فعلت حسنا أو رديئا.
10: فقال لهم يسوع: لماذا تعنفون المرأة؟ فإنها قد صنعت بي صنيعا حسنا، وعبثا تذكرون الآن المساكين.
11: إذا أردتم أن تصنعوا خيرا للمساكين فاصنعوا؛ لأنهم عندكم في كل حين، ولماذا تذكرونهم الآن؟ فإنكم إذا كنتم تشفقون عليهم فامضوا إليهم وتصدقوا عليهم، أما هي فأشفقت علي وصنعت بي خيرا؛ لأنها قدمت لي كل ما تملك، ولماذا تقولون: إنها صنعت قبيحا بإفاضتها الطيب على رأسي؟ إنها إنما فعلت ذلك لتعد جسدي للدفن.
12: وهي بالحقيقة قد أتمت إرادة الآب؛ لأنها نسيت نفسها، وأشفقت على آخر، نسيت اهتمامات الجسد وتصدقت بكل ما تملك.
متى، 21: 28: إذا كان ابن عندما يأمره أبوه يقول له: أسمع وأطيع، ولكنه لا يفعل ما يطلب منه أبوه.
29: وإذا كان ابنه الثاني يقول له: لا أريد أن أسمع وأطيع، ولكنه يذهب بعد ذلك ويتمم إرادة أبيه، فالثاني هو أفضل من الأول، وهكذا يجري بين الناس؛ لأنه لا يدخل ملكوت الله من يقول: أنا طائع لله وأتمم وصاياه، بل الذي يفعل ما يأمر به الله.
الفصل السابع
أنا والآب واحد
طعام الحياة الحقيقي هو إتمام مشيئة الآب والاتحاد معه. (أعطنا خبزنا الجوهري.)
فحوى الفصل السابع
عندما طلب اليهود من يسوع أن يأتيهم بالبرهان على صحة تعليمه؛ أجابهم أن البرهان على صحة تعليمي هو أنني لست أعلم من نفسي بل من تعليم أب الجميع، إني أعلم ما هو حسن لأب جميع البشر، فإذن يكون ذلك التعليم حسن للناس أيضا.
اعملوا حسب كلامي، أتموا الخمس وصايا، وحينئذ تجدون أن تعليمي صحيح، إن إتمام الخمس وصايا يطرد الشر من العالم، وذلك دليل على حقيقتها، ومما لا مراء فيه هو أن ذاك الذي لا يعلم من تلقاء إرادته، بل حسب إرادة الذي أرسله، فذاك دليل على أن تعليمه حق؛ إن ناموس موسى يأمر بإتمام إرادة الناس؛ ولذلك فإنه في كثير من مواضعه يناقض بعضه بعضا ، وأما تعليمي فهو يرشد الناس إلى إتمام مشيئة الآب، فإذن هو يرمي إلى غاية واحدة وهي الوحدة.
أما اليهود: فلم يفهموا كلامه، وسألوه أن يأتيهم بالبراهين المحسوسة الدالة على أنه المسيح الذي كتب عنه في الأنبياء، فأجابهم على ذلك: لا تبحثوا عمن أنا، وهل كتب أنبياؤكم عني أم لم يكتبوا؟ بل افقهوا تعليمي الذي أتكلم به عن أبينا العام، لا تصدقوني كإنسان، وإنما صدقوا ما أقوله عن أب البشر؛ ولذلك لا تبحثوا عمن أنا ومن أين أتيت، بل اتبعوا تعليمي فتنالون به حياة حقيقية، لا يوجد برهان لتعليمي؛ لأنه نور، ولا يستطيع أحد إنارة النور، كما لا يستطيع الإتيان بالبرهان على حقيقة الحق، فتعليمي هو نور وحياة؛ ولذلك فلا يحتاج إلى برهان، وأما الموجود في الظلمة فذلك يمضي إلى النور.
فسأله اليهود أيضا: من هو بحسب الجسد؟ فأجابهم: إني أنا ذلك الذي قلت لكم عنه أولا، إنني إنسان ابن الآب الحياة.
ولكي تفهموا ما أقول يجب أن تعلموا أولا: أن أبي ليس كأبيكم الذي تسمونه الله، إن إلهكم أب جسدي، وأما أبي فهو الآب روح الحياة، أبوكم الحقيقي وإلهكم هو قاتل البشر الذي يسعى في هلاكهم، وأما أبي فإنه يعطيهم الحياة.
ولذلك فنحن أولاد لوالدين مختلفين، أنا أفتش عن الحقيقة وأنتم تطلبون قتلي لترضوا إلهكم الذي هو شيطان أصل الشر والضلال، فإذن أنتم تعبدون الشيطان، أما تعليمي فهو يتضمن أننا أبناء أب الحياة، ومن يؤمن بتعليمي ويعمل به ذلك لا يرى الموت؛ فقال اليهود: إن الموت محتم على جميع الناس، وهو يقول: إن الإنسان لا يموت، أليس أصفياء الله وأولياؤه كإبراهيم وداود قد ماتوا؟ فوجهوا الخطاب إليه قائلين: فكيف تقول: إنك والذين يؤمنون بتعليمك لا يموتون؟ أليس ذلك قول خرافة وسخافة؟
فأجابهم يسوع على ذلك: إني لا أقول شيئا من نفسي، بل إني أتكلم عن ذلك الذي هو أصل الحياة الذي تسمونه أيضا إلها والموجود في الناس، وإني أعرف هذا الأصل، ولا أستطيع إنكاره وأتمم إرادته وأصرح بأن هذه الأصل كان وكائن وسيكون، وأنه حي أزلي لا يموت.
يوحنا، 7: 1: وبعد ذلك كان اليهود يطلبون قتل يسوع، فمضى إلى الجليل، وأقام بين أقاربه.
2: وكان عيد اليهود لنصب المظال قد قرب.
3: فأخذ إخوة يسوع يستعدون للذهاب إلى العيد، فدعوه لكي يمضي معهم.
5: ولم يكن إخوته مصدقين لتعليمه، فقالوا له: إنك تقول: إن عبادة اليهود لله غير حقيقية، وإنك أنت وحدك فقط تعرف عبادة الله الحقيقية، فإن كنت كما تدعي فهلم معنا لحضور العيد، حيث يكون خلق كثير، فيمكنك أمام ذلك الجمهور أن تصرح بأن ناموس موسى كذب محض.
فإذا صدق الناس أقوالك؛ فحينئذ تلاميذك أيضا يصدقون تعليمك.
4: ولماذا تختفي؟ أنت تقول: إن عبادتنا لله كاذبة، وأنك وحدك فقط تعرف عبادة الله الحقيقية فأظهرها للعالم الآن.
6: فقال لهم يسوع: إن لكم أوقاتا محدودة لعبادة الله في أمكنة خاصة، وأما أنا فليس لي وقت محدود، بل إني دائما أبدا أعبد الله في كل مكان وزمان.
7: وسأظهر للعالم بأن عبادتهم كاذبة وأعمالهم شريرة؛ ولذلك فإنهم يبغضونني من أجل ذلك.
8: اصعدوا أنتم إلى العيد، وأما أنا فسأصعد حينما أريد.
9: فصعد إخوته، وأما هو فلبث في الجليل ثم صعد هو إلى العيد عندما بلغ منتصفه.
11: وكان اليهود في اضطراب يسألون عنه ويوبخونه فيما بينهم؛ لأنه لا يحترم أعيادهم.
12: وكانت في الجموع مهامسة كثيرة بشأنه، فبعضهم يقولون: إن تعليمه صادق، وبعضهم يقولون: إنه كاذب يضل الشعب.
14: وعند انتصاف العيد صعد يسوع إلى الهيكل، وشرع يعلم الشعب؛ أن عبادتهم لله كاذبة غير مستقيمة؛ لأن عبادة الله لا تكون بتقديم الذبائح في الهيكل، بل يجب أن تكون بالروح والأعمال الصالحة وإتمام الخمس وصايا.
15: وكان اليهود يسمعونه ويتعجبون؛ قائلين: كيف يتكلم بمثل هذه الحكمة وهو لم يتعلم؟
16: فأجابهم يسوع، وقال: إن تعليمي ليس هو لي، بل للذي أرسلني.
18: إن من يتكلم من عنده؛ إنما يطلب مجد نفسه، فأما الذي يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق ولا كذب عنده.
19: إن ناموسكم الذي أعطاه لكم موسى ليس هو ناموس الله، وإن من يسير بموجبه فلا يتمم مشيئة الله؛ بل يقترف الشر والكذب.
21: أنا أعلمكم أن تتمموا مشيئة الآب فقط؛ ولذلك يستحيل أن يكون تناقض في تعليمي.
22 و23: وأما ناموسكم الذي كتبه موسى فهو كثير التناقض والاختلافات.
24: لا تحكموا بحسب الظاهر؛ بل بحسب الروح.
25: فقال كثيرون: أليس هذا هو الذي يقولون عنه: إنه نبي كاذب؟ وها هو يكذب الناموس علانية، ولا أحد يعارضه بشيء.
26: ألعل الرؤساء تيقنوا أن هذا هو النبي الحقيقي وآمنوا به؟
27: إلا أنه شيء واحد يجعلنا أن نرتاب في أمره، ذلك أن رسول الله لما يجيء، فلا يعلم أحد من أين هو، ولكن نحن نعلم من أين جاء هذا، ونعرف جميع أقاربه، ولم يفهم الشعب تعليمه؛ لأنه كان يطلب لذلك أدلة محسوسة.
28: فقال لهم يسوع: إنكم تعرفوني بالجسد، وتعلمون من أين أنا، ولكنكم لا تعرفونني بالروح الذي أرسلني، مع أن معرفته يجب أن تكون قبل كل شيء.
29: فلو قلت: إني المسيح لآمنتم بي بالجسد، ولكنكم لم تؤمنوا بالآب الموجود في وفيكم أيضا.
33: وقال أيضا: أنا معكم بعد زمان يسير أمضي بعده إلى الذي أرسلني، فما دمت معكم أريكم الطريق المؤدي إلى ينبوع الحياة الذي خرجت منه.
34: أنتم تسألونني أدلة محسوسة ثم تطلبون محاكمتي، فإذا كنتم لا تعلمون ذلك الطريق الآن فمتى ذهبت عنكم فلا تجدونه مطلقا، لا يجب عليكم أن تحاكموني، بل يطلب منكم أن تتبعوني، وأن من يعمل بحسب كلامي ذلك يعلم أن ما أقوله هو حق لا ريب فيه.
38: إن من لا يقدم الجسد طعاما للروح ذلك لا يسعى إلى الحقيقة كالعطشان إلى الماء، وأما العطشان إلى الحق والصدق فليأت إلي ويشرب، ومن يصدق تعليمي ينال الحياة الحقيقية.
39: ذلك ينال حياة الروح.
40: وكثيرون صدقوا تعليمه، وقالوا: إن كلامه هو نفس الحقيقة صادرا من عند الله.
42: وآخرون لم يصدقوا كلامه، وكانوا يفتشون في كتب الأنبياء عن البراهين الدالة على أنه رسول الله.
43: وكثيرون ناقشوه وجادلوه، فلم يستطع أحد أن يفوز عليه.
44: فأرسل الفريسيون إليه مساعديهم لكي يناقشوه ويجادلوه.
45: ولكنهم عادوا إلى الفريسيين ورؤساء الكهنة، وقالوا لهم: إننا لا نستطيع أن نعمل له شيئا.
46: لأنه ما نطق إنسان قط بمثل ما نطق هذا الرجل.
47: ألعلكم أنتم أيضا قد ضللتم وصدقتم بتعليمه؟
48 هل أحد من الرؤساء أو من الفريسيين آمن به؟
49: وأما هذا الشعب فإنه ملعون؛ لأنه جاهل ويصدق كل ما يسمع.
50: فقال لهم نيقوديموس أحدهم الذي كان قد جاء إلى يسوع سرا وفهم تعليمه.
51: لا تجوز محاكمة إنسان قبل أن نسمع منه أولا ونعلم ماذا فعل.
52: فأجابوه: لا نريد أن نسمعه مطلقا؛ لأننا نعلم أنه لا يقوم نبي من الجليل.
يوحنا، 8: 12: ثم كلم يسوع الفريسيين مرة أخرى، وقال: إن تعليمي لا يحتاج إلى برهان، كما أن النور لا يحتاج إلى مصباح ينيره، إن تعليمي هو نور ساطع، يستطيع به الناس أن يفرقوا بين الحق والباطل، ومن يتبعني فلا يمشي في الظلام، بل تكون له حياة، فالنور والحياة هما واحد.
13: فقال له الفريسيون: أنت تشهد لنفسك وليست شهادتك حقا.
14: فأجابهم: وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق؛ لأني أعلم من أين جئت وإلى أين أذهب، وتعليمي يتضمن معنى الحياة، وأما تعليمكم فليس فيه شيء من ذلك.
18: وعدا ذلك فإني لست أعلم وحدي، بل أبي الروح يعلم ذلك أيضا.
19: قالوا له: أين أبوك؟ فقال لهم: إنكم لا تفهمون تعليمي؛ ولذلك فلا تعرفون أبي.
21: أنتم لا تعلمون من أين أنتم، ولا إلى أين تذهبون، إني أقودكم، ولكنكم بدلا من أن تتبعوني تسألون عمن أنا؛ ولذلك لا تستطيعون أن تنالوا خلاص الحياة الذي أرشدكم إليه.
22: ولذلك فإنكم ستهلكون إذا لبثتم على ضلالكم ولم تتبعوني.
25: فسأله اليهود: من أنت؟ فقال لهم يسوع: أنا ذاك الذي كلمتكم عنه منذ الابتداء.
26: أنا ابن البشر الذي أعترف بأن أبي هو الروح، وما علمته منه أكلم به العالم.
28: وعندما ترفعون ابن البشر؛ فحينئذ تعرفون أني أنا هو، وأني لست أفعل شيئا من عندي؛ لأني إنسان، ولكن كما علمني الآب كذلك أقول، وبه أعلم.
29: والذي أرسلني هو معي، ولم يدعني وحدي؛ لأني أفعل ما يرضيه كل حين.
31: إن من يثبت على كلمتي ذلك يرضي الآب ويتعلم مني التعليم الحقيقي، ومن أراد أن يأتي إلى الحق عليه أن يصنع الخير للناس؛ لأن من يصنع الشر للناس ذلك يحب الظلام ويمضي إليه، ومن يصنع الخير للناس ذلك يمضي إلى النور؛ ولذلك فمن أراد فهم تعليمي ما عليه إلا أن يصنع الخير والبر والإحسان.
32: من يصنع الصلاح والخير يعرف الحق ويتحرر من الشر والموت.
34: لأن من يسير في الضلال يصبح عبدا للضلال.
35: والعبد لا يثبت في البيت إلى الأبد، وإنما الابن يثبت إلى الأبد، وهكذا فإن الإنسان إذا ضل في هذه الحياة يصبح عبدا لضلاله ويثبت في الضلال حتى يموت، ومن يثبت في الحق ذلك يثبت فيه إلى الأبد، والحق هو ألا يكون الإنسان عبدا؛ بل ابنا، وإذا أنتم لبثتم في ضلالكم فإنكم تصبحون عبيدا وتموتون عبيدا للخطيئة.
36: وإذا أقبلتم على الحق؛ فإنكم تصبحون أبناء، وتحيون إلى الأبد.
37: أنتم تقولون في أنفسكم إنكم ذرية إبراهيم، وتعرفون الحق، ولكنكم تطلبون قتلي؛ لأنكم لا تفهمون كلامي.
38: أنا أتكلم بما تعلمته من أبي، وأنتم تعلمون بما تعلمتموه من أبيكم.
39: أجابوا وقالوا له: إن أبانا إبراهيم، فقال لهم يسوع: لو كنتم بني إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم.
40: لكنكم الآن تطلبون قتلي؛ لأني قلت لكم عما فهمته من الله، وذلك لم يعمله إبراهيم؛ ولذلك فإنكم لا تعبدون الله، بل تعبدون أبا آخر لكم.
41: فقالوا له: نحن لسنا مولودين من زنا، وإنما لنا أب واحد هو الله.
42: فقال لهم يسوع: لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني؛ لأني خرجت من عند الآب، وإني لم آت من نفسي.
43: إني وأنتم لسنا أبناء أب واحد؛ ولذلك فلا تفهمون كلامي؛ لأن ليس فيكم محل له، إذا كنت أنا من أب وكنتم أنتم من ذلك الأب لما كنتم تطلبون قتلي، وما دمتم تطلبون ذلك فلسنا أبناء أب واحد.
44: أنا خرجت من أب الصلاح الذي هو الله، وأما أنتم فمن إبليس أبي الشر، وشهوات أبيكم تبتغون أن تعملوها ، هو من البدء قتال وكذاب؛ لأن لا حق عنده، وإذا تكلم بالكذب فإنما يتكلم بما هو عنده؛ لأنه كذوب وأبو الكذب وعليه فأنتم خدمة إبليس وابنائه.
46: هل أبصرتم كيف أنه من السهل توبيخكم على ضلالكم؟! فإذا كنت ضالا فوبخوني على ضلالي، وإذا لم أكن ضالا بل محقا فيما أقول فلماذا لا تصدقوني؟
48: فأخذ اليهود يشتمونه قائلين: إن به شيطان.
49: أجاب يسوع: إنه ليس بي شيطان، لكني أكرم أبي وأنتم تريدون قتلي؛ ولذلك فأنتم لستم إخوتي بل أبناء أب آخر.
50: ولست أشهد لنفسي، بل الحق يشهد لي.
51: الحق الحق أقول لكم: إن كان أحد يحفظ كلامي؛ فلن يرى الموت إلى الأبد.
53: مات إبراهيم، وأنت لا تموت! ألعلك أعظم من إبراهيم؟
54: إن اليهود كانوا يبحثون فقط عن يسوع الجليلي؛ هل هو بالحقيقة نبي عظيم أو ليس كذلك؟ ولذلك لم يوجهوا التفاتهم لفهم ما كان يكلمهم به، إنه لا يقول شيئا من عنده؛ لأنه إنسان، ولكنه كان يتكلم عن الروح الحال فيه، فقال يسوع: أنا لا أعمل شيئا من عندي، بل أعمل أعمال أبي الذي تقولون أنتم: إنه إلهكم.
55: لكنكم لم تعرفوه، وأما أنا فأعرفه، وإن قلت: لا أعرفه صرت كاذبا مثلكم، ولكني أعرفه وأحفظ كلامه وأتمم مشيئته.
56: إبراهيم أبوكم ابتهج حتى يرى يومي فرأى وفرح.
57: فقال له اليهود: لم يأت لك بعد خمسون سنة، وكيف تقول: إنك رأيت إبراهيم؟
58: فقال لهم يسوع: الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم كانت الكلمة موجودة.
59: فأخذوا حجارة ليرجموه، لكنه توارى عنهم.
يوحنا، 9: 1: وفيما هو في الطريق رأى رجلا مظلما منذ ولادته، فسأله تلاميذه: من أخطأ حتى إن هذا الرجل منذ ولادته لبث مظلما، هل هو أم والداه لأنهما لم يعلماه؟
3: فأجابهم يسوع: لا هذا أخطأ، ولا أبواه، ولكن لكي تظهر أعمال الله لكي يحل النور محل الظلام.
5: فإذا وجد تعليمي؛ فإنه يكون نورا للعالم.
6 و7: وأرشد يسوع الرجل المظلم (الجاهل) عن أنه هو ابن لله الروح، ولما فهم الرجل ذلك التعليم استنارت بصيرته بالنور الحقيقي.
8 و9: والذين كانوا يعرفون الرجل من ذي قبل أصبحوا لا يعرفونه الآن؛ لأنه تغير تغييرا يذكر.
11: فقال لهم: أنا هو بنفسي، ولكن يسوع أوضح لي بأني ابن لله؛ فانكشف لي النور، وأصبحت أرى ما لم أستطع رؤيته من ذي قبل.
13: فأتوا به إلى الفريسيين.
14: وكان اليوم سبتا.
15: فسأله الفريسيون: كيف أصبح يدرك كل شيء مع أنه كان قبلا جاهلا جهلا مطبقا؟ فأجابهم: لا أعلم، وإنما ما أعلمه أني أصبحت أدرك وأفهم كل شيء.
16: فقالوا له: إن ما تفهمه الآن ليس من الله ولا عن الله؛ لأن يسوع فعل لك ذلك في السبت، وفوق ذلك فلا يستطيع رجل من العالم أن يغير أفكار الناس، وحصل بينهم انشقاق بسبب ذلك.
17: ثم سألوا الرجل الذي استنار بنور الحقيقة: ماذا تظن بيسوع؟ فأجابهم: أظن أنه نبي.
18: ولم يصدق اليهود أنه كان قبلا جاهلا مظلما؛ فأصبح اليوم متنورا متعلما، فاستدعوا والديه وسألوهما عن ذلك قائلين.
16: أهذا هو ابنكما الذي منذ ولادته كان جاهلا مظلما، فكيف استنار بنور الحق الآن؟
20: فأجاب والداه: نحن نعلم إن هذا ولدنا، وأنه ولد مظلما ولبث كذلك.
21: وأما كيف أبصر الآن فلا نعلم، إنه كامل السن فهو يتكلم عن نفسه.
22: فدعاه الفريسيون مرة ثانية، وقالوا له: صل لإلهنا الحقيقي؛ لأن ذلك الرجل الذي أنار بصرك هو رجل من العالم وليس من الله، نحن نعلم ذلك حق العلم.
25: فأجاب الرجل الذي كان مظلما: أمن الله ذلك الإنسان أم من غير الله؟ لا أعلم، وإنما أمر واحد أعلمه، وهو أني لم أكن أبصر النور قبلا، وأما الآن فإني أبصره.
26: فقالوا له: ماذا صنع بك حتى جعلك تبصر؟
27: أجاب: قد أخبرتكم؛ فلم تسمعوا، فإذا كنتم تريدون أن تصيروا له تلاميذ فإني أعيد على سماعكم ماذا صنع بي.
28: فشتموه، وقالوا: كن أنت تلميذه، فأما نحن فإنا تلاميذ موسى.
29: أجاب الرجل وقال: إن في هذا لعجب، إنكم لا تعرفون من أين هو؟ وقد جعلني أبصر.
31: لأن الله لا يسمع للخطاة، ولكن إذا أحد اتقى الله وعمل مشيئته؛ فإنه يستجيب له.
33: ولم نسمع منذ الدهر: أن رجلا ليس من الله يستطيع إنارة أفكار رجل مظلم، فلو لم يكن من الله لما استطاع ذلك.
34: فغضب الفريسيون من كلامه وقالوا له: إنك جميعك منغمس في حمأة الضلال والآثام، وتريد أن تعلمنا وطردوه خارجا.
يوحنا، 11: 25: ثم قال يسوع: إن تعليمي هو القيامة والحياة، ومن يصدقه، وإن مات بالجسد لكنه سيحيا فيما بعد، وكل من كان حيا وآمن بي؛ فلن يموت إلى الأبد.
10: 1: ثم علم يسوع الشعب مرة ثالثة، وقال: إن الناس يقبلون على تعليمي ليس لأني أشهد له؛ لأن الحق لا يطلب شهادة، وإنما يقبلون عليه؛ لأنه تعليم واحد، ويعد الذين يسيرون بموجبه أن ينالوا الحياة.
2 و3: إن تعليمي للناس معلوم، مثل صوت الراعي للخرفان، فإنه عندما يفتح الباب ويدعوها تعرفه وتتبعه؛ حيث يقودها للمرعى.
5: أما تعليمكم فلا يصدقه أحد؛ لأنه غريب للناس الذين يرون: أنه مطابق لأهوائكم وأغراضكم، وهو للناس كذلك الرجل الذي لا يدخل من باب حظيرة الخراف، بل يتسور من موضع آخر؛ فالخرفان لا تعرفه وتعلم أنه لص سارق.
7: أما تعليمي فإنه واحد حقيقي كالباب الواحد للخراف.
8: جميع تعاليمكم عن ناموس موسى كلها كذب، وجميعهم كاللصوص والسارقين للخرفان.
9: من يتبع تعليمي يجد حياة حقيقية، كما أن الخرفان تخرج وتجد مرعى إذا تبعت راعيها.
10: لأن السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك، وأما الراعي فيعطي الحياة للخراف.
11: يوجد رعاة يحافظون على الخرفان كمحافظتهم على ذواتهم، ويبذلون نفوسهم من أجلها، وهؤلاء رعاة صالحون.
12: ويوجد رعاة مستأجرون لا يهتمون بالخرفان، فيرون الذئب مقبلا فيتركون الخرفان ويهربون، فيخطف الذئب الخراف ويهلكها.
13: وهؤلاء رعاة أشرار، وعلى هذا المثال يكون المعلمون، فمنهم أشرار لا يهتمون بحياة الناس، ومنهم صالحون يبذلون نفوسهم من أجل حياة الناس.
14: أنا معلم صالح.
17: لأن تعليمي يرمي إلى غرض واحد وهو أن أبذل نفسي من أجل حياة الناس.
18: ليس أحد يأخذها مني، ولكني أبذلها باختياري من أجل الناس؛ لكي ينالوا الحياة الحقيقية، وهذه الوصية قبلتها من أبي.
15: كما أن الآب يعرفني، وأنا أعرف الآب، وأبذل نفسي من أجل الناس.
17: من أجل هذه يحبني الآب؛ لأني أتمم وصاياه.
16: وجميع الناس يسمعون صوتي، ويتحدون جميعا في واحد ويكون تعليمهم واحدا.
24: فأحاط به اليهود، وقالوا: كل ما قلته لنا يصعب علينا فهمه؛ لأنه لا يطابق ما في كتبنا، فلا تعذبنا أكثر، بل قل لنا علانية: هل أنت مسيا الذي كتب عنه في كتبنا بأنه سيجيء إلى العالم؟
25: فأجابهم يسوع: قد قلت لكم من هو أنا، فلم تصدقوا، فإذا لم تصدقوا كلامي فصدقوا أعمالي التي تشهد من أنا، والتي لأجلها جئت.
26: ولكنكم لا تصدقون؛ لأنكم لا تريدون أن تتبعوني.
28: ومن يتبعني ويسير بحسب سيري، ويعمل طبقا لكلامي؛ ذلك يفهم تعليمي.
27: ومن يفهم تعليمي ويعمل به ينال الحياة الحقيقية.
29: أبي قد جمعهم معي ولا يستطيع أحد أن يفرقنا.
30: أنا والآب واحد.
32: فاغتاظ اليهود، وأخذوا حجارة؛ لكي يرجموه.
32: فقال لهم يسوع: إني أريتكم أعمالا حسنة كثيرة من عند الآب، فلأي عمل منها ترجمونني؟
33: فأجابه اليهود: إنا لسنا لعمل حسن نرجمك، بل لأنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها.
24: فأجابهم يسوع: أليس هذا نفسه مكتوبا في كتبكم؟ فقد كتب: إن الله نفسه قال للحكام الظالمين: إنكم أصبحتم كالآلهة.
يوحنا، 11: 25: ثم قال يسوع: تعليمي هو القيامة والحياة، ومن يؤمن به، وإن مات بالجسد؛ فإنه سيحيا فيما بعد، وكل من كان حيا وآمن بي؛ فلن يموت إلى الأبد.
10: 20: فوقع أيضا بين اليهود شقاق، فقال بعضهم: إن به شيطان.
21: وقال آخرون: إن من به شيطان لا يستطيع أن ينير أبصار الناس.
29: ولم يدر اليهود ما يصنعون به؛ لأنهم لم يمسكوا عليه شيئا يستحق من أجله المحاكمة.
40: وذهب أيضا إلى الأردن، ومكث هناك.
متى، 16: 13: وسأل يسوع مرة تلاميذه قائلا: أخبروني؛ كيف يفهم الناس تعليمي عن ابن الله وعن ابن البشر؟
14: فأجابوا: إن البعض فهموا تعليمك كما فهموا تعليم يوحنا سواء بسواء، وبعضهم كما فهموا نبوات أشعياء، وآخرون قالوا: إن تعليمك يشبه تعليم النبي أرمياء؛ وعليه: فالجميع يعتقدون أنك نبي.
15: فقال لهم: وأنتم كيف تفهمون تعليمي؟
16: فأجابه سمعان بطرس: على رأيي أن تعليمك يدل دلالة واضحة على أنك ابن إله الحياة المختار، وأنك تعلم أن الله حياة موجود في الإنسان.
17: فقال له يسوع: سقيا لك يا سمعان؛ لأنك فهمت ذلك، وأنه ليس إنسان كشف لك ذلك؛ لأن الله الموجود فيك، كشف لك عن ذلك، ولست أنا بتعليمي كشفت لك عن ذلك، بل الله أبي كشف لك ذلك مباشرة.
18: وعلى فهمك هذا سيوضع أساس لجماعة الذين سيختارهم الله من بين الناس الذين لا يذوقون الموت.
الفصل الثامن
الحياة ليست محصورة في وقت
وذلك فإن الإنسان يعيش بالحق عندما يتغذى بإتمام إرادة الآب في كل يوم، وينبغي عليه أن يترك الاهتمام بالماضي والمستقبل. (أعطنا اليوم.)
فحوى الفصل الثامن
فسأل التلاميذ يسوع ذات يوم أي أجر ينالونه على إنكارهم معيشة الجسد؟ فأجابهم على ذلك بقوله: إن الإنسان الذي يفقه معنى التعليم لا ينتظر أجرا أو مكافأة؛ لأنه: أولا: إذا أنكر الإنسان أهله وأقاربه وأملاكه باسم ذلك التعليم؛ فإنه ينال مائة ضعف أعظم من أولئك الأهل والأموال والعقارات. ثانيا: إن الإنسان الذي يطلب الأجر يسعى لكي يكون عنده أكثر من الآخرين، وهذا ينافي ذلك التعليم القائل بإتمام مشيئة الآب؛ لأنه لا يكون في ملكوت السموات كبير أو صغير، بل يتساوى فيه الجميع. إن الذين يطلبون الأجر على فعل الصلاح والخير يشبهون أولئك الفعلة الذين طلبوا من سيدهم أن يدفع لهم أجرة على عملهم أكثر من الآخرين؛ لأنهم حسب زعمهم يستحقون أكثر منهم، فالذي يفهم التعليم على علاته ذلك ليس في نظره ثواب أو عقاب أو ارتفاع أو انخفاض؛ لأنه بحسب تعليمي: الجميع متساوون في كل شيء ما دام كل واحد يستطيع إتمام مشيئة الآب، ومن يريد أن يكون أعظم من الغير عليه أن يكون لهم خادما؛ لأن الحياة أعطيت للإنسان ليس ليخدم؛ بل لكي يبذل حياته في خدمة الآخرين، وكل من لا يسير بموجب ذلك ولا يرفع نفسه ذلك يسقط منزلة أكثر مما كان قبلا.
ينبغي على كل واحد أن يفهم ماهية الحياة الحقيقية، التي تعرف بأن الشيء المفقود يرد إلى صاحبه، والنائم الخامد يهب ويستيقظ، والناس الذين ينالون الحياة الحقيقية يرجعون إلى أصلهم، ولا تخطر على بالهم الأفكار البشرية التي تبحث عن الارتفاع والانخفاض، بل عندما يشاركون حياة الآب يفرحون برجوع المفقودين الضالين إلى الآب.
إذا سار ابن في طريق الضلال وابتعد عن أبيه ثم تاب وعاد إليه؛ فكم يكون فرح الأب به عظيما! وهل يا ترى يحل لأبناء الرجل الآخرين أن يوبخوا أباهم ويحسدوه على فرحه بابنه الذي عاد إليه تائبا؟!
فلأجل تصديق التعليم وتغيير طرق الحياة لا ينبغي على الإنسان أن يطلب أدلة محسوسة وأجرا ومكافأة، بل يكفيه أن يفهم ما هي الحياة الحقيقية.
إن الحياة الحقيقية التي تكون بإرضاء الله ليست هي الحياة الماضية أو المستقبلة؛ بل هي الحياة الحاضرة أو ما يعلمه الإنسان في الدقيقة الحاضرة؛ ولذا لا ينبغي أن تتثبط عزائم كل واحد، بل يجب عليه أن يكون نشيطا ذا عزم ثابت وإقدام لكي يحصل على الحياة الحقيقية، وغير مطلوب من الناس أن يحافظوا على حياتهم الماضية أو المستقبلة، كلا، إنما ما يطلب منهم هو أن يحافظوا على الحياة التي يعيشون بها الآن ويتممون بواسطتها إرادة أبي جميع الناس، وإذا لم يحافظوا عليها وأهملوا الاعتناء بها والسير بحسب إرادة الله ووصاياه؛ فإنهم يكونون كذلك الحارس المعين لحراسة البيت طول الليل، فإنه إذا نام ولو برهة يسيرة؛ فإنه يكون أهمل واجباته؛ لأنه يحتمل أن يأتي السارق في تلك البرهة ويسرق البيت؛ ولذلك يتحتم على الإنسان أن يوجه كل قوته إلى الساعة الموجود فيها، ويتمم بها مشيئة الله التي هي صلاح وحياة لجميع البشر؛ ولذلك فالذين يعملون الصلاح هم وحدهم يحيون.
متى، 10: 38: قال يسوع: إن الذي لا يستعد لاحتمال جميع آلام الجسد وإنكار الذات ذلك لا يفهم تعليمي.
39: من يسعى لتحسين عيشة الجسد ذلك يهلك الحياة الحقيقية، ومن يهلك جسده بإتمامه تعليمي ذلك ينال الحياة الحقة.
19: 27: فقال له بطرس: هو ذا نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك؛ فماذا يكون لنا؟
مرقص، 10: 29 و30: فأجاب يسوع وقال: الحق أقول لكم: إنه ما من أحد ترك بيتا أو إخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو بنين أو حقولا من أجل تعليمي إلا يأخذ مائة ضعف، أما في هذا الزمان فبيوتا وإخوة وأخوات وأمهات وبنين وحقولا وكل ما يلزمه لهذه الحياة، وأما في الدهر الآتي فحياة أبدية.
31: ثم إنه لا توجد مكافأة في ملكوت السموات؛ لأن الملكوت هو الغرض والمقصود والمكافأة لكل واحد، والجميع يكونون فيه متساوين، فليس فيه أولون ولا آخرون.
متى، 20: 1: لأن ملكوت السموات يشبه رجلا رب بيت خرج بالغداة يستأجر عملة لكرمه.
2: فشارط العملة على دينار في اليوم، وأرسلهم إلى كرمه ليشتغلوا، فخرج عند الظهر واستأجر أيضا عملة وأرسلهم إلى الكرم، وعند المساء استأجر أيضا آخرين وأرسلهم إلى الكرم ليشتغلوا.
8: وعند الحساب قال السيد رب الكرم لوكيله: ادع العملة وأعطهم الأجرة مبتدئا من الآخرين إلى الأولين.
9: فجاء الذين استأجرهم عند المساء، وأخذ كل واحد منهم دينارا.
10: فلما جاء الأولون ظنوا أنهم يأخذون أكثر؛ فأخذوا هم أيضا كل واحد دينارا.
11: وفيما هم يأخذون تذمروا على رب البيت.
12: قائلين: إن هؤلاء الآخرين عملوا ساعة واحدة؛ فجعلتهم مساوين لنا، ونحن حملنا ثقل النهار وحره.
13: فأجاب رب البيت وقال لواحد منهم: يا صاح ما ظلمتك، ألم أكن على دينار شارطتك؟!
14: خذ مالك وامض فإني أريد أن أعطي هذا الآخر مثلك، أليس لي أن أفعل بمالي ما أريد؟
15: أم لأنكم رأيتموني صالحا كريما فتطاولتم بأعناقكم وحسدتم الآخرين؟!
16: ففي ملكوت السموات لا يكون أولون ولا آخرون.
مرقص، 10: 35: جاء إلى يسوع ذات مرة تلميذان من تلاميذه، هما يعقوب ويوحنا، وقالا له: يا معلم نريد أن تصنع لنا كل ما نسألك.
متى، 20: 21: فقال لهما: ماذا تريدان؟ أجاباه: نسألك أن تساوينا بنفسك.
21: فأجاب يسوع وقال: إنكما لا تعلمان ما تطلبان، نعم إنكما تستطيعان أن تعيشا كما أعيش، ثم إنكما تستطيعان إنكار الجسد كما أنكرته أنا، غير أنه ليس في سلطاني أن أساويكما بنفسي.
23: كل إنسان يستطيع أن يدخل ملكوت الله إذا كرس كل قواه لإرضاء الله وإتمام نواميسه.
24: فلما سمع ذلك بقية التلاميذ غضبوا على الآخرين؛ لأنهما يطلبان أن يساويا المعلم ليكونا في مقدمة التلاميذ.
25: فدعاهم إليه يسوع، وقال للتلميذين على مسمع الآخرين: إنكما تغلطان إذا كنتما تطلبان مساواتي لكي تنالا الرئاسة على التلاميذ، ثم قال للآخرين: وأنتم أخطأتكم لأنكم غضبتم على الآخرين، فإنه لا يتنازع الرئاسة غير ملوك هذا العالم وعظمائه لكي يتسلطوا على الأمم.
26: وأما أنتم فلا يكون فيكم هذا، ولكن من أراد أن يكون فيكم كبيرا؛ فليكن لكم خادما.
27: ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن بينكم أخيرا.
مرقص، 10: 45: لأن هكذا قضت إرادة الآب بأن ابن البشر يعيش ليس ليخدم؛ بل ليخدم الجميع ويبذل جسده فداء عن حياة الروح.
متى، 18: 11: وقال يسوع للشعب: إن الآب يسعى لخلاص ما قد هلك، وهو يفرح له كما يفرح الراعي عندما يجد الخروف الضال؛ لأنه إذا ضل خروف فإنه يترك التسعة والتسعين ويمضي يفتش على الضال لينقذه من الهلاك.
لوقا، 15: 8: وأي امرأة إذا أضاعت درهما واحدا أليس أنها تكنس البيت وتطلبه باهتمام حتى تجده؟!
10 إن الآب يحب ابنه ويدعوه إليه.
14: 8: وضرب لهم مثلا آخر؛ فقال: إذا دعيت إلى وليمة؛ فلا تتكئ في أول المتكئات، فلعله دعي إليه من هو أكرم منك.
9: فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك: أخل الموضع لهذا، فتأخذ لك موضعا في المتكأ الأخير وأنت خجل.
10: ولكن إذا دعيت فامض واتكئ في آخر موضع، حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك: ارتفع أيها الحبيب إلى فوق، فحينئذ يكون لك المجد أمام المتكئين.
11: وعليه ففي ملكوت السموات لا محل للكبر والسيادة، بل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه (حاسبا أنه غير أهل) يرتفع.
5: 11: وقال: رجل كان له ابنان.
12: فقال أصغرهما لأبيه: يا أبت، أعطني النصيب الذي يخصني من المال؛ فقسم لكل منهما معيشته.
13: فأخذ الصغير نصيبه وسافر إلى بلد بعيد، وبذر ماله هناك؛ فأصبح فقيرا يشكو الفاقة والاحتياج.
15: فانضوى إلى واحد من أهل ذلك البلد، فأرسله إلى حقله يرعى الخنازير.
16: وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت تأكله الخنازير فلم يعطه أحد.
17: فرجع إلى نفسه وافتكر بمعيشته السابقة؛ فندم على فعلته وتركه والده، وقال: قد نلت عقابي؛ حيث أصبحت آكل مع الخنازير طعاما واحدا.
18: أقوم وأمضي إلى أبي وأسجد أمام رجليه، وأقول له: إني أخطأت أمامك يا أبت، ولست مستحقا أن أدعى لك ابنا؛ فاجعلني كأحد أجرائك.
20: فقام وجاء إلى أبيه، وفيما هو بعيد رآه أبوه؛ فأسرع خارجا لاستقباله، وألقي بنفسه على عنقه وقبله.
21: فقال الابن: يا أبت، قد أخطأت أمامك ولست مستحقا أن أدعى لك ابنا.
22: فلم يسمع الأب كلامه، بل من عظم فرحه قال لخدمه: هاتوا الحلة الأولى وألبسوه، واجعلوا في يديه خاتما وفي رجليه حذاء.
23: وأتوا بالعجل المسمن واذبحوه؛ فنأكل ونفرح.
24: لأن ابني هذا كان ميتا فعاش، وضالا فوجد.
25: وكان ابنه الأكبر في الحقل، فلما أتى وقرب من البيت سمع أصوات الغناء والرقص.
26: فدعا أحد الغلمان وسأله: ما هذا؟
27: فقال له الغلام: قد قدم أخوك؛ فذبح له أبوك العجل المسمن؛ لأنه لقيه سالما.
28: فغضب ولم يرد أن يدخل، فخرج إليه أبوه، وطفق يتوسل إليه.
29: فأجاب وقال لأبيه: كم لي من السنين أخدمك، ولم أتعد وصيتك قط، وأنت لم تعطني قط جديا لأتنعم مع أصدقائي.
30: ولما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني والسكيرين؛ ذبحت له العجل المسمن.
31: فقال له: يا ابني، أنت معي في كل حين، وكل ما هو لي فهو لك.
32: ولكن كان ينبغي أن تتنعم وتفرح؛ لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش، وكان ضالا فوجد.
مرقص، 12: 1: ثم قال: رجل غرس كرما وأحاطه بسياج، وعمل كل ما من مقتضاه يجعل الكرم يعطي أثمارا كثيرة.
2: وأرسل إلى الكرم عملة ليعملوا في الكرم، وعقد معهم شروطا على دفع الأجرة، وعند أوان الثمر أرسل إلى العملة خادما ليأخذ من العملة من ثمار الكرم.
3: فطرد العملة الخادم دون أن يعطوه شيئا، ولبثوا في الكرم يعملون كأنه خاص بهم.
4 و5 و6: فأرسل رب الكرم كثيرا من أخصائه لكي ينبهوا الكرامين إلى واجباتهم، فلم يصغوا إليهم، بل رجموا بعضا وقتلوا بعضا، وبقى ابن وحيد له محبوب؛ فأرسله إليهم أخيرا قائلا: لعلهم يهابونه إذا نبههم إلى واجباتهم.
7: أما العملة فقالوا فيما بينهم: هذا هو الوارث، تعالوا نقتله؛ فيصير الميراث لنا، ونستولي على الكرم.
8: فأخذوه وقتلوه وطرحوه خارج الكرم.
متى، 21: 40: فإذا جاء رب الكرم فماذا يفعل بالعملة؟
41: إنه يطرد أولئك العملة، ويسلم الكرم إلى عملة آخرين يؤدون إليه الثمر في أوانه.
42: لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تستثمر ثمره.
لوقا، 17: 5: ثم قال التلاميذ ليسوع: زدنا إيمانا، وأرشدنا إلى ما يقوي إيماننا بحياة الروح؛ حتى يسهل علينا إنكار الجسد.
6: فقال لهم يسوع: لو كان لكم إيمان كاعتقادكم بأن حبة الخردل إذا نمت تصبح شجرة عظيمة، ولو كان لكم إيمان أنه يوجد فيكم بذار الروح الذي ينبت لكم الحياة الحقيقية لما كنتم تسألونني زيادة إيمانكم، الإيمان لا يكون بأن يؤمن الإنسان بأعجوبة تحدث أمامه، وإنما الإيمان يكون بأن يعقل الإنسان ويدرك الحالة التي أفضى إليها ثم يسعى بما يوصله إلى ميناء الخلاص الأمين، فإذا كنت تعرف نفسك وحالك وأعمالك؛ فإنك لا تطلب أجرا ولا جزاء، بل تؤمن بما نلته.
7: من منكم له عبد يحرث أو يرعى، إذا رجع من الحقل يقول له: ادخل سريعا واتكئ.
8: ألا يقول له: اعدد ما أتعشى، ثم بعد ذلك يقول له: اجلس وكل واشرب.
9: فهل عليه أن يشكر ذلك العامل؛ لأنه فعل ما أمر به؟ لا أظن مطلقا، والعامل إذا كان يدرك أنه عامل فلا يغضب ولا يتكدر من أوامر سيده؛ لأنه يعلم أنه فعل ما يجب عليه فعله لينال أجرته.
10: وكذلك أنتم أتموا مشيئة الله كما ينبغي، وقولوا: إننا عملة بطالون عملنا ما يجب علينا، ولا تنتظروا أجرا واكتفوا بما تنالونه ؛ مما تستحقون.
لوقا، 12: 35 و36: وكونوا مثل رجال ينتظرون سيدهم متى يرجع، حتى إذا جاء، وقرع يفتحون له سريعا.
37 و38: الرجال لا يعلمون الوقت الذي يعود به سيدهم؛ ولذلك ينبغي عليهم أن يسهروا حتى إذا جاء في أي وقت يستقبلونه؛ فيحسن إليهم.
39: واعلموا هذا: إنه لو علم رب البيت في أية ساعة يأتي السارق لسهر ولم يدع بيته ينقب، فكونوا أنتم أيضا مستعدين؛ لأن حياة ابن البشر غير محدودة بزمان لأنه ابن ساعته، ولا يعرف بدء ومنتهى حياته.
متى، 24: 45 و46: إن حياتنا كحياة ذلك العبد الذي أقامه سيده رئيسا على بيته، طوبى لذلك العبد الذي يأتي سيده؛ فيجده يصنع هكذا.
48: ولكن إن قال ذلك العبد: إن سيدي يبطئ في قدومه، فينسى العمل الذي عهده إليه.
50: فيأتي سيده في يوم لا يظنه وساعة لا يعلمها.
51: فيطرده طردا شنيعا.
مرقص، 13: 33: وأما أنتم؛ فلا تيأسوا من رحمة الله، بل اثبتوا في عيشة الروح، فإن حياة الروح غير محصورة في زمان ولا مكان.
لوقا، 21: 34: فاحترسوا لأنفسكم: ألا تشتغل قلوبكم في الخلاعة والسكر والهموم المعاشية فتفقدوا ساعة الخلاص؛ لأن وقت الخلاص يشبه فخا يطبق على جميع المقيمين على وجه الأرض؛ ولذلك ينبغي عليكم أن تعيشوا على مثال معيشة ابن البشر.
متى، 25: 1: يشبه ملكوت السموات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس.
2: خمس منهم عاقلات، وخمس جاهلات.
3: فأخذت الجاهلات مصابيحهن، ولم يأخذن معهن زيتا.
4: وأما العاقلات: فأخذن زيتا في آنيتهن مع مصابيحهن.
5: وإذ أبطأ العريس نعسن كلهن ونمن.
6: ولما جاء العريس.
7: رأت الجاهلات أن زيتهن قليل.
10: فلما ذهبن ليبتعن زيتا وفد العريس، ودخلت معه العذارى العاقلات المستعدات، وأغلق الباب في وجه غير المستعدات.
لوقا، 13: 24: ولذلك فاجتهدوا في الحال لكي تدخلوا في حياة الروح، وإذا لم تجتهدوا فلا تدخلونها.
متى، 16: 27: لأن ابن البشر سيظهر لكل إنسان.
متى، 25: 32: وعلى ذلك؛ فالناس ينقسمون إلى قسمين حسب خدمتهم لابن البشر، وبحسب أعمالهم يقسمون إلى قسمين، كما يفصل الراعي الخراف عن الجداء، فيهلك بعضها ويبقي على البعض الآخر.
34: أولئك الذين خدموا ابن البشر ينالون ما أعد لهم منذ ابتداء العالم، وهي الحياة التي حفظوها، فإنهم أطعموا الجائع وكسوا العريان، وأضافوا الغريب، وزاروا المسجون.
الفصل التاسع
العثرات
إن عثرات الحياة الدنيوية الحاضرة تبعد الناس عن الحياة الحقيقية وتخفيها عنهم، فلا تمكنهم من الاتحاد مع الآب. (واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه.)
فحوى الفصل التاسع
الإنسان يولد في هذا العالم ليرضي الله، ويسير بحسب وصاياه، فينال الحياة الخالدة. إن الأولاد الصغار هم في الحقيقة أطهار لا يتعدون حدود وصايا الآب، وإذا أراد أحد أن يفهم تعليم يسوع ينبغي عليه أن يوجه التفاته إلى حياة الأولاد، ويجتهد أن يكون مثلهم في سيرهم وأعمالهم، فالأولاد يعيشون دائما أبدا عيشة صالحة، ويتممون إرادة أبيهم ولا يتعدون الخمس وصايا، ولا يخطر على بالهم تعديها، لولا أن الكبار يسببون لهم العثرات فيقودونهم بأيديهم إلى الهلاك، وبعلمهم هذا لا يفرقون في شيء عن رجل علق بعنق رجل آخر حجر الرحى وألقاه في البحر، ولولا العثرات لسادت السعادة في العالم، ولكنها تجلب عليه التعاسة والشقاء، أما العثرات فهي الشر الذي يرتكبه الناس ليحصلوا بواسطته على خيرات هذه الحياة الدنيا، ولكنها تفضي بهم أخيرا إلى الهلاك، فيجب على كل واحد أن يبذل كل مرتخص وغال في سبيل تجنب العثرات وعدم السقوط بها.
إن أعظم عثرة للناس ضد الوصية الأولى، هي أن كل واحد يعد نفسه أعلى منزلة من الآخرين وأرفع شأنا من الغير، وأنهم جميعا دونه مقاما ومرتبة، وما على الناس لكي يتجنبوا السقوط فيها إلا أن يذكروا دائما أنهم مديونون للآب، وأنهم يستطيعون وفاء هذا الدين إذا غفروا سيئات إخوانهم؛ وعليه: فيجب على الناس أن يغفروا سيئات الآخرين دون أن يهتموا بأنه ربما يعود هؤلاء ويسيئون إليهم مرة أخرى أو مرات عديدة، ومهما أسيء إلى الإنسان ينبغي عليه أن يغفر ويسامح ولا يذكر الشر؛ لأن ملكوت السموات مستطاع مع الغفران، فإذا لم نغفر للغير نفعل كذلك المديون دينا عظيما الذي جاء سيده الدائن وطلب إليه أن يرحمه ، فرثى السيد لحاله وترك له الدين جميعه، فذهب المديون وضايق مديونا آخر له بدين قليل، فماذا يفعل السيد إذا سمع بفعلته؟ وهكذا نحن، فإننا نطلب الغفران من الآب، فإذا لم نغفر لغيرنا سيئاتهم فلا يغفر لنا أبونا سيئاتنا.
والعثرة ضد الوصية الثانية، هي أن الناس يزعمون أن المرأة خلقت لأجل شهوات الجسد وملذاته، فإذا ترك الإنسان امرأته وأخذ غيرها يحصل على ملذات أعظم، ولكي نتجنب هذه العثرة ينبغي علينا أن نعرف بأن إرادة الله لا تكون بتمتع الإنسان بملذات المرأة، بل هي تقضي بأن الإنسان إذا اختار امرأة أن يلتصق بها حتى يصبح الاثنان جسدا واحدا، وإرادة الله تقضي بأن يكون لكل رجل امرأة، ولكل امرأة رجلا، فإذا حافظ كل رجل على امرأته ولم يعرف غيرها فيصبح لجميع الرجال نساء، ولجميع النساء رجالا؛ ولذلك: فإن الذي يغير زوجته يحرم المرأة رجلها، ويدعو رجلا آخر لكي يترك زوجته ويتزوج المطلقة أو المهجورة، يجوز للإنسان أن يستغني عن المرأة، ولكن لا يصح له أن يطلق امرأته بتاتا، ثم إن العثرة المضادة للوصية الثالثة هي: أن الناس لكي يتمتعوا بالسيادة والسعادة أسسوا على الأرض الحكومات، ويطلبون من الناس أن يقسموا الأقسام بطاعة الحكام والسير على نواميس المملكة، ولكي نتجنب هذه العثرة يجب علينا أن نفقه وندرك بأننا أحرار، وليس نحن بسلطة أحد ولا نخضع إلا لسلطة الآب السماوي الذي وهبنا الحياة.
وينبغي على الناس أن ينظروا إلى مطالب الحكام وأوامرهم كإلى قوة شديدة تفوق قوتهم ولا يستطيعون مقاومتها، وطبقا لنصوص الوصية الآمرة بعدم مقاومة الشر بالشر يتحتم عليهم أن يتمموا مطالب الحكومات التي لا هم لها سوى سلب أملاك رعاياها وابتزاز أموالهم التي يحصلونها بعرق جبينهم وكدهم ونصبهم، وإنما لا يجوز لهم أن يقرنوا إتمام تلك الأوامر بحلف الأيمان التي هي من أعمال الشر، والشر لا يلد إلا الشر.
ولا يخفى أن الإنسان المسلم أمره إلى الله والخاضع لسلطانه لا يستطيع أن يعد أنه يفعل كذا ويعمل كذا.
إن العثرة التي يتعدى بها الناس الوصية الرابعة هي: أنهم عندما يستولي عليهم الغضب ويجنحون إلى الشر والانتقام يزعمون أنهم بذلك يصلحون ما فسد من أخلاق الناس وأعمالهم، يتوهم البشر، بل ويرجحون بأنه إذا أهان أحد آخر أو تعدى عليه يجب الانتقام من المعتدي ومعاقبته ومحاكمته لينال جزاء ما اقترفت يداه أو لسانه، وما على الناس لتجنب هذه العثرة إلا أن يذكروا أنهم وجدوا ليس لمحاكمة بعضهم، بل لإنقاذ إخوانهم من وهدة المصائب، وأنه لا تجوز لهم محاكمة الآخرين لمجرد ارتكابهم بعض الذنوب وهم معرضون في كل آونة لاقتراف أعظم منها، بل إنهم كلهم تائهون في بيداء الضلال، ويطلب منهم القيام بأمر واحد، وهو أن يكونوا للغير مثال الكمال والتسامح والمحبة.
وأما العثرة التي تقود الناس إلى تعدي الوصية الخامسة: هي أن الناس يزعمون أنه يوجد فرق جسيم بين أهل وطنهم والناس الأغراب والأجانب، وعلى ذلك يجب عليهم اتقاء شر الأجانب والإضرار بهم إذا مكنتهم الظروف.
ومتى يتجنب الناس الوقوع في هذه العثرة ينبغي أن يعلموا بأن جميع الوصايا ترمي إلى غرض واحد أو أنها كلها مجموعة في وصية واحدة، وهي إتمام مشيئة الآب الذي أعطى الحياة والخير لجميع البشر؛ ولذلك ينبغي على كل واحد أن يصنع الخير لجميع الناس بقطع النظر عن الجنس؛ حتى مع وجود بعض الناس الذين يفرقون بين الغريب والقريب، ووجود بعض الأمم التي تشهر الحروب على الأمم الأخرى، وتسفك دماء رجالها هدرا، وينبغي على كل إنسان ألا يوجه التفاته إلى ذلك، ولا يعلق عليه كبير أهمية، بل ما عليه إذا شاء إرضاء الآب إلا أن يصنع الخير لكل إنسان ولو كان من أمة غريبة واشترك في حرب ضد أمته ووطنه.
ثم ينبغي على الإنسان لكي لا يسقط في ضلالات هذا العالم ألا يفتكر مطلقا بالأمور الدنيوية، ولا يعتني بشهوات الجسد، بل يوجه التفاته وفكره إلى الأشياء الروحية العلوية السامية، وإذا أدرك بأن الحياة الحقيقية لا تنال إلا إذا أتم في الحال إرادة الله، فلا يرهب مع ذلك الموت ولا العذابات ولا الاضطهاد، ولا ولا ... إلخ إلخ، ولا ينال الحياة الخالدة إلا ذاك الذي في كل ساعة يكون مستعدا لتضحية حياته الأرضية على مذبح إرضاء الآب وإتمام إرادته، ثم قال يسوع بشأن الحياة الخالدة التي لا يبيدها الموت ولا يفنيها الفناء ما مؤداه: لا ينبغي أن نفهم بأن الحياة الخالدة تشبه الحياة الحاضرة، وأنها محصورة في زمان أو في مكان؛ لأن الحياة في سلطان الله غير مقيدة بمكان أو زمان؛ لأن الذين أقبلوا على الحياة الحقيقية يعيشون حسب مشيئة الآب غير المحصورة في زمان أو مكان، وإذا ماتوا من أجلنا فهم أحياء لله؛ ولذلك فإن جميع الوصايا محصورة كلها في وصية واحدة، وهي أن يحب الناس بكل قواهم أصل الحياة؛ ولذلك فإن كل إنسان يحمل في نفسه هذا الأصل.
ثم قال يسوع: إن أصل هذه الحياة هو المسيح الذي تنتظرونه، وإن كلمة أصل الحياة ليست معينة لأشخاص معلومين، بل إنها تعطى لجميع أبناء البشر، وكل ما يخفي هذه الكلمة عن الناس ويبعدهم عن تناولها فهو عثرة وضلال، ويجب عليكم أن تحذروا غش الكتبة، ولا تسمعوا أقوالهم، واحذروا غش الحكام وأرباب السلطات ولا تتكلوا عليهم، واحذروا غش معلمي الناموس الذين يدعون أنفسهم فريسيين فاحذروهم كثيرا؛ لأنهم يدعون دعوة باطلة، وأدخلوا على الدين عقائد كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان، ويجتهدون لتعليمكم إياها وإبعادكم عن الله الحقيقي، فهم بدلا من أن يعبدوا إله الحياة بالفعل قد وضعوا كلاما كثيرا يعلمونه للناس ولا يعملون شيئا، فاسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم؛ لأن الله يطلب العمل وليس الكلام، ولا يستطيع الإنسان أن يتعلم منهم شيئا لأنهم أنفسهم لا يعرفون شيئا، وإنما هم اتخذوا التعليم حرفة لتنفيذ أغراضهم ومآربهم الذاتية والحصول على ما يتمنون في هذه الحياة الدنيا، ويجب عليكم أن تعلموا أنه لا يستطيع أحد أن يدعو نفسه معلما للآخرين؛ لأن معلم الناس هو واحد فقط رب الحياة، أو بعبارة أخرى: كلمة الحياة؛ ولذلك فإن هؤلاء المعلمين الكذبة بدعوتهم تعليم الناس يضلون عن الحق ويضلون غيرهم عنه؛ لأنهم يعلمون الناس أن يعبدوا إلههم بالطقوس الخارجية، ويزعمون أنهم بإقسامهم وحلفهم اليمين يجلبون الناس إلى الإيمان وهم مشغولون دائما أبدا بالتظاهر فقط بالقداسة الخارجية، ولا ينظرون إلى ما في القلوب، فهم كالقبور المزينة من الخارج ولكنها من الداخل مملوءة نجاسة، وهم بالكلام يكرمون الشهداء والقديسين الذين اضطهدوهم وقتلوهم من ذي قبل، وهم ما زالوا إلى الآن يقتلون القديسين، وجميع العثرات تأتي بسببهم إلى العالم؛ لأنهم يدسون السم في الدسم ويعملون الشر باسم الصلاح، وعثرتهم هي أساس العثرات؛ لأنهم هزءوا بما هو مقدس في العالم، وسيبقون على ضلالهم إلى أجل غير مسمى، ويستمرون في فعل الشر وارتكاب المحرمات ويقودون الناس إلى الضلال والشرور ولكنه سيأتي وقت تهدم فيه جميع الهياكل وتزول عبادة الله الخارجية، ولا يبقى أثر للطقوس، وحينئذ يدرك الناس الحقيقة ويتحدون جميعا بالمحبة والإخاء وعبادة الله بالروح.
متى، 19: 13: فقدموا إلى يسوع مرة أولادا، غير أن تلاميذه جعلوا يطردونهم.
14: فقال يسوع: لا تطردوهم؛ لأنهم هم أحسن الناس وأعظمهم صلاحا، ولمثلهم ملكوت السموات فقط.
لوقا، 18: 17: لا ينبغي عليكم أن تطردوا الأولاد، بل يجب أن تتعلموا منهم؛ لأن من يريد أن يتمم مشيئة الله يجب أن يكون في سيره وأعماله كالأولاد الذين دائما أبدا يسيرون حسب منطوق الخمس وصايا التي علمتكم إياها، فالأولاد الصغار لا يشتمون أحدا، ولا يصنعون الشر للناس، ولا يضلونهم ولا يحلفون بشيء، ولا يقاومون الشر، ولا يفرقون بين القريب والغريب؛ ولذلك فهم أعظم من الكبار في ملكوت السماء.
متى، 18: 3: الحق أقول لكم: إنكم إذا لم تنكروا جميع عثرات الجسد وتصيروا كالأولاد، فلن تدخلوا ملكوت السموات.
5: ومن يفهم أن الأولاد أحسن منا حالا؛ لأنهم لا يتعدون وصايا الله، ذلك فقط يفهم تعليمي.
لوقا، 9: 48: ومن يعمل حسب تعليمي ذلك يتمم مشيئة الآب.
متى، 18: 10: لا يجوز لنا احتقار الأولاد؛ لأنهم أحسن منا، وقلوبهم أطهر منا أمام الآب؛ ولذلك فهم معه دائما.
24: ليست مشيئة الآب أن يهلك أحد هؤلاء الصغار، بل إذا هلك أحدهم فإن ذلك يكون بواسطة الناس الذين يضلونهم ويخدعونهم.
16: ولذلك ينبغي أن تحافظوا عليهم، ولا تنزعوهم عن إرادة الله والحياة الحقيقية، فإذا خدعنا الأولاد وقدناهم إلى الضلال نكون كأننا علقنا في أعناقهم أحجارا وطرحناهم في البحر فيغرقون .
7: ويل للعالم من العثرات؛ فلا بد أن تأتي العثرات، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي تأتي بسببه العثرة.
8: ولذا ينبغي على كل واحد أن يضحي بكل شيء ويبذل النفس والنفيس، حتى لا يسقط في العثرات، فإذا أعثرتك يدك فاقطعها ولا تحسب لها حسابا.
لوقا، 17: 3: احترزوا من أن تتعدوا الوصية الأولى عندما الناس يعملون لكم الشر وتقصدون الانتقام منهم.
متى، 18: 15: فإذا أخطأ إليك إنسان فاذكر أنك وإياه ابنان لأب واحد، فإذن هو أخوك، وإذا أخطأ إليك وأهانك بشيء فاذهب إليه وعاتبه وجها لوجه، فإذا سمع منك فقد ربحته.
16: وإن لم يسمع منك فخذ معك أيضا واحدا أو اثنين لكي يعاتباه معك.
لوقا، 17: 3 و4: فإن تاب فاغفر له، وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم، ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلا: أنا تائب؛ فاغفر له.
متى، 17: 18: وإذا لم يسمع منك فقل لجماعة المؤمنين بتعليمي، وإن لم يسمع من الجماعة فاغفر له واتركه وشأنه، ولا تكن لك به علاقة بعد.
23: لأن ملكوت السموات تشبه إنسانا ملكا أراد محاسبة عبيده.
24: فلما ابتدأ في المحاسبة قدم إليه واحد مديون بعشرة آلاف دينار.
25: وإذ لم يكن له ما يوفي أمر سيده أن يباع هو وامرأته وأولاده وكل ماله ويوفي الدين.
26: فأخذ العبد يسترحم سيده ليشفق عليه.
27: فتحنن سيد ذلك العبد وأطلقه وترك له الدين.
28: ولما خرج هذا العبد وجد واحدا من العبيد، رفقائه، كان مديونا له بمائة دينار؛ فأمسكه، وأخذ بعنقه قائلا: أوفني ما لي عليك.
29: فخر العبد رفيقه على قدميه، وطلب إليه قائلا: تمهل علي فأوفيك الجميع.
30: فلم يرد؛ بل مضى وألقاه في سجن حتى يوفي الدين.
31: فلما رأى العبيد رفقاؤه ما كان، ذهبوا إلى سيدهم الملك، وقصوا عليه كل ما جرى.
32: فدعاه سيده، وقال له: أيها الكلب الشرير، كل ذلك الدين تركته إليك لأنك طلبت إلي.
33: أفما كان ينبغي أنك أنت ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا؟!
34: وغضب سيده، وسلمه إلى المعذبين ليعذبوه؛ حتى يوفي كل ما كان عليه.
35: وهكذا يفعل الآب بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته.
متى، 5: 25: أنت تعلم أنك إذا تخاصمت مع رجل، خير لك أن تصطلح معه في الطريق قبل أن تصل إلى القاضي لعلمك بأنك إذا وصلت معه إلى القاضي تخسر كثيرا، وهكذا أفعل بكل شر؛ لأنك تعلم أن الشر أمر قبيح يبعدك عن الآب، فابتعد أنت عن الشر وسالم الكل.
18: 18: أنتم تعلمون تمام العلم أن كل ما ترتبطون به على الأرض تظهرون به أمام الآب، ولكنكم إذا حللتم نفوسكم من عقال الشر على الأرض فتظهرون كذلك أمام الآب وتكونون أطهارا محلولين من الآثام.
19: وأقول لكم أيضا: إذا اتفق اثنان أو ثلاثة على الأرض على تعليمي، فإنهم ينالون كل ما يطلبون من أبيهم.
20: لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسم الروح في الإنسان، فإن روح الإنسان يحل فيهم ويكون بينهم.
متى، 19: 3؛ ومرقص، 10: 2: احترزوا من العثرة التي تقودكم إلى تعدي الوصية الثانية، وهي تغيير النساء.
متى، 3: وجاء إلى يسوع الفريسيون ليجربوه قائلين له: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته؟
4: فأجاب وقال لهم: لقد قضت إرادة الآب منذ البدء بأن يخلق الإنسان ذكرا وأنثى.
5: ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدا واحدا، فتصبح المرأة للرجل كأنها جسد له.
6: ولذلك لا ينبغي على الإنسان أن يتعدى ناموس الله الطبيعي ويفرق ما جمعه.
8: حسب ناموسكم أو ناموس موسى يحل للرجل أن يترك امرأته ويتزوج بغيرها، ولكن ذلك غير صحيح؛ لأن مشيئة الله ليست كذلك.
9: وأما أنا فأقول لكم: إن من يترك امرأته يسوقها إلى الزنا هي ومن يرتبط معها، وبواسطة تركه امرأته يوجد الزنا والضلال في العالم.
10: فقال تلاميذه: يصعب كثيرا على الإنسان أن يعيش العمر مع امرأة واحدة، وخير له ألا يتزوج.
11: فقال لهم: يجوز للإنسان ألا يتزوج، ولكن يجب إيضاح ذلك إيضاحا وافيا .
12: إذا شاء أحد ألا يتزوج مطلقا؛ فإنه يفضل الذي يتزوج؛ لأنه يبقى طاهرا بعدم ملامسته النساء، ولكن من يحب المرأة فعليه أن يكتفي بواحدة، ولا يلتصق بغيرها، ولا يغازل النساء.
متى، 17: 24: وتقدم مرة جباة الأموال الأميرية إلى بطرس، وسألوه: ألعل معلمكم لا يدفع الضريبة؟
25: فأجابهم بطرس: كلا، لا يدفع، ثم أخبر يسوع بذلك قائلا: إنهم يطلبون منه الضريبة أسوة ببقية الأهالي.
26: حينئذ قال له يسوع: إن الملك لا يأخذ الجباية من بنيه، ونحن بما أننا أبناء الله؛ فإننا لسنا مديونين لأحد غير الله بشيء، فنحن إذن أحرار من جميع السلطات ولسنا مضطرين أن ندفع شيئا.
27: ولكنهم إذا كانوا يطلبون منك الجباية فادفع لهم، ليس لأنك ملزوم بدفعها، بل لكيلا تقاوم الشر؛ لأنه كما لا يخفاك أن مقاومة الشر تجلب المصائب العظيمة.
22: 16: واتفق الفريسيون والهيرودسييون أن يصطادوه بكلمة، فجاءوا إليه، وقالوا له: يا معلم، نحن نعلم أنك صادق تعلم الناس الحق.
17: فقل لنا: ماذا تظن؛ أيجوز لنا أن نعطي جزية لقيصر أم لا؟
18: فأدرك يسوع أنهم يريدون أن يصادروه ليحاكموه بأنه غير خاضع لقيصر.
19: فقال لهم: أروني معاملة الجزية، فقدموا له دينارا.
20: فنظر إلى الدينار وقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟
21: فقالوا له: لقيصر، فأجابهم: إذن أعطوا ما لقيصر لقيصر، وأما أنفسكم التي لله فلا تعطوها لأحد سواه، ويجوز لكم أن تعطوا كل من يطلب منكم أموالكم وعقاركم وكل ما تملكون.
متى، 23: 16: إن معلميكم الفريسيين يطوفون البر والبحر ليكسبوا دخيلا واحدا ليعلموه تعاليمهم الفاسدة، ويأخذون عليه العهود بأنه يتمم ناموسهم، ولكنهم بأعمالهم هذه يضلون الناس، وتكون ضلالتهم الأخيرة أشر من الأولى.
16 و22: لا يستطيع أحد أن يعد بجسده عن نفسه؛ لأن الله في نفوسكم ولا يستطيع الناس أن يحلفوا للناس ويعدوهم بأمور ما داموا لا يعرفون ساعتهم.
لوقا، 9: 52: دخل مرة تلاميذ يسوع إلى قرية، وطلبوا أن يبيتوا فيها.
53: فلم يقبلهم أهلها.
54: فجاء التلاميذ إلى يسوع، وشكوا له من ذلك، وقالوا: فلتنزل نار من السماء وتأكلهم.
55: فقال لهم يسوع: إنكم للآن لم تعلموا: من أي روح أنتم؟
56: إني لا أعلم ما يهلك الناس، بل بالعكس أعلمهم إلى ما يرشدهم إلى طريق الخلاص.
12: 13: جاء إلى يسوع رجل، وقال له: قل لأخي أن يقاسمني الميراث.
14: قال له يسوع: من أقامني عليكما قاضيا أو مقسما؟! إني لا أحاكم أحدا.
15: فاحذروا كلكم لئلا تحاكموا أحدا لأنكم لا تقدرون على ذلك.
يوحنا، 8: 3: فقدم الفريسيون ليسوع امرأة وقالوا.
4: إن هذه المرأة أمسكت في زنا.
5: وحسب الناموس ينبغي أن ترجم بالحجارة، فما قولك في ذلك؟
6: أما يسوع فلم يجبهم بشيء، وانتظر ريثما يتبصرون في ذلك.
7: أما هم فجعلوا يلحون عليه أن يجيبهم عما يجب فعله في المرأة، وكيف ينبغي أن يحكم عليها، حينئذ قال لهم: من كان منكم بغير خطيئة فليرجمها أولا بحجر.
8: ولم يقل شيئا غير ذلك.
9: حينئذ جعل الفريسيون ينظرون إلى بعضهم بعضا، ثم أخذوا يخرجون الواحد تلو الآخر، وبقيت المرأة وحدها أمامه.
10: ولما أبصر أنه لم يبق أحد قال للمرأة: أين أولئك المشتكون عليك؟ أما أدانك أحد منهم؟
11: فقالت له المرأة: كلا، فقال لها: وأنا لا أدينك أيضا، امضي، ولا تخطئي فيما بعد.
لوقا، 10: 25: وجاء إليه ناموسي ليجربه، وقال له: ماذا أصنع لأرث الحياة الأبدية؟
27: فقال له يسوع: أنت تعلم حب أباك الله وأخاك بالله من كل قلبك، ولا تفرق بين الوطني والأجنبي؟
29: فقال الناموسي: إن هذا أمر حسن لو لم يكن في العالم شعوب كثيرة، فكيف أستطيع أن أحب أعداء أمتي؟
30: فقال له يسوع: رجل يهودي وقع بين لصوص؛ فعروه وجرحوه وتركوه بين حي وميت وسط الطريق.
31: فاجتاز به رجل يهودي، فلما رآه أعرض عنه ومضى في طريقه.
32: وكذلك لاوي يهودي إذ صار عند المكان جاء ونظره وجاز مقابله.
33: ثم اجتاز في الطريق رجل سامري من أشد أعداء اليهود، فلما رأى اليهودي يختبط بدمائه رثى لحاله، ولم يفكر بالعداوة المتأصلة بين اليهود والسامريين.
34: بل تقدم إليه، وغسل جراحاته وضمدها، وحمله على حماره حتى أوصله إلى فندق في الطريق.
35: ودفع دراهم لصاحب الفندق وقال له: اعتن به، ومهما أنفقت، فعند عودتي أوفيك إياه.
ثم قال يسوع للناموسي: افعل مثل هذا مع الغرباء، حينئذ تنال الحياة الأبدية.
متى، 16: 21: قال يسوع: إن العالم يحب خاصته، ولكنه يبغض الذين هم خاصة الله ؛ ولذلك فإن أهل هذا العالم كالكتبة والكهنة والرؤساء سيعذبون كل من يتمم إرادة الله، وها أنا ماض إلى أورشليم؛ فسيعذبونني ويقتلونني، ولكن روحي لا يستطيع أحد إهلاكها أو قتلها فتبقى حية إلى الأبد.
مرقص، 8: 32: فلما سمع ذلك بطرس قبض على يد يسوع، وقال له: إذا كان الأمر كذلك؛ فلا لزوم لذهابك إلى أورشيلم.
33: فقال يسوع: لا تقل مثل هذا الكلام؛ لأنه غش وعثرة لي، فإذا كنت تحسب حسابا لعذابي وموتي فذلك دليل على أنك لا تفتكر بما هو لله والروح، بل تفتكر أكثر بالإنسان والجسد.
34: ثم دعا يسوع الشعب وتلاميذه؛ وقال لهم: إن من يريد أن يسير بحسب تعليمي يجب عليه أن ينكر جسده ويكون مستعدا لاحتمال جميع الآلام والعذاب، وأن من يحسب حسابا لحياته الجسدية ذلك يخسر الحياة الحقيقية، ومن يهلك جسده ينالها.
متى، 12: 23: لكنهم لم يفهموا هذا الكلام، ثم تقدم إليه الصدوقيون وشرح لهم معنى الحياة الحقيقية والقيامة من الموت، أو بعبارة أخرى استيقاظ النفس، وكان الصدوقيون يعتقدون أن لا حياة للإنسان بعد أن يموت بالجسد.
24: فقالوا له: كيف يستطيع الأموات أن يقوموا من الموت، وإذا قاموا أية بلاد تستوعبهم وكيف يستطيعون أن يعيشوا معا؟
25: كان عندنا سبعة أخوة تزوج الأول ومات، ثم تزوج امرأته بعد موته أخوه الثاني، ثم الثالث إلى السبعة.
28: فإذا قام هؤلاء السبعة الأموات من الموت، فلمن منهم تكون المرأة؟ لأنها كانت زوجة للسبعة.
لوقا، 20: 34: فقال لهم يسوع: إما أنكم عن قصد تخلطون في كلامكم، أو أنكم لا تدركون معنى استيقاظ الحياة؛ إن الناس في هذا العالم يزوجون ويتزوجون.
أما أولئك الذين حسبوا أهلا للحصول على الحياة الأبدية والاستيقاظ من الموت لا يزوجون ولا يتزوجون؛ إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضا؛ لأنهم يتحدون مع الآب.
متى، 22: 31: جاء في ناموسكم: إن الله قال: أنا إله إبراهيم ويعقوب، وقد قال هذا الإله أيضا: إن إبراهيم ويعقوب ماتا من أجل الناس، فإذن يكون أولئك الذين ماتوا في هذا العالم من أجل الناس يحيون من أجل الله، فإذا كان يوجد إله وهذا الإله حي لا يموت، فجميع الذين يكونون مع الله لا يموتون؛ فاستيقاظ الحياة هو عبارة عن العيشة في سلطان الله.
34: أما الفريسيون؛ فلما سمعوا ذلك لم يجدوا عليه حجة يمسكونه بها، فاجتمعوا جميعا، واتفقوا على تجربته معا.
36: فقال له واحد من الفريسيين: يا معلم، أية وصية هي العظمى في الناموس؟ زاعما أن يسوع لا يحسن الجواب على سؤاله.
37: فأجابه يسوع: تحب الرب إلهك من كل نفسك ومن قلبك؛ لأنك عائش في سلطانه، والوصية الثانية تشتق منها وهي.
39: تحب قريبك كذلك؛ لأن الرب حال فيه.
40: وهاتان الوصيتان تتضمنان جميع ما كتب في ناموسكم.
42: وسألهم يسوع أيضا: ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له: ابن داود.
43: فحينئذ قال لهم: كيف داود يدعو المسيح ربا، فالمسيح إذن ليس هو ابن داود، وليس هو ابن أحد بالجسد، بل المسيح هو ذلك الرب سيدنا الذي نعرفه في نفوسنا، أو بتعبير آخر: إنه هو الكلمة الموجودة فينا.
لوقا، 12: 1: ثم قال يسوع: تحذروا من خمير الفريسيين المعلمين، ومن خمير الصدوقيين والحكام أيضا.
متى، 23: 3: لأنهم يعلمون الناس أن يفعلوا كيت وكيت، وهم لا يعملون شيئا من أعمال الصلاح؛ بل يقولون كثيرا.
4: فإنهم يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل، ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بأصبعهم.
5: وكل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم ويحبون المتكأ الأول في الولائم والمجالس الأولى في المجامع.
8: واعلموا أنه لا يستطيع أحد أن يدعو نفسه معلما.
13: أما الفريسيون؛ فيدعون نفوسهم معلمين، ثم يغلقون ملكوت السموات قدام الناس، فلا يدخلونه ولا يدعون الداخلين يدخلون.
15: لأنهم يظنون أنهم بالأقسام والطقوس الخارجية يقودون الناس إلى الله.
16: فهم كالعميان لا يبصرون بأن الأمور الخارجية لا تفيد شيئا، وأن كل شيء موجود في نفس الإنسان.
23: فقد اختاروا إتمام الأمور السهلة، وتركوا أعمال الصلاح الصعبة، وهي الرحمة والمحبة والحق.
28: هم يتراءون أمام الناس أنهم سائرون حسب الناموس، ولكنهم بالحقيقة هم على خلاف ذلك.
29: فهم يشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة بكل نجاسة.
30: وهم بالظاهر يحترمون القديسين والشهداء.
31: ولكنهم في الحقيقة ونفس الأمر هم هم يقتلون ويعذبون القديسين الأبرار، فهم كانوا ولم يزالوا أعداء لكل صلاح؛ لأنهم أساس الشر في العالم، وهم يخفون الصلاح ويظهرون الشر.
مرقص، 8: 23: أنتم تعلمون: أنه يجوز إصلاح كل غلطة يغلطها الناس.
29: ولكن إذا كان الناس يغلطون في الحق الواضح ويكابرون في غلطهم، فلا يمكن إصلاح هذه الغلط الفادح.
متى، 23: 27: ثم قال يسوع: إني قصدت هنا في أورشليم أن أجمع بين الناس لكي يتحدوا بكلمة الحق، ولكن أهل هذا البلد لا يعرفون سوى قتل معلمي الحق والصلاح.
28: ولذلك فإنهم يبقون على ضلالهم ولا يعرفون الإله الحقيقي حتى يقبلوا على اتخاذ كلمته ومحبتها.
24: 1: ثم خرج ومضى يسوع من الهيكل، فقال له تلاميذه: ماذا تقول عن هذا الهيكل الفخيم وجميع مفروشاته الفاخرة التي يقدمها الناس فيه لله.
2: فقال لهم يسوع: الحق أقول لكم: إنه سينقض، ولا يترك منه حجر على حجر.
3: لأنه يوجد هيكل واحد هو هيكل الله الحقيقي، وهو قلوب الناس، على شرط أن تحب بعضها بعضا، ثم: سألوه متى يقوم هذا الهيكل؟
4: فقال لهم يسوع: لا يكون ذلك في وقت قريب؛ لأن الناس سيلبثون طويلا على ضلالهم ولا يعلمون حسب تعليمي، وستحدث من أجل ذلك حروب هائلة ومصائب عظيمة.
12: وتبرد المحبة كثيرا في القلوب وتحدث اضطرابات شديدة.
13: ولكن عندما ينتشر التعليم الحقيقي في العالم حينئذ ينقطع الشر وتنتهي المصائب.
الفصل العاشر
محاربة العثرات
ينبغي على الإنسان لكي ينجو من الشر أن يكون في كل ساعة متحدا مع الآب. (ولا تدخلنا في التجربة.)
فحوى الفصل العاشر
تحقق اليهود أن تعليم يسوع يزعزع أركان المملكة وينقض أساس الدين، ويقلب الأمة ظهرا لبطن، ثم إنهم أبصروا من جهة أخرى أنه ليس في استطاعتهم دحض تعاليمه أو مقاومتها؛ ولذلك فقد قرروا فيما بينهم أن يقتلوه؛ ولكنهم لم يجدوا ذنبا يستحق عليه الموت، فتربصوا برهة طويلة يفتكرون في الأمر، وأخيرا: وجد رئيس الكهنة قيافا مخرجا من ذلك الانتظار، وافتكر بأمر يحكم به على يسوع بالقتل ولو كان بريئا، فقال: نحن لا يهمنا أن ننظر؛ هل هذا الرجل مجرم أم بريء؟ وإنما ينبغي علينا: أن ننظر في أمر آخر أعظم من ذلك أهمية، وهو: هل نريد أن يبقى الشعب الإسرائيلي شعبا خاصا منفردا عن بقية الشعوب؟ أم نريد أن يهلك ويتشتت في طول البلاد وعرضها، وستلعب أيدي التفريق بين هاته الأمة وتمزق شمل اجتماعها إذا لبث هذا الرجل يسوع ينشر بينها تعاليمه؛ فإذن يجب علينا أن نقتله، فلما سمع الكهنة والشيوخ كلام قيافا صادقوا عليه، ثم أصدروا قرارا عليه وحكموا بصحته، ثم أصدروا قرارا أنه ينبغي قتل يسوع، وأصدروا منشورا إلى ساكني أورشليم يطلبون منهم أن يلقوا القبض على يسوع عندما يحضر إلى مدينتهم.
ومع أن يسوع علم بذلك تمام العلم، فقد حضر على عيد الفصح إلى أورشليم، واجتهد تلاميذه لإقناعه بالعدول عن ذلك، أما هو فقال لهم: كل ما يريد أن يصنعه بي الفريسيون، وما يستطيع فعله جميع الناس بي ذلك لا يزعزع عقيدتي بالحق.
أنا أعلم: أين أنا؟ وإلى أين أمضي؟ ولا يخاف إلا ذلك الذي لا يعرف الحق وهو معذور؛ إذا ارتاب وحسب للأمور حسابا وأخذ حذره من الناس، ولا يعثر في الطريق غير الأعمى الذي لا يبصر نور الشمس.
وفيما هو ماض إلى أورشليم عرج في طريقه على قربة بيت عنيا؛ حيث قبلته امرأة اسمها مريم وسكبت على رأسه قارورة طيب كثير الثمن، وإذ علم يسوع أنه سيموت في أورشليم موتا جسديا قال لتلاميذه عندما وبخوا مريم لأنها سكبت ذلك الطيب عليه: إنها إنما فعلت ذلك لتعد جسدي للدفن.
ولما خرج يسوع من بيت عنيا ومضى إلى أورشليم، استقبله جمهور عظيم من الناس وساروا وراءه، وقد حرض هذا الأمر رؤساء الكهنة على سرعة قتله، فأخذوا ينتظرون فرصة ليقبضوا عليه، وقد علم هو أن أقل كلمة يتفوه بها ضد الناموس تكون سببا لإلقاء القبض عليه وقتله، ومع ذلك فقد دخل الهيكل، وأخذ يجاهر بأن تعاليم الكهنة والفريسيين وطقوسهم كلها كاذبة، مبنية على الخرافات والأوهام، وأخذ يعلم الشعب بتعليمه الذي كان مبنيا على أقوال الأنبياء، فلم يستطع الفريسيون إلقاء القبض عليه، ومن جهة أخرى: فإنهم رأوا أن سواد الأمة الأعظم في جانبه، وكان في أورشليم على عيد الفصح وثنيون كثيرون، فهؤلاء طلبوا أن يروا يسوع ليسمعوا تعليمه، فلما علم بذلك تلاميذه خشيوا هذا الأمر كثيرا؛ فقالوا: إذا علم الوثنيين؛ فإنه يجلب بذلك غضب الأمة فتنفر عنه، ويجد إذ ذاك الفريسيون سببا مهما لإلقاء القبض عليه، ولم يريدوا في بادئ الأمر أن يجمعوا بين يسوع والوثنيين، لكنهم قرروا فيما بينهم بعد ذلك أن يعلموه بطلب الوثنيين ففعلوا.
فلما سمع ذلك يسوع اضطرب؛ لأنه كان واثقا بأن تعليمه الوثنيين يظهر لليهود بأجلي بيان: أنه يرفض جميع أقوال وأوامر ناموسهم، ويدك أركانه، وإذا شاع هذا الأمر؛ فإن الأمة التي تحبه وتحافظ عليه تقلب له ظهر المجن وتظهر له العداء، وإذ ذاك يسهل على الفريسيين محاكمته وتسليمه للقتل، ولدى افتكاره بهذا الأمر اضطرب كثيرا، لكن من جهة أخرى: كانت واجباته تلزمه أن يرشد الناس أبناء الآب الواحد، ويعلمهم بقطع النظر عن الجنس والمذهب، وعرف من وجهة ثالثة: أن خطوته هذه تهلك حياته الجسدية، ولكنها ترشد الناس إلى معرفة كلمة الحق والإقبال إلى الخلاص، فقال: كما أن الحبة تطرح في الأرض لتموت وتعطي ثمرا، هكذا يجب على الإنسان أن يضحي حياته الجسدية لكي تعطي ثمرا روحيا، من يحافظ على حياته الجسدية ذلك يخسر الحياة الحقيقية، ومن يهلك جسده ينال الحياة الحقيقية الخالدة، وقال: إني مضطرب مما هو قادم علي، ولكني ولدت وعشت منتظرا هذه الساعة، فكيف لا أقوم بعمل ما يجب علي أن أعمله، فلتكن مشيئة الآب.
ثم التفت إلى الشعب اليهودي والوثنيين، وقال جهرا ما قاله سرا لنيقوديموس، وهو أن حياة الناس ومذاهبهم المختلفة وحكامهم المتنوعين ينبغي أن ينقلب كل ذلك انقلابا عظيما، ولا بد لكل سلطة بشرية من الانقراض، وينبغي على الناس أن يدركوا بأن الإنسان ابن أب الحياة، وهذه المعرفة تهدم جميع سلطان البشر، وتغير أفكار الناس وتجعلهم أن يتحدوا معا حتى يصبحوا كالشخص الواحد، فقال له اليهود: إنك بذلك تهدم جميع أساسات ديننا، إن ناموسنا يقول بإن المسيح سيأتي وأنت تقول خلاف ذلك، وعلى رأيك لا يوجد غير ابن البشر الذي يجب أن يكرم ويرفع، فما معنى هذا الكلام؟ فقال لهم: أما إعلاء شأن البشر فهو إدراك كلمة الله الموجودة في الناس الذين ينبغي عليهم أن يعيشوا في النور ما دام النور موجودا، وإني لا أعلم بديانة جديدة، بل أرشد كل واحد إلى ما في نفسه، كل يعرف أن فيه حياة أعطيت له، ولجميع الناس على السواء من أب الحياة وتعليمي يرمي إلى غرض واحد، وهو أنه يجب على الناس أن يحبوا الحياة التي أعطاها الآب لجميع البشر.
كثيرون صدقوا تعليم يسوع وفهموه كما ينبغي، ولكن الفريسيين لم يصدقوه ولم يقتنعوا به؛ لأنهم لم ينظروا إلى معناه نظرا روحيا، بل نظروا إلى معناه الظاهري؛ ولذلك أرادوا أن يقتلوه، لكنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب تعلق الأمة به؛ ولذلك أرادوا أن يقبضوا عليه خارج أورشليم سرا، وجاء إليهم مرة أحد تلاميذ يسوع المسمى يهوذا الإسخريوطي، فرشوه بالمال لكي يرشد خدامهم إلى يسوع عندما يكون منفردا، فمال إليهم ووعدهم بذلك، وعاد إلى يسوع منتظرا فرصة مناسبة لتسليمه.
وفي ابتداء عيد الفصح كان يسوع يحتفل بالعيد مع تلاميذه، ولعلم يهوذا بأن يسوع غير عالم بخيانته كان بينهم، لكن يسوع علم أن يهوذا باعه، وعندما جلسوا جميعا على المائدة أخذ يسوع الخبز، وقسمه إلى اثني عشر قسما ووزعه على التلامذة ومن بينهم يهوذا، ومن دون أن يسمي أحدا، قال لهم: خذوا كلوا جسدي، ثم أخذ كأسا مملوءة خمرا ودفعها إليهم؛ لكي يشرب كل واحد منها شيئا يسيرا ، وقال: إن واحدا منكم يهرق دمي، فاشربوا دمي جميعكم، ثم نهض يسوع، وغسل أرجل جميع التلامذة، وعندما انتهى من عمله قال لهم: إن واحدا منكم سيسلمني إلى الموت ويهرق دمي، وقد أطعمته وسقيته وغسلت رجليه، لكي أعلمكم كيف ينبغي أن نتصرف مع أعدائنا الذين يصنعون بنا الشر، فإذا حذوتم حذوي تصبحون سعداء وتفوزون بالغبطة الدائمة، فسأله التلاميذ واحدا واحدا من الذي سيسلمك؟ لكنه لم يرشدهم إليه خوفا من أن ينتقموا منه، ويوقعوا به العقاب الشديد، وعندما حان الظلام أشار يسوع إلى يهوذا بالانصراف، فنهض هذا من على المائدة وفر هاربا، ثم قال يسوع: هذا هو معنى إعلاء شأن ابن البشر، أن يكون الناس صالحين كالآب العام، ولا ينبغي عليهم أن يحبوا الذين يحبونهم، بل يجب أن يحبوا أعداءهم ويصنعون الخير للذين يسيئون إليهم؛ ولذلك لا ينبغي عليكم أنتم أيضا أن تبحثوا عن مضمون تعليمي، بل انظروا إلى أعمالي التي صنعتها الآن أمامكم، واعملوا مثلها دائما أبدا، وصية واحدة أوصيكم بها، وهي حبوا الناس، وبعد ذلك أحاق بيسوع خوف شديد، فمضى مع تلاميذه إلى بستان ليختفوا فيه.
وفيما هم في الطريق قال يسوع لتلاميذه: إنكم جميعا جبناء غير ثابتين على محبتي، فإنه عندما يلقى القبض علي تهربون جميعا وتتركونني، فقال له بطرس: إني لا أتركك مطلقا، وسأدافع عنك دفاعا شديدا، ولو عرضت نفسي للموت، وقال جميع التلاميذ مثل ذلك، فقال لهم يسوع: إذا كان الأمر كذلك فاستعدوا للدفاع وتزودوا؛ لأننا سنختفي عن الأبصار، وخذوا معكم سلاحا لتدفعوا به، فقال له التلاميذ: عندنا سيفان، ولما سمع هذا الكلام استولى عليه الحزن وأخذ يكتئب، ولما وصل إلى مكان مقفر انفرد وشرع يصلي، ونبه تلاميذه إلى الصلاة، لكنهم لم يفهموا قصده، فقال يسوع حينئذ: يا أبتي الروح! أجز عني هذه التجربة، وثبت عزائمي لإتمام إرادتك، وإني لا أريد أن أسير حسب إرادتي لأدافع عن حياتي الجسدية، بل أريد إتمام مشيئتك التي تأمرني بعدم مقاومة الشر، ولكن تلاميذه لم يفهموا كلامه هذا، فقال لهم: لا تفتكروا بالجسد مطلقا، بل اجتهدوا أن تتعالوا بالروح؛ لأن القوة والنشاط بالروح، وأما الجسد فضعيف جدا، ثم قال: يا أبت إذا كانت الآلام العتيدة لا بد منها فلتكن، ولكني مع ذلك أطلب أن تكون مشيئتك وليس مشيئتي، ولم يفهم التلاميذ شيئا من ذلك أيضا، أما هو فلبث يصارع التجربة حتى غلبها، ولما تيقن من فوزه عليها دنا من تلاميذه، وقال لهم: ثقوا، فقد انتهى الأمر، وقد عدلت عن الدفاع والمقاومة، وها أنا ماض لأسلم نفسي إلى أيدي أهل هذا العالم.
لوقا، 11: 53: وبعد ذلك أخذ الكتبة والفريسيون يحنقون جدا ويصادرونه على أمور كثيرة، وهم يراقبونه لكي يقتلوه.
يوحنا، 11: 47: فجمعوا محفلا عظيما، وقالوا: يجب أن نعدم هذا الرجل؛ لأنه بتعاليمه يضحد تعاليمنا.
48: وإن تركناه هكذا آمن به الجميع فيتركون ديانتنا، وقد آمن به الآن أكثر من نصف الأمة، فإذا كان اليهود يصدقون تعليمه القائل بأن جميع الناس أبناء أب واحد وكلهم أخوة، وأنه لا فرق بين شعب اليهود والشعوب الأخرى، فلا ريب أن الرومانيين حينئذ يستولون على أمتنا، ولا يبقى ذكر للمملكة اليهودية.
لوقا، 19: 47: وتفاوض الفريسيون ورؤساء الكهنة كثيرا في أمر قتله، لكنهم لم يجدوا عليه علة تستحق القتل.
48: وذهبت مفاوضتهم عبثا؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يقرروا شيئا معلوما.
49: فقال لهم واحد منهم اسمه قيافا، وكان رئيسا للكهنة: إني قد افتكرت فكرا مناسبا.
يجب علينا أن نعلم أنه خير لنا أن يموت واحد عن الأمة من أن تهلك الأمة كلها، فإذا تركنا هذا الرجل فإن الأمة تهلك برمتها، وإني أؤكد لكم ذلك؛ ولذا فإني أرى من الصواب قتل يسوع.
52: حتى ولو لم يهلك الشعب، فإنه يتشتت ويترك دين آبائه وأجداده بما يتعلمه من تعليم يسوع، وهذا وحده كاف لقتله.
53: فصادق الجميع على كلام قيافا، وقرروا جميعا فيما بينهم قتل يسوع.
54: فبحثوا عنه لكي يلقوا القبض عليه، لكنهم علموا: أنه اختفى في مكان مقفر.
55: وكان قد قرب عيد الفصح الذي تجتمع فيه جماهير اليهود في أورشليم.
56: وقال رؤساء الكهنة والفريسيين بأنه لا بد له من القدوم إلى أورشليم على عيد الفصح.
57؛ ويوحنا، 12: 1 و2: وحدث أنه قبل الفصح بستة أيام قال يسوع لتلاميذه: قوموا بنا لنمضي إلى أورشليم.
يوحنا، 11: 8: فقال له تلاميذه: إن الفريسيين كانوا يطلبونك لكي يرجموك بالحجارة، فإذا ذهبت إلى أورشليم يقتلونك لا محالة، فخير لنا ألا نمضي جميعا.
9: فقال لهم يسوع: ليس يخيفني شيء؛ لأني عائش بنور الكلمة، وكل إنسان يسير في النهار لا يعثر، بعكس إذا ما سار في الليل، وكل إنسان أيضا يستطيع الحصول على نور الكلمة، وإذ ذاك يصبح لا يخشى شيئا.
10: وإنما الرجل المتمتع بشهوات الجسد يتوغل في الضلال ويخشى كل شيء، وأما ذاك الذي أنكر ذاته واستنارت نفسه بنور كلمة الحق؛ فإنه يكون مطمئنا لا يخشى شيئا.
يوحنا، 12: 2: وفيما هو ماض إلى أورشليم عرج على بلدة قريبة منها اسمها بيت عنيا، ودخل بيت مريم ومرثا؛ حيث صنعتا له عشاء، وكانت مرثا تخدمه.
3: وأما مريم؛ فأخذت رطل طيب كثير الثمن، ودهنت به قدمي يسوع، ومسحتهما بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب.
4: فقال يهوذا الإسخريوطي أحد تلاميذه.
5: عبثا عملت مريم هذا الفعل، لم لم يبع هذا الطيب بثلاثمائة دينار ويدفع للمساكين؟
8: فقال يسوع: إن المساكين عندكم في كل حين، وأما أنا فلست معكم في كل حين.
7: وقد فعلت حسنا؛ لأنها أعدت جسدي للدفن.
12: وفي صباح اليوم التالي مضى يسوع إلى أورشليم؛ حيث كان مجتمعا بها خلق كثير لا يحصى.
13: فلما سمع الجمع أنه آت إلى أورشليم خرجوا للقائه، وأخذوا سعف النخل، وكانوا يطرحونها في طريقه، والبعض الآخر كان يطرح ثيابه، وكانوا كلهم يصرخون قائلين: هذا هو ملكنا الحقيقي الذي سيرشدنا إلى معرفة الإله الحقيقي الواحد الأزلي.
14: وأن يسوع وجد حمارا فركبه، وكان الشعب سائرا وراءه وقدامه يصرخ صراخ التهليل والابتهاج.
متى، 21: 10: ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلين: من هذا؟
11: فقال أولئك الذين عرفوه: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الخليل.
15: فدخل يسوع الهيكل وطرد منه أيضا الباعة والمشترين.
يوحنا، 12: 19: فقال الفريسيون فيما بينهم: انظروا! إنكم لا تستفيدون شيئا، ها إن العالم قد تبعه.
مرقص، 11: 18: فالتمسوا كيف يهلكونه؛ لأنهم كانوا يخافونه؛ إذ الجمع كله كان يتعجب من تعليمه، وقد أجمع على محبته وإكرامه.
يوحنا، 12: 20: وفي خلال ذلك كان يسوع يعلم في الهيكل ، وكان موجودا بين سامعيه ما عدا اليهود كثير من اليونانيين الوثنيين، فهؤلاء لما سمعوا تعليم يسوع فهموه وصدقوه، وعلموا أنه يرشد إلى الحق ليس اليهود فقط، بل وجميع الناس.
21: فأرادوا أن ينتظموا في سلك تلاميذه، فأخبروا فيلبس أحد تلاميذه بذلك.
22: فقال فيلبس ذلك إلى أندراوس، وقد خاف التلميذان أن يجمعا بين يسوع والوثنيين؛ لأنهما علما أن الشعب ينقم عليه لتعليمه بأن لا فرق بين اليهود والوثنيين، ولبثا برهة واقفين يتحدثان بهذا الأمر، وأخيرا تقدما إلى يسوع وأخبراه جلية الأمر، فاضطرب لدى سماعه ذلك؛ لأنه علم أن الشعب سينقم عليه إذا تلمذ الوثنيين.
23: أتت الساعة التي أوضح فيها ما أفهمه أنا بابن البشر، ولا بأس من موتي في هذا السبيل؛ لأني أموت ضحية مجاهرتي بالحقائق.
24: الحق أقول لكم: إن حبة الحنطة إن لم تقع على الأرض وتمت فإنها لا تعطي ثمرا.
25: من أحب حياته الجسدية، فإنه يهلك حياته الحقيقية، ومن أبغضها في هذا العالم فإنه يحفظها للحياة الأبدية.
26: من يريد أن يخدم تعليمي؛ فليعمل أعمالي التي أعملها أنا، فيكرمه أبي ويجازيه علانية.
27: الآن نفسي قد اضطربت، فهل أرضخ لأحكام الحياة الدنيوية أو أكمل إرادة الآب في هذه الساعة؟ وما هذا العلني عندما دنت الساعة التي أحيا بها أقول: «يا أبتي نجني مما يجب علي أن أفعله.» إني لا أستطيع أن أفوه بمثل هذا الكلام؛ لأني سأحيا في تلك الساعة.
28: ولذلك فأقول: يا أبتي مجد اسمك وأظهره في.
31: ثم قال يسوع: قد حضرت ساعة هلاك هذا العالم البشري الآن، هلك رئيس هذا العالم ويطرد خارجا.
32: وعندما يتمجد ابن البشر ويرتفع شأنه على الحياة الأرضية، حينئذ يجمع الجميع في واحد.
34: فأجابه اليهود: قد سمعنا من الناموس أن المسيح يدوم إلى الأبد، فكيف تقول أنت: إنه ينبغي أن يرتفع ابن البشر؛ من هذا ابن البشر؟
35: فأجابهم على ذلك يسوع بقوله: ارتفاع شأن البشر يتأتى من أنكم تعيشون بنور الحياة الموجود فيكم.
36: وارتفاع شأن ابن البشر على الحياة الأرضية يتأتى من أنه يصدق بوجود النور ، ما دام النور موجودا لكي يصبح ابنا للحياة.
44: من يصدق تعليمي لا يجب عليه أن يؤمن بي، بل بذلك الروح الذي أعطى الحياة للعالم.
45: ومن يفهم تعليمي يفهم ذلك الروح الذي أعطى الحياة للعالم.
47: وإن كان أحد يسمع أقوالي ولا يحفظها فأنا لا أدينه؛ لأني لم آت لأدين العالم، بل لأخلص العالم.
48: ومن لم يقبل أقوالي فإن له من يدينه. الكلمة التي نطقت بها هي تدينه.
49: لأني لم أتكلم من نفسي، بل تكلمت ما ألهمني إليه الآب الروح الساكن في.
50: وما أقوله هو نفس ما قاله لي روح الكلمة، وأعلم به، وهو الحياة الحقيقية.
يوحنا، 12: 36: قال يسوع هذا ثم مضى واختفى عن رؤساء الكهنة.
42: ومع هذا فإن كثيرا من الرؤساء والأغنياء وأصحاب النفوذ لما سمعوا تعليم يسوع صدقوه، لكنهم من أجل الفريسيين لم يعترفوا به ولم يصرحوا بأفكارهم؛ لأنه ليس ولا واحد من الكهنة ورؤساء الكهنة صدق هذا التعليم.
43: لأنهم أحبوا مجد الناس على مجد الله.
متى، 26: 3: حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب في دار قيافا.
4: فتشاورا فيما بينهم أن يمسكوا يسوع سرا عن الشعب ويقتلوه.
5: لأنهم خافوا أن يلقوا القبض عليه علنا.
14: وقد جاء إليهم أحد تلاميذ يسوع الذي يقال له يهوذا الإسخريوطي.
15: وقال لهم: إذا كنتم تريدون إلقاء القبض على يسوع سرا دون أن يعلم الشعب، فأنا أنتهز فرصة وجوده منفردا مع تلاميذه، وآتي فأخبركم، فماذا تريديون أن تعطوني لأسلمه لكم؟ فجعلوا له ثلاثين من الفضة.
16: فرضي، ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه إلى رؤساء الكهنة.
17: وفي هذه الأثناء كان يسوع يبتعد عن الشعب منفردا مع تلاميذه، وفي يوم عيد الفطير دنا التلاميذ منه، وقالوا له: أين تريد أن نعد الفصح؟
18: فقال لهم يسوع: اذهبوا إلى أية بلدة، ومن تصادفوه فيها قولوا له : إنه ليس عندنا وقت لإعداد الفصح، وارجوه أن يقبلنا في بيته لنعد عنده الفصح.
19: ففعل التلاميذ كما أمرهم يسوع، ومضوا إلى قرية، وطلبوا إلى أحد رجالها أن يأذن لهم بإعداد الفصح في بيته فأجاب طلبهم.
20: فدخلوا بيت الرجل، وجلس يسوع على المائدة مع تلاميذه الاثنى عشر، ومن بينهم يهوذا.
يوحنا، 13: 1: وكان يسوع قد علم أن يهوذا وعد أن يسلمه إلى الموت، ولكنه لم يوبخه، ولم يقصد أن ينتقم منه، بل كان حتى هذه الساعة يعلم تلاميذه أن يحبوا بعضهم بعضا على عادته من ذي قبل.
متى، 26: 21؛ ومرقص، 19: 18: وفيما هم يأكلون، قال: الحق أقول لكم: إن واحدا منكم سيسلمني.
متى، 26: 23: أجل، ذلك الذي يأكل ويشرب معي هو يهلكني.
26: ولم يقل شيئا فيما سوى ذلك، حتى إن التلاميذ لم يعرفوا من يقصد بكلامه، وعندما شرعوا في الأكل أخذ يسوع الخبز، وقسمه إلى اثني عشر قسما حسب عددهم، وقال لهم: خذوا كلوا هذا هو جسدي.
27: ثم ملأ الكأس خمرا، وقال لهم: خذوا اشربوا كلكم، ولما شربوا قال.
28: هذا هو دمي، فإني أهرقه ليعلم الناس أني أغفر خطايا كل من يعمل لي شرا.
لوقا، 22: 18: لأني سأموت قريبا، ولا أكون معكم في هذا العالم، ولكني سأجتمع معكم في ملكوت السموات.
يوحنا، 13: 4: وبعد هذا نهض يسوع من على المائدة وتمنطق بمنشفة وأخذ إبريق ماء بيده.
5: وأخذ يغسل أرجل جميع التلامذة.
فتقدم إلى بطرس الذي قال له كيف تغسل أنت رجلي؟
7: أجاب يسوع وقال له: إن الذي أصنعه لا تعرفه أنت، ولكنك ستعرفه حالا.
10: أنتم أنقياء، ولكن ليس كلكم؛ لأنه بينكم يوجد ذلك الذي سيسلمني، الذي أعطيته من يدي الخبز ليأكل والخمر ليشرب، وأريد أن أغسل رجليه أيضا.
13: ولما غسل يسوع أرجل الاثني عشر جلس وقال: هل فهمتم لماذا فعلت ذلك؟
14: إنما فعلت ذلك لكي تصنعوا مع بعضكم فيما بعد كما عملت لكم أنا معلمكم، قد صنعت هذا لتعلموا فيما بعد كذلك للذين يسيئون إليكم ويصنعون لكم شرا.
17: فإذا فهمتم ذلك وعملتم به تصبحون سعداء وتنالون الغبطة الدائمة.
18: عندما قلت لكم: إن واحدا منكم سيسلمني لم أتكلم عنكم جميعا؛ لأن الذي يسلمني واحد فقط، ذلك الذي قد غسلت رجليه وأكل الخبز معي هو يهلكني.
21: ولما قال هذا اضطرب بالروح، ثم قال أيضا: نعم. نعم، واحد منكم يسلمني.
22: فجعل التلاميذ ينظرون إلى بعضهم بعضا ولم يعرفوا من يقصد في كلامه.
23: وكان أحد التلاميذ جالسا بالقرب من يسوع.
24: فأشار إليه سمعان بطرس أن يسأله من الذي سيسلمه.
25: فسأل ذلك التلميذ يسوع.
26: فأجابه: إني أغمس الآن لقمة وأدفعها إلى مسلمي، ثم دفعها إلى يهوذا الإسخريوطي.
27: وقال له: ما تريد أن تفعل؛ فاصنعه بسرعة.
30: فأدرك يهوذا أنه لا بد له من الخروج، وبعد أن أخذ اللقمة خرج في الحال، ولم يستطع أحد أن يتبعه؛ لأن الوقت كان ليلا والظلام حالكا.
31: ولما خرج يهوذا قال يسوع لتلاميذه: لقد أصبح الآن مفهوما لديكم ما هو ابن البشر، وأصبحتم تعلمون أن الله حال فيه وأنه يستطيع أن يشبه الله في الصلاح وفعل الخير.
33: يا أولادي لا أكون معكم زمنا طويلا، فلا تبحثوا عن تعاليمي كما قلت للفريسيين، بل افعلوا ما فعلت أنا.
34: أعطيكم وصية واحدة جديدة، كما أني أحببتكم منذ البداية حتى النهاية، هكذا أنتم، حبوا بعضكم بعضا من البداية حتى النهاية.
25: وبهذا فقط تمتازون عن سائر الناس، حبوا بعضكم بعضا.
متى، 26: 30: وبعد هذا صعدوا جميعا إلى جبل الزيتون.
30: وفيما هم في الطريق قال لهم يسوع: سيأتي وقت يتم ما جاء في الكتب، وهو أنهم يقتلون الراعي فتتبدد الخراف، وسيتم ذلك في هذه الليلة، فسيأخذونني وأنتم تتركونني وتتبددون.
32: فقال له بطرس: إذا تركك الجميع وهربوا؛ فإني لا أتركك أبدا، بل إني مستعد أن أمضي معك إلى السجن أو الموت.
34: فأجابه يسوع: الحق أقول لك: إنه قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات.
35: فقال بطرس: كلا. كلا، لا أنكرك، وقال قوله هذا جميع التلاميذ.
لوقا، 22: 35: فقال يسوع حينئذ لتلاميذه قبلا: لم يعوزنا شيء مطلقا، فقد كنتم تسيرون بلا كيس ولا حذاء ولا مزود؛ لأني أمرتكم بذلك.
36: وأما الآن؛ فقد أحصوني مع الأثمة الذين لا يسيرون بحسب الناموس، فلا يستطيع أن نبقى كما كنا قبلا بلا شيء، فينبغي علينا أن نتزود بكل شيء، ونقتني سيوفا حتى لا يقتلوننا ويسفكون دمنا هدرا.
38: فقال له التلاميذ: عندنا سيفان، فقال لهم يكفي.
يوحنا، 18: 1؛ ومتى، 26: 36: ولما قال هذا مضى يسوع مع تلاميذه إلى بستان الجسمانية، ولما بلغوه قال: البثوا ها هنا؛ لأني أريد أن أصلي.
متى، 26: 37: ولما اقترب من بطرس وابني زبدي أخذ يكتئب ويحزن.
38: وقال لهم: ما أثقل هذه الليلة علي؟! فإن نفسي حزينة حتى الموت، فامكثوا ها هنا ولا تحزنوا مثلي.
39: وابتعد عنهم قليلا وخر على وجهه ساجدا، وقال: يا أبتي الروح، فليكن ليس كما أريد من أني لا أرضى الموت، بل فلتكن إرادتك ودعني أن أموت، وبما أنك روح فلديك كل شيء مستطاع، فارفع عني هذه التجربة الجسدية، فالروح قوي نشيط، ولكن الجسد ضعيف.
42: ثم تباعد عنهم أيضا، وطفق يصلي، فقال: يا أبتي إذا كان لا يستطاع أن أتعذب وينبغي علي أن أموت؛ فلا بأس من موتي، فلتكن مشيئتك.
43: ولما قال هذا دنا من تلاميذه، فوجد الحزن مستوليا عليهم حتى كادوا يبكون.
44: فابتعد عنهم أيضا وقال للمرة الثالثة: يا أبت فلتكن إرادتك.
45: وحينئذ عاد إلى تلاميذه، وقال لهم: استريحوا الآن، ولا تضطرب أفكاركم، فقد تم الأمر؛ لأني سأسلم نفسي إلى أيدي أهل هذا العالم.
الفصل الحادي عشر
حديث الوداع
الحياة الكاذبة هي ضلال الجسد أو هي شر، وأما الحياة الحقيقية فهي الحياة العامة لجميع الناس. (لكن نجنا من الشرير.)
فحوى الفصل الحادي عشر
ولما شعر يسوع بأنه مستعد للموت مضى ليسلم ذاته بنفسه، فاستوقفه بطرس، وسأله: إلى أين ماض؟ فأجابه يسوع: إني ماض إلى حيث لا تستطيع أن تمضي أنت؛ إني أنا مستعد للموت، وأما أنت فغير مستعد له، فأجابه بطرس: كلا، فإني الآن مستعد أن أقدم نفسي ضحية من أجلك، فأجابه يسوع: إن الإنسان لا يستطيع أن يعد بشيء، ثم قال لتلاميذه: إني عالم بأن الموت ينتظرني، ولكني أومن بحياة الآب؛ ولذلك فلست أخشى الموت، لا تضطربوا من أجل موتي، بل آمنوا بالله الحقيقي وبأب الحياة، وإذ ذاك يهون لديكم أمر موتي إذا اتحدت أنا مع أب الحياة فلا أخسر الحياة؛ أجل، إني أقول لكم الحق: إني لا أعلم كيف وأين ومتى تكون حياتي بعد الموت؟ ولكني أريكم الطريق المؤدي إلى الحياة الحقيقية، كل تعليمي لا يوضح كيفية الحياة، ولكنه يرشد إلى الطريق الوحيد المؤدي إليها الذي يؤهل السائرين عليه أن يتحدوا مع الآب الذي هو أصل الحياة، إن تعليمي يرمي إلى غرض واحد، وهو ألا يتعدى الناس مشيئة الآب، وسيكون لكم بعدي مرشدا معرفتكم الحق وإقبالكم عليه، وإذا سرتم بحسب تعليمي تشعرون دائما بأنكم في الحق، وأن الآب فيكم وأنتم في الآب.
فإذا عرفتم الحق وعشتم به فلا يزعزع إيمانكم موتي أو موتكم أيضا.
يتصور كل واحد من الناس أنه شخص مستقل بنفسه وإرادته وحياته، لكن ذلك ضلال مبين؛ لأن الحياة الحقيقية هي تلك التي تعترف بأن تتميم إرادة الآب هي أصل الحياة، وتعليمي يكشف للناس وحدة هذه الحياة، وأنها ليست كالأغصان المتشعبة المتفرقة، بل كالشجرة الواحدة التي تتفرع منها الأغصان، والذي يتمم مشيئة الآب هو كالغصن الذي يتفرع من الشجرة ويحيا ما دام متحدا بها، والذي لا يتمم مشيئة الآب هو كالغصن المقطوع من الشجرة، فإنه يموت وييبس.
الآب أعطاني الحياة لأحيا بها وأعمل الصلاح، وأنا أعلمكم أن تعملوا أعمال الصلاح، فإذا أتممتم وصاياي تنالون الغبطة والسعادة، ثم إن وصية واحدة أوصيكم بها هي أن تحبوا بعضكم بعضا، وتعلمون الناس أن يحبوا بعضهم بعضا أيضا، والمحبة هي أن يضحي الإنسان حياته الجسدية من أجل الغير وليس لها تعريف آخر.
وإذا أتممتم هذه الوصية لا تكونون كأولئك العبيد الذين يتممون إرادة سيدهم دون أن يفهموا ماذا يفعلون، بل تصبحون مثلي أحرارا.
أنتم لم تقبلوا تعليمي عرضا لوجودكم معي، كلا، بل لأنه هو التعليم الحقيقي الوحيد الذي يقول بأن جميع الناس أحرار.
أما تعليم الناس فإنه مبني على فعل الشر للآخرين، وأما تعليمي فإنه يأمر بالمحبة ولذلك سيبغضكم العالم كما أبغضني، العالم لم يفهم تعليمي، ولذلك فإنه سيضطهدكم ويصنع لكم الشر حاسبا أنه بذلك يقدم خدمة لله.
ولذلك لا تستكبروا هذا الأمر، بل اعتقدوا بأنه هكذا ينبغي أن يكون، العالم الذي لا يفهم ماهية الإله الحقيقي يرى أنه يجب اضطهادكم، وأما أنتم فيجب عليكم أن تؤيدوا الحق، قد حزنتم لأنهم يقصدون قتلي؛ لأني أؤيد الحق وأعززه؛ ولذلك فموتي أصبح لازما لا بد منه لتأييد الحق، إني أقدم على الموت غير هياب ولا وجل ولا أميل عن الحق، فهو يشدد عزائمكم فتفرقون بين الحق والباطل، وتدركون ما ينجم عن ذلك التمييز، وهو أن الناس يعتقدون بالجسد اعتقادا عظيما ولا يؤمنون بحياة الروح، مع أنه كان يجب عليهم أن يدركوا بأن باتحادهم مع الآب يستظهر الروح على الجسد، وعندما أفقد حياتي الجسدية فإن روحي تكون معكم، ولكنكم كجميع الناس سوف لا تشعرون في نفوسكم بقوة الروح؛ فسيحيق بكم الضعف أحيانا، وتفقدون قوة الروح وتقعون إذ ذاك في التجارب والشدائد، ولكنكم تتنبهون أحيانا إلى الحياة الحقيقية، وتحل بكم أحيانا عذابات جسدية، ولكن لا يكون هذا إلا إلى حين، تحتملون العذاب، ولكن قواكم تتجدد بالروح فتفرحون وتبتهجون كالمرأة التي تصادف آلاما مبرحة أثناء الولادة، ولكنها بعد ذلك تفرح فرحا عظيما لأنها ولدت إنسانا في العالم.
ثم وجه يسوع كلامه إلى الآب قائلا: إني قد أتممت العمل الذي عهدته إلي، فقد كشفت للناس أنك أصل كل شيء، وقد فهموا ذلك مني، قد علمتهم أنهم جميعا خرجوا من أصل الحياة الخالدة الواحدة، فإذن كلهم واحد كما أن الآب كذلك هم واحد معي ومع الآب.
يوحنا، 13: 36: فقال بطرس ليسوع: إلى أين تذهب؟ أجاب يسوع: حيث أذهب أنا لا تقدر أن تتبعني الآن، لكنك ستتبعني بعد حين.
37: فقال له بطرس: لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن؟ إني أبذل نفسي عنك.
38: أجابه يسوع: أنت تبذل نفسك عني؟! الحق الحق أقول لك: إنه لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات.
14: 1: ثم قال يسوع لتلاميذه: لا تضطرب قلوبكم، أنتم تؤمنون بالله الحقيقي وتصدقون تعليمي.
2: حياة الآب ليست هي كالحياة الأرضية، بل هنالك حياة أخرى.
3: لو كانت الحياة كما هي على الأرض لكنت قلت لكم: إني عندما أموت أذهب إلى حضن إبراهيم، وأعد لكم هناك مكانا، وسآتي وآخذكم حيث نتمتع كلنا في الغبطة في حضن إبراهيم.
4: إني إنما أرشدكم إلى طريق الحياة فقط.
5: فقال له توما: لسنا نعرف إلى أين تذهب، وكيف نستطيع أن نعرف الطريق؟ نحن نريد أن نعرف ماذا يصير هنالك بعد الموت.
6: فقال له يسوع: لا أستطيع أن أخبرك ما سيكون هناك، تعليمي هو الطريق والحق والحياة، ولا يستطيع أحد أن يتحد مع الآب إلا بواسطة تعليمي.
7: فإذا أتممتم تعليمي حينئذ تستطيعون أن تعرفوا الآب.
8: فقال له فيلبس: من هو الآب؟
9: فأجابه يسوع: الآب هو ذلك الذي يعطي الحياة، إني قد أكملت مشيئة الآب، ومن سير حياتي تستطيع أن تعرف ما هي مشيئة الآب.
10: أنا عائش في الآب، والآب مقيم في وكل الكلام الذي أكلمكم به لا أتكلم به من عندي، بل من عند الآب.
11: تعليمي يتضمن إني أنا في الآب والآب في، إذا كنتم لا تصدقون تعليمي، فيكفي أنكم تبصرونني ورأيتم أعمالي، ومن ذلك تقدرون أن تعرفوا ما هو الآب.
12: أنتم تعلمون أن من يسير حسب تعليمي يستطيع أن يعمل أعمالي وأعظم منها؛ لأني أنا سأموت وأما هو فسيبقى حيا.
13: كل من يعيش في هذه الحياة الدنيا حسب تعليمي ذلك ينال كل ما يتمنى؛ لأن الابن يصبح حينئذ مثل الآب.
14: كل ما تطلبونه بناء على تعليمي تنالونه.
15: ولذلك ينبغي عليكم أن تحبوا تعليمي.
16: وتعليمي يعطيكم عوضا عني محاميا ومعزيا.
17: وليس هذا المعزي إلا معرفة الحق الذي لم يقبله أهل هذا العالم، لكنكم ستشعرون أنه يكون فيكم.
18: إنكم لا تكونون وحدكم مطلقا، إذا كان روح تعليمي يكون معكم.
19: إني سأموت ولا يعود العالم يراني، ولكنكم أنتم تبصرونني؛ لأن تعليمي حي وستحيون به.
20: فإذا أقام تعليمي فيكم تدركون حينئذ إني في الآب والآب في.
21: من يحفظ تعليمي ويعمل به ذلك يدرك بنفسه الآب وتحل فيه روحي.
22: فقال له يهوذا غير الإسخريوطي: لماذا لا يستطيع الجميع أن يحيوا بروح الحق؟
23: فأجابه يسوع: الذي يحفظ وصاياي ذلك يحبه الآب، وتستطيع روحي أن تقيم فيه.
24: والذي لا يحفظ وصاياي وتعليمي ذلك لا يحبه أبي؛ لأن تعليمي ليس من عندي، بل هو من عند الآب.
25: هذا جميع ما أستطيع أن أقوله لكم الآن.
26: ولكن روحي روح الحق الذي يحل فيكم بعدي سيظهر لكم كل شيء، وحينئذ تذكرون وتفهمون كثيرا من الكلام الذي قلته لكم الآن.
يوحنا، 15: 1: تعليمي هو كرمة الحياة، وأما الآب فهو الكرام الذي يعتني بالشجرة.
2: وهو ينقي ويعتني بالأغصان المثمرة لكي تعطي ثمرا أكثر.
4: تمسكوا بتعليمي الحي فتقيم فيكم الحياة، وكما أن الغصن لا يستطيع أن يعيش إن لم يثبت في الشجرة، فهكذا أنتم أحيوا بتعليمي.
5: تعليمي هو الشجرة وأنتم الأغصان، ذلك الذي يثبت في تعليمي يعطي ثمرا كثيرا، فليست حياة بدون تعليمي.
6: والذي لا يسير بموجب تعاليمي ذلك يذبل ويهلك كما تحرق الأغصان اليابسة.
7: إن أنتم ثبتم في وثبت كلامي فيكم؛ تسألون ما شئتم فيكون لكم.
8: لأن مشيئة الآب هي أن تعيشوا عيشة حقيقية وتنالوا ما تريدون.
9: كما أعطاني الآب الصلاح أعطيكم أنا أيضا إياه، فاثبتوا في الصلاح.
10: أنا حي؛ لأن الآب يحبني وأنا أحب الآب، وأنتم تحيون بهذه المحبة.
11: فإذا سرتم كما علمتكم تصبحون سعداء.
12: هذه هي وصيتي أن يحب بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا.
13: ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يبذل حياته عن أحبائه.
14: أنتم تصبحون مساويين لي إن صنعتم ما أنا أوصيكم به.
15: لا أسميكم عبيدا بعد؛ لأن العبد لا يعلم ما يصنعه سيده، لكني ساويتكم بنفسي؛ لأني علمتكم بكل ما فهمته من الآب.
16: ليس أنتم اخترتم تعليمي، بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتنطلقوا وتأتوا بأثمار، وتدوم أثماركم لكي يعطيكم الآب كل ما تسألونه.
17: وتعليمي يطلب منكم أن تحبوا بعضكم بعضا.
18: إن كان العالم يبغضكم؛ فلا تستكبروا الأمر؛ لأنه قد أبغض تعليمي من قبلكم.
19: لو كنتم من العالم لكان العالم يحب ما هو له، لكن لأنكم لستم من العالم، بل أنا اخترتكم من العالم، لأجل هذا يبغضكم.
20: إن كانوا اضطهدوني فسيضطهدونكم أيضا.
21: وإنما هم سيعملون بكم هذه كله؛ لأنهم لم يعرفوا الإله الحقيقي.
22: إني قد أوضحت لهم كل شيء، ولكنهم لم يريدوا أن يسمعوا كلامي.
23: هم لم يفهموا تعليمي؛ لأنهم لم يفهموا الآب.
24: هم رأوا حياتي وأعمالي، وقد أرتهم حياتي ضلالهم وغلطاتهم.
25: ولكنهم من أجل هذا قد زادوا في بغضي.
26: روح الحق الذي سيأتي إليكم سيعزز هذا الكلام.
27: وأنتم أيدوا ذلك أيضا.
يوحنا، 16: 1: قد كلمتكم بهذا الآن؛ لكيلا تنخدعوا عندما يسوقون عليكم الاضطهاد.
2: وسيطردونكم ويضطهدونكم ويظن كل من يقتلكم أنه يصنع صلاحا.
3: وإنما يفعلون هذا بكم؛ لأنهم لم يعرفوا تعليمي، ولم يعرفوا الإله الحقيقي.
4: وقد كلمتكم بهذا قبل حدوثه حتى لا تستكبروا، ذلك عندما يفعلون معكم تلك الأفعال.
5: والآن فإني منطلق إلى ذلك الروح الذي أرسلني، وقد فهمتم أنه لا يجوز لأحد أن يسألني إلى أين تنطلق.
6: وقبل هذا قد ملأت الكآبة قلوبكم؛ لأني لم أخبركم إلى أين أنطلق.
7: إلا أني أقول لكم الحق إن في انطلاقي خير لكم، فإني إن لم أمت لا يأتي إليكم روح الحق، وإذا مت فإنه يحل فيكم.
ومتى حل فيكم يتضح لكم الفرق بين الحق والباطل والدينونة.
9: أما الباطل فلأن الناس لم يؤمنوا بحياة الروح.
10: وأما الحق فهو إني والآب واحد.
11: وأما الدينونة فلأن سلطة الحياة الجسدية قد أبطلت.
12: وإن عندي كثيرا أقوله لكم ولكنكم لا تستطيعون فهمه الآن.
13: ولكن عندما يحل فيكم روح الحق؛ لأنه لا يتكلم من عنده، بل من عند الآب، وسيكون معكم في جميع الأحوال ويرشدكم إلى طريق الحق.
15: وهو سيكون من الآب أيضا؛ لأنه سيتكلم بما تكلمت أنا.
16: وعندما يكون فيكم روح الحق فلا ترونني، ولكن عما قليل ترونني أيضا.
17: فقال التلاميذ بعضهم لبعض: ما هذا الذي يقول لنا عما قليل ترونني، وعما قليل لا ترونني.
18: قالوا: ما معنى قوله عما قليل؟ إننا لا نفهم ما يقول.
19: فقال لهم يسوع: أتتساءلون عن هذا؟ إني قلت لكم عما قليل لا ترونني، ثم عما قليل ترونني.
20: أنتم تعلمون ما يحدث في هذا العالم، يكون أن البعض يحزنون والآخرون يفرحون، الحق أقول لكم أنكم ستحزنون، ولكن حزنكم يئول إلى فرح.
21: المرأة حين تلد تحزن وتتألم من شدة الأوجاع، لكنها متى ولدت لا تعود تتذكر شدتها من أجل الفرح؛ لأنه قد ولد إنسان في العالم.
22: وهكذا فأنكم ستحزنون لكنكم سترونني وروح الحق يحل فيكم فيئول حزنكم إلي فرح.
23: وحينئذ لا تسألونني شيئا؛ لأنكم تنالون كل ما تطلبون، حينئذ كل ما تتمنونه بالروح يكون لكم من الآب.
24: إلى الآن لم تسألوا شيئا لأجل الروح، ولكنكم حينئذ تسألون كل شيء للروح فتنالون ما تطلبونه، فيكون فرحكم كاملا.
25: إني الآن كإنسان لا أقدر أن أصرح لكم أكثر من ذلك بالكلام، ولكني حينئذ كروح الحق سأحل فيكم وأخبركم بكل شيء عن الآب.
26: حينئذ كل ما تطلبونه من الآب باسم الروح، ليس أنا أعطيكموه.
27: بل أبوكم يعطيكموه؛ لأنه يحبكم لأنكم قبلتم تعليمي.
28: هل فهمتم أن الكلمة خرجت من الآب إلى العالم، وتعود من العالم إلى الآب.
29: فقال له تلاميذه: إننا الآن قد فهمنا كل شيء، وليس من ثم لنا احتياج لأن نسألك عن شيء.
30: وقد آمنا أنك من عند الله خرجت.
31: فقال لهم يسوع: قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام، إنكم في العالم ستكونون في ضيق، ولكن ثقوا فإن تعليمي قد غلب العالم.
يوحنا، 17: 1: تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه إلى السماء، وقال: يا أبت إنك قد أعطيت ابنك حرية الحياة لكي ينال الحياة الحقيقية.
3: وهذه هي الحياة الحقيقية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي، ويعرفوا الكلمة التي أوضحتها أنا.
6: قد أوضحت اسمك للناس الذين على الأرض، وقد قمت بالعمل الذي أمرتني به.
4: قد أظهرت وجودك للناس على الأرض الذين هم لك من ذي قبل، ولكن حسب إرادتك قد أظهرت لهم الحق فاستطاعوا أن يعرفوك.
7: وقد أدركوا الآن أن كل ما ينبغي لهم معرفته وأن حياتهم هي منك.
8: وفهموا أن ما علمتهم إياه ليس هو مني بل إني وإياهم قد خرجنا من عندك.
9: وإني أسألك الآن من أجل الذين عرفوك.
10: لأنهم قد فهموا أن كل شيء لي فهو لك، وكل شيء لك فهو لي، وليس أنا بعد في العالم وهؤلاء في العالم، وأنا آتي إليك فأسألك يا أبت أن تحفظ فيهم كلمتك.
15: لست أسأل أن ترفعهم من العالم؛ بل أن تحفظهم من الشر.
17: ثبتهم في حقك، إن كلمتك هي الحق.
18: يا أبت أريد أن يكونوا مثلي حتى يفهموا كما فهمت أن الحياة الحقيقية وجدت قبل ابتداء العالم.
21: ليكونوا بأجمعهم واحدا كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك، ليكونوا هم أيضا واحدا كما نحن واحد.
23: أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين في الوحدة، حتى يفهم الناس أنهم لم يولدوا وحدهم، بل إنك أحببتهم وأرسلتهم إلى العالم كما أرسلتني.
25: يا أبت العادل، إن العالم لم يعرفك، أما أنا فعرفتك وهم عرفوك بواسطتي.
26: إني قد أوضحت لهم من هو أنت، وسأعرفهم أيضا لتكون فيهم المحبة التى أحببتني بها فيهم، أنت أعطيتهم الحياة وتحبهم، من أجل ذلك أنا قد علمتهم أن يعرفوا هذا ويحبوك، حتى إن محبتك لهم تعود إليك.
الفصل الثاني عشر
استظهار الروح على الجسد
الرجل العائش في سلطان الآب يعلم أن حياته ليست خاصة به، بل هي عامة لجميع الناس، فمثل هذا لا يرى الشر، وما الموت الجسدي سوى الاتحاد مع الآب. (لأن لك الملك والقدرة والمجد.)
فحوى الفصل الثاني عشر
ولما أنهى يسوع كلامه مع تلاميذه، فبدلا من أن يهرب أو يدافع عن نفسه، مضى لاستقبال يهوذا الذي أحضر جنودا للقبض عليه، فتقدم إليه يسوع وسأله: لماذا حضر إلى هناك؟ فلم يجبه يهوذا بشيء، وحينئذ أحاطت الجنود بيسوع، فهجم بطرس للدفاع عن معلمه، واستل سيفا وأراد أن يضرب به، فقال له يسوع: رد سيفك إلى غمده؛ لأن الذين يأخذون بالسيف، بالسيف يؤخذون ، ثم قال يسوع لأولئك الذين جاءوا ليأخذوه: إني قبلا كنت أسير وحدي فيما بينكم، وما كنت أخاف، والآن لست خائفا منكم، وها إني أسلمكم ذاتي فافعلوا بي ما تشاءون، وفي هذه الأثناء هرب جميع تلاميذه وبقي يسوع وحده، فأمر رئيس الجند أن يوثقوه ويأخذوه إلى حنانيا.
وحنانيا كان قبلا رئيسا للكهنة، وكان عائشا في دار واحدة مع قيافا الذي كان في هذه الأثناء رئيسا للكهنة، وهو الذي قال: يجب أن يقتل يسوع حتى لا تهلك الأمة كلها.
وكان يسوع يشعر من نفسه أنه يتمم إرادة الآب؛ ولذلك كان مستعدا للموت، ولم يقاوم عندما أخذوه، ولم يجزع عندما قادوه، ولكن بطرس الذي وعد يسوع بأنه لا ينكره وأنه يبذل نفسه عنه، والذي أراد أن يدافع عنه عندما رأى أنهم أوثقوه وقادوه؛ خاف من أن يقتلوه معه؛ ولذلك لما سأله الخدام: هل كنت معه؟ أنكر وذهب عنه وتركه، ولكن لما صاح الديك تذكر بطرس كل ما قاله له يسوع، وعلم أنه وقع في عثرتين: عثرة الخوف والمقاومة، وأن يسوع كان يقاومهما عندما كان يصلي في البستان، ودعا تلاميذه للصلاة.
ثم أخذوا يسوع إلى قيافا الذي أخذ يسأله عن مضمون تعليمه، ولكنه لم يجبه بشيء؛ لأنه كان عالما أنه يسأله، ليس ليفهم تعليمه، بل لكي يحاكمه، لكنه قال له: إني لم أكن أعلم في الخفاء، فإن كنت تريد أن تعرف ما هو تعليمي اسأل أولئك الذين سمعوه وأدركوا معناه، ولما قال هذا لطمه خادم رئيس الكهنة على خده، فسأله يسوع: لماذا ضربه؟ ثم أقاموا عليه شهودا يشهدون أنه قال بأنه يهدم كل أساسات ديانة اليهود، فسأله رؤساء الكهنة عن ذلك فلم يجبهم بشيء، ثم سأله قيافا قائلا: قل لي: هل أنت المسيح ابن الله؟ فأجابه يسوع: نعم، أنا إنسان ابن لله، والآن وأنتم تعذبونني سترون أن الإنسان يستطيع أن يساوي الله.
فسر رئيس الكهنة لما سمع هذا الكلام، وقال لمحاكمي يسوع: يكفينا ذلك شهادة عليه لمحاكمته، فحكموا جميعا عليه بالموت، وحينئذ هجم عليه الشعب وأخذوا يلطمونه ويضربونه ويبصقون في وجهه، ويستهزئون به، أما هو فكان صامتا ولم يفه ببنت شفة.
ولم يكن يحق لليهود أن يقتلوا شخصا دون أن يصادقوا على قتله من الحاكم الروماني؛ ولذلك فإنهم بعد أن حكموا على يسوع واستهزءوا به أخذوه إلى بيلاطس لكي يصدر لهم أمرا بقتله، فسألهم بيلاطس: لماذا تطلبون قتله؟ فأجابوه: لأنه رجل شرير، فقال لهم: فحاكموه إذن حسب ناموسكم، فقالوا له: نحن نريد أن نقتله؛ لأنه مجرم ضد القيصر الروماني؛ لأنه رجل مهيج قد قلب أفكار الأمة، وحرضها على ألا تدفع الضرائب لقيصر، وقد ادعى أنه ملك اليهود؛ فدعا بيلاطس يسوع إليه وسأله: هل صحيح ما يدعون به عليك من أنك ملك اليهود؟ فأجابه يسوع: هل إنك بالفعل تريد أن تعرف ما هي مملكتي أو أنك تطارحني الأسئلة على عيونهم؟ فقال له بيلاطس: إنني لست يهوديا، وعندي سواء إن قلت: إنك ملك اليهود أو لم تقل، وإنما أريد أن أعرف من أنت أيها الإنسان، ولماذا يقولون عنك إنك ملك لليهود؟ فقال له يسوع: إنهم يقولون الحق من أني ملك، ولكن مملكتي ليست أرضية بل سماوية، إن ملوك الأرض يحاربون ويقاومون ولديهم جنود وأعوان، وأنت ترى أنهم أوثقوني وضربوني ولم أقاومهم بشيء، إنني ملك سماوي وقوي بالروح، فقال له بيلاطس: إذن صحيح ما يشتكونك به، وأنك تدعي بأنك ملك، فقال له يسوع: أنت تعلم ذلك، كل إنسان يسلك بحسب الحق فهو حر، أوبعبارة أخرى هو ملك وأنا حي بهذا، واعلم أن الناس أحرار بالروح، فقال له بيلاطس: أنت تعلم الحق، ولكن لا يوجد أحد يعرف ما هو الحق. قال هذا وجاء إلى اليهود وقال لهم: إني لم أجد على هذا الإنسان علة يستحق عليها الموت، فقال له رؤساء الكهنة: يجب قتله لأنه يهيج الشعب، فطفق بيلاطس يستجوب يسوع أمام اليهود فلم يجبه بشيء، حينئذ قال بيلاطس: لا أقدر وحدي أن أحكم عليه، فخذوه إلى هيرودس، ولما مثلوا بحضرته طلبوا منه أن يحكم عليه بالقتل، فأخذ يسأله أسئلة متعددة؛ فلم يجبه يسوع بشيء، فعلم هيرودس أن يسوع رجل فارغ سخيف العقل، فأمر أن يلبسوه استهزاء به طيلسانا أحمر، وأمر بإعادته إلى بيلاطس الذي كان مشفقا على يسوع، فأخذ يطلب إلى اليهود أن يسامحوه، ولو من أجل العيد، فلم يتنازل رؤساء الكهنة عن طلبهم، بل كانوا يصرخون مع جميع الشعب طالبين أن يصلب يسوع على الصليب، فكرر بيلاطس طلبه أن يطلقوا يسوع فلم يرضوا، بل قالوا: لا بد من قتله؛ لأنه يقول عن نفسه إنه ابن الله، فدعاه إليه بيلاطس وسأله على انفراد عن معنى هذا الكلام؛ فلم يجبه بشيء، فقال له: لماذا لا تجيب؟ ألا تعلم أن لي سلطانا أن أطلقك وسلطانا أن أصلبك؟ فأجابه يسوع: ليس لك علي سلطان، فإن السلطة لا تكون إلا من فوق. فخرج بيلاطس وجعل يطلب إلى اليهود للمرة الثالثة أن يطلقوا يسوع، فصرخوا كلهم بصوت واحد: يجب أن يصلب؛ لأنه يهيج الأمة ضد قيصر، وإن كنت لا تحكم بقتله، فإنك تكون عدوا لقيصر، فلما سمع ذلك بيلاطس رضخ لكلامهم وأصدر أمرا بصلب يسوع، ثم عراه وجلده، وأمر بأن يلبسوه الرداء القرمزي، وكان الحاضرون يضربونه ويضحكون عليه ويهزءون به، ثم حملوه صليبا ليحمله إلى مكان يسمي الجلجلة؛ حيث صلبوه هناك.
ولما كان يسوع مصلوبا على الصليب كان الشعب يستهزئ به، فقال يسوع: يا أبت اغفر لهم؛ لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون، ولماذا دنت ساعة وفاته، قال: يا أبت إني بين يديك، أودع روحي، ثم أحنى رأسه وأسلم الروح.
متى، 26: 46: وبعد ذلك قال يسوع: هيا بنا ننطلق الآن، فإن الذي يسلمني قد جاء.
47: وفيما هو يتكلم هذا إذا بيهوذا واحد من الاثني عشر قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعصي.
48: وقد سبق وأعطاهم علامة قائلا: الذي أقبله أولا هو فأمسكوه.
49: فللوقت تقدم إلى يسوع، وقال له: السلام يا معلم وقبله.
50: فقال له يسوع: يا صاحب! لماذا جئت إلى هنا؟ حينئذ تقدم الجنود، وأرادوا أن يأخذوه.
51: فاستل بطرس سيف عبد رئيس الكهنة وقطع به أذنه.
52: فقال له يسوع: فعلت إثما، أما أوصيتك بأن لا تقاوم الشر! فرد السيف إلى صاحبه؛ لأن كل الذين يأخذون بالسيف، بالسيف يهلكون.
55: وحينئذ قال يسوع للجموع: كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني ! كل يوم كنت أجلس معكم أعلم في الهيكل ولم تمسكوني.
لوقا، 22: 53: ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة.
متى، 26: 56: ولما رأى التلاميذ أنهم أخذوه تركوه كلهم وهربوا.
يوحنا، 18: 12: ثم إن الجند والقائد وخدام رؤساء الكهنة قبضوا على يسوع وأوثقوه.
13: ومضوا به إلى حنان أولا؛ لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيسا للكهنة الذي أشار على اليهود أنه خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب من أن يهلك الشعب كله.
مرقص، 14: 53: ثم مضوا بيسوع إلى دار رئيس الكهنة.
متى، 26: 58: فتبعه بطرس من بعيد إلى دار رئيس الكهنة، فدخل إلى داخل، وجلس بين الخدام لينظر النهاية.
69: فجاءت إليه جارية، وقالت له: وأنت كنت مع يسوع الجليلي؟
70: فخاف بطرس لئلا يقبضوا عليه، فأنكر قدام الجميع قائلا: لست أدري ما تقولين!
71: ثم إذا خرج إلى الدهليز رأته أخرى، فقالت للذين هناك: وهذا كان مع يسوع الناصري.
72: فازداد خوفه، وأقسم أنه لم يكن مع يسوع، ولا يعرف من هو ذلك الرجل.
73: وبعد قليل جاء الحاضرون، وقالوا لبطرس: حقا إنك واحد من أولئك الثوار؛ لأن كلامك يدل على أنك من الجليل.
74: فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف أني لا أعرف الرجل، ولا رأيته قط، وللوقت صاح الديك.
75: فتذكر بطرس تلك الكلمات التي قالها له يسوع عندما قال له: إذا أنكرك الجميع فأنا لا أنكرك، من أنه قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات، فخرج إلى خارج وبكي بكاء مرا، أما سبب بكائه فهو أنه صغرت نفسه وسقط في العثرة، فإنه أولا لم يستطع ضبط نفسه عندما أخذوا يسوع وأخذ يدافع عنه، ثم سقط لخوفه من الموت وإنكاره يسوع.
مرقص، 14: 53: ثم اجتمع في دار رئيس الكهنة جميع الشيوخ والكتبة.
يوحنا، 18: 19: فقدموا يسوع إلى رئيس الكهنة، فسأله عن تعليمه وتلاميذه.
20: أجابه يسوع: أنا كلمت العالم علانية، أنا علمت كل حين في المجمع وفي الهيكل؛ حيث يجتمع اليهود دائما وفي الخفاء لم أتكلم بشيء.
21: لماذا تسألني أنا؟ اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم، فقد فهموا تعليمي.
22: ولما قال هذا لطم يسوع واحد من الخدام كان واقفا قائلا: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة؟!
23: فأجابه يسوع: إن كنت قد تكلمت رديئا فاشهد على الرديء، وإن حسنا فلماذا تضربني؟
متى، 26: 59: وكان رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع كلهم يطلبون شهادة زور على يسوع لكي يقتلوه، فلم يجدوا.
60: ولكن أخيرا تقدم شاهدا زور.
61: وقالا: هذا قال: إني أقدر أن أنقض هيكلكم المصنوع بالأيادي، وفي ثلاثة أيام أبني هيكلا جديدا لله غير مصنوع بالأيادي.
مرقص، 14: 59: غير أن شهادتهما لم تكن كافية لقتله.
متى، 26: 62: فقام رئيس الكهنة وقال له: أما تجيب بشيء؟ ماذا يشهد به هذان عليك؟
63: وأما يسوع فكان ساكتا، ولم يجب بشيء، فقال له رئيس الكهنة: قل لنا هل أنت المسيح ابن الله؟
64: فأجابه يسوع: نعم، أنا المسيح ابن الله، وأنتم ستبصرون من الآن بأن ابن الإنسان مساو لله.
25: فقال رئيس الكهنة: إنه جدف، فما حاجتنا بعد إلى شهود؟ ها قد سمعتم جميعا تجديفه على الله.
66: ماذا ترون؟ فأجابوا جميعا وقالوا: إنه يستحق الموت.
67: حينئذ هجم الشعب والخدام على يسوع، وأخذوا يبصقون في وجهه ويلطمونه على خديه، وكانوا يغطون عينيه ويضربونه على وجهه ويسألونه: أخبرنا أيها النبي من ضربك؟ أما هو فكان صامتا.
متى، 27: 2: وبعد أن استهزءوا به أوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطي.
يوحنا، 18: 28: وأتوا به إلى دار الولاية.
29: فخرج بيلاطس إليهم، وقال: أية شكاية تقدمون على هذا الإنسان؟
30: أجابوا وقالوا له: لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك.
31: فقال لهم بيلاطس: إذا فعل لكم شرا فخذوه وحاكموه حسب ناموسكم، فقالوا له: نحن أحضرناه إليك لكي تحكم عليه بالموت بأنه لا يجوز لنا أن نقتل أحدا.
32: وقد تم القول الذي قاله يسوع بأنه ينبغي أن يكون مستعدا ليموت مصلوبا من الرومانيين.
لوقا، 23: 2: ثم أخذوا يشتكون عليه لبيلاطس قائلين: إننا وجدناه يفسد الأمة، ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا: إنه هو مسيح ملك.
يوحنا، 18: 33: ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له: أنت ملك اليهود؟
34: أجابه يسوع: أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني؟
35: فأجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي؟ أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي، فمن أنت إيها الرجل؟
36: فأجاب يسوع: إني ملك، ولكن مملكتي ليست من هذا العالم؛ لأني لو كنت ملكا أرضيا لكانت رعيتي تجاهد عني حتى لا أسلم إلى رؤساء الكهنة.
37: فقال له بيلاطس: أفأنت إذن ملك؟ فقال يسوع: أنت تقول ذلك، إني أعلم الناس الحق وأرشدهم إلى طريق الملكوت السماوي، وكل من يحيا بالحق فهو ملك.
38: فقال له بيلاطس: تقول إنك تعلم الحق، فما هو الحق؟ ولما قال هذا خرج أيضا رؤساء الكهنة، وقال لهم: أنا لست أجد فيه علة واحدة.
مرقص، 15: 3: أما هم فأصروا على عنادهم وطلبهم، وقالوا: إنه صنع شرا كثيرا، وقد هيج الشعب وجميع اليهودية ابتداء من الجليل.
4: فشرع بيلاطس يستجوب يسوع أمام اليهود، لكنه لم يجب بشيء، فقال له بيلاطس: أما تجيب بشيء؟ انظر كم يشهدون عليك؟
5: فلم يجب يسوع أيضا بشيء حتى تعجب بيلاطس.
لوقا، 23: 6: وتذكر بيلاطس أن الجليل تحت سلطة الملك هيرودس، فسأل: هل الرجل من الجليل؟ فأجابوه: نعم.
7: إذا كان من الجليل فهو من رعايا هيرودس، فأنا أرسله إليه. وكان هيرودس إذ ذاك في أورشليم، فأرسل بيلاطس يسوع إليه لكي يتخلص من اليهود.
8: أما هيرودس؛ فلما رأى يسوع فرح جدا؛ لأنه كان يريد من زمان طويل أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة.
9: فدعا هيرودس يسوع إليه وسأله بكلام كثير فلم يجبه بشيء.
10: فأخذ رؤساء الكهنة ومعلمو الشعب يشتكون عليه بإلحاح قائلين: إنه يهيج الشعب.
11: فاحتقره هيرودس كثيرا فاستهزأ به، وألبسه لباسا أحمر لامعا، ورده إلى بيلاطس.
12: فصار بيلاطس وهيرودس صديقين مع بعضهما في ذلك اليوم؛ لأنهما كانا قبلا عدوين.
13: فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة ورؤساء اليهود وقال لهم.
14: قد قدمتم إلي هذا الإنسان كمن يفسد الشعب، وها أنا قد فحصت قدامكم ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه.
15: فأرسلته معكم إلى هيرودس، فلم يجد هو أيضا أنه فعل شيئا يستحق عليه الموت، فأنا أؤدبه وأطلقه.
متى، 28: 20: فلما سمع ذلك رؤساء الكهنة صرخوا كلهم بصوت واحد قائلين: أمته أمته، واصلبه على الطريقة الرومانية.
21: فسمع منهم ذلك بيلاطس وقال: لكم عادة أن أطلق لكم على عيد الفصح أحد الأثمة، وعندنا في السجن القاتل باراباس، فيجب أن أطلق لكم واحدا من الاثنين يسوع أم باراباس، فحرض الرؤساء الكهنة أن يطلبوا إطلاق المسجون، فصرخوا بصوت واحد بلغ عنان السماء: باراباس باراباس.
22: فقال لهم بيلاطس: وماذا أفعل بيسوع؟ فقالوا: اصلبه اصلبه.
23: فقال بيلاطس: لماذا اتفقتم كلكم على قتل هذا الرجل، فإنه لم يفعل شيئا يستحق الموت، ولم يعمل لكم شرا؟
يوحنا، 19: 4: ثم قال لهم: إني أطلقه؛ لأني لم أجد فيه علة واحدة.
6: فصرخ رؤساء الكهنة وخدامهم: اصلبه اصلبه، فقال لهم بيلاطس: خذوه أنتم واصلبوه؛ لأني لست أجد فيه علة.
7: أجابه اليهود: لنا ناموس، وحسب ناموسنا يجب أن يموت؛ لأنه جعل نفسه ابن الله.
8: فلما سمع ذلك بيلاطس ازداد خوفا واضطرب؛ لأنه لم يدرك معنى كلمة ابن الله.
9: فدخل أيضا إلى دار الولاية وسأل يسوع: من أين أنت؟ فلم يعطه جوابا.
10: فقال له بيلاطس: أما تكلمني؟ ألست تعلم أن لي سلطانا أن أصلبك وسلطانا أن أطلقك؟
11: فقال له يسوع: ليس لك علي سلطان ألبتة؛ لأن السلطان من العلو فقط.
12: ومع ذلك فكان بيلاطس يريد أن يطلقه.
15: ولذلك قال لليهود: كيف تريدون أن أصلب ملككم؟
12: فقالوا له: إن كنت تطلقه فلست محبا لقيصر؛ لأن كل من يجعل نفسه ملكا فهو عدو لقيصر.
15: فليس لنا ملك غير قيصر فاصلبه.
13: فلما سمع بيلاطس هذه الكلمة رأى أنه لا يستطيع عدم معاقبة يسوع.
متى، 27: 24: فأخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع، وقال: إني بريء من دم هذا الإنسان البار.
25: فأجاب جميع الشعب، وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا.
لوقا، 23: 23: وكانوا يلحون بأصوات عظيمة طالبين أن يصلب، فقويت أصواتهم وأصوات رؤساء الكهنة.
يوحنا، 19: 23: حينئذ جلس بيلاطس على كرسي الولاية.
متى، 27: 26: وأمر بجلد يسوع.
28 و29: فأخذه العسكر ووضعوا على رأسه إكليلا، وأعطوه عصا بيمينه، وألبسوه رداء قرمزيا، وطفقوا يهزءون به، وكانوا يجثون أمامه قائلين : افرح يا ملك اليهود، وبصقوا في وجهه، وأخذوا العصا وضربوه على رأسه.
يوحنا، 19: 16: وبعد ذلك أسلمه لهم بيلاطس ليصلبوه.
متى، 27: 31: ثم نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه، وحملوه صليبه ومضوا به إلى مكان يسمى الجلجلة ليصلبوه.
يوحنا، 19: 18: فصلبوه هناك وصلبوا معه اثنين آخرين على جانبيه، ويسوع في الوسط.
لوقا، 23: 24: فقال يسوع: يا أبتاه اغفر لهم؛ لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون.
25: وكان الشعب يمر أمامه ويهزأ به.
مرقص، 15: 29: وكانوا يحدقون عليه وهم يهزون رءوسهم قائلين: آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام.
30: خلص نفسك وانزل عن الصليب.
31: وكذلك رؤساء الكهنة، وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة، قالوا: خلص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها.
32: لينزل الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب لنرى ونؤمن، قلت: إنك ابن الله وأن الله لا يتركك، فلماذا قد تركك الله الآن؟ ثم إن واحدا من اللذين صلبا معه كان يعيره.
لوقا، 23: 29: وكان واحد من المذنبين المصلوبين يهزأ به قائلا: إن كنت أنت المسيح؛ فخلص نفسك وإيانا.
40: فأجاب الآخر وانتهره قائلا: أفلا تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه.
41: أما نحن فبعدل؛ لأننا ننال استحقاق ما فعلنا، وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله.
42: ثم التفت إلى يسوع، وقال: اذكرني يا رب إذا أتيت في ملكوتك.
43: فقال له يسوع: الحق أقول لك: أنك أصبحت الآن سعيدا مثلي.
متى، 27: 46: ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع من شدة الآلام بصوت عظيم قائلا: إيلي إيلي، لماذا شبقتني؟ أي إلهي إلهي، لماذا تركتني؟
47: فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا ضحكوا، وقالوا: إنه ينادي إيليا، فلننظر هل يأتي إيليا وينقذه!
48: ثم طلب يسوع ماء ليشرب، فركض واحد من الحاضرين وأخذ إسفنجة وملأها خلا وجعلها على قصبة وسقاه، فلما ذاق الخل قال: يا أبتي قد انتهى كل شيء، وبين يديك أستودع روحي، ثم أحنى رأسه وأسلم الروح. ا.ه. •••
وكان الفراغ من تعريبه في اليوم التاسع من شهر أغسطس سنة 1904 في مدينة القاهرة، وإني أرجو الذين يطلعون على كتابي هذا أن يسدلوا ذيل الستر على ما يرونه فيه من الزلل؛ لأن العصمة لله، وله الحمد أولا وآخرا.
अज्ञात पृष्ठ