198

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

शैलियों

الدلالة الثانية: عتوّ الكفرة وعنادهم. الدراسة: استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على عتوّ الكفرة وعنادهم بقوله ﴿قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾، حيث قالوا ذلك لا لخفاء الآيات، أو طلب مزيد يقين، وإنما قالوه عتوًّا وعنادًا؛ فاقتراح آية مع تقدم مجيء آيات واضحات إنما هو على سبيل التعنت، وهذا مع كونها آيات مبينات لا لبس فيها ولا شبهة، لكن لا يظهر كونها آيات إلا لمن كان موقنًا، أما من ارتاب، أو شك أو تغافل أو جهل فلا ينفع فيه الآيات ولو كانت في غاية الوضوح. (^١) ولهذا قال تعالى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ فكل موقن قد عرف من آيات الله وبراهينه الظاهرة ما حصل له به اليقين، واندفع عنه كل شك وريب. (^٢) وممن نصَّ على هذه الإشارة من الآية: أبوحيان، وابن كثير، والسيوطي، وابن عاشور، والسعدي، وغيرهم. (^٣) ويدل له أنه ما من نبي من الأنبياء إلا وقد جاء بآية أو آيات، وكان قومه مع هذا يصفونه بالسحر أو الجنون، ثم يقترحون عليه آيات سواها، فهذا دأبهم مع رسلهم، يطلبون آيات التعنت، لا آيات الاسترشاد، ولم يكن قصدهم تبين الحق، فإن الرسل قد جاءوا من الآيات بما يؤمن بمثله البشر، ولهذا ختم سبحانه حكاية

(^١) ينظر:: البحر المحيط لأبي حيان (١/ ٥٨٨) (^٢) ينظر: تيسير الكريم الرحمن (١/ ٦٤) (^٣) ينظر: البحر المحيط (١/ ٥٨٨)، وتفسير القرآن العظيم (١/ ٤٠٠)، وتفسير الجلالين (١/ ٢٥)، والتحرير والتنوير (١/ ٦٩٠)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٦٤).

1 / 198