187

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

शैलियों

قال الطبري: (وأصل «البلاء» في كلام العرب: الاختبار والامتحان، ثم يستعمل في الخير والشر؛ لأن الامتحان والاختبار قد يكون بالخير كما يكون بالشر، كما قال ربنا جل ثناؤه: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨]، يقول: اختبرناهم، وكما قال جل ذكره: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥]. ثم تسمي العرب الخير «بلاء» والشر «بلاء»، غير أن الأكثر في الشر أن يقال: «بلوته أبلوه بلاء»، وفي الخير: «أبليته أبليه إبلاء وبلاء» (^١)، ومن ذلك قول أحدهم: جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم ... وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو (^٢) فجمع بين اللغتين، لأنه أراد: فأنعم الله عليهما خير النعم التي يختبر بها عباده). (^٣) وفي مرجع الإشارة في قوله ﴿ذَلِكُمْ﴾ خلاف، فرجَّح الجمهور: عود الإشارة إلى صنع فرعون (^٤)، ورجَّح بعض المفسرين عوده إلى النعمة. (^٥)

(^١) ينظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٦٩)، وتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (١/ ٢٥٩). (^٢) البيت من الطويل، وهو في ديوان زهير بن أبي سلمى ص ١٠٩، وتهذيب اللغة (١٥/ ٣٩٠)، ومقاييس اللغة ١/ ٢٩٤، وديوان الأدب (٤/ ١٠٩). (^٣) جامع البيان (٢/ ٤٩) (^٤) نسبه للجمهور القرطبي والشوكاني، ينظر: الجامع لأحكام القرآن (١/ ٣٨٧)، وفتح القدير (١/ ٩٨) (^٥) قال الرازي: وحمله على النعمة أولى لأنها هي التي صدرت من الرب تعالى، ولأن موضع الحجة على اليهود إنعام الله تعالى على أسلافهم. التفسير الكبير (٣/ ٥٠٧)، وينظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي (١/ ٥٢)، وتفسير سورة البقرة للعثيمين (١/ ١٧٦) ولعل الأقرب أن المراد بالبلاء هنا المصيبة – كما عليه الجمهور- بدليل قوله (عظيم). ينظر: المرجع السابق

1 / 187