(وأصبحت الكُهّان تَهتف بآسمه ... وتَنْفي بِهِ رَحْم الظنون الكَواذبِ)
(وأنطقت الأصنامُ نُطْقًا تَبرّأت ... إِلَى الله فِيهِ من مَقال الأكاذِبِ)
(وَقَالَت لأهل الكُفر قَوْلًا مُبيِّنًا ... أَتَاكُم نبيٌّ من لُؤي بن غالبِ)
(ورام استراق السَمع جنٌّ فَزيَّلت ... مقاعدَهم مِنْهَا رجومُ الكَواكبِ)
(هَدانا إِلَى مَا لم نَكُن نَهْتدِي لَهُ ... لطُول المعَمَى مِن واضحات المَذاهِبِ)
(وَجَاء بآياتٍ تُبِّين أَنَّهَا ... دلائلُ جَبارٍ مُثيب مُعاقِبِ)
(فَمِنْهَا انْشِقَاق البَدر حِين تعممت ... شعوب الضيا مِنْهُ رُءُوس الأخاشب)
(وَمِنْهَا نبوع المَاء بَين بَنانِه ... وَقد عَدم الوُرَّادُ قُرْبَ المَشارِبِ)
(فروَّى بِهِ هِمّا فَقِيرا وأَمهلت ... بأعناقه طَوْعًا أكُن المذانِبِ)
(وبِئرٌ طَغت بِالْمَاءِ من مس سَهمه ... ومنْ قَبلُ لم تسمح بمُذقة شارِبِ)
(وضَرْعٌ مَرَاه فاسْتدَر وَلم يكُنْ ... بِهِ دِرَّةٌ تُصْغِي إِلَى كَف حالبِ)
(ونُطْقٌ فَصِيحٌ مِن ذِراع مُبِينَةٍ ... لكَيْدِ عدوَّ للعَداوة ناصِبِ)
(وإخبارُه بِالْأَمر من قَبلِ كَوْنِه ... وَعند بَواديه بماَ فِي العواقبِ)
(ومِن تِلْكم الأياتِ وحيٌ أَتَى بِهِ ... قريب المآتي مسجم العجائبِ)
(تَقَاصرت الأفكارُ عَنهُ فَلم يُطِعْ ... بليغًا وَلم يخْطر على قَلب خاطبِ)
(حَوى كلُ عِلْمٍ واحتوى كُلَّ حِكْمةٍ ... وفاتَ مَرام المُستِمرِّ المُوارِبِ)
(أَتَانَا بِهِ لَا عَن روية مرئيء ... وَلَا صحف مستمل وَلَا وصف كاتِبِ)
(يواتيه طورًا فِي إِجَابَة سَائل ... وإفتاءِ مستفت وَوعظ مخاطبِ)
(وأتيانِ بُرْهان وفُرْضَ شرائعً ... وقصّ احاديثٍ ونصّ مآربِ)
(وتَصريف أمثالٍ وتَثبيت حُجَّةٍ ... وتَعرِيف ذِي جَحْدٍ وتوقيفِ كاذِبِ)
(وَفِي مَجْمع النادي وَفِي حَوْمة الوغَى ... وَعند حُدوث المُعضلات الغرائبِ)
(فَيَأْتِي على مَا شِئْتَ من طُرَقاته ... قويمَ الْمعَانِي مُستدرَّ الضَّرائبِ)
(يُصدِّق مِنْهُ البعضُ بَعْضًا كَأَنَّمَا ... يُلاحظ مَعناه بعَيْن المُراقبِ)
1 / 22