कंबु कडिस की एक महिला
امرأة من كمبو كديس
शैलियों
قال أبو يزيد بثقة وعلى فمه ابتسامة ثقيلة باردة: نعم، عقد سجين.
ثم واصل بثقة مفرطة وآلية: ستبقى في السجن نيابة عن أمير، وسيدفع لك مقابل ذلك بسخاء منقطع النظير. - قال الأستاذ صابر - وقد بدا منفعلا قليلا: أنا حياتي كلها لم أدخل الحبس ولا مرة؛ بل لم أقف أمام قاض أو شرطي، فكيف لي أن أدخل السجن؟!
قال أبو يزيد وقد بدا طيبا ومتسامحا وخيرا في ذات اللحظة؛ بل مبشرا عن جنة غامضة، في برود معلوماتي كبرود الكمبيوتر: يا أخي، يا أخي هون على نفسك، السجن عندنا في بلدنا ليس كالسجن عندكم هنا في دولة فقيرة تعاني من عسر خدماتي عام مزمن، أضف إلى ذلك أنك ستسجن باسم أحد الأمراء المرموقين، أي: أنك ستكون في محل أمير، ممثلا له متمثلا فيه، أي: أنت الأمير ذاته في السجن، فتخيل كيف يكون سجنك!
أنت فيما يشبه جناحا بقصر أميري، حجرات متسعة مكيفة صيفا وشتاء وعندك أحدث ما أنتج العقل الياباني من تلفاز ذي شاشة سحرية به الصورة ذات أبعاد ثلاثية وألف قناة عالمية في اشتراك دائم بالقمر الصناعي العربي أراب سات رهن لمسك جهاز الرموت كنترول، جهاز فيديو وكمبيوتر متصلا بشبكة الإنترنت يقوم بتسليتك وتزويدك بما تشاء من معلومات وبإمكانك أن تستثمر سنوات سجنك الأربع، في التحضير للدكتوراه، فيما تشاء من جامعات العالم، وكل جامعات العالم رهن مكالمة تلفونية منك لأميرك، لا أكثر، لديك مطبخ مهيأ به كل ما سمعت من أدوات، وما لم تسمع به، وستدهش لرؤيته بأم عينيك بين يديك، ولن أسمي لك شيئا لكني سأترك لعنصر المفاجأة مجالا.
الطعام وما أدراك ما الطعام؟! قبل كل وجبة بساعة يأتيك طباخ السجن بقائمة تحتوي على مائة صنف من الأطعمة، ومائتين من المشروبات، وورقة فارغة لكي تكتب فيها ما تريد أكله، وهو لا يوجد ضمن المائة صنف. تفاحك من لبنان وحيفا، وعنبك من عرائس كروم قبرص، وإذا شئت أن تطعم مما تطبخ زوجك يوميا، لكان لك ذلك، يا أخي، بالسجن عالم من المفاجآت والدهشة، وكيف لا وأنت أمير؟
الرياضة! القراءة! الجري! تنس الطاولة، ما هي مواهبك؟ بل ما هي أحلامك؟ ماذا تريد في هذه الدنيا؟ ما هواياتك؟، شطرنج؟ هل تلعب الشطرنج بالكمبيوتر؟ لك طبيب خاص، ولك ممرضتان تجدهما قربك وقتما شئت، وبإمكانك اختيارهما من بين أجمل الفتيات المستوردات من شرق آسيا، وأخيرا أخذت السجون في بلادنا تستورد فتيات من روسيا بعد انهيار الشيوعيين هنالك، بالسجن يا أخي ... بالسجن يا أخي ...
كان يحكي في برود معلوماتي قاس، أما الأستاذ صابر الدقيس، فقد ذهب بفكره وقلبه بعيدا، بعيدا في مجاهل الحلم الواقع، الغد البائس، الأصدقاء.
وداعا أيها المعلمون، أيها البائسون، حشرات العدس والفول والشاي الماسخ، ديدان الطباشير المنقرضون، يا أحبائي المساكين.
هتفوا بصوت واحد أجوف: فور وصولك أرسل إلينا عقود مساجين، ألف عقد وعقد، اطلب منهم أن يفتحوا سجونا جديدة، وقل لهم هناك مساجين في انتظار السجن! فمدوا إليهم يد العون والمساعدة، يمد الله في أعماركم مدا.
السجن يا أخي في بلادنا، جنة، جنة، جنة على الأرض، يا أخي، وما نقدمه إليك مقابل ذلك مال سخي يدهشك، فحين توقيع العقد، نسلمك شيكا بمبلغ أربعة ملايين دولار، يمكنك إيداعه بالبنك باسم زوجتك أو أحد أطفالك، شهريا سيضاف لرصيدك بإشارة بنكية مبلغ ألف دولار، هذا فضلا عن نثرياتك ومصروفك الشخصي، أضف إلى ذلك المعاش الوراثي، لحياة آخر فرد من أسرتك، يا أخي، هذه هي فرصة العمر، والعمر فرصة واحدة لا غير، وإن أميرك هذا رجل كريم شهم، وما ألصقت به من تهمة إلا مؤامرة خبيثة دافعها الحسد والغيرة، والذين يعرفونه عن قرب، الملوك والأمراء، يشهدون أنه ليس باستطاعته إيذاء نملة، دعك من ارتكاب جريمة! وكان بإمكانه ألا يمثل أمام القضاء ولا يرضخ لحكمهم، ولكنه يريد للعدالة أن تأخذ مجراها، فنحن ومهما يقول الغرب عنا إلا أننا ديمقراطيون في عمق أخلاقنا وثقافتنا. - يا أبي، بابا صابر، قل لهم يوفرون لنا حجرتين ملآنتين باللعب والبسكويت. - وأنا أريد كوكاكولا أيضا. - قل لهم يا أبي إنهم لا يرفضون طلبك، وإلا بلغت الأمير ليقوم باللازم. - هل يسمح لي بزيارتك؟ أنا لا أستطيع البقاء من دونك، ولا أتحمل مسئولية التربية، فأنت تعرف أن الأطفال يفسدون دون رعاية والدهم؟!
अज्ञात पृष्ठ