इस्लामी साम्राज्य और पवित्र स्थान
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
शैलियों
(1) حادث فذ
قيام الإمبراطورية الإسلامية حادث فذ في تاريخ الإنسانية، فقد بدأ الغزو العربي للشام والعراق سنة خمس وثلاثين وستمائة لميلاد السيد المسيح. وبعد خمس عشرة سنة من هذا التاريخ كانت الإمبراطورية الإسلامية قد اشتملت على فارس ومصر وشمال أفريقيا، وامتدت إلى حدود الهند وتاخمت الصين. وقيام إمبراطورية بهذه السعة في هذا الزمن القصير معجزة لذاته، لكن من حوادث التاريخ ما يشبه هذه المعجزة.
وحسبنا أن نشير إلى حروب الإسكندر وإلى حروب المغول. امتدت حروب الإسكندر مشرقة من مقدونيا إلى الهند وتناولت مصر، وامتدت حروب المغول غربا من قلب الصين إلى أوروبا، لكن حروب الإسكندر وحروب المغول لما تكد تنتهي حتى تناثر عقد الإمبراطورية التي نشأت سلطاتها، وعادت الدول التي انتظمها الغزاة إلى نظامها الأول.
أما الإمبراطورية الإسلامية التي مدت لواءها في هذا الزمن القصير على هذا الجانب الكبير من العالم، فقد استقرت قرونا امتدت أثناءها إلى الأندلس، وانتشرت في الهند، وأظلت جانبا من الصين. وهي إلى ذلك قد أقامت حضارة سادت شئون العالم كل هذه القرون، فلما آن للإمبراطورية الإسلامية أن تنحل بقيت هذه الحضارة تناضل عن نفسها، وهي اليوم تبعث من جديد.
هذه هي المعجزة حقا، وقد حاول كثيرون تأويلها والتماس أسبابها، ولما يبلغوا من ذلك غاية يطمئن الباحث المنصف إليها كل الاطمئنان، فإذا صح أن كانت عبقرية الإسكندر الحربية سبب فتوحه العظيمة، وأن تنسب فتوح جنكيز خان ونابليون إلى مثل هذه العبقرية، فمن العسير أن ينسب قيام الإمبراطورية الإسلامية إلى عبقرية حربية من هذا القبيل.
النصر من عند الله
وإذا جاز لنا أن نقرن اسم قائد نابغة، كخالد بن الوليد، إلى أسماء الإسكندر وجنكيز خان ونابليون، فيجب ألا ننسى أن هؤلاء بلغت بهم عبقريتهم أن أصبحوا ملوكا وأن صار إليهم وحدهم الأمر كله، على حين بقي خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وغيرهما من قواد المسلمين تحت سلطان الخلفاء أمراء المؤمنين. بل لقد عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد، وكان من أسباب عزله إياه أنه خشي أن يظن الناس أن المسلمين لا ينتصرون إلا بخالد، وليس خالد في رأي عمر إلا رجلا من المسلمين شأنه شأن غيره من القواد، وإنما النصر من الله يؤتيه من يشاء.
لا بد إذن أن نلتمس لقيام الإمبراطورية الإسلامية ولاستقرارها سببا غير السبب الذي أقام إمبراطورية الإسكندر وغير الإسكندر من عباقرة الحرب، وأن نلتمس هذا السبب - أو هذه الأسباب إن شئت تعبيرا أدق - عن طريق التحليل الاجتماعي لحياة العصر الذي قامت الإمبراطورية الإسلامية فيه، والعوامل الظاهرة التي أدت إلى قيام هذه الإمبراطورية واستقرارها.
بعث النبي ودعوته
يذكر المؤرخون المسلمون أن بعث النبي العربي ودعوته هما اللذان أقاما هذه الإمبراطورية، وهذا تعليل صحيح لا ريب ... فقيام النبي العربي بالدعوة إلى الإسلام، وانضواء جزيرة العرب كلها إلى لوائه، ذلك هو الذي دفع العرب إلى ما وراء حدودهم، وجعلهم يغنمون العراق والشام ويغزون الإمبراطوريتين الرومية والفارسية، لكن التاريخ يحدثنا بأن دعوة النبي العربي حوربت في آخر حياته، وبعد وفاته، بأشد مما حوربت أول بعثه وفي مستهل دعوته. كان قومه من قريش هم الذين خاصموه وقاوموه في السنوات الأولى من بعثه ودعوته، وقد تغلب عليهم بالصبر والثبات، فلما نفد صبره وخاف على الذين اتبعوه هاجر إلى يثرب، ثم حارب خصومه حتى دان شبه الجزيرة لدعوته.
अज्ञात पृष्ठ