245

ईमान

الإيمان

संपादक

محمد ناصر الدين الألباني

प्रकाशक

المكتب الإسلامي،عمان

संस्करण

الخامسة

प्रकाशन वर्ष

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

प्रकाशक स्थान

الأردن

أوجب الله على اسم الإيمان الثناء والتزكية والرأفة والرحمة والمغفرة والجنة، وأوجب على الكبائر النار، وهذان حكمان متضادان.
فإن قيل: فكيف أمسكتم عن اسم الإيمان أن تسموا به، وأنتم تزعمون أن أصل الإيمان في قلوبكم وهو التصديق بأن الله حق، وما قاله صدق؟ قالوا: إن الله ورسوله وجماهير المسلمين سموا الأشياء بما غلب عليها من الأسماء، فسموا الزاني فاسقًا، والقاذف فاسقًا وشارب الخمر فاسقًا، ولم يسموا واحدًا من هؤلاء متقيًا ولا ورعًا، وقد أجمع المسلمون أن فيه أصل التقوى والورع، وذلك أنه يتقي أن يكفر أو يشرك بالله شيئا، وكذلك يتقي الله أن يترك الغسل من الجنابة أوالصلاة، ويتقي أن يأتي أمه، فهو في جميع ذلك متق، وقد أجمعالمسلمون من الموافقين والمخالفين أنهم لا يسمونه متقيًا ولا ورعًا إذا كان يأتي بالفجور، فلما أجمعوا أن أصل التقي والورع ثابت فيه، وأنه قد يزيد فيه فرعًا بعد الأصل كتورعه عن إتيان المحارم، ثم لا يسمونه متقيًا ولا ورعًا مع إتيانه بعض الكبائر، بل سموه فاسقًا وفاجرًا مع علمهم أنه قد أتى ببعض التقى والورع، فمنعهم من ذلك أن اسم التقي اسم ثناء وتزكية، وأن الله قد أوجب عليه المغفرة والجنة.
قالوا: فلذلك لا نسميه مؤمنًا ونسميه فاسقًا زانيًا، وإن كان في قلبه أصل اسم الإيمان؛ لأن الإيمان اسم أثنى الله به على المؤمنين وزكاهم به وأوجب عليه الجنة، فمن ثم قلنا: مسلم، ولم نقل: مؤمن، قالوا: ولو كان أحد من المسلمين الموحدين يستحق ألا يكون في قلبه إيمان ولا إسلام، لكان أحق الناس بذلك أهل النار الذين دخلوها، فلما وجدنا النبي ﷺ يخبر أن الله يقول: " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان "، ثبت أن شر المسلمين في قلبه إيمان، ولما وجدنا الأمة تحكم عليه بالأحكام التي ألزمها الله للمسلمين ولا يكفرونهم، ولا يشهدون لهم بالجنة، ثبت أنهم مسلمون؛ إذ أجمعوا أن يمضوا عليهم أحكام المسلمين، وأنهم لا يستحقون أن يسموا مؤمنين؛ إذ كان الإسلام

1 / 252