ईमान
الإيمان
अन्वेषक
محمد ناصر الدين الألباني
प्रकाशक
المكتب الإسلامي،عمان
संस्करण संख्या
الخامسة
प्रकाशन वर्ष
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
प्रकाशक स्थान
الأردن
فإذا قال تعالى عن الملائكة: ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾ [التحريم: ٦]، دخل في ذلك أنه إذا نهاهم عن شيء اجتنبوه، وأما قوله: ﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦]، فقد قيل: لا يتعدون ما أمروا به، وقيل: يفعلونه في وقته، لا يقدمونه ولا يؤخرونه.
وقد يقال: هو لم يقل: ولا يفعلون إلا ما يؤمرون، بل هذا دل عليه قوله: ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٧]، وقد قيل: لا يعصون ما أمرهم به في الماضي، ويفعلون ما يؤمرون في المستقبل. وقد يقال: هذه الآية خبر عما سيكون، ليس ما أمروا به هنا ماضيًا بل الجميع مستقبل، فإنه قال: ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦]، وما يتقي به إنما يكون مستقبلًا، وقد يقال: ترك المأمور تارة يكون لمعصية الآمر وتارة يكون لعجزه، فإذا كان قادرًا مريدًا، لزم وجود المأمور المقدور، فقوله: ﴿لا يَعْصُونَ﴾ لا يمتنعون عن الطاعة، وقوله: ﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ أي: هم قادرون على ذلك لا يعجزون عن شيء منه بل يفعلونه كله، فيلزم وجود كل ما أمروا به، وقد يكون في ضمن ذلك أنهم لا يفعلون إلا المأمور به، كما يقول القائل: أنا أفعل ما أمرت به، أي: أفعله ولا أتعداه إلى زيادة ولا نقصان.
وأيضًا، فقوله: ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾ إن كان نهاهم عن فعل آخر كان ذلك من أمره، وإن كان لم ينههم لم يكونوا مذمومين بفعل ما لم ينهوا عنه.
والمقصود أن لفظ الأمر إذا أطلق تناول النهي، ومنه قوله: ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ﴾ [النساء: ٥٩]، أي: أصحاب الأمر، ومن كان صاحب الأمر كان صاحب النهي، ووجبت طاعته في هذا وهذا، فالنهي داخل في الأمر، وقال موسى للخضر: ﴿قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف: ٦٩، ٧٠]، وهذا نهى له عن السؤال حتى يحدث له منه ذكرًا، ولما خرق السفينة قال له موسى: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ [الكهف: ٧١]، فسأله قبل إحداث الذكر، وقال في الغلام: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا﴾ [الكهف: ٧٤]، فسأله قبل إحداث الذكر، وقال في الجدار: ﴿لَوْ شِئْتَ
1 / 140