[إمامة علي بن أبي طالب]
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه عن إثبات الإمامة والخلافة لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه ؟
فقال: إنما وجب على الناس طاعة علي وتقديمه، لفضل علي في دين الله، وسوابقه في جهاد أعداء الله، التي لم يبلغ مثلها - ممن كان مع النبي صلى الله عليه جميعا - بالغ، ولم يكن يلحق به من جميع أصحابه لاحق، مع قرابته القريبة لرسول الله صلى الله عليه وآله، وفضله في العلم والفقه عن الله، فإذا كانت فضائله في الجهاد مما لا ينكرها منكر، وكان فضل علمه على ما لا يدفعه دافع، عالم ولا جاهل إلا أحمق مكابر، وكان له من القرابة الخاصة لرسول الله صلى الله عليه وآله ما ليس لغيره، مع ما جاء من تتابع الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتواتره في إجلاله لعلي وإشارته إليه، وما قال من الأقاويل فيه، ومن الدلالة على فضله ما لم يقل مثله في غيره .
وجب على الناس تقديم علي بالإمامة وتفضيله، وكان من قدم غيره عليه فقد قدم المفضول على الفاضل، وخالف في ذلك الصواب الذي دل الله عليه، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد وأهله وسلم، وبلغ من فهم ما لله من الحكم الرشيد العادل، بتقديم المقدم وتأخير المؤخر، مع خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدلالة على علي وفضله، ووضع الأمر في غير معدنه وأهله، تم والحمد لله كثيرا بكرة وأصيلا.
قال الإمام الهادي في الأحكام: حدثني أبي، عن أبيه، أنه سئل عن إمامة علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أفرض هي من الله ؟
पृष्ठ 112
فقال: كذلك نقول وكذلك يقول العلماء من آل الرسول عليه وعلى آله السلام، قولا واحدا لا يختلفون فيه. لسبقه إلى الإيمان بالله، ولما كان عليه من العلم بأحكام الله، وأعلم العباد بالله أخشاهم لله. كما قال الله سبحانه: { إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور } [فاطر:28]، فأخشاهم أهداهم، وأهداهم أتقاهم، وقد قال الله سبحانه: { أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون } [يونس:35]، وقال تبارك وتعالى: { والسابقون السابقون، أولئك المقربون، في جنات النعيم } [الواقعة 10 - 12]. فأسبق المؤمنين إلى ربه، أولاهم جميعا به، وأدناهم إليه، وأكرمهم عليه. وأكرم العباد على الله، أولاهم بالإمامة في دين الله، وهذا بين والحمد لله لكل مرتاد طالب، في علي بن أبي طالب، رحمة الله عليه، لا يجهله إلا متجاهل جائر، ولا ينكر الحق فيه إلا ألد مكابر.
حدثني أبي، عن أبيه، أنه سئل عن من حارب أمير المؤمنين ؟ وعمن تخلف عنه في حربه فلم يكن معه ولا عليه ؟
فقال: من حاربه فهو حرب لله ولرسوله، ومن قعد عنه بغير إذنه، فضال هالك في دينه.
وحدثني أبي، عن أبيه، أنه سئل عمن يشتم أمير المؤمنين، أو قذفه استخفافا بالفضل وأهله، وجهلا بما جعل الله لأمير المؤمنين عليه السلام من فضله ؟
पृष्ठ 113
فقال: يحكم عليه الإمام بما يرى ويكون بشتمه إياه فاسقا كافرا، فإذا فهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام واعتقدها، وقال في كل الأمور سرا وعلانية بها، وجب عليه التفضيل والاعتقاد، والقول بإمامة الحسن والحسين الإمامين الطاهرين، سبطي الرسول المفضلين، اللذين أشار إليهما الرسول، ودل عليهما، وافترض الله سبحانه حبهما، وحب من كان مثلهما في فعلهما من ذريتهما، حين يقول لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } [الشورى:23]، ويقول: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } [التوبة:119]، ويقول في جدهما وأبيهما وأمهما وفيهما: { إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا، يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ... إلى قوله: فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا } [الإنسان: 5-7]، وفيهما ما يقول الرسول عليه السلام: ( كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما )، فهما ابناه وولداه بفرض الله وحكمه، وفي ذلك ما يقول الله تبارك وتعالى في إبراهيم صلى الله عليه: { ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين } [الأنعام: 84 - 85]، فذكر أن عيسى من ذرية إبراهيم، كما موسى وهارون من ذريته، وإنما جعله الله ولده وذريته بولادة مريم، وكان سواء عنده سبحانه في معنى الولادة، والقرابة ولادة الابن وولادة البنت، إذ قد أجرى موسى وعيسى مجرى واحدا من إبراهيم صلى الله عليه، ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: ( مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى )، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما أحبنا أهل البيت أحد فزلت به قدم إلا ثبتته قدم حتى ينجيه الله يوم القيامة )، وفيهم يقول: ( النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم من السماء، أتى أهل السماء ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض، أتى أهل الأرض ما يوعدون ) .
पृष्ठ 115