وأجزى مَا ذكرنَا فِي غير هَذَا الْموضع من كتَابنَا وَمَا استفاض من إِجْمَاع الْأمة ومتابعتهم الصّديق ﵁، وتقديمهم إِيَّاه على كل الصَّحَابَة بعد وَفَاة رَسُول الله ﷺ َ -، وهم متوافرون يُغني عَن الِاحْتِجَاج بالأخبار فِي أمره والتطويل فِي شَأْنه.
فَإِن احْتج بِأَن مبايعة عَليّ ﵁ كَانَت عَن تقية، قيل لَهُ، قد احتججت فِيمَا سلف من كلامك أَنه قعد عَن بيعَته سِتَّة أشهر، فَلَو كَانَت على تقية لما أمْهل سَاعَة، فَكيف وَبَقِي سِتَّة أشهر لم يلق بمكروه، وَلم يحمل على بيعَته فَمن أَي شَيْء كَانَ يخَاف وَهل بَايع إِلَّا لما ظهر لَهُ من الْحق وَوَجَب عَلَيْهِ مُتَابعَة الْحق ومفارقته رَأْيه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قبل ذَلِك، فَأَي قبح أقبح مَا نسبتم إِلَيْهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ عليا ﵁ إِذْ قُلْتُمْ إِنَّه فَارق الْحق الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وتابع الْبَاطِل والجور خوفًا من؟ التقية، أَلَيْسَ كَانَ عَامَّة الصَّحَابَة من السَّابِقين " و" الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار بِالْمَدِينَةِ، أما كَانَ فيهم وَاحِد يقوم مَعَه ويتبعه على رَأْيه، هَذَا يَقْتَضِي من قَوْلكُم مَا تضمرونه من سوء الِاعْتِقَاد فِي الصَّحَابَة ﵃، فَفِي ذَلِك تجوز مَا طعن بِهِ الْخَوَارِج والمراق على تَكْفِير أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ وَعُثْمَان ﵄، وَهَذَا مَا لَا يَقُوله ذُو عقل وَدين.
آخر خلَافَة أبي بكر الصّديق ﵁. ا. هـ.
1 / 273