ويسأل الذين زعموا أن فريضة الإمامة من رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي بكر بالصفة والدلالة، وأنهم إنما أقاموا أبا بكر بتلك الدلالة، مثل قول النبي صلى الله عليه : (صل بالناس). ومثل: يوم بدر أقعده معه في العريش، وكان مجلسه عن يمين رسول الله عليه السلام. قالوا بهذه الصفات اختاروا أبا بكر.
قيل لهم: فما بال أبي بكر لم يدل على عمر بالصفة حيث سماه لهم باسمه ونصبه بعينه، وأقامه بعده، كما دل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي بكر ؟! ولا يجدون إلى دفع ذلك سبيلا. وهذا خلاف لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفرض فريضة بالدلالة، ويجعلها أبو بكر بالنص وكذلك عمر أيضا جعلها شورى. وهذا ما لا يجوز، أن يحول فريضة من فرائض الله عن جهتها، وإن جاز أن يخالف رسول الله صلى الله عليه وآله في فريضة واحدة، جاز أن يخالف في سائر الفرائض، حتى تعطل جميع فرائض الله، وتحدث فرائض أخرى.
وإن قالوا: لا يجوز هذا إلا في فريضة الإمامة. سئلوا الدليل على ذلك ؟
وكذلك أيضا إن قالوا: الإمامة سنة على مثل قياس الفريضة، فإن جوزوا تبديل سنن الله وسنن رسوله صلى الله عليه وآله، مثل صلاة الوتر بالنهار، وزكاة الفطر في الأضحى، وصلاة العصر في وقت المغرب، وصلاة الصبح في وقت العتمة، حتى تبطل جميع سنن الله.
فإن قالوا: لا يجوز تحويل السنة إلا في الإمامة. سئلوا الدليل على ذلك ؟ ولا يجدون إلى ذلك سبيلا. ويلزمهم من ذلك مثل ما لزمت الحجة في مسألة الفريضة.
وإن قالوا: إن الإمامة تطوع. لزمهم أن سنن الله وفرائضه لا تقوم إلا بالتطوع. وهذا ما لا نحب لأحد أن يقوله.
ويسأل الذين يزعمون أن الإمامة لا تكون إلا بالشورى من جميع المسلمين، يقال لهم: أخبرونا عن الشوررى، في الأمة جميعا أم في كل جنس، أم في الفاضل أم لا تكون إلا في جنس واحد؟
पृष्ठ 102