دفنه (ع):
ثم تساءل القوم عن مكان دفنه ومواراته، وارتأوا دفنه في العباسية وإجراء الماء عليه. ولما كان معهم عبد سندي أفشى سر قبر زيد (ع) إلى الحكم بن الصلت ودلهم على الموضع بعد أن أعلن في الشوارع عن جائزة مغرية لمن يدل على موضع دفنه، فما كان منهم إلا أن استخرجوه على بعير قد شد بالحبال، فألقي جسده الشريف من البعير على باب القصر فخر كأنه جبل. فأمر به فصلب بالكناسة(مزبلة الكوفة)، ومكث مصلوبا عاريا- والعنكبوت تنسج خيوطها لتستر عورته كلما أزيحت- إلى أيام الوليد بن يزيد حتى أمر يوسف بن عمر بإنزاله وفصل رأسه وحرقه وذروه في الفرات(1) وهو يقول: والله يا أهل الكوفة لأدعنكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم (2).
... لم يكفهم قتله حتى تعاقبه ... ... نبش وصلب وإحراق وتغريق(3)
أما رأسه الشريف فقد أمر هشام أن يطاف به في البلدان حتى انتهوا به إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهناك ضجت المدينة بالبكاء من دور بني هاشم، وأمر أهل المدينة أن يتبرؤوا من علي وزيد بن علي عليهما السلام. وأخيرا أخذ الرأس إلى الجامع الأعظم في مصر، ومنه أخذ سرا ودفن هناك، ويقال أن الدعاء عنده مستجاب والأنوار ترى عليه (4).
... وبعد قتل زيد بن علي (ع) انتقض ملك بني أمية وتلاشى إلى أن أزالهم الله ببني العباس.
قال اليعقوبي: "ولما قتل زيد وكان من أمره ما كان، تحركت الشيعة بخراسان، وظهر أمرهم وكثر من يأتيهم ويميل معهم، وجعلوا يذكرون الناس أفعال بني أمية وما نالوا من آل رسول الله فلم يبق بلد إلا فشا فيه هذا الخبر "(5).
وبعد سنوات من استشهاد زيد (ع) خرج الإمام يحيى بن زيد في خراسان يواصل مسيرة أبيه بأهدافها السامية وهو يقول:
पृष्ठ 19