" إني أبرأ إلى الله من المشبهة الذين شبهوا الله بخلقه، ومن المجبرة الذين حملوا ذنوبهم على الله، ومن المرجئة الذين طمعوا الفساق في عفو الله، ومن المارقة الذين كفروا أمير المؤمنين، ومن الرافضة الذين كفروا أبا بكر وعمر " (1).
... وهكذا انضم لبيعة زيد في ديوانه ألف وخمسمائة رجل من أهل الكوفة دون سواها، وحدد يوم الأربعاء أول ليلة من صفر سنة 122ه بداية لها وذلك بعد أن أقام في الكوفة أربعة عشر شهرا - منها شهرين في البصرة - يرتب للدعوة دون علم والي الكوفة يوسف بن عمر بذلك. إلا أن أحد الأمويين استطاع أن يسمع شيئا عن التمهيد للثورة وهو في الكوفة، فأخبر هشاما بن عبد الملك بذلك والذي بدوره أرسل ليوسف بن عمر يأمره أن يطلب زيدا إليه ويعطيه الأمان، فإن رفض زيد ذلك قاتله. فما كان من يوسف إلا أن أرسل جاسوسا على أنه موال لزيد، ولكن باءت جميع محاولاته للعثور على زيد بالفشل لأن زيدا (ع) كان سريع التنقل والاختفاء.
وكان نصر بن خزيمة من أهم أعوان الإمام زيد وأشدهم حماسا وإخلاصا، تماما كمالك الأشتر في أصحاب الإمام علي (ع)، فأعد الجنود المحاربين مع زيد وبث فيهم الحماس، الأمر الذي دعا زيدا للاستبشار بالكم الهائل من المقاتلين.
... وكانت خطة زيد تهدف إلى الهجوم دفعة واحدة من قبل جميع الأنصار في جميع الأمصار. وفي هذه الأثناء، كان هشام يترقب موعد ثورة زيد (ع) ويعد العدة لذلك. فكان مما استعد له أن نشر شرطته في أزقة الكوفة، وأرسل من يتتبع أثره، وجمع أهل الكوفة في المسجد وأعلن الآتي: " أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحبة المسجد فقد برئت منه الذمة، ائتوا المسجد الأعظم ". عندئذ، قاد وعي زيد إياه وحنكته السياسية إلى أن يغير الموعد المحدد للثورة من أول ليلة من صفر 122ه إلى 23 محرم 122ه.
पृष्ठ 12