ولقد كانت أيام بني أمية ألف شهر وقد قتلوا فيها الأماثل من العلويين ولو حسبت من بدء أيام بني العباس إلى ألف شهر لوجدت إن العباسيين قد قتلوا من العلويين أضعاف ما قتله الأمويون ، وما قتلوهم إلا وهم عالمون بما لهم من فضل وقربى ، وهذا موسى بن عيسى الذي حارب أهل فخ يقول عن الحسين صاحب فخ وأصحابه : هم والله أكرم خلق الله وأحق بما في أيدينا منا ولكن الملك عقيم ، لو أن صاحب هذا القبر يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف. (1)
على أن هذا الآثم الجريء اعترف بذنبه ، ولكنه لم يذكر الحقيقة كلها لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصفوة من آله لم يطلبوا الملك للملك ، وإنما يطلبونه للدين وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولإزالة البدع والضلالات ولو طلبوا الملك للملك لما رشقنا الامويين والعباسيين بنبال اللوم على ما جنوه مع الطالبيين ، وهل يلام الظافر بقرينه إذا تجالدا على السلطان.
أترى أن الحسين في نهضته ، وزيدا في وثبته ، ويحيى في جهاده ، والحسين بفخ في دفاعه ، وأمثالهم من الطالبيين أهل الدين والبصائر ، كانوا يضحون بالنفس والنفائس لأجل السلطان ، وكيف يتطلبون الدنيا محضا وهم دعاة الدين ، وأدلاء الهدى ، ومصابيح الرشاد ، وكيف يتطلبون الملك وهم يعلمون أن ما لديهم من قوة لا يفوز بها الناهض بالظفر والنصر ، نعم ضحوا بتلك النفوس
पृष्ठ 35