213

انه اذا قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له ، وإن ملك ما بين مشارق الأرض ومغاربها كان خيرا له ، وكل ما يصنع به فهو خير له ، فليت شعري هل يحق فيكم ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم؟

أما علمتم أن الله عز وجل قد فرض على المؤمنين في أول الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهه عنهم ، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ (1) مقعده من النار ، ثم حولهم من حالهم رحمة منه لهم ، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عز وجل للمؤمنين فنسخ الرجلان العشرة.

أقول : لما هاجر المسلمون من مكة الى المدينة بدء الهجرة كانوا لا يجدون مأوى ولا مطعما ، فكان الإيثار من الأنصار أمرا لازما إلى أن يتم للمهاجرين ما يحتاجون إليه ، ولما أن تم له ما احتاجوه نسخ الإيثار بالتوسط في الإنفاق فكان كلام الصادق عليه السلام عن العشرة بدء الجهاد ، وعند ما كثر المسلمون وأحسن منهم الضعف والعجز ونسخه بالرجلين تنظيرا لكلامه الأول.

ثم قال عليه السلام : واخبروني أيضا عن القضاة أجورة (2) هم حيث يقضون على الرجل منكم نفقة امرأته اذا قال : إني زاهد وإني لا شيء لي؟ فإن قلتم جورة ظلمتم أهل الاسلام ، وإن قلتم بل عدول خصمتم أنفسكم ، وحيث يردون صدقة من تصدق على المساكين عند الموت باكثر من الثلث.

أقول : وذلك فيما اذا أوصى أحد باكثر من ثلث ماله بعد الموت ، فإنها لا تمضي الوصية إلا في الثلث دون ما زاد ، وقوله « وحيث يردون » أي يرد

पृष्ठ 216