152

قضى عمره في عملية التشريح ، بل كشف الامام في هذا البيان ( الدورة الدموية ) التي يتغنى الغربيون باكتشافها وقد سبقهم إليها بما يقارب اثنى عشر قرنا.

ثم ساق كلامه الى نشوء الأبدان ونموها حالا بعد حال ، وما شرف الله به الانسان من الميزة في الخلقة على البهائم ، ثم استطرد الكلام الى الحواس التي خص الله بها الانسان وفوائد جعلها على النحو الموجود ، واختصاص كل منها بأثر لا تؤديه الثانية ، وهكذا يفيض في بيانه عن الأعضاء المفردة والمزدوجة والأسباب التي من أجلها جعلها على هذا التركيب ، إلى أن يطرد في بيانه عما منحه الجليل من النعم في المطعم والمشرب ، وما جعل فيه من التمايز في الخلقة حتى لا يشبه أحد الآخر.

إلى أن يقول عليه السلام : لو رأيت تمثال الانسان مصورا على حائط فقال لك قائل : إن هذا ظهر هاهنا من تلقاء نفسه لم يصنعه صانع ، أكنت تقبل ذلك؟ بل كنت تستهزئ به ، فكيف تنكر هذا في تمثال مصور جماد ولا تنكر في الانسان الحي الناطق.

أقول : ما أقواها حجة ، وأسماه بيانا ، وأن كل ناظر فيه من أهل كل قرن يكاد أن يقول : إنه أتى به لأهل زمانه وقرنه في الحجة والاسلوب لما يجده من ملائمة البيان والبرهان.

* 2

ثم أنه في اليوم الثاني أورد على المفضل الفصل الثاني وهو في خلقة الحيوان فقال عليه السلام : أبتدئ لك بذكر الحيوان ليتضح لك من أمره ما وضح لك

पृष्ठ 155