الركبان بجوده ، وحتى قال شاعره :
عمرو العلى هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون عجاف
في أبيات مشهورة ، فصار يلقب بهاشم لذلك ، وغلب على اسمه عمرو (1) فكان الجود بعض فضائل هاشم التي سودته على قريش سادات العرب.
وانشطرت اخوته فصار المطلب الى جنب هاشم ، وصار نوفل وعبد شمس في جانب ، وهما ينافسانه ويحاولان أن يجارياه في مفاخره ، فيقصر بهما العمل ، فكان هاشم لكرم فعاله وجميل خصاله سيد البطحاء غير مدافع.
ولما مات عبد شمس وظهر أمية حاول أن يلحق بهاشم في شأنه بما عجز عنه أبوه من قبل ، وأين أمية من هاشم في سنه وشأنه ، وما ساد هاشم إلا لأنه مجمع الفضائل ، ولم يكن لأمية ما يسود به الفتى خلا المال والولد ولا يكفيان للسيادة اذا لم تكن الأعمال تلحقه بالمعارج السامية.
وطمع أمية يوما أن ينافر هاشما ، وذلك إقدام لم يرتقب من مثله لمثل هاشم ؛ ولا نعرف سببا في قناعة هاشم بهذه المنافرة وهو سيد الأبطح وشيخ قريش سوى علمه بأنه سوف ينفر أمية ، وبذلك كبح لجماع أمية وإذلال لنفسه المتطلعة لما ليس له كما كان ذلك ، فإنه قد نفره هاشم فأخرجه من مكة عشر سنين ، ولعل أمية كان يعتقد أن هاشما سيد الأبطح لا محالة ينفره ، إلا انه قنع من الشرف أن يقال ان أمية نافر سيد الحرم وجرى في مضماره.
ولما نبغ عبد المطلب بعد أبيه هاشم وعمه المطلب ، علا على شرف أهله ومفاخر آبائه ، فانبط ماء زمزم ولم يتوفق لها قرشي من قبل ، فحسدته قريش
पृष्ठ 14