المحل واصطفانا من بين عباده وجعلنا حجة في بلاده، فمن أنكر شيئا من ذلك ورده فقد رد على الله جل اسمه وكفر بأنبيائه ورسله. يا جابر من عرف الله تعالى بهذه الصفات فقد أثبت التوحيد لأن هذه الصفة موافقة لما في الكتاب المنزل وذلك قوله تعالى * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ليس كمثله شئ وهو السميع العليم) * (1) وقوله تعالى * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) * (2) قال جابر: يا سيدي ما أقل أصحابي. قال (عليه السلام): هيهات هيهات أتدري كم على وجه الأرض من أصحابك؟ قلت: يا بن رسول الله كنت أظن في كل بلدة ما بين المائة إلى المائتين وفي كل إقليم منهم ما بين الألف إلى ألفين، بل كنت أظن أكثر من مائة ألف في أطراف الأرض ونواحيها. قال (عليه السلام): يا جابر خالفك ظنك وقصر رأيك أولئك المقصرون وليسوا لك بأصحاب. قلت: يا بن رسول الله ومن المقصر؟ قال: الذين قصروا في معرفة الأئمة وعن معرفة ما فرض الله عليهم من أمره وروحه. قلت: يا سيدي وما معرفة روحه؟
قال (عليه السلام): أن يعرف كل من خصه الله تعالى بالروح فقد فوض إليه أمره، يخلق بإذنه ويحيي بإذنه ويعلم ما في الضمائر ويعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، ذلك أن هذا الروح من أمر الله تعالى فمن خصه الله تعالى بهذا الروح فهو كامل غير ناقص يفعل ما يشاء بإذن الله، يسير من المشرق إلى المغرب بإذن الله في لحظة واحدة يعرج به إلى السماء وينزل به إلى الأرض يفعل ما شاء وأراد. قلت: يا سيدي أوجدني بيان هذا الروح من كتاب الله تعالى وأنه من أمر خصه الله تعالى بمحمد وأوصيائه (عليهم السلام). قال: نعم إقرأ هذه الآية * (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان وكذلك جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عباده) * (3)، وقوله تعالى * (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) * (4) قلت: فرج الله عنك كما فرجت عني ووقفتني على معرفة الروح والأمر. ثم قلت: يا سيدي صلى الله عليك فأكثر الشيعة مقصرون وأنا ما أعرف من أصحابي على هذه الصفة. قال: يا جابر فإن لم تعرف منهم أحدا فإني أعرف منهم نفرا قلائل يأتون ويسلمون ويتعلمون مني شيئا من سرنا ومكنوننا وباطن علومنا. قلت: إن فلان بن فلان وأصحابه من أهل هذه الصفة إن شاء الله وذلك أني سمعت منهم سرا من أسراركم وباطنا من علومكم ولا أظن وقد كملوا وبلغوا.
पृष्ठ 41