इल्ज़ाम नासिब
إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب
قال أبو القاسم : فأعلمني بهذه الجملة فلما كانت سنة سبع وستين اعتل أبو القاسم ، فأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلى قبره ، وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك فقيل له : ما هذا الخوف ونرجو أن يتفضل الله بالسلامة فما عليك مخوفة ، فقال : هذه السنة التي وعدت وخوفت منها فمات في علته (1).
** المعجزة الثالثة :
ومائتين إلى الحج ، وكان قصدي المدينة حيث صح عندنا أن صاحب الزمان عجل الله فرجه قد ظهر ، فاعتللت وقد خرجنا من فيل (2) فتعلقت نفسي بشهوة السمك والتمر ، فلما وردت المدينة ولقيت بها إخواننا وبشروني بظهوره بصابر فصرت إلى صابر فلما أشرفت على الوادي رأيت عنيزات عجافا ، فدخلت القصر فوقفت أرقب الأمر إلى أن صليت العشاءين وأنا أدعو وأتضرع وأسأل ، فإذا أنا ببدر الخادم يصيح بي : يا عيسى ابن مهدي الجوهري ادخل ، فكبرت وهللت وأكثرت من حمد الله عز وجل والثناء عليه ، فلما صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة ، فمر بي الخادم إليها فأجلسني عليها وقال لي : مولاك يأمرك أن تأكل ما اشتهيت في علتك وأنت خارج من فيل. فقلت : حسبي بهذا برهانا فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي؟
فصاح : يا عيسى كل من طعامك فإنك تراني فجلست على المائدة فإذا عليها سمك حار يفور وتمر إلى جانبه أشبه التمور بتمرنا ، وبجانب التمر لبن فقلت في نفسي عليل وسمك وتمر ولبن فصاح بي : يا عيسى أتشك في أمرنا فأنت أعلم بما ينفعك ويضرك؟ فبكيت واستغفرت الله تعالى وأكلت من الجميع ، وكلما رفعت يدي منه لم يتبين موضعها فيه فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا فأكلت منه كثيرا حتى استحييت ، فصاح بي لا تستحي يا عيسى فإنه من طعام الجنة لم تصنعه يد مخلوق ، وأكلت فرأيت نفسي لا تنتهي عنه من أكله فقلت : يا مولاي حسبي. فصاح بي أقبل إلي ، فقلت في نفسي : آتي مولاي ولم أغسل يدي ، فصاح بي يا عيسى وهل لما أكلت غمر؟ فشممت يدي وإذا هي أعطر من المسك والكافور ، فدنوت منه فبدا لي نور غشى بصري ورهبت حتى ظننت أن عقلي قد اختلط ،
पृष्ठ 347