ولا تخلو قصيدة من شعر الجاهليين من مثله، جاز لهم ذلك لنغمة كانت لهم في تلاوة الشعر يضيع معها الفرق في الطويل بين مفاعيلن ومفاعلن، وليست للمولدين تلك النغمة إلا في شيء من إنشاد أهل العراق، ويضارعهم بها الفرس في إنشاد الشعر العربي والفارسي إذ يمرون على ياء مفاعيلن مرا خفيفا، فلا يشعر بحذفها إذا حذفت وقد يسكنون اللام ولا حرج.
وقد ضبط العروضيون جوازات الشعر، ولكن لكل ناظم ضعفا من وجه، فتكثر استباحته في ضروب لا يستبيحها غيره، ويمتنع الواحد عما لا ينكره الآخر؛ ولهذا رأيت أن أذكر ما أنكرت، وما لم أنكر من تلك الجوازات:
استبحت صرف ما لا ينصرف حيث اقتضاه الوزن بلا تكلف إلى منعه.
قصرت الممدود قليلا، ولم أستبح مد المقصور مطلقا.
لم أصل المقطوع إلا بهمزة أن بعد لو، ولم أقطع الموصول إلا في أول الشطر وهذا قليل جدا.
لم أشدد المخفف، ولم أخفف المشدد إلا إذا كان حرف قافية.
لم أسكن المتحرك إلا في ضمير الغائب والغائبة بعد الواو كما في «وهو» و«هي» ولم أحرك الساكن إلا حيث وجب تحريكه في الدرج لالتقاء الساكنين أو في القافية لإطلاقها، أو ما جاز تحريكه على الإطلاق كالميم اللاحقة بالضمير نحو «هم» و«كم».
لم أجتنب تحريك العلم المنادى إذا اقتضاه الوزن.
لم أستجز إخلاس حرف في ما سوى «أنا» وحروف العلة الساقطة طبعا بدرج الكلام قبل الساكن كالواو والياء في «أولو الحكمة» و«ذوي العلم».
لم أشبع إلا ما جاز إشباعه كهاء الضمير الغائب الساكن ما قبلها نحو منه أو وجب كالهاء المذكورة المتحرك ما قبلها نحو «به».
अज्ञात पृष्ठ