قال إسطرابون (في الكتاب الأول والفصل الثاني من جغرافيته) «إذا قيل الشاعر عني به هوميروس». وقد لقبه في أول صفحة من الكتاب المذكور بالفيلسوف، ووضعه في مقدمة الجغرافيين، وقال في موضع آخر: «إن رائد هوميروس إنما كان الحقيقة، وأما الخيال فإنما اتخذه حلية وشى بها شعره، فبهر بها النواظر فعلقت بها الخواطر، وهذا هو السر في شغف ناشئة اليونان كافة بمطالعة شعره».
2
وقال في وصف أزمير: «إن من خططها ما يدعى بالهوميرويوم وفيه هيكل ونصب لهوميروس، وللأزميريين إعجاب به لا يفوقه إعجاب ولهذا صكوا نقودا صفرية يتداولونها وعليها اسمه ورسمه.
3
الهوميرويوم أو هيكل هوميروس.
وإن في مؤلفات هيرودوتس، وفلوطرخوس، وبلينيوس، وشيشرون وسائر مؤرخي اليونان والرومان ممن نبغ قبل إسطرابون وبعده ما يؤيد كلام إسطرابون أو يربو عليه، وقد روى سيمونيذس ونيوكريذس أن أهالي ساقس شادوا له معبدا وعبدوه وتداولوا نقوده كما فعل أهل أزمير، وزعموا أن الطائفة المعروفة بالهوميرية إنما كانت من نسله قالوا ذلك تأييدا لدعواهم فيه كما قال غيرهم: «بل هي طائفة من الشعراء تحدت هوميروس في النظم والإنشاد».
نقود هوميروس.
وكان أرسطوطاليس في مقدمة المعجبين بهوميروس، وقد ألصق نسبه بالآلهة فقال: «سطت طائفة من قرصان أزمير أثناء الجلاء اليوني على فتاة من جزيرة يوس، وهي حبلى من أحد الآلهة؛ فسبوها واحتملوها إلى بلدتهم فولدت الشاعر».
وكان الإسكندر المقدوني كلفا بمطالعة منظومات هوميروس، واستكتب منها نسخة نقحها له أستاذه أرسطوطاليس كان يحتملها معه حيثما توجه، ثم اتخذ لها غلافا خوذة مرصعة من أسلاب دارا ملك الفرس فكانت جليسه في حله وأنيسه في ترحاله يتحدى نهج مواقعها، ويترنم ببدائعها ويتمثل بها في كل ما عن له من الأقوال والأفعال، ولطالما كانت تعروه هزة الطرب إذا أنشد بعض أبياتها، ولا سيما بيته القائل بوصف أغاممنون:
مليك بأحوال السياسة عارف
अज्ञात पृष्ठ