فأخذها من يدي وقال متعجبا: واو! ورومانسية كمان؟! - وفيها إيه؟ - شكلك مايديش رومانسي خالص، أنا قلت بتقري كتاب في علم النفس أو التنمية البشرية، بصراحة كل يوم بتدهشيني.
ابتسمت ولم أجبه، إنما تركته ومشيت وأنا أخشى على قلبي من تأثيره الطاغي؛ فقد أدركت لم يسمونه الدنجوان، ليس لوسامته ولا لكلامه المعسول، إنما لقدرته الفائقة على التسلل للنفس دون أن يشعر به أحد، وأن يشغل القلوب بابتسامته الساحرة.
همسات الحب
في الأيام التالية كنت أراه على فترات متقطعة، وكانت بيننا مجرد كلمات عابرة أو سلامات ليس أكثر، لكنها كانت كافية ليزداد تعلقي به، وكنت أبرر ذلك لنفسي أنه مجرد تعود على زميل عمل ليس أكثر، لكنه لم يكن بالنسبة لقلبي مجرد زميل، إنما كان من أحب وجودي معه وأشعر أني مختلفة، سعيدة ربما، كنت معه أنسى كل آلامي وأحزاني، كنت - رغم خوفي من شخصيته وسلوكه مع الأخريات - أشعر أني في عينيه أختلف عن كل الأخريات وفعلا كان دائما يقول لي: «ماقابلتش في حياتي حد زيك.» فسرت ذلك على أني شخصية مميزة فأسعدني ذلك كثيرا، إلا أن عقلي ما زال خائفا منه ومن ألاعيبه وخبرته الواسعة في عالم النساء، كان دائما يقول لي: «الحب خدعة فلا تقعي فيها، ألم تكتفي من العذاب؟ هل ما زال في قلبك مكان جديد للجراح؟»
بين قلبي ورغبته في الحب والاهتمام ككل البشر وبين عقلي المتخوف دائما والذي يرفض الانصياع لمشاعر قلبي، بل ويحذرني من ذلك الدونجوان، فالقرب منه خطر على قلبي، بل وسيضاعف جراحه.
فاجأنا سليم بأنه قرر أن يخطب زميلته في البنك ويتخلى عن عزوبيته التي كان متمسكا بها، فقلت له بمشاكسة: قلبك دق أخيرا.
فابتسم وقال: ولا دق ولا حاجة، كل الحكاية إنها إنسانة محترمة ودماغنا زي بعض. - أوعى تظلم واحدة معاك وانت مش مرتاح لها على الأقل. - إنتي عارفة عني كده؟ أنا بخاف ربنا، وكمان بخاف يتعمل في اخواتي اللي باعمله في بنات الناس. - ربنا يسعدك يا حبيبي. - يالا عقبالك، بس يكون حد يستاهلك عشان يصونك. - إن شاء الله.
رفضت يا أبي أن تساعد سليم بأي مبلغ لتأثيث شقته التي يستنزف قسطها كل راتبه والتي باعت أمي جزءا من مصاغها الذهبي لتكمل له مقدمها وقلت له: اعتمد على نفسك، ولو عايز فلوس اشتغل بيها عندي.
فوافق سليم على أن يعمل لديك في مراجعة الحسابات يومي الجمعة والسبت حتى يستطيع تقليل الوقت الذي ستستغرقه الخطبة، خاصة أن والد هدى أصر على أن تكون الخطبة مدتها عام واحد.
تحدد موعد الخطبة وذهبنا جميعا ومعنا سلوى ببطنها المنتفخة من الحمل وزوجها، بينما لم تحضر أنت وإخوتي كعادتكم، واعتذرنا عنك بأنك مسافر، فقالت والدة هدى: هو والدك مش راضي عن الجوازة، ولا احنا مش أد المقام؟
अज्ञात पृष्ठ