132

इख्तियार ली ताअ'लील

الاختيار لتعليل المختار

संपादक

محمود أبو دقيقة

प्रकाशक

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1356 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

القاهرة

فَإِنْ جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ صَامَهُ ثُمَّ قَضَى الْأَوَّلَ لَا غَيْرُ، وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَيِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَزِمَهُ وَيُفْطِرُ وَيَقْضِي، وَلَوْ صَامَهَا أَجْزَأَهُ.
بَابُ الِاعْتِكَافِ الِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
(فَإِنْ جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ صَامَهُ) لِأَنَّهُ وَقْتُهُ.
(ثُمَّ قَضَى الْأَوَّلَ لَا غَيْرُ) لِأَنَّ جَمِيعَ السَّنَةِ وَقْتُ الْقَضَاءِ إِلَّا الْأَيَّامَ الْخَمْسَةَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يُوجِبْ شَيْئًا آخَرَ.
قَالَ: (وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَيِ الْعِيدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَزِمَهُ وَيُفْطِرُ وَيَقْضِي) لِأَنَّهُ نَذَرَ بِقُرْبَةٍ وَهُوَ الصَّوْمُ، وَأَضَافَهَا إِلَى وَقْتٍ مَشْرُوعٍ فِيهِ تِلْكَ الْقُرْبَةُ، فَيَلْزَمُ كَالنَّذْرِ بِالصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، وَلَيْسَ النَّذْرُ مَعْصِيَةً، إِنَّمَا الْمَعْصِيَةُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِيهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ قَوْلُهُ ﵊: «أَلَا لَا تَصُومُوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ» نَهَى عَنِ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْقُدْرَةَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ غَيْرِ الْمَقْدُورِ قَبِيحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَلْأَعْمَى لَا تُبْصِرْ، وَلِلْآدَمِيِّ لَا تَطِرْ - قَبِيحٌ لِمَا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَإِذَا اقْتَضَى النَّهْيُ الْقُدْرَةَ كَانَ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ مَقْدُورًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَيَصِحُّ النّذْرُ إِلَّا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَقُلْنَا: إِنَّهُ يُفْطِرُ فِيهَا تَحَرُّزًا عَنِ ارْتِكَابِ النَّهْيِ وَيَقْضِي لِيَخْرُجَ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ صَامَهَا أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ أَدَّاهُ كَمَا الْتَزَمَهُ، كَمَا إِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذِهِ الرَّقَبَةَ وَهِيَ عَمْيَاءُ فَأَعْتَقَهَا خَرَجَ عَنِ الْعُهْدَةِ، وَإِنْ كَانَ إِعْتَاقُهَا لَا يُجْزِي عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبَاتِ.
وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذِهِ السَّنَةَ أَفْطَرَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَضَاهَا لِمَا بَيَّنَاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ سَنَةً مُتَتَابِعَةً، وَلَوْ نَذَرَ سَنَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا يَلْزَمُ صَوْمُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مُتَفَرِّقَةً؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الْمُنَكَّرَةَ اسْمٌ لِأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ فَلَمْ يَكُنْ مُضَافًا إِلَى رَمَضَانَ، وَفِي الْمُعَيَّنَةِ إِضَافَةٌ إِلَى كُلِّ شَهْرٍ مِنْهَا، فَلَمْ تَصِحَّ الْإِضَافَةُ إِلَى رَمَضَانَ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الِاعْتِكَافِ]
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْمَقَامُ وَالِاحْتِبَاسُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [الحج: ٢٥] وَفِي الشَّرْعِ: عِبَارَةٌ عَنِ الْمُقَامِ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْمَسْجِدُ بِأَوْصَافٍ مَخْصُوصَةٍ مِنَ النِّيَّةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: (الِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَاظَبَ عَلَيْهِ. رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى» . وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ ﵊ مَا تَرَكَ الِاعْتِكَافَ حَتَّى قُبِضَ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الْأَعْمَالِ إِذَا كَانَ عَنْ إِخْلَاصٍ.

1 / 136