============================================================
أكرمها الله جل جلاله بأن جعلها خير أمة أخرجت للناس "كنتم خير أمة أخرجت لناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "(1) وجعلها أمة واحدة تآخية متعاونة " إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون (2)" وأمرها أن يكون ملاذها ومعتصمها كتابه المجيد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" . (3) وكان يقوي في نفسي هذا المعنى ماكنت أقرؤه وأسمعه من صيحات تتعالى من هنا ومن هناك ، تنادي بتوحيد المذاهب ، وأطر الأمة كلها على خطة واحدة ، لا مجال فيها لهذا التلون والاختلاف ، بل وهذا التناقض في بعض الأحيان . ولكم كنت أصيخ بسمعي إلى هذه الأصوات المتعالية متلهفا ومتحرقا إلى بزوغ شمس يوم لا نسمع فيه إنسانا يتمذهب بشافعية ولا حنفية ولا غير ذلك .
لكم عقدت العزم أنا وأتراب لي أن نعمل على إخراس هذه الأصوات التي نادي بالمذهبية أيا كان نوعها معتدلة أو متطرفة ، كلما وجدنا إلى ذلك سبيلا .
استمر بي هذا الحال إلى أن كان لي شرف الانتساب إلى كلية الشريعة في الجامعة الأزهرية ، ودرست فيها - فيما درست - مادة التفسير ، وكانت تشيرإلى منازع الفقهاء على اختلافهم- في أخذهم الفقه من كتاب الله عز وجل الذي أزله بيانا للناس وهدى ورحمة .
ودرست أيضا أحاديث الأحكام في كتاب " سبل السلام " للصنعاني ، وفي كتاب نيل الأوطار للشوكاني ، ذلك الكتاب الذي كانت إدارة الأزهر آنذاك وزعه بالمجان على الطلاب في الكلية ، ليكون معوانا لسبل السلام في دائرة أوسع ومجال آرحب: (1) آل عران : 110 (2) الأنبياء: 92 (3) آل عران : 103
पृष्ठ 6