इज्माक
الإجماع
अन्वेषक
د. فؤاد عبد المنعم أحمد
प्रकाशक
دار المسلم للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى لدار المسلم
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٥ هـ/ ٢٠٠٤ م
الإجماع
للإمام محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري
تحقيق ودراسة: د. فؤاد عبد المنعم أحمد
دار المسلم للنشر والتوزيع
الطبعة: الطبعة الأولى ١٤٢٥ هـ/ ٢٠٠٤ مـ
1 / 1
الإجماع
لابن المنذر
1 / 2
الإجماع
للإمام ابن المنذر النيسابوري
المتوفى سنة ٣١٨ هـ
تحقيق ودراسة: د. فؤاد عبد المنعم أحمد
خبير البحوث الإسلامية
1 / 3
دار المسلم للنشر والتوزيع، ١٤٢٤ هـ
الطبعة الأولى
١٤٢٥ هـ/ ٢٠٠٤ م
دار المسلم للنشر والتوزيع
٢.ب ١٧٣٦٥ - الرياض ١١٤٨٤ - المملكة العربية السعودية
هاتف: ٤٠٥٥٠٣٩ - جوال: ٠٥٠٤٢٣٧٦٨٧
www.dar.-almuslim.com
جميع الحقوق محفوظة
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق:
نتناول في هذه المقدمة دراسة عن:
- المؤلف: ابن المنذر
- معالم حياته.
- مصنفاته العلمية.
- ثناء الأئمة عليه.
- الكتاب: الإجماع
- نسبة الكتاب إلى ابن المنذر.
- مضمون الكتاب.
- الكتب المصنفة في هذا الفن.
- مقارنة بين كتاب الإجماع لابن المنذر، ومراتب الإجماع لابن حزم.
نسخ الكتاب ومنهجنا في التحقيق
- تلبيسات الدكتور سزكين في مخطوطات كتاب الإجماع.
- حقيقة مخطوطة جار الله "رقم ٥٦٧".
- اعتمادنا على مخطوطة آيا صوفيا "رقم ١٠١١"، ووصفها.
- منهج التحقيق.
- كلمة شكر.
1 / 5
١ - المؤلف: ابن المنذر (١).
معالم حياته:
هو: محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (٢)، ويكنى أبا بكر بن المنذر ومشهور بابن المنذر.
حدد الزركلي مولده في (٢٤٢) هـ، وإن كانت معظم المصادر التي بين أيدينا لم تحدد تاريخ مولده، ويبدو لنا تحديد الزركلي جاء تقريبيا، فقد قال مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي: ولد في حدود موت أحمد بن حنبل، ولم يذكره الحاكم في تاريخه فلعله نسيه، ولا هو في تاريخ بغداد، ولا تاريخ دمشق؛ فإنه ما دخلهما (٣).
ويبدو لنا أن أُسرته شغلها طلب الرزق عن طلب العلم، فلم يثبت لنا أن أحد أصوله اشتغل بالعلم، أو اشتهر به (٤).
_________
(١) انظر مصادر ترجمته: الفهرست لابن النديم "٢١٥"، طبقات الفقهاء للشيرازي "٨٩، ٩٠"، وطبقات الشافعية للعبادي "١٦"، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي "٢: ١٩٧، ١٩٦"، وفيات الأعيان لابن خلكان "٤: ٢٠٧"، وفهرست ابن عطية "١٠٢"، وسير أعلام النبلاء ٩ مخطوط: "٢٦٧، ٢٦٨" وتذكره الحفاظ "٣: ٧٨٢، ٧٨٣"، وطبقات الشافعية للسبكي "٣: ١٠٢ - ١٠٨"، وطبقات الشافعية للأسنوي "٢: ٣٧٣"، ومرآة الجنان "٢: ٢٦١، ٢٦٢"، ولسان الميزان لابن الحجر العسقلاني "٥: ٢٧، ٢٨"، طبقات ابن شهبه مخطوط ٩ ب، ومختصر علماء الحديث لابن عبد الهادي "مخطوط"، طبقات المفسرين للسيوطي "٢٨"، وطبقات المفسرين للداودي "٢: ٥٠، ٥١" ومفتاح دار السعاة طاش كبري زاده "٣: ١٢٤"، وهدية العارفين للبغدادي "١: ٣٤٩، ٣٥٠"، والأعلام للزركلي "٦: ١٨٤"، ومعجم المؤلفين لكحاله "٨: ٢٢٠"، وتاريخ التراث العربي لسزكين "٢: ١٨٤، ١٨٥"، والفتح المبين في طبقات الأصوليين لعبد الله المراغي "١: ١٦٨، ١٦٩".
(٢) نسبة إلى نيسابور "بفتح النون"، وأعظم مدن خراسان وأشهرها، ومعجم البلدان "٥: ٣٣١".
(٣) سير أعلام النبلاء "٩: ٢٦٨ أ"، وقارن الفتح المبين "١: ١٦٩"، يقول: لم نقف على تاريخ ميلاده.
(٤) يجب التنبيه بأن إبراهيم بن المنذر الخزامي، وهو من حفاظ الحديث، لا يمت بصلة للمترجم له؛ لأنه من أهل المدينة، وقد توفي ٢٣٦ هـ. تذكرة الحفاظ "١: ٤٧٠".
1 / 7
رحل ابن المنذر إلى مصر طلبا للحديث والفقه، والتقى بالربيع بن سليمان "المتوفى (٢٧٠) هـ"، صاحب الشافعي وتلميذه، فوقف على كتب الشافعي التي صنفها في مصر (١).
وتيسرت لابن المنذر التلمذة على يد أعلم فقهاء عصره بأقوال الصحابة والتابعين: الإمام محمد بن عبد الله بن الحكم، الذي وصل إلى منصب مفتي الديار المصرية، ومات في سنة (٢٦٨) هـ (٢).
وسمع ابن المنذر الحديث من قاضي مصر ومحدثها: بكار بن قتيبة المتوفى سنة (٢٧٠) هـ (٣)، كما سمع الحديث في نيسابور من إمامها ومفتيها: الحافظ محمد بن يحيى الذهلي؛ الذي مات شهيدا في شوال سنة سبع وستين ومائتين هجرية (٤).
وقد رحل ابن المنذر إلى مكة، وسمع محدثها محمد بن إسماعيل الصائغ المتوفى سنة (٢٧٦) هـ (٥)، وطاب له المقام في مكة، فصنف، ودرس وأفتى، وعلا أمره، وارتفع مقامه حتى صار شيخ الحرم المكي؛ لأنه كان المفسر المدقق، والمحدث الثقة، والراوي لآثار الصحابة رضوان الله عليهم في الفقه، وآراء التابعين، والأئمة المجتهدين مع عرض أدلتهم والموازنة بينها، فترجحت له بالتحقيق الآراء، فلا يلتزم التقيد في الاختيار بمذهب أحد بعينه، ولا يتعصب لأحد ولا على أحد، على عادة أهل
_________
(١) الأوسط لابن المنذر "١: ٤".
(٢) تذكره الحفاظ "٢: ٥٤٧". وله كتاب أحكام القرآن، والرد على الشافعي، والرد على فقهاء العراق. "العبر: ٣٨٢".
(٣) الأوسط: "١: ٢٤ أ"، وانظر في ترجمة بكار بن قتيبة: تذكرة الحفاظ "٥٧٣"، والولاة والقضاة "٤٧٧ و٥٠٥"، وابن خلكان "١: ٢٧٩ - ٢٨٣"، والأعلام "٢: ٣٤".
(٤) الأوسط "١: ٣٥ أ"، وتذكرة الحفاظ "٦١٦ - ٦١٨"، وتاريخ بغداد "٣: ٤١٥"، وطبقات الحنابلة "١: ٣٢٧"، وتهذيب التهذيب "٩: ٥١١".
(٥) طبقات الشافعية للسبكي "٣: ١٠٢"، وتذكرة الحفاظ "٧٢٨". وفي ترجمة محمد بن إسماعيل الصائغ انظر تذكرة الحفاظ "٦٣".
1 / 8
الخلاف، بل يدور مع ظهور الدليل، ودلالة السنة الصحيحة يقول بها مع من كانت (١).
مات بمكة المكرمة على تحقيق في سنة (٣١٨) هـ (٢).
آثاره العلمية:
خلف ابن المنذر المصنفات الآتية:
١ - تفسير القرآن الكريم:
يبدو لنا أن تفسير ابن المنذر من أجل التفسيرات؛ فقد قوّمه الداودي في طبقات المفسرين، وصرح بأنه لم يصنف مثله (٣).
وقد أشار ابن المنذر نفسه إلى تفسيره في كتابه الأوسط (٤)، في كتاب التيمم عند الاستدلال بقوله تعالى: ﴿وَلا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ (٥)، ويبدو لنا أنه كان يفسر القران بما صح لديه من الحديث، وينقل لنا ما ثبت من أقوال الصحابة
_________
(١) تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول "٢: ١٩٧"، وتذكرة الحفاظ "٧٨٢".
(٢) ذهب الشيرازي في طبقات الفقهاء ص "٨٩" إلى أن ابن المنذر توفي سنة ٣٠٩ أو ٣١٠ هـ، وتابعه ابن خلكان في وفيات الأعيان؛ "٤: ٢٠٧"، ومن المعاصرين عمر رضا كحاله في معجم المؤلفين "٨: ٢٢٠"، وقد وثق الإمام الذهبي قول ابن عمار في لقائه لابن المنذر، وسماعه منه في ٣١٦ هـ، وأيد رأي ابن القطان الفاسي في أن وفاة ابن المنذر كانت ٣١٨ هـ. تذكرة الحفاظ "٧٨٣"، وتابعه السبكي في طبقات الشافعية "٣: ١٠٣"، وابن حجر العسقلاني في لسان الميزان "٥: ٢٧"، والصدفي: الوافي بالوفيات "١: ٣٣٦"، وتاريخ الأدب العربي "٣: ٣٠٠"، ونضيف دليلًا جديدًا يؤكد رأي الإمام الذهبي: فالثابت في مخطوطة الإقناع في الفقه للإمام ابن المنذر -نسخة جامعة القرويين بفاس- أن أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم البلخي قد سمع الكتاب من ابن المنذر بمكة المكرمة في المحرم سنة ٣١٥ هـ.
(٣) طبقات المفسرين "٢: ٥٠، ٥١"، وقد وصف السبكي تفسير ابن المنذر بأنه من التصانيف المفيدة السائرة، طبقات الشافعية "٣: ١٠٢"، وأشار إليه حاجي خليفة: كشف الظنون "١: ٤٤٠".
(٤) الأوسط "١: ٥٣ ب، ٥٤ أ".
(٥) النساء: الآية "٤٣"، ويقول ابن المنذر في تفسيرها: معناه لا تقرب الصلاة جنبا إلا أن يكون عابر سبيل مسافر لا يجد الماء فيتيمم ويصلي، وروينا معنى قول عن على، وابن عباس ومجاهد، وابن جبير والحكم والحسن بن مسلم وقتادة، وقد ذكرت أسانيدها في كتاب التفسير.
1 / 9
والتابعين فيه، ويبدي رأيه في بعض الآيات التي تحتمل الاجتهاد؛ لكونه مجتهدا لا يقلد أحدا.
وقد وقف على تفسير ابن المنذر الإمام السيوطي (١)، واستند إليه كثيرا في تفسيره ترجمان القرآن (٢)، والدر المنثور في التفسير بالمأثور (٣)، وتوجد مخطوطة قديمة جدًا من تفسير ابن المنذر للقرآن الكريم في "جوته" بألمانيا برقم (٥٢١)، تضمنت تفسير سور البقرة تقع في (١٩٨) ورقة، كما وصلت إلينا نصوص مأخوذة منه على هامش تفسير ابن أبي حاتم "آيا صوفيا رقم (١٧) في (٢٠٥) ورقة، ونسخها سنة (٧٨٤) هـ" (٤).
٢ - السنن المبسوط:
أشار ابن المنذر إلى هذا الكتاب في كتابه الأوسط أكثر من مرة (٥)، مما يدل على أنه سابق عليه.
ويبدو لنا أن كتاب السنن المبسوط هو أكبر كتب ابن المنذر الفقهية، وقد أطلق عليه الذهبي "المبسوط في الفقه"، وقال: لم يصنف مثله (٦)، وقد التبس الأمر على إسماعيل البغدادي، فعدد لابن المنذر: كتاب السنن وكتاب المبسوط في الفقه (٧)، والحقيقة أنهما كتاب واحد هو: السنن المبسوط.
_________
(١) طبقات المفسرين ٩١.
(٢) هو التفسير المسند عن رسول الله ﷺ، وأصحابه ﵃ ... وما ورد فيه من الآثار بأسانيد الكتب المخرج عنها.
(٣) هو تلخيص لكتاب "ترجمان القرآن" انظر مقدمة الدر المنثور "ج ١: ص ٢"، وانظر استناد السيوطي لابن المنذر في "ج ١: ص ٢" ثلاثة مرات.
(٤) تاريخ التراث العربي للدكتور فؤاد سزكين "٢: ١٨٥"، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان "٣: ٣٠١".
(٥) الأوسط "١: ٣٢ أ، ٨٥ أ".
(٦) تذكرة الحفاظ "٧٨٢"، وطبقات المفسرين للسيوطي "٩١".
(٧) هدية العارفين "٢: ٣١"، وأيضا عبد الله المراغي: الفتح المبين "١: ١٦٩".
1 / 10
ويبدو لنا أن هذا الكتاب مفقود، فكتب فهرست المخطوطات التي بين أيدينا لا تكشف عن وجود نسخة منه.
٣ - السنن والإجماع والاختلاف:
هو أصل الأوسط وعنه اختصره، وقد أشار ابن المنذر إلى ذلك كثيرًا في كتابه الأوسط (١).
وقف عليه السبكي، واستند إليه، وقال عنه: إنه كتاب مبسوط حافل (٢).
٤ - الأوسط من السنن والإجماع، والاختلاف:
هو، مختصر لكتاب السنن والإجماع، والاختلاف كما أشار ابن المنذر نفسه في كتاب الإشراف (٣)، ويصفه حاجي خليفة: أنه كتاب كبير الحجم في نحو خمسة عشر مجلدًا عزيز الوجود (٤)، والكتاب يعرض لمذاهب العلماء بأدلتهم، ويرجح بينها وفقًا للدليل.
ويوجد أجزاء منه في تركيا: ففي مكتبة آيا صوفيا، الجزء الأول ويقع في (٣٠٩) ورقة، وبخط من القرن التاسع تحت ١٠٣٤ (٥)، وقفنا على نسخة أخرى للمجلد الأول برسم المحمودية، وتقع في ثمانين صفحة برقم (١٠٣٤) آيا صوفيا، وبقيتها مصورات تحمل عنوان "اختلاف العلماء" (٦)، وقد بين لنا أن مخطوطة اختلاف
_________
(١) الأوسط "١: ٣٢ أ، ٨٥ أ".
(٢) طبقات الشافعية الكبرى "٣: ١٠٢، ١٠٥".
(٣) الإشراف "٢: ٣٣٦ أ".
(٤) كشف الظنون "١: ٢١٠"، وقول الداودي: أن الأوسط هو أصل الأشراف. طبقات المفسرين "٢: ٥١".
(٥) فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي "٢: ١٨٥".
(٦) في فهرست المخطوطات المصورة على ميكروفيلم بدار الكتب القطرية "١٨"، والمثبت على المخطوطات أنه الأوسط.
1 / 11
العلماء لابن المنذر بدار الكتب المصرية "برقم (٣٧) حديث" هي الجزء الأول من كتاب الأوسط.
وقد أخطأ الزركلي إذ عده كتابا آخر غير الأوسط (١)، والمجلد الرابع من الأوسط بمكتبة أحمد الثالث بتركيا رقم (١١١٠)، ويقع في (٣٠٩) ورقة بخط في (٨٦٤) هـ (٢)، ويوجد بمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة نسخة تحمل ذات العنوان برقم " (٢٥٠) حديث"، وتاريخ نسخها (٧٨٧) هـ (٣)، وتبين لنا من الاطلاع عليها أنها الجزء الأخير من الأوسط يبدأ بأحكام السراق، وينتهي بنهاية كتاب المرتد.
وكانت توجد نسخة منه في (١٢) مجلدا بخط ابن كثير في المكتبة العامة بألمانيا (٤).
٥ - الإشراف:
يتضمن بيان المذاهب للأئمة والعلماء السابقين عليه، ويعد من أجل الكتب في الاختلافات الفقهية، اعتمد عليه الموافق له والمخالف (٥).
وقد ذكر ابن عطية في فهرست الكتب التي اطلع عليها بعنوان "الإشراف على مذاهب أهل العلم في الاجتماع والاختلاف" (٦).
_________
(١) الأعلام "٦: ١٨٤"، وقد استمد الزركلي هذا القول من بروكلمان في تاريخ الأدب العربي "٣: ٣٠١".
(٢) تاريخ التراث العربي "٢: ١٨٥".
(٣) المنتخب من مخطوطات المدينة المنورة لعمر رضا كحالة ص ١٤٢، ويقول: عدد صفحاته ٥٣٠، وقيل: إنه غير الأوسط.
(٤) فهرست المكتبة العامة لدار العلوم بألمانيا لأحد علماء الهند.
(٥) طبقات الفقهاء للشيرازي ص ٨٩. ويقول ابن خلكان في الإشراف: "إنه من أحسن الكتب، وأنفعها وأمتعها". وفيات الأعيان "٤: ٢٧٠"، ويقول ابن حجر العسقلاني: "من أحسن المصنفات في فنه". لسان الميزان "٥: ٢٨"، والفتح المبين "١: ١٦٩".
(٦) فهرس ابن عطية ص ١٠٢، ويقول: "أخبرني به عن أبي عمر الطلمنكي عن أبي بكر محمد بن يحيى بن عمار الدمياطي سنة ثمانين وثلاثمائة، عن أبي بكر بن المنذر سنة ست وثلاثمائة، وحدثنا به أيضا، عن المنذر بن المنذر عن محمد بن أحمد بن إبراهيم البلخي، وعن مؤلفه ابن المنذر ﵀".
1 / 12
وقد كانت توجد نسخة مخطوطة بيد السيوطي في المكتبة العامة بألمانيا، قبل أن تبيدها الحرب (١).
ويوجد الجزء الثاني من الكتاب بمكتبة سراي أحمد الثالث، وعدد أوراقه قرابة (٣٤٩) ورقة بخط يرجع إلى القرن السابع الهجري، ويبدأ من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب.
كما يوجد نسخة بالمكتبة اليوسفية بمراكش برقم ٥١٤ (٢).
٦ - الإقناع:
قال صاحب كشف الظنون فيه: هو أحكام في الفروع مجردة من الدليل (٣)، وقد حصلنا على نسخة مكتبة القرويين برقم (١١٦٧)، وعدد صفحاتها (١١٤) ورقة، وتاريخها (٦٢٥) هـ.
وقد تبين لنا من الاطلاع عليها أن قول حاجي خليفة محل نظر؛ فالكتاب موجز دقيق في الفقه، مدعم بالدليل من الكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم ممن يحفظ عنهم ابن المنذر، ويبدو لنا أن الإقناع هو مختصر الإشراف، فقد أشار ابن المنذر إلى أن الإقناع هو اختصار لكتاب آخر له، لم يحدده (٤).
٧ - إثبات القياس:
لم يذكر هذا الكتاب سوى ابن النديم (٥).
_________
(١) فهرست مكتبة درا العلوم بألمانيا، لأحد علماء الهند وضعه سنة ١٣١٥ هـ.
(٢) تاريخ التراث العربي "٢: ١٨٥".
(٣) كشف الظنون "١: ١٤٠"، وقد أشار الداودي إلى كتاب الإقناع في طبقات المفسرين "٢: ٥١"، وطبقات الشافعية للحسيني ٥٩.
(٤) الإقناع "١٠٤ أ".
(٥) الفهرست ص ٢١٥، ونقل عنه كحاله في معجم المؤلفين "٨: ٢٢٠"، والفتح المبين "١: ١٦٩".
1 / 13
ويبدو لنا أن هذا الكتاب يتعرض للاجتهاد، وشروطه، وأركانه، وأنواعه، مع التركيز على أقيسة الرسول ﷺ والصحابة.
٨ - تشريف الغني على الفقير:
أشار إلى هذا الكتاب ابن حجر العسقلاني، وقال: رد عليه أبو سعيد بن الإعرابي بكتاب "تشريف الفقير على الغني" (١). ولم نقف على نسخ منه.
٩ - جامع الأذكار:
أسنده حاجي خليفة إلى ابن المنذر (٢)، وتابعه البغدادي (٣)، وقد استند إليه الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين، وقال: إنه أدعية مأثورة عن النبي ﷺ، وعن الصحابة ﵃ محذوفة الأسانيد (٤)، وأشار إليه طاش كبرى زادة في مفتاح السعادة (٥)، وكانت توجد منه نسخة بألمانيا (٦).
زيادات على مختصر المزني:
نسب الدكتور فؤاد سزكين هذا لابن المنذر.
وقد تبين لنا أن كتاب "زيادات على مختصر المزني" هو لابن زياد، وكامل اسمه: عبد الله بن محمد بن زياد بن ميمون، ويكنى أبا بكر النيسابروي، وقد توفي سنة (٣٢٤) هـ (٧)، ولعل الاشتراك في الكنية بينهما هو الذي ألبس الأمر على سزكين.
_________
(١) لسان الميزان "٥: ٢٨".
(٢) كشف الظنون "١: ٥٣٤".
(٣) هدية العارفين "٢: ٣١"، ويشير إلى كتاب آخر بعنوان "الاقتصاد في الإجماع والخلاف".
(٤) إحياء علوم الدين "١: ٣٢١".
(٥) مفتاح السعادة "٣: ١٢٤".
(٦) فهرست مكتبة دار العلوم بألمانيا ص ٦.
(٧) تهذيب الأسماء واللغات للنووي: القسم الأول، الجزء الثاني ص ١٩٧، وكشف الظنون ١٦٣٦، وهدية العارفين "١: ٤٤٥"، ومعجم المؤلفين "٦: ١١٩".
1 / 14
ثناء الأئمة على ابن المنذر:
إن قيمة كل إنسان تحدد فيما نرى بما يتحلى به من أخلاق حميدة، وما يقدمه من خير لأمته، فإن لكل إنسان غاية في الحياة، ويبدو لنا أن ابن المنذر كانت غاية العمل الصالح، والعلم النافع، فبذل كل طاقته في سبيل ذلك، وأخلص النية لله، فنفع الله بعلمه، وكان محل تقدير أعلام الإسلام وثنائهم.
قال مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي، عن ابن المنذر: "شيخ الحرم، وصاحب الكتب التي لم يصنف مثلها، ككتاب المبسوط في الفقه، وكتاب الإشراف في اختلاف العلماء، وكتاب الإجماع وغير ذلك، وكان غاية في معرفة الاختلاف والدليل، وكان مجتهدًا لا يقلد أحدًا" (١).
وقال فيه الإمام السبكي: "أحد أعلام هذه الأمة، وأحبارها، كان إماما مجتهدًا، حافظًا ورعًا ... وله التصانيف المفيدة السائرة" (٢).
وقال ابن حجر العسقلاني فيه: "عدل صادق فيما علمت ... وقد اعتمد على ابن المنذر جماعة من الأئمة فيما صنفه من الخلافيات" (٣).
وقال فيه ابن شهبة: "أحد الأئمة الأعلام، وممن يقتدى بنقله في الحلال والحرم .. صنف كتبا معتبرة عند أئمة الإسلام" (٤)، وقال ابن قطان: "كان ابن المنذر محدثا ثقة" (٥).
_________
(١) تذكرة الحفاظ "٣: ٧٨٢"، وقال بروكلمان في ابن المنذر: "بلغ درجة الاجتهاد المطلق". تاريخ الأدب العربي "٣: ٣".
(٢) طبقات الشافعية الكبرى "٣: ١٠٢".
(٣) لسان الميزان "٥: ٢٧".
(٤) طبقات ابن شهبة ٩ /ب، وتابعه الداودي في طبقات المفسرين "٢: ٥٠". وقال ابن الهمام: "والذين يعتمد على نقلهم، وتحريرهم مثل ابن المنذر .. " فتح القدير "٥: ٢٦٠".
(٥) مختصر علماء الحديث لابن عبد الهادي المتوفى سنة ٩٠٩ هـ، ١٣١ ب، مصورة بالجامعة الإسلامية برقم ٤٤، ٤٥.
1 / 15
وقال السيوطي عن ابن المنذر: "من المتضلعين في الحديث، والباحثين عن فقهه ومعانيه، الذاكرين لأقوال العلماء، ومذاهبهم من غير تقيد" (١).
_________
(١) الرد على من أخلد إلى الأرض ص ٦٣.
1 / 16
٢ - الكتاب:
نسبة كتاب الإجماع لابن المنذر:
إن كتاب الإجماع غير مشكوك في نسبته إلى ابن المنذر، وقد أسندته المصادر التالية إليه:
١ - النووي: تهذيب الأسماء واللغات، الجزء الثاني من القسم الأول ص ١٩٧، والمجموع "١: ٥".
٢ - ابن خلكان: وفيات الأعيان، الجزء الرابع، ص ٢٠٧.
٣ - الذهبي: تذكره الحفاظ جـ ٤ ص ٧٨٢.
٤ - السبكي: طبقات الشافعية الكبرى "٣: ١٠٢".
٥ - الأسنوي: طبقات الشافعية: "٢: ٣٧٤".
٦ - الصفدي: الوافي بالوفيات "١: ٣٣٦".
٧ - السيوطي: طبقات المفسرين ٩١.
٨ - الداودي: طبقات المفسرين "٢: ٥١".
٩ - الحسيني: طبقات الشافعية ٥٩، ٢٤٥.
وقد توثق لدينا الكتاب، وتأكد لابن المنذر بما ورد من نصوصه في كتب ابن المنذر الأخرى: الأوسط، الإشراف، الإقناع، وكتب الفقه الإسلامي التي اعتمدت
1 / 17
عليه كالمجموع للنووي (١)، والمغني لابن قدامة، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني، ونيل الأوطار للشوكاني، وسبل السلام للصنعاني.
مضمون الكتب:
يتضمن كتاب الإجماع لابن المنذر: المسائل الفقهية عليها بين أكثر علماء المسلمين، ولم يتعرض ابن المنذر في هذا الكتاب لتعريف الإجماع (٢)، وإن كان البين من مسائله أنه لا يقدح في الإجماع لديه انفراد
واحد أو اثنين، ولم ينفرد ابن المنذر هذا الرأي بل يؤيده معاصر له هو الإمام
الطبري المتوفى سنة (٣١٠) هـ، ومن بعده أبو بكر الرازي الجصاص المتوفى سنة (٣٧٠) هـ (٣).
ويبدو لنا أن الإمام أحمد ﵀ قد أومأ إليه، ووجه إلى أن مخالفة الواحد شذوذ (٤)، وقد نهي عن الشذوذ، وقال الرسول ﷺ: "عليكم بالسواد الأعظم" (٥).
_________
(١) قال النووي في المجموع "١: ٥". "وأكثر ما أنقله من الإجماع لابن المنذر ... القدوة في هذا الفن".
(٢) يعرف الإمام الشافعي -مؤسس علم الأصول- في رسالته ص ٤٧٢ الإجماع أنه: "لزوم جماعة المسلمين فيما انتهوا إليه من حكم يتعلق بالحل والحرمة بعد وفاة الرسول ﷺ"، ويبدو لنا أنه يقصد بجماعة المسلمين أهل الاجتهاد والفتيا في المسائل الخفية التي تحتاج إلى الرأي والنظر، وإجماع أمة المسلمين فيما علم من الدين بالضرورة بأدلته القطعية الثبوت والدلالة.
وانظر: أصول الفقه لأبي زهرة ص ١٩١، وما بعدها.
ويكاد يكون التعريف الغالب بين علماء الأصول بأن الإجماع: هو اتفاق جميع مجتهدي عصر أمة محمد ﷺ بعد وفاته على حكم شرعي عملي، الورقات وشرحها بهامش إرشاد الفحول للشوكاني ص ١٦٥، المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص ٧٤، وكشف الأسرار "٣: ٢٢٦".
(٣) روضة الناظر وجنة المناظر لابن قدامة "٢: ١٤٣"، والمحصول للرازي الجزء الثاني، القسم الأول ص ٢٥٧.
(٤) روضة الناظر "٢: ١٤٣".
(٥) أخرجه ابن ماجه عن أنس مرفوعًا بلفظ: " إن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم الاختلاف، فعليكم بالسواد الأعظم"، سنن ابن ماجه "٢: ١٣٠٣" برقم ٣٩٥٠.
1 / 18
وقد عددنا المسائل التي أوردها ابن المنذر في كتابه، فوصلت إلى (٧٦٥) مسألة، معظمها له أصل من كتاب أو سنة وبعضها غير قاطع الدلالة على المعنى، والإجماع المستند إلى كتاب والسنة يعتمد، ويقبل تبعًا لا استقلالًا؛ لكون أقوال الناس تدور على حسب الأدلة فهي يحتج لها، ولا تحتج بها إلا في سبيل التقوية والاعتضاد لا الاعتماد، إذ العمدة النصّ من الكتاب والسنة (١).
والمسائل المجمع عليها التي أوردها ابن المنذر، والتي تعتمد على نصوص قطعية الثبوت، والدلالة من الكتاب والسنة هي حجة قطعية، وهي كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الإجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه، ولكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به (٢).
الكتب المصنفة في الإجماع (٣):
يبدو لنا أنه لم تفد كتبٌ في الإجماع في مسائل الفروع إلا ثلاث فيما نعلم:
١ - كتاب الإجماع لابن المنذر، وهو محل التحقيق والدراسة.
٢ - مراتب الإجماع "في العبادات والمعاملات والاعتقادات" لابن حزم الأندلسي المتوفى (٤٥٦) هـ، وقد نشره حسام الدين المقدسي ﵀ وعليه
_________
(١) الشيخ عبد الله بن زيد: رسالة الرد على المشتهري بشأن اللحوم المستورة ص ٩، ١٠.
(٢) مجموع الفتاوى، المجلد التاسع عشر، ص ٢٧٠.
(٣) ذكر ابن النديم في الفهرست ص ٢٦٤ أن للإمام الشافعي كتابا بعنوان "الإجماع"، ويبدو لنا أن هذا الكتاب هو "جماع العلم"، والموجود في الجزء التاسع من كتاب الأم ص ٢٥، وهو بحث في الأصول أكثر منه في الفروع، ولا أدل على ذلك من أن أصحاب الفهرست لم يذكر كتاب جمع العلم، وأن ياقوت ذكر كتاب جماع العلم، ولم يذكر كتاب الإجماع "انظر معجم الأدباء ١٧: ٣٢٥"، وكذلك كتاب "الإجماع ما هو؟ " لأبي محمد جعفر بن مبشر الثقفي المتوفى ٢٣٤ هـ-"الفهرست ٢٠٨"، وكتاب "الإجماع" لأبي سليمان داود بن على بن داود بن خلف الأصفهاني المتوفى سنة ٢٧٠ هـ، "الفهرست ٢٧٢"، وكتاب الإجماع لأحمد بن يحيى بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم المتكلم، وهو على مذهب أبي جعفر الطبري "الفهرست ١٦١، ٢٩٢".
1 / 19
نقد مراتب الإجماع لابن تيمية، وصدر سنة (١٣٥٧) هـ، وقد صور الكتاب في بيروت حديثا.
٣ - تشنيف الأسماع بمسائل الإجماع "في الفروع" للشيخ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي " (٩١١) هـ (١) "، وهو مفقود.
مقارنة بين كتاب الإجماع لابن المنذر، ومراتب الإجماع لابن حزم:
يمكن أن نوجز المقابلة بين الكتابين فيما يلي:
١ - إن المسائل التي عرضها ابن المنذر لا يخرق الإجماع عليها انفراد واحد، أو اثنين، فالإجماع لديه يفهم بأنه اتفاق أكثر أهل العلم ممن يحفظ عنهم، بينما ابن حزم يذكر أن المسائل التي أوردها مما تيقن أنه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الإسلام (٢)، وكان ذلك محل نقد من شيخ الإسلام ابن تيمية (٣).
٢ - اقتصر ابن المنذر في المسائل التي عرضها على العبادات والمعاملات، ولم يعرض للاعتقادات، وقد بلغ عددها -كما سبق أن ذكرنا- (٧٦٥) مسألة، وهو عدد معقول ومقبول (٤)، بينما ابن حزم فقد أحصينا المسائل التي أوردها في العبادات، والمعاملات، فبلغت (١٠٦٧) بخلاف ما أورده في الاعتقادات.
٣ - يعد كتاب الإجماع لابن المنذر من أوثق الكتب في فنه، ومحل تقدير وثناء جُلِّ العلماء، بينما مراتب الإجماع لابن حزم كان محلًّا لنقد بعض العلماء، وفى مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيمية.
_________
(١) كشف الظنون لحاجي خليفة "١: ٤٠٩".
(٢) مراتب الإجماع ص ١٢. ويرى ابن حزم أن اجتماع علماء المسلمين على حكم لا نص فيه لكن برأي منهم، أو بقياس منهم على منصوص باطل. الأحكام في أصول الأحكام "٤: ١٢٩".
(٣) إن كثيرًا من الإجماعات التي حكاها -ابن حزم- ليست قريبًا من هذا الوصف فضلًا عن أن تكون منه، فكيف وفيها خلاف معروف! وفيها ما هو نفسه ينكر الإجماع فيه! ويختار خلافه من غير ظهور مخالف، نقد مراتب الإجماع هامش ص ١٦.
(٤) ذهب أبو إسحاق الأسفراييني إلى أن مسائل الإجماع أكثر من عشرين ألف مسألة، وأورد صاحب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي "٩٥٨٨" مسألة مجمعًا عليها.
1 / 20
٣ - نسخ الكتاب ومنهجنا في التحقيق:
تلبيسات الدكتور سزكين في مخطوطات كتاب الإجماع:
أشار الدكتور سزكين إلى كتاب الإجماع في موسوعته عن تاريخ التراث العربي بعنوان: "كتاب الإجماع في اختلاف العلماء" بآيا صوفيا برقم (١٠١١)، وأومأ إلى أنه ناقص، فقال: قطعة في (٢١) ورقة، ونسخ (٥٧٦) هـ، وأشار إلى نسخة دار الكتب المصرية، حديث (٣٧) بعنوان "اختلاف العلماء" "جزء (١٣٣) ورقة، في القرن السادس الهجري"، وقد سبق أن أشرنا إلى أن كتاب اختلاف العلماء لابن المنذر هو الأوسط، وليس الإجماع، كما أشار إلى كتاب بعنوان "إجماع الأمُة" جار الله (٥٦٧) "ناقص من الأول (١٠٠) ورقة، (٨٥٣) هـ" (١).
ولذلك فقد استقر بين الباحثين أن كتاب الإجماع يعد ناقصا، بل إن البعض اعتبره مفقودا (٢).
وقد استقر في ذهننا وصف ابن خلكان لكتاب "الإجماع" أنه صغير، مما يدل على أنه قد اطلع عليه، وقد تابعه صاحب الوافي بالوفيات.
وقد صورنا نسختي جار الله، وآيا صوفيا.
_________
(١) تاريخ التراث العربي "٢: ١٨٥".
(٢) انظر الدكتور ياسين أحمد إبراهيم درادكه في تحقيقه كتاب حلية العلماء "١: ١٠٠"، والمستشار سعدي أبا حبيب في موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي "١: ٣٠".
1 / 21