इजाज़त इब्न यहया
إجازة العلامة أحمد بن يحيى حابس
शैलियों
قلت وبالله التوفيق: قوله عليه السلام: فيومئذ، أي يدخل الظلم بيوت المدر والوبر الترحة، ويولجون فيه النقمة، والتنوين في لفظ إذ عوض عن هذا المحذوف، والمراد بقوله عليه السلام لا يبقى لهم في السماء غادر، أهل بيوت المدر والوبر بدليل قوله عليه السلام: ولا في الأرض ناصر؛ لأن الظلمة يتغلبون في ذلك الوقت وأنصارهم في الأرض موجودون، وإلا لم يقدروا على إدخال المدر والوبر شيئا من الترح والنقم، فكان أهل السماء غير غادر لهم أعني أهل بيوت المدر والوبر مع ما بهم من الترح والنقم، وما ذاك إلا لأنهم قد عصوا بتسليم الحق إليهم من أموال [481] الله من الزكوات والخراج وغيرهما الذي عناه أمير المؤمنين عليه السلام في آخر الكلام، حيث قال: (أصفيتم بالحق غير أهله) أي جعلتموه لهم صافيا عن كدر الاشتراك، فلم يخالطهم فيه من أهله مخالط، وأوردتموه غير ورده، أي جلبتموه غير موضعه الذي كان يجب أن يرد إليه، وجاء عليه السلام بلفظ أصفيتم ولفظ أوردتموه للخطاب بعد أن سبقه للغيبة قوله عليه السلام: (لا يبقى لهم في السماء غادر ولا في الأرض ناصر) لما فيهما أي لفظ أصفيتم، ولفظ أوردتموه من التوبيخ واللوم على فعل ذلك، وسمى هذا التفاتا، وذلك من الفصاحة بمكان ، وقد جاء في الكتاب العزيز كثير كأول سورة الحمد إلى قوله تعالى: {مالك يوم الدين} فإنه للغيبة، وقوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} للخطاب، والسر في ذلك في سورة الحمد أن أول الحمد مدح لله وتمجيد له، وأبلغ المدح والتمجيد ما كان في الغيبة عند العرب لسلامته مما يتهم به الوجهين بمدح في الوجه، ويذم في الغيبة، ولبعده عن الكذب لانتفاء ما يحمل عليه مما يرجى في الممدوح إذا كان حاضرا في الأغلب، فأجراه الله على الوجه البليغ المحبوب عندهم ليفيد كون ذلك حقا لا مثل ما يفعله من الكذب في مدح، وإلا فهو سبحانه وتعالى حاضر لا يغيب، وقوله سبحانه وتعالى مرشدا للعباد: {إياك نعبد [482]وإياك نستعين} مؤديا لمعنى خضوع العبد لله سبحانه واستكانته في اللحاحة إليه وطلب الإعانة منه على طريق الهدى المبلغ إلى النعيم المقيم، والسلامة من العذاب الدائم الأليم، وتلك حاجة، وكل حاجة غيرها كالعدم، وأبلغ الخضوع والاستكانة والتوفيق لطلب الحوائج عند العقلاء كافة لايقع من الدليل للقاهر القادر في الشاهد الأركان حاضرا، والله سبحانه وتعالى حاضر غير غائب، فأجراه الله تعالى على ذلك ليكون اللفظ مطابقا للمعنى وبالغ النهاية التي ........واللفظ بالغ الغاية في البلاغة التي ........، وما قاله صاحب الكشاف مما يخالف هذا ليس سديد عندي؛ لأنه مؤد إلى أن العبد لم يكن مقبلا على ربه حتى ينتهي إلى خاتمة صفاته تعالى المحمودة، وهو قوله تعالى: {مالك يوم الدين}.
ومن المعلوم أن الخلص من عباد الله تعالى يقبلون على الله تعالى ويخضعون له بالاستكانة من عذابه، يقومون بين يديه ويسرعون في صلاتهم، فيكون هذا المعنى منتفا في حقهم.
وأما غير الخلص فلا يحظر ما ذكره بيان الخبر منهم فهو منتف أيضا في حقهم، فتأمل ذلك.
والسر في كلام أمير المؤمنين عليه السلام أن أول كلامه إخبار محض عن حالهم وحكمهم، والإخبار المحض ليس بالمغيبات، فأجرى عليه السلام اللفظ مطابقا للمعنى، أو لا مقتضى للعدول عنه.
وفي قوله عليه السلام: أصفيتم بالحق غير أهله.. إلى آخره ، معنى التوبيخ كما ذكرت أولا، وأبلغ التوبيخ ما [483] ما كان في وجه الموبخ لما فيه من التقريع والتبكيت، ولما فيه من انتفاء ما يتهم به صاحب الوجهين ، فأجراه عليه السلام ذلك المجرى ليعرف أنه قصد بذلك غاية التوبيخ لهم، فتأمل جميع ذلك برشد إن شاء الله.
पृष्ठ 95