وهذا وجه أو يكون أراد أن من تأول حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بغير حقيقة فقه له ولا صحة فهم بمعناه، ربما أخرجه تأويله إلى الضلالة، ألا ترى إلى قول الحسن البصري لما سأله عن تعلم العربية فقال له حسن: فتعلمها فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بها بوجهها فيضل، أو قال: فيهوي في النار، وإذا كان من تأول القرآن الذي هو أصل كل هدى بغير فقه ولا علم يخرجه ذلك إلى الضلال، فهكذا يكون حال من تأول حديث رسول الله صلى الله عليه بغير علم ولسنا بصدد الرد على أهل الأهواء.
فلنرجع إلى الغرض فنقول: أصل الحديث راجع إلى القرآن، وإنما هو تفصيل لمجمله فاعتمد على القرآن وما في الصحاح المذكورة، وقس على ذلك جميع ما ورد عليك من الحديث، فما وافقه فلا تتلعثم في قبوله ولينشرح صدرك ولا تستبعد أن يكون في الصحاح المذكورة أصل لكل حديث يرد عليك أو معنى يقويه أو يضعفه، لكن تحتاج إلى تعاهدها وتذكارها، فإن أهل الحديث قد جمعوا معاني الحديث إلى أحاديث يسيرة حتى قال بعضهم: إن أربعة أحاديث تجمع على ذلك على وجه وقع لهم ورأوه، وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات استبرئ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات يوشك أن يواقع الحرام، كالمرتعي حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه...)) الحديث، وكقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه)).
وقوله عليه السلام: ((إنما الأعمال بالنيات وأنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله...)) الحديث.
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لرجل يوصيه وقد سأله أن يوصيه وقد سأله أن يوصيه: ((لاتغضب)).
وقال آخرون: بل الواقع قوله لرجل وقد قال له دلني على عمل إذا عملته أحبني الله، وعمل إذا عملته أحبني الناس.
पृष्ठ 13